تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : حرائق الاستديوهات تهدد تراث السينما المصرية
source icon

سبوت

.

حرائق الاستديوهات تهدد تراث السينما المصرية

كتب:سيد محمود

لا تزال أزمة اشتعال الحرائق تهدد استديوهات التصوير في مصر، فلا يمر عام دون اندلاع النيران في ديكورات أحد الأعمال الفنية، وغالبًا ما تقع هذه الحرائق بعد مغادرة فريق العمل من عمال وفنيين وممثلين ومخرجين، وكان آخر تلك الحوادث اشتعال النيران في ديكورات مسلسل «الكينج» للفنان محمد إمام، في يوم إجازة العمل «الجمعة»، ما دفع وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو إلى فتح تحقيق عاجل في الواقعة التي أتت على الديكورات بالكامل.

وعند سؤال وزير الثقافة عن الأسباب المتكررة لهذه الحوادث، أوضح أن التحقيقات في حريق استديو مصر الأخير أثبتت أن السبب هو الإهمال، حيث اندلع الحريق يوم الجمعة في ظل غياب عامل سيارات الإطفاء، وعدم وجود أي من عمال المسلسل داخل الديكور وقت وقوعه.

ونفى الوزير تمامًا ما يُسمى بنظرية المؤامرة، مؤكدًا أن كل حريق يقع نتيجة الإهمال، ويتردد بعده حديث عن وجود مؤامرة على الاستديوهات، وهو أمر لا يصدقه عقل أو منطق، كما أشار إلى وجود خطة شاملة لحماية تراث السينما، تشمل حماية الاستديوهات، وترميم الأفلام، وإعادة الروح إلى دور العرض.

خطط إنقاذ في الطريق
من جانبه، أكد المهندس عز الدين غنيم، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للسينما، وأحد أبرز الشخصيات التي قادت عملية تحديث دور العرض والانتقال بها إلى العصر الرقمي، أنه يعمل بجد لحماية كل ما يندرج تحت مسمى تراث السينما المصرية، وعلى رأسه الاستديوهات ودور العرض، مشيراً إلى أن ظاهرة الحرائق سيتم الحد منها من خلال تطبيق تقنيات وإجراءات جديدة خلال الفترة المقبلة.

ملايين تُهدر في الحرائق
أما المخرج عمر عبد العزيز، فأكد أن الوضع لم يعد يحتمل التراخي، إذ تتسبب هذه الحوادث في خسائر بملايين الجنيهات للشركة والمنتجين وأصحاب الأعمال الفنية، فضلًا عن توقف التصوير وتعطل سير العمل، وهو ما وصفه بـ «خراب بيوت».

حلول مرتقبة
وفيما يتعلق بالحلول العاجلة، أوضح الدكتور أحمد حسن، العضو المنتدب للشركة القابضة للسينما، أن العقود المبرمة مع المنتجين تتضمن بنودًا واضحة وصارمة للحماية، تبدأ بمسئولية المنتج وصاحب العمل مدنيًا وجنائيًا عن كل ما يصدر عنهما وعن التابعين لهما، مع الالتزام بسداد جميع التعويضات الناتجة عن ذلك، دون أي مسئولية على الشركة.

وتشمل هذه البنود ضرورة المحافظة على المواقع والتجهيزات، والسماح بعمليات المتابعة والمعاينة الدورية من قِبل الاستديو، وعدم إجراء أي تعديلات إلا بموافقة كتابية، إلى جانب توفير إجراءات الأمن الصناعي والحماية المدنية.

ومن أهم شروط السلامة وجود سيارة إطفاء على مدار أربعٍ وعشرين ساعة، منذ بدء بناء الديكور وحتى انتهاء التصوير، وتوفير عدد كافٍ من طفايات الحريق، إلى جانب فريق سلامة متخصص يضم مشرف سلامة معتمدًا ورجلَي إطفاء بالنظام نفسه، كما تشمل الشروط منع تخزين المواد القابلة للاشتعال، وعدم تشغيل مصادر الحرارة إلا بتصريح مسبق، واستخدام لوحات كهرباء مطابقة للمواصفات، مع منع الوصلات المكشوفة، وتمرير الكابلات داخل مجارٍ آمنة بعيدًا عن الأخشاب، ورفعها وفصل التيار الكهربائي في نهاية كل يوم.

وأضاف د. أحمد حسن أن البنود الجديدة الجاري إعدادها ستُلزم المنتجين بتأجير سيارة إطفاء طوال فترة التصوير، وحتى انتهاء العمل ومغادرة جميع العاملين.

حارة «الجوع» التهمتها النيران
وتواجه استديوهات التصوير في مصر أزمة مستمرة كشفت عنها الحرائق الأخيرة، التي أتت على حارة استديو الأهرام، المبنية خصيصًا لفيلم «الجوع» عام 1986، حيث أظهر الحريق حجم الإهمال المتراكم عبر سنوات طويلة، ويبدأ هذا الإهمال بالسماح ببناء عقارات شاهقة تلاصق شبابيك وبلكونات الحارة، ما جعل التصوير داخلها شبه مستحيل بسبب الضوضاء، فضلًا عن ضعف إجراءات السلامة.

وفي أقل من أسبوعين، اندلع حريقان في اثنين من أعرق استديوهات مصر، ما دفع وزيرة الثقافة السابقة الدكتورة نيفين الكيلاني إلى زيارة المواقع المتضررة وقتها، حيث أحالت عددًا من العاملين إلى التحقيق، ووجهت برفع المخلفات والديكورات المتهالكة، ووضع خطة عاجلة لتطوير ورفع كفاءة البلاتوهات، مؤكدة أن المطلوب هو دفعة قوية تعيد لهذه الاستديوهات عصرها الذهبي، بما يؤكد أن محاولات الإنقاذ ليست وليدة حريق استديو مصر الأخير.

ريادة سينمائية تضيع
وتُعد مصر الدولة الأعرق في المنطقة في إنشاء استديوهات السينما، وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإن تصوير الأفلام لم يبدأ في الشوارع أو دون بنية أساسية، وتؤكد الوثائق التاريخية أن أول استديو سينمائي حقيقي أُنشئ في الإسكندرية، حيث استأجر مستثمرون إيطاليون قطعة أرض فضاء وفيلا مجاورة لحديقة النزهة بعد الحرب العالمية الأولى، وأقاموا فيها أول استديو، وقدموا أفلامًا بممثلين إيطاليين، قبل الميلاد الفعلي للسينما المصرية.

ويؤرخ لانطلاق السينما المصرية عام 1927 مع فيلم «قبلة في الصحراء» للمخرجين إبراهيم وبدر لاما، لتبدأ بعدها صناعة سينمائية أصبحت رائدة في العالم العربي.

وتكشف أزمة الحرائق المتكررة اليوم عن ضرورة إعادة بناء منظومة الحماية بالكامل، فالأمر لم يعد حادثًا عابرًا، بل تهديدًا مباشرًا لتراث سينمائي يُعد الأهم في المنطقة، وحمايته أصبحت واجبًا لا يحتمل التأجيل.

وفي مصر أكثر من خمسة استديوهات، معظمها معطل أو مغلق، من بينها استديو جلال واستديو نحاس، بينما تعطلت معظم بلاتوهات استديو الأهرام، واحترقت الحارة التي أُسست لفيلم «الجوع»، ويبقى استديو مصر يعمل بنصف كفاءته، ثم مدينة السينما التي أُغلقت معظم استديوهاتها.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية