تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : ثعبان بطلأ لحكاية شعبية عن الوفاء من النوبة القديمة
source icon

سبوت

.

ثعبان بطلأ لحكاية شعبية عن الوفاء من النوبة القديمة

كتب:محمد أبوشنب

كنت في زيارة لشقيقتي، عندما راح طفلاها 6 و8 أعوام، يلاحقانها للموافقة على أن تذهب معهما إلى النادي للعب، وهي ترفض لشعورها بالإرهاق، وعدم قدرتها على بذل أي مجهود.

طلبت من شقيقتي، أن أقوم بمرافقة الطفلين إلى حيث يريدان الذهاب، لكن شقيقتي رفضت بإصرار، وقالت إن عليهما الامتثال لأوامرها حتى لا يعتادا تلبية كل ما يطلبون.

حاولت تسلية الصغيرين، قبل أن ينبري أصغرهما "آدم"، ويطلب مني أن أروي له وشقيقه "آسر" قصة،  رحت أبحث في ذاكرتي عما يمكن أن أرويه لهما، وتذكرت حكاية شعبية رواها لي عجوز يدعى "عم جمال" قبل سنوات،  على صلة قرابة بأحد أصدقائي ممن تعود جذورهم إلى النوبة الجميلة.

 بطل هذه الحكاية الشعبية لم يكن إنسانًا،  كما بدأت روايتي للطفلين، بل حيواناً يحمل صفة من أجمل الصفات الجميلة وهى "الوفاء"،  بطل الحكاية ثعبان أسود ضخم  يبلغ طوله عدة أمتار، عاش وترعرع مع زوجته وأبنائه لدى سيدة مسنة، ضريرة البصر، في أحد أعشاش الدواجن الخالية بمنزلها الريفي البسيط، في إحدى القرى النوبية القديمة تعرف بـ "أبوحنضل".

في أحد الأيام، أراد هذا الثعبان أن يهاجر مع زوجته وأبناءه الصغار عن المكان الذى عاش فيه، مع هذه السيدة العجوز، لمجرد شعوره بالخجل الشديد، وهنا سألني "آدم"، ولماذا شعر الثعبان بالخجل؟

قلت لآدم: هذا الثعبان الضخم كان يعيش مع أسرته في أمن وأمان، بمنزل السيدة العجوز، و كانوا يزحفون من الحاضنة المهجورة وإليها بحرية مطلقة، وعلى الرغم من أن هذه السيدة لم تستطيع الرؤية مطلقًا، لأنها ضريرة، إلا إنها كانت على بصيرة بوجود هذه الثعابين في بيتها الذى تعيش فيه بمفردها، فنشأت بينهما علاقة كانت قائمة على السلام الدائم، أي إنها لم تفكر يومًا في أن تؤذيها أو تخرجها من البيت، وقد انتقل هذا شعور الطيب إلى هذه الثعابين السامة، فأصحبت الأخيرة تحميها من أي خطر قد يؤذيها.

وفي أحد الأيام، ذهب حفيد السيدة العجوز "جمال" وكان حينها يبلغ من العمر 14 عاما، إلى جدته، فقد اعتاد المرور عليها يوميا، لتلبية طلباتها والاطمئنان عليها.

جلس جمال مع جدته في فناء البيت، وهنا لاحظ أن البيت غير منظم أو مرتب، فتعجب من الأمر، وسأل جدته: هل حدث شيء ما قبل قدومي إليكِ يا جدتي؟ فأجابته بالنفي، واصفا لها حال البيت الذي بدا غير منظم كالعادة، وكأن أحدًا قد أتى إليه يبحث عن شيء ما بين أرجاءه،  كما كان الدجاج يصيح بشكل غير طبيعي.

وبينما جمال يصف لجدته وضع المنزل حولها،  وجد أحد الثعابين يزحف حولهما، ويتحرك يمينًا ويسارًا ثائراً، وكأنه يبحث عن شيء ما فقده، فتعجب "جمال" من هذا الموقف الغريب،  واضطر أن يصف لجدته ما يدور حولها عن الثعبان،  فطلبت منه الجدة أن لا يقوم بأي تصرف يؤذي هذا الثعبان.

وفجأةً لاحظ "جمال" قدوم الأفعى (أنثى الثعبان)، ومعها واحدًا من أبنائها الصغار، فتحرك الثعبان - الذى كان ثائرًا - بسرعة تجاه أحد الأزيار الموجودة في فناء البيت، ثم ضغط عليه بعضلاته القوية، فإنكسر الزير، وانسكبت مياهه كلها على الأرض، وظل واقفًا بجواره حتى جفت هذه المياه المسكوبة على الأرض، ثم انصرف مع زوجته وأبناءه الصغار وتركوا البيت، ولم يتبقى منهم أحدًا.

 وصف جمال المشهد لجدته العجوز، ربما لديها تفسيرا عما فعله الثعبان، فقالت له:  إن الثعبان الأول يبحث عن أحد أبناءه الصغار، وعندما شعر بإنه غير موجود في البيت، اعتقد اننا قمنا بقتله، فأراد الانتقام منا عن طريق "بخ" السم في الزير، وعندما رأى زوجته ومعها ابنه الصغير الذى كان يبحث عنه هنا وهناك، تحرك مسرعًا تجاه الزير المسموم، حتى لا نشرب منه، فنموت جميعًا دون ذنب، وعندما تأكد أن الماء المسموم ابتلعته الأرض الجافة تمامًا، شعر بالخجل منا لأننا لم نخونه، والندم على ما فعله، والحزن على فراقنا، فقرر ترك البيت مع أسرته.

 تعجب جمال، من تفسير جدته العجوز، وراح يروي حكاية الثعبان لكل من يراه، طوال عمره، فأصحبت متداولة على الألسنة في مختلف القرى النوبية، وأصبحت عنوانًا لـ"الوفاء"، تتناقلها الأجيال، حتى بعد وفاة "جمال"، قبل سنوات قريبة، عن عمر اقترب من الثمانين عامًا.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية