تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : تجميد البويضات.. حلم الأمومة الآمنة في مواجهة "الساعة البيولوجية"
source icon

سبوت

.

تجميد البويضات.. حلم الأمومة الآمنة في مواجهة "الساعة البيولوجية"

كتب:مروة علاء الدين





   في عصر تتأخر فيه خطط الزواج والإنجاب بسبب الظروف الاجتماعية والمهنية، تواجه العديد من النساء تحديًا حاسمًا يتمثل في "الساعة البيولوجية" والتراجع الطبيعي للخصوبة مع التقدم في العمر. رغم أن مخزون المبيض يبدأ بأعداد هائلة، إلا أن الواقع العلمي يؤكد أن الخصوبة تدخل في منحنى هبوطي تدريجي بعد سن الثلاثين، لتبدأ مرحلة أسرع من الانخفاض بعد الخامسة والثلاثين.

هذا التقرير يستعرض هذا التحول البيولوجي، والحلول الطبية الحديثة من منشطات وتجميد للبويضات، ودور نمط الحياة في كسب معركة الوقت، متسائلًا: هل أصبح "العمر المثالي للإنجاب" مفهومًا قابلًا لإعادة التعريف؟

التحدي البيولوجي
تشير الدراسات العلمية المنشورة في دوريات مرموقة مثل Human Reproduction إلى حقائق صارخة:

- تناقص الكمية والجودة: يبدأ عدد البويضات في الانخفاض بشكل ملحوظ، حيث ينخفض المخزون إلى حوالي 10% فقط من المستوى الأصلي بحلول سن الثلاثين.

- منحنى الخطر: بعد سن الخامسة والثلاثين، لا يتباطأ تناقص العدد فحسب، بل تتراجع جودة البويضات بنسبة قد تصل إلى 50%، مما يزيد من صعوبة الإخصاب ويرفع مخاطر الإجهاض والتشوهات الكروموسومية.

المنشطات الهرمونية: أمل محدود بضوابط
تُعد المنشطات الهرمونية الخيار الأول لتحفيز المبايض لإنتاج بويضات ناضجة، لكن فعاليتها ليست مطلقة.

توضح الدكتورة سعاد النجار، استشارية أمراض النساء والتوليد:
"تبدأ خصوبة المرأة بالانخفاض الطبيعي مع التقدم في العمر، ويقل عدد وجودة البويضات بشكل ملحوظ بعد سن 37، لذا يُنصح بالفحص المبكر لمخزون المبيض، واتخاذ القرار في الوقت المناسب قبل بلوغ الأربعين."

وتضيف: "المنشطات ليست حلًا سحريًا؛ نجاحها يعتمد بشكل أساسي على الجودة الأساسية للبويضات، والتي تتأثر سلبًا بعوامل مثل التدخين والسمنة. كما أن المتابعة الدورية والتصوير بالموجات فوق الصوتية ضروريان لتجنب مضاعفات مثل متلازمة فرط تنشيط المبايض."

التقنيات الحديثة: اختراق حاجز العمر
عندما تفشل العلاجات التقليدية، تمنح تقنيات الإنجاب المساعد الأمل من جديد.

يوضح الدكتور محمود علوان، أستاذ أمراض النساء والتوليد والعقم، أن أبرز هذه التقنيات هما:

 ١. الحقن المجهري (ICSI)
يُحقن حيوان منوي واحد مباشرة داخل البويضة. تبلغ نسبة النجاح نحو 40% لمن هنّ دون 35 عامًا، وتنخفض إلى 15% بعد الأربعين، ما يؤكد أهمية عامل السن.

٢. التجميد الوقائي للبويضات
يعد بمثابة "بوليصة تأمين" للمستقبل الإنجابي، وتشير الجمعية الأمريكية للطب التناسلي (ASRM) إلى أن فرص الحمل باستخدام بويضات مجمدة تصل إلى 40% إذا تم التجميد قبل سن 35.

ويؤكد الدكتور علوان أن تجميد البويضات أصبح من أبرز التطورات الطبية التي تمنح المرأة فرصة الإنجاب في عمر متأخر، خاصة في الحالات التالية:

- تأجيل الإنجاب للدراسة أو العمل أو لعدم وجود شريك مناسب.
- الحفاظ على الخصوبة قبل العلاجات المدمرة للمبايض مثل الكيماوي أو الإشعاعي.
- ضعف أو انخفاض مخزون المبيض.
- أسباب اجتماعية وشخصية تمنح المرأة وقتًا لاتخاذ قرار الإنجاب.

ويختتم قائلاً: "التجميد ليس بديلًا عن الزواج الطبيعي، وننصح بالتعجيل بالزواج عند توافر الظروف، لكنه خيار علمي آمن عند وجود أسباب قهرية أو طبية."

الجانب الشرعي: ضوابط دينية تحكم تجميد البويضات
أكدت دار الإفتاء المصرية في بيان رسمي أن تجميد البويضات جائز شرعًا بشرط الالتزام بضوابط دقيقة تضمن سلامة الإجراء ومنع أي تجاوزات شرعية.

وأوضحت الدار أن من أهم الشروط:

- أن يتم التخصيب بين زوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية فقط.
- حفظ البويضات أو اللقاحات المخصبة في بيئة آمنة تمنع الاختلاط أو الخطأ.
- حظر زرع البويضة المخصبة في رحم امرأة أخرى.
- التأكد من خلو العملية من أي ضرر طبي أو خلقي على الجنين.

وشددت دار الإفتاء على أن هذه الضوابط تهدف إلى صون الأنساب وضمان توافق الإجراءات الطبية مع مقاصد الشريعة الإسلامية.

*تجميد البويضات: بين الحرية الطبية والضوابط الشرعية
أصبح تجميد البويضات بتقنية "التزجيج" السريع رمزًا لتمكين المرأة من التحكم في توقيت أمومتها، لكنه لا يزال يثير نقاشًا طبيًا وشرعيًا.

توضح الدكتورة نهى عبد القادر، استشاري النساء والتوليد، أن هذه التقنية تمثل ثورة طبية، خصوصًا للمصابات بالأورام، لكنها تتطلب دعمًا نفسيًا للتعامل مع التوتر الناتج عن التحفيز الهرموني وانتظار النتائج.

تبدأ عملية تجميد البويضات بتحفيز المبيضين بأدوية هرمونية عدة أيام، ثم سحب البويضات تحت تخدير خفيف، وتجميدها لاحقًا بطريقة التزجيج داخل النيتروجين السائل. وعند الرغبة في الحمل، تُذاب البويضات وتُخصب بحيوانات منوية من الزوج.

وتؤكد أن الإجراء آمن إلى حد كبير، لكن قد يسبب انتفاخًا، صداعًا، تقلبات مزاجية، وتشنجات خفيفة نتيجة الأدوية الهرمونية.

٦ خرافات شائعة حول تجميد البويضات

توضح الدكتورة هالة مصطفى، استشارية أمراض النساء والعقم، أن تجميد البويضات ليس رفاهية ولا ضمانًا للحمل، بل وسيلة طبية لحفظ الخصوبة لفترة أطول بشرط إجرائها في الوقت المناسب وتحت إشراف متخصصين.

وفيما يلي أبرز الخرافات والحقيقة وراءها:

1. الخرافة: تجميد البويضات مؤلم ومحفوف بالمخاطر.
   الحقيقة: إجراء آمن نسبيًا، ويتم سحب البويضات تحت التخدير.

2. الخرافة: يؤثر على الخصوبة مستقبلًا.
   الحقيقة: لا توجد أدلة علمية تربطه بضعف الخصوبة لاحقًا.

3. الخرافة: يمكن تخزين البويضات إلى الأبد.
   **الحقيقة: فترة التخزين غالبًا 10 سنوات، قابلة للتمديد حسب القوانين.

4. الخرافة: يضمن الحمل مستقبلًا.
   الحقيقة: يزيد فرص الحمل لكنه لا يضمنه تمامًا.

5. الخرافة: يمكن لأي امرأة التجميد في أي عمر.
   الحقيقة: أفضل فترة بين 28 و35 عامًا.

6. الخرافة: مخصص فقط لمن يؤجلن الأمومة.
   الحقيقة: يفيد أيضًا المريضات المقبلات على علاجات تؤثر على الخصوبة مثل الكيماوي أو الإشعاعي.

السلاح الوقائي الأقوى للحفاظ على الخصوبة
إلى جانب التطور الطبي، تؤكد الأبحاث أن أسلوب الحياة الصحي يظل عاملًا حاسمًا في حماية جودة البويضات ورفع فرص نجاح علاجات الإنجاب.

يقول الدكتور طارق سعد، أستشارى التغذية العلاجية، إن الالتزام ببعض العادات اليومية يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا، موضحًا أن أبرزها:

- الفحوصات المبكرة: إجراء تحاليل الخصوبة الأساسية قبل سن الثلاثين.
- التغذية المتوازنة: التركيز على الأطعمة الغنية بأوميغا 3 مثل السلمون والجوز، ومضادات الأكسدة كالتوت والرمان.
- النشاط البدني المنتظم: ممارسة الرياضة 30 دقيقة يوميًا.
- التحكم في التوتر: عبر اليوغا أو التأمل لتقليل هرمون الكورتيزول.
- تجنب المضرّات: مثل التدخين وزيادة الوزن.

ويختتم الدكتور سعد بالتأكيد أن الوقاية تبدأ من نمط الحياة، فهو خط الدفاع الأول عن خصوبة المرأة وصحتها العامة.

رحلة العلاج.. اختبار للجسد والنفس

خلف الأرقام والإجراءات الطبية، تكمن رحلة إنسانية مليئة بالصبر والأمل. فالعلاج من مشكلات الخصوبة يشكّل ضغطًا نفسيًا كبيرًا، إذ تعيش المرأة بين انتظار الفحوص وتقلب مشاعر النجاح أو الفشل، مما يترك أثرًا عميقًا على حالتها النفسية.

توضح الدكتورة ياسمين فؤاد، استشاري الطب النفسي، أن القلق والاكتئاب شائعان خلال هذه المرحلة، مؤكدة أن الدعم النفسي جزء أساسي من العلاج. وتشير إلى أن إدارة التوتر، والانضمام لمجموعات الدعم، والتواصل الصريح مع الشريك تساعد في تحسين النتائج، لأن الحالة النفسية تؤثر مباشرة على التوازن الهرموني.

الأمل باقٍ والوقت فرصة لا تُهدر

رغم تحديات الخصوبة بعد الثلاثين، تؤكد التقدّمات الطبية أن الأمل ما زال ممكنًا فبفضل الفحوصات المبكرة، ونمط الحياة الصحي، والدعم النفسي، أصبح الإنجاب قرارًا أكثر مرونة، ويبقى الوعي المجتمعي وكسر الوصمة حول تأخر الإنجاب مفتاحًا لأمومة آمنة في زمن تتسارع فيه الخيارات.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية