تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : بين التوعية وإعادة الصدمة.. كيف يتأثر الطفل بمشاهدة قضيته أمامه
source icon

سبوت

.

بين التوعية وإعادة الصدمة.. كيف يتأثر الطفل بمشاهدة قضيته أمامه

كتب:مي هارون

جلس "عمر" ذو الثماني سنوات إلى جوار والدته يشاهد تقرير عن طفل يتعرض للعنف من والده على السوشيال ميديا، يصرخ، يبكي، ثم يختبئ خلف باب غرفته، فجأة تغيرت ملامح "عمر"، شرد ببصره، ثم نظر إلى والدته بعيون ممتلئة بالخوف، وكأن المشهد إعادة لحقيقة عاشها من قبل، لم تستطع الأم تجاهل ارتجاف يديه، فأغلقت الهاتف بسرعة، لكن عقل طفلها لم يتوقف عن إعادة تلك الذكريات.

وفي محافظة أخرى يجلس "سيف" البالغ من العمر تسع سنوات، بجوار والدته، يتابع المسلسل دون اهتمام، حتى ظهر ذلك المشهد: طفل صغير يقف في زاوية مظلمة، عيونه مليئة بالخوف، وصوت مرتجف يروي ما تعرض له من تحرش، تصلبت ملامح "سيف"، تراجعت أنفاسه، وشعر بوخزة في صدره، لم يكن هذا مجرد مشهد عابر بالنسبة له، بل كان صورة مرآة تعكس ما حاول نسيانه منذ سنوات.

بعد انتهاء الحلقة، لم يسأل كعادته عن أحداث المسلسل، بل جلس صامتًا، مشوشًا، وكأن عقله يعيد تلك اللحظات التي دفنها في أعماقه، كيف تؤثر هذه المشاهد على الضحايا الصغار؟ وهل تساعدهم على فهم معاناتهم أم تغرس فيهم الخوف من جديد؟

عندما تصبح الدراما بابًا للذكريات المؤلمة
يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن رؤية طفل آخر يمر بنفس التجربة قد يعيد إحياء الذكريات المؤلمة لدى الطفل الضحية، مما قد يؤدي إلى:

استرجاع الصدمة: قد يعاني الطفل من نوبات هلع أو قلق بعد مشاهدة المشهد.

الخوف والصمت: بعض الأطفال قد يتراجعون أكثر داخل قوقعتهم، خاصة إذا كانوا لم يخبروا أحدًا بتجربتهم. 

الشعور بالذنب أو العجز: قد يبدأ الطفل في التساؤل "لماذا لم أدافع عن نفسي؟" أو "ماذا لو أخبرت أحدًا؟" مما يزيد من معاناته النفسية.

كيف نتعامل مع الطفل في هذه الحالة؟
وتابع الدراما والسوشيال ميديا قوة مؤثرة، وقد تكون أداة توعية هامة، لكنها قد تصبح أيضًا سلاحًا يعيد إحياء الصدمة إذا لم يتم تقديمها بحساسية، الأهم هو أن نكون بجانب الطفل، نستمع إليه، ونساعده على الشعور بالأمان، سواء بعد مشاهدة مشهد درامي أو بعد أي تجربة مؤلمة مر بها، وقدم بعض النصائح للتعامل معهم وهي:

• عدم إجباره على مشاهدة مشاهد قد تكون مؤذية له نفسيًا.
• سؤاله برفق عن مشاعره بعد المشهد، دون ضغط.
• توضيح أن ما رآه ليس خطأ الضحية أبدًا، وأن هناك أشخاصًا مستعدين لمساعدته.
• إذا لاحظتِ تغيرًا في سلوكه، كالعزلة أو الخوف، يجب استشارة مختص نفسي فورًا.
 
مؤكداً أن تأثير هذه الأعمال يعتمد على عدة عوامل، مثل حالة الضحية النفسية، ومدى جاهزيتها لمواجهة ماضيها، وطريقة عرض القصة في العمل الدرامي.
وأشار د. فرويز إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري خاصة من قبل الآباء أكثر عرضة للاضطرابات النفسية والتي قد تمتد معهم طوال حياتهم، مثل القلق والاكتئاب والانطوائية والسلوكيات العدوانية، مؤكداً أن عنف الأب مثلاً السبب الرئيسي لإصابة بعض الشباب بـ 3 أمراض خطيرة وهي:

1- الإلحاد لرفضه كل ما يمثل قوة.
2- الصدامية يصبح شخص صدامي باستمرار وفي مشاكل دائمة مع كل شخص كبير في السن.
3- الاضطرابات الجنسية 

الفهم والبوح
أما الدكتورة سهام حسن، إخصائية نفسية، فترى أن بعض المسلسلات مثل "لام شمسية" غير مناسب للأطفال ويستهدف توعية أولياء الأمور بتلك القضايا الشائكة موضحةً أن محتواها يكون غير مناسب للأطفال على الإطلاق، حيث يسلط الضوء على ضغوط نفسية وعصبية يتعرض لها الطفل بطل القصة، وهو أمر قد يؤثر سلبًا على الأطفال المشاهدين.

 مؤكدة أن الممثل الطفل علي البيلي، الذي يجسد دور يوسف، يخضع لمتابعة نفسية دقيقة من قبل أ. سارة عزيز، مديرة ومؤسسة “Safe Egypt” وعضو مجلس إدارة بالمجلس القومي للأمومة والطفولة، لضمان سلامته النفسية خلال التصوير.

محتوى بديل مناسب للأطفال
وعن المحتوى المناسب للأطفال، نصحت د. سهام بعدم السماح لهم بمشاهدة المسلسل، مشيرةً إلى وجود أعمال مخصصة لهم مثل:

    •    فيلم “لا تلمسني” (Don’t Touch Me)
    •    مسلسل “الأصدقاء الثلاثة وأنا” (Three Friends and Jerry)
    •    فيلم “إيميلي والحدود الشخصية” (Emily’s Personal Space Adventure)
    •    مسلسل “شارع سمسم” (Sesame Street)
    •    فيلم “سكوبي دوو وحماية الأطفال”

دور الأسرة في التوعية
شددت الأخصائية النفسية على أن هذه الأفلام والمسلسلات ليست كافية وحدها لتوعية الأطفال، مؤكدة أن دور الأب والأم أساسي في حماية الطفل من أي خطر قد يتعرض له. 
وأوضحت أنه يجب تفعيل قنوات التواصل والمناقشة والحوار مع الأطفال ليشعروا بالأمان والثقة، مما يساعدهم على الدفاع عن أنفسهم والإبلاغ عن أي أذى قد يتعرضون له.

العلاج أساس الحل
وأكدت د. سهام أن الطفل لن ينسى ما حدث له، إلا إذا حصل على علاج نفسي صحيح، وكان لدى الأسرة الشجاعة للاعتراف بالمشكلة والعمل على علاجها، بدلاً من إنكارها أو التستر عليها خوفًا من الفضيحة، خاصة إذا كان المتحرش شخصًا مقربًا من العائلة.

وختمت حديثها بالتأكيد على أهمية نشر الوعي حول هذه القضايا، واتخاذ موقف حازم لحماية الأطفال وضمان سلامتهم النفسية.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية