تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
يحتفل السينمائيون في 21 نوفمبر الجاري بمرور 82 عامًا على تأسيس أول نقابة للسينمائيين في مصر والعالم العربي، وهي النقابة التي أسهمت في إعادة تشكيل المشهد السينمائي مع بداية النهضة الحقيقية للسينما المصرية، وظهور جيل من النجوم والمبدعين في مختلف المجالات، بالتزامن مع إنشاء «استديو مصر»، أول وأهم استديو سينمائي بمواصفات عالمية.
النقابة تُعد اليوم من أكبر النقابات الفنية من حيث عدد الأعضاء، إذ تضم 10,450 عضوًا موزعين على 13 شعبة، أكبرها شعبة الإخراج التي يبلغ عدد أعضائها 3,634 عضوًا.
النقابة تُعد اليوم من أكبر النقابات الفنية من حيث عدد الأعضاء، إذ تضم 10,450 عضوًا موزعين على 13 شعبة، أكبرها شعبة الإخراج التي يبلغ عدد أعضائها 3,634 عضوًا.
نقص الفيلم الخام يشعل الشرارة
كشف نقيب السينمائيين، المخرج مسعد فودة، لـ «سبوت» أن أزمة نقص «الفيلم الخام» تعد الشرارة الأولى لتأسيس كيان يجمع السينمائيين ويدافع عن حقوقهم؛ إذ أدت الحرب العالمية الثانية آنذاك إلى صعوبة استيراد خام التصوير، ما عرقل عملية إنتاج الأفلام، وكانت استيرادات الفيلم تخضع لرقابة صارمة من السلطات البريطانية، الأمر الذي دفع صنّاع السينما إلى البحث سريعًا عن حلول، هنا اجتمع عدد من السينمائيين وانتخبوا لجنة للتعامل مع الأزمة.
محمد كريم يؤسس تاريخًا
تقدّم المخرج أحمد جلال (1897–1947) بطلب رسمي إلى وزير التموين لتوفير الفيلم الخام، محددًا الحاجة بنحو 24 طنًا يتم استيرادها من الولايات المتحدة الأمريكية، كما تم استدعاء مدير شركة «كوداك» لتذليل العقبات المتعلقة بالاستيراد، ما أسهم في عودة توافر الفيلم خلال عام واحد، منهياً أزمة كادت توقف صناعة السينما المصرية.
ومع تفاقم الأزمة، اقترح السينمائيون إنشاء نادٍ يجمعهم، وبفضل جهود مجلس إدارة هذا النادي، تأسست «نقابة السينمائيين المحترفين» في 21 نوفمبر 1943، في اجتماع ترأسه المخرج الكبير محمد كريم، الذي أصبح أول نقيب للسينمائيين وصاحب الدور الأبرز في وضع قواعد التنظيم المهني للعاملين في المجال.
اعتراف رسمي وتحوّل مهني
اعترفت الدولة لاحقًا بالنقابة كنقابة عمالية، وكان عدد أعضاء جمعيتها العمومية الأولى 81 عضوًا، وسعى السينمائيون إلى تحويلها لنقابة مهنية على غرار نقابات الصحفيين والمحامين والأطباء، لكن غياب كلية أو معهد رسمي لتخريج العاملين في المجال حال دون ذلك في البداية.
تكاتف السينمائيون، وعلى رأسهم المخرج أحمد بدرخان بعد توليه رئاسة النقابة عام 1954، لتحويلها إلى نقابة مهنية، خاصة بعد ثورة يوليو 1952، وبالتعاون مع الباحث والمخرج أحمد كامل مرسي (1909–1987)، قدّم بدرخان مذكرة تضم 16 مطلبًا، أبرزها منح النقابة الصفة المهنية.
وفي عام 1955 صدر القانون رقم 142 بإنشاء نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، لتتحوّل نقابة السينمائيين إلى كيان مهني رسمي بعد أكثر من 11 عامًا من عملها كنقابة عمالية تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية.
عبد العظيم.. أول مصوّر نقيب
مع مطلع الخمسينيات، تولّى المصوّر البارز محمد عبد العظيم رئاسة النقابة، ليصبح ثالث نقيب وأول من يأتي من صفوف الفنيين خلف الكاميرا، ركّز عبد العظيم على دعم مصالح المصورين والفنيين الذين يشكّلون العمود الفقري لصناعة السينما، كما أدخل تعديلات مهمة على شروط الانتساب للنقابة وتحسين ظروف العمل داخل الاستوديوهات، مع التأكيد على تمثيل جميع الفئات المهنية داخل النقابة.
بعده جاء حسن حلمي الذي قاد النقابة نحو مزيد من الانضباط المؤسسي وتنظيم اللوائح الداخلية، في فترة بدأت فيها الدولة تلعب دورًا أكبر في دعم الإنتاج السينمائي. شكّلت قيادته مرحلة انتقالية مهمة بين البدايات التأسيسية وطموح النقابة في لعب دور مهني أكثر فاعلية.
ثم جاءت رئاسة المخرج الكبير أحمد بدرخان في منتصف الخمسينيات، بعد صدور قانون 142 لسنة 1955، في لحظة فارقة انتقلت فيها النقابة من تنظيم شبه عمالي إلى كيان مهني مستقل، عمل بدرخان على ترسيخ مكانة النقابة، وتطوير علاقاتها بالدولة، وفتح مسارات تدريب وتأهيل للكوادر الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز دورها الاجتماعي في التأمينات والرعاية الصحية.
الدور المهني والسياسي
شهدت نقابة السينمائيين أيضًا معارك سياسية ونقابية متكررة، تعكس صراعًا بين تيارين داخل الجمعية العمومية، تيار يرى ضرورة بقاء النقابة بعيدة عن السياسة تمامًا، والآخر يؤمن بحق النقابة في التعبير عن السياسات الثقافية والسينمائية للدولة.
وكانت واحدة من أبرز الأزمات هي أزمة قانون مزاولة المهنة، حيث رأى البعض أن شروط القيد تمنح الأفضلية لأبناء المهنة على حساب المواهب الجديدة، ما أدى إلى تعطيل اجتماعات وتبادل اتهامات إلى أن تم التوصل لتعديلات أكثر مرونة.
استقرار نقابي
وعن الدور الحالي للنقابة، يقول نقيب السينمائيين المخرج مسعد فودة: «منذ تولّي منصب نقيب المهن السينمائية، ركزت على تحقيق توازن بين الدعم الاجتماعي للأعضاء وتعزيز الإبداع الفني، كانت أولويتنا رفع المعاشات ومكافحة البطالة بين صنّاع السينما، عبر تخصيص نسب من التعاقدات لدعم موارد النقابة، ما منح الأعضاء شعورًا أكبر بالأمان والاستقرار المهني».
ويضيف فودة، أطلقنا مبادرات لدعم المواهب الشابة بالتعاون مع مهرجانات السينما الشبابية وبرامج تطوير السيناريو والإخراج، وتنظيم مسابقات للسيناريو التلفزيوني مع جوائز تحفيزية للمبدعين. كما عملنا على تحديث قوانين النقابة لتصبح ملائمة للتطورات الحالية، مع التأكيد على استقلال القرار النقابي وتطوير آليات التسجيل والرقابة المالية.
وهو الدور الذي أسّس له الروّاد بداية من محمد كريم، وامتد عبر قيادات نقابية بارزة مثل الراحل الكبير ممدوح الليثي، الذي أسهم في نهضة العمل النقابي.
ويختتم فودة حديثه قائلًا: «النقابة ليست مجرد هيئة إدارية، بل منصة للتطوير والإبداع، وداعم للدراما المحلية والنقد الفني البنّاء، تجربتنا تثبت أن القيادة النقابية الحقيقية تجمع بين الحزم الاجتماعي، والاهتمام بالفن، والرؤية المستقبلية لصناعة السينما المصرية».
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية