تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
النفايات الزراعية، ثروة طبيعية إن لم نحسن استغلالها تحولت إلى مسببات لأضرار كبيرة لنا وللبيئة من حولنا، وبفضل الأبحاث العلمية والتكنولوجيا الحديثة، استطاع العلماء الوصول إلى تقنيات وآليات جديدة لتحويل جزء من هذه المخلفات إلى نسيج.. وتحديداً الألياف الخاصة بسيقان البامية، التين البرشومي، والملوخية، والتي تحولت أيضاً لبلاستيك صديق للبيئة قابل للتحلل خلال 90 يوماً.
التوجه الى استغلال المخلفات الزراعية ليس توجهًا جديدًا، حيث اشتهرت العديد من دول شرق آسيا، الهند، وبنجلاديش، وطبقوا بعض التقنيات لتحويل المخلفات النباتية إلى ألياف يمكن استخدامها لإنتاج الأقمشة، وذلك بدعم من مؤسسات تهتم بالتنمية المستدامة.
نسيج مثالي
أكد الدكتور السيد أحمد النشار أستاذ زائر جامعة لودز البولندية، وأستاذ المنسوجات والملابس، جامعة كفر الشيخ؛ قمنا بعمل تجارب معملية على بعض الألياف، واستخرجنا عينات معملية أثبتت أنه من الممكن أن يتم استغلال ألياف بعض النباتات بعد الحصاد في صناعة الغزل والنسيج؛ مثل نبات البامية، والذي أثبتت الدراسات البحثية حول العالم أن نسيج البامية بمثابة " نسيج مستدام" لأنه ينتج نسيج مثالي للاستخدام في مجال الصناعة، سواء من حيث الوزن، السمك، نفاذية الهواء، قوة الشد والتمزق، التآكل، والتوبر في النسيج.
وتلعب ألياف البامية الكاملة دورًا تحويليًا في المشهد الاقتصادي، جنبًا إلى جنب مع الألياف المستخدمة في صناعة النسيج، في عالم الموضة مثل القطن والكتان، ويمتاز نبات البامية أنه من النباتات الأكثر المزروعة طوال العام.
خطوات الصناعة
وذكر د. النشار، تمر صناعة الأنسجة من المخلفات بعدد من الخطوات:
أولاً: يتم جمع سيقان بعض محاصيل الخضر مثل البامية، الملوخية، سعف النخيل، قش الأرز، سيقان القطن، أشجار الموز الجافة والتي يعاد فرزها بحيث تكون الألياف المستخرجة تتناسب مع عملية الغزل.
ثانياً: يتم تحويل هذه المخلفات إلى ألياف يمكن استخدامها في عمليات النسيج من خلال إضافة بعض المعاملات الكيميائية والميكانيكية.
ثالثاً: تغزل الألياف الناتجة إلى خيوط تُستخدم لاحقًا في صناعة القماش.
ويتميز النسيج المستخرج من ألياف البامية، بأنه نسيج ثقيل، من الممكن أن يتم استخدامه في تصنيع السجاد والموكيت، كذلك الستائر، ويكون بديلاً لمكون القطن في هذه المنسوجات.
ويضيف د. النشار أن هناك تقارب كبير بين ألياف البامية، وألياف السيزال والجوت (الخيش)، لذا فمن الممكن أن تدخل ألياف البامية في نفس الصناعات التي يتم فيها استغلال الجوت فيها أو يكون بديلاً عنه، كما نقوم بالبحث في قابلية الغزل سواء باستخدام ألياف البامية بمفردها أو بالاشتراك مع ألياف أخرى.
بلاستيك صديق للبيئة
ويقول أستاذ المنسوجات، أنه تم إجراء العديد من عمليات المعالجة الكيميائية على سليلوز (ساق) البامية لتحويله إلى زجاجات بلاستيكية، من خلال استخدام حبيبات الـ "بولي إيثيلين تيرفثالات".
وتعد هذه الزجاجات المصنوعة من ألياف البامية "صديقة للبيئة " حيث تمر بعملية التحلل في غضون 90 يومًا.
كما يمكن إنتاج نوعاً آخر من الأقمشة البلاستيكية، والتي تستخدم لحقن وتبطين الآبار والصوامع الصحراوية لتخزين المياه تحت الأرض بدون أن يتسرب، كما يمنع عملية التبخر، ويحافظ على المياه بصورة صحية.
إعادة تدوير المخلفات.. مشروع ناجح
يؤكد الدكتور أحمد عطية شحاته الأستاذ بمركز البحوث الزراعية، معهد بحوث الاقتصاد الزراعي بالشرقية؛ أن مشروع إعادة تدوير المخلفات الزراعية يعد من المشاريع الناجحة، ويرتبط هذا النجاح بحجم المشروع، وتكاليفه، وطرق البيع وغيرها من الأمور، فقد يصل الربح إلى 20- 30% من الإيرادات الإجمالية.
فحجم المخلفات النباتية يصل إلى حوالي 45 مليون طن سنويًا، وما يعاد تدويره منها لا يتجاوز الـ 12% من إجمالي حجم المخلفات، وتصل نسبة الأرباح التي يمكن أن تتحقق من إعادة تدوير المخلفات الزراعية إلى حوالي 24 مليار جنيه ، كما أن طن المخلفات يمكنه يوفر فرصة عمل لـ 8 أفراد.
سعف النخيل.. ثروة
ويكمل د. عطية؛ تنتج مصر كل عام حوالي 300 ألف طناً من سعف النخل، بما يُقدر بـ 225 مليون جنيه ، ويتم خرق 90% منه.
إلا أنه عند إعادة تدوير هذا السعف وتحويله إلى أثاث، تكون قيمته المضافة نحو 675 مليون جنيه ، وأظهرت الدراسات أن عدم استغلال هذه المخلفات يؤدي إلى فقد العديد من فرص العمل والقيمة المضافة.
كذلك قش الأرز كأحد المخلفات الزراعية يمثل ما يقرب من 3.6 مليون طن من إجمالي المخلفات الزراعية المهدرة سنويًا في مصر، والمحاصيل الشتوية وحدها تنتج حوالي 12 مليون طن من المخلفات الحقلية، بينما تنتج المحاصيل الصيفية ما يقرب من 5.5 مليون طن مخلفات.
منتجات إعادة تدوير المخلفات
كما أشارت بعض الدراسات التي تناولت المخلفات العضوية أن قيمة السماد العضوي "الكمبوست" الذي يمكن إنتاجه في مصر من المخلفات العضوية يزيد على 2 مليار جنيه سنوياً.
ويضيف د. عطية؛ على الرغم من أن التطور الذي يشهده العصر الحالي جعل هناك طرق كثيرة ومتعددة لإعادة تدوير المخلفات، إلا أننا لا زلنا نحتاج إلى نهضة كبيرة في تلك الصناعة حيث تتباين الاستخدامات المختلفة لإعادة تدوير كصناعة الأثاث، إنتاج الاسمدة العضوية، إنتاج الطاقة، وإنتاج الأقمشة.
خطط مستقبلية
ويكمل د. عطية: هناك العديد من التحديات التي تواجه إنتاج الأقمشة من المخلفات النباتية، منها أن عملية تحويل المخلفات النباتية إلى أقمشة في مراحلها الأولى مكلفة نسبيًا، إلا أن استخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يقلل من هذه التكاليف بمرور الوقت.
ويضع د. عطية خطة لتطوير هذا الاتجاه الجديد من خلال:
1- دعم الأبحاث التي تركز على تحسين تقنيات تحويل المخلفات الزراعية إلى مواد نسيجية.
2- تشجيع التعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث والصناعات المحلية لتطوير تقنيات مستدامة وصديقة للبيئة،
3- تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في هذه الصناعة من خلال تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية وتسهيلات القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في هذا المجال.
4- توفير مراكز تجميع ومعالجة للمخلفات الزراعية في المناطق الريفية لتسهيل عمليات التحويل وتقليل التكلفة والجهد اللازمين لنقل المواد الخام.
5- كما يتطلب نجاح هذه الصناعة الناشئة دعمًا حكوميًا عبر سن سياسات تعزز استخدام المخلفات الزراعية وتسهيل إجراءات الترخيص للمشروعات الصغيرة المعنية بهذا المجال.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية