تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : بعد عقود من السخرية.. قصار القامة نجوم دراما بجدارة
source icon

سبوت

.

بعد عقود من السخرية.. قصار القامة نجوم دراما بجدارة

كتب:مروة علاء الدين 

لطالما قدمت السينما والدراما المصرية والعربية قصار القامة بصورة نمطية، حيث يتم استغلال طولهم كعنصر كوميدي لإضحاك الجمهور، مما جعل تمثيلهم على الشاشة أقرب إلى وسيلة للترفيه أكثر من كونه انعكاسًا واقعيًا لمجتمعهم، ورغم أن هذا التصوير قد يبدو غير مقصود، إلا أنه ساهم في ترسيخ صورة نمطية لم تتغير لسنوات طويلة، ومع تصاعد الوعي بقضايا التمثيل العادل في الإعلام، يطرح السؤال نفسه: هل يمكن للدراما أن تعيد النظر في هذا التناول وتقدم قصار القامة بطريقة أكثر احترامًا وإنصافًا؟

الإفيه البصري
على مدار سنوات، قدمت السينما العربية قصار القامة في أدوار هامشية، غالبًا داخل السيرك أو كأتباع للأشرار، دون أن يُمنحوا أدوارًا رئيسية تعكس واقعهم، بل اقتصر وجودهم على "الإفيه" البصري، على النقيض، نجحت السينما العالمية في تقديم قصار القامة بشكل أكثر احترامًا، كما في شخصية تيريون لانستر التي جسدها بيتر دينكلاج في مسلسل Game of Thrones، حيث لعب دورًا رئيسيًا بعيدًا عن الصورة النمطية، ما منحه جوائز عالمية مثل "إيمي"، أما في السينما العربية، فلا يزال التنميط مستمرًا، كما ظهر في فيلم الكويسين، حيث استخدم صناع الفيلم الجرافيكس لدمج وجه الفنان أحمد فتحي على جسد شخص قصير القامة، بدلًا من اختيار ممثل حقيقي.

كسر القوالب النمطية
رغم ذلك، بدأت بعض المحاولات لتقديم قصار القامة بشكل أكثر إنصافًا، وإن كانت لا تزال محدودة، مثل:

1. فرقة قصار القامة للفنون الشعبية بالإسكندرية، والتي تضم 25 فنانًا معتمدين من وزارة الثقافة، وهى أول فرقة معتمدة من وزارة الثقافة، وقد التقى وزير الثقافة بأعضاء الفرقة لدعمهم، في خطوة تعكس اهتمامًا رسميًا بدمجهم في المشهد الثقافي.

2. إيناس الجبالي، بطلة رفع الأثقال، التي شاركت في احتفالية "قادرون باختلاف"، مؤكدة أن هذه الفعاليات تسهم في تغيير نظرة المجتمع لقصار القامة، وتعزز من دمجهم

3. مينا أبو الدهب، الممثل الشاب، الذي أدى دورًا بعيدًا عن الكوميديا التقليدية في مسلسل ولاد الشمس فى شهر رمضان هذا الغام ، ما فتح باب النقاش حول ضرورة منحهم أدوارًا أكثر تنوعًا وإنسانية.

وعلى سبيل المثال،  فيلم "سنووايت" للمخرجة تغريد أبو الحسن، الذي عُرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في ديسمبر 2024، يسلط الضوء على قصة حب تعيشها بطلة قصيرة القامة، مما يعكس التحديات التي يواجهها قصار القامة في الحياة اليومية. هذا الفيلم يُعتبر خطوة نحو تقديم قصار القامة في أدوار ذات عمق درامي بعيدًا عن النمطية.

الصور الذهنية 
ترى الدكتورة زينب مهدي، أستاذة الطب النفسي، أن تقديم قصار القامة في إطار ساخر يؤثر سلبًا على نظرة المجتمع لهم، مما يجعلهم يواجهون تحديات اجتماعية أكبر. وتضيف:

"عندما يرى الطفل أو المراهق في الأعمال الفنية أن قصار القامة يُستخدمون فقط كوسيلة للضحك، فإنه يكتسب هذه الفكرة ويبدأ في تطبيقها على الواقع، سواء بالسخرية منهم أو بعدم الاعتراف بهم كأفراد متكاملين، وهذا يؤدي إلى تعزيز الشعور بالعزلة لديهم، ويدفع البعض منهم إلى فقدان الثقة بالنفس."

كما أكدت أن التأثير النفسي لهذا النوع من التناول قد يصل إلى اضطرابات القلق والاكتئاب، خاصة إذا كان الشخص يواجه هذه السخرية بشكل متكرر، سواء في الإعلام أو في حياته اليومية، وترى أن الحل يكمن في إعادة تشكيل وعي صناع الدراما بأهمية تقديم نماذج إيجابية تلهم قصار القامة بدلًا من حصرهم في صورة نمطية محدودة.

غياب الفرص
يؤكد الممثل مينا أبو الدهب، أن التحدي الأكبر الذي يواجهه قصار القامة في عالم التمثيل هو ندرة الأدوار المكتوبة لهم خارج القالب الكوميدي أو الأدوار الثانوية، مشيرًا إلى أن الموهبة لا علاقة لها بالشكل، لكن المنتجين والمؤلفين لا يزالون يكتبون الشخصيات بناءً على مظهر الممثل، وليس على قدراته التمثيلية، هناك قصار قامة يمتلكون مهارات قوية، لكن الفرص المتاحة لهم نادرة للغاية.

وأضاف أن تقديم شخصياتهم في أدوار مثل الأطباء أو المحامين أو الأبطال العاطفيين قد يسهم في تغيير نظرة المجتمع لهم.

كتابة السيناريو 
من جانبه، يرى المخرج محمد رفعت أن المشكلة لا تتعلق فقط باختيار الممثلين، بل تمتد إلى النصوص نفسها، حيث يقول: "إذا لم تكن هناك شخصيات مكتوبة لقصار القامة بأدوار متنوعة، فلن يكون هناك مجال لتوظيفهم بشكل مختلف، معظم النصوص لا تتضمن شخصيات قصيرة القامة إلا في إطار كوميدي، وهذا يعكس غياب الوعي بأهمية التمثيل العادل لهذه الفئة."

وأشار إلى أن الحل يكمن في تدريب كتّاب السيناريو على بناء شخصيات أكثر تنوعًا، مستشهدًا بتجربة هوليوود في خلق شخصيات شاملة.
موضحًا: "في هوليوود، هناك كتاب سيناريو يدرسون كيفية بناء شخصيات متنوعة وشاملة، وهذا ما نحتاجه في منطقتنا، يجب أن نتعلم كيف نكتب شخصيات تعكس التنوع الحقيقي في المجتمع، بدلًا من إعادة إنتاج نفس القوالب القديمة."

وأشار إلى أن الدراما المصرية تمتلك فرصة كبيرة لإحداث تغيير إيجابي، لكن هذا يتطلب رغبة حقيقية في التطوير، والاستعداد لتحدي الصور النمطية التي ظلت راسخة لعقود.

 حلول عملية 
وتتفق معه السيناريست لبنى العميد، مشيرة إلى أن الوعي بهذه القضية لم يكن كافيًا في الماضي، حيث تقول: "عندما شاهدت مسلسل (عايزة أتجوز) مجددًا، لاحظت كيف تم تقديم شخصية العريس القزم بطريقة ساخرة، في ذلك الوقت، لم يكن لدينا الوعي الكافي، لكن اليوم أحرص على تعليم أطفالي أن احترام الآخرين واجب." وتقترح عدة حلول عملية، منها:
- ورش عمل لكتّاب السيناريو، لتعليمهم كيفية تقديم شخصيات قصار القامة بعيدًا عن التنميط.
- تدريب الممثلين قصار القامة، لتمكينهم من الحصول على أدوار رئيسية.
- تشجيع الأعمال التجريبية، التي تقدمهم بشكل مختلف ودعمها في المهرجانات السينمائية.
- حملات توعية للجمهور، لتغيير النظرة النمطية وتعزيز التمثيل العادل.

المجتمع يطالب بالتغيير
مع تصاعد الوعي بحقوق قصار القامة، أطلقت منظمة "مبدعون بلا قيود"، وهي منظمة حقوقية تدافع عن تمثيل الفئات المهمشة في الفن والإعلام، حملة في 2024 لدعم تمثيلهم في الأعمال الدرامية والسينمائية، كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت هاشتاج مش_للإفيه، طالب فيها ناشطون بوقف استخدام قصار القامة في البرامج الساخرة والإعلانات التي تستهزئ بهم.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية