تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : بعد "صفر إصابات".. الإيدز يتحول من حكم بالإعدام إلى مرض مزمن
source icon

سبوت

.

بعد "صفر إصابات".. الإيدز يتحول من حكم بالإعدام إلى مرض مزمن

كتب:محمود جودة

لم يعد فيروس نقص المناعة البشري "الإيدز" ذلك الحكم النهائي بالإعدام الذي كان يطارد صاحبه لعقود.. رحلة طويلة من الخوف والوصم وسوء الفهم، انتهت إلى واقع جديد، يجعل المريض قادرًا على العيش حياة شبه طبيعية، يعمل ويتزوج وينجب، شرط الالتزام بالعلاج والمتابعة.

وفي خلفية هذا التحول، تسعى مصر بخطى واضحة للوفاء بأهداف الأمم المتحدة 2030، للوصول إلى صفر إصابات جديدة، من خلال برامج الفحص والعلاج والدعم المجاني.
 
الأعراض الشائعة
أكد الدكتور محمد كمال، طبيب الحميات، على أن فيروس نقص المناعة البشري "الإيدز"، لم يعد كما كان ينظر إليه قديمًا، فأصبح للمرض صورة سريرية أوضح، وعلامات يمكن اكتشافها مبكرًا، حيث تتراوح الأعراض الأولى بين ارتفاع حرارة غير مبرر، وتضخم في الغدد الليمفاوية، وفقدان وزن غير مبرر، وإرهاق شديد، وعدوى متكررة في الجهاز التنفسي أو الهضمي، وفي بعض الحالات تظهر التهابات فطرية بالفم والجلد، وتكرار الإسهال لفترات طويلة، وهو ما يعكس بداية ضعف المناعة.

مضاعفات نادرة
ويقول طبيب الحميات، أن هناك أعراضاً أقل شيوعًا، لكنها ذات دلالة عند تجميعها، مثل الالتهابات العصبية، والطفح الجلدي المقاوم للعلاج التقليدي، والالتهابات الرئوية غير المعتادة، ونزيف اللثة المتكرر، مؤكدًا أن تشخيص الحالة لا يعتمد على الأعراض فقط، ولكن من خلال الفحص المعملي الدقيق، حيث أن كثيرًا من الحالات لا تظهر عليها أعراض لسنوات.

طرق العدوى
ويشير د. كمال، إلى أن هناك 3 مسارات لانتقال العدوى وهي العلاقات الجنسية غير الآمنة، نقل دم أو مشتقات دم ملوّثة، وانتقال من أم لجنين دون تدخل علاجي مناسب.

ويشدد على أن المرض لا ينتقل عبر الملامسة أو الطعام أو مشاركة الأدوات اليومية، وهي نقطة لازالت تحتاج توعية لمواجهة الوصم الاجتماعي.

وصم اجتماعي
يصف د. كمال الوصم، بأنه الجزء الأكثر ألماً في التجربة، فالخوف من الكشف، وتجنب الحديث، والقلق من نظرة المجتمع، جميعها أسباب تدفع المرضى للعلاج سراً أو التأخر في الفحص، قائلًا إن هذا الوصم يقتل أكثر من الفيروس، لأنه يمنع المريض من طلب المساعدة في اللحظة المناسبة.

حياة قديمة ومرحلة جديدة
قبل التطور العلاجي، كان التشخيص يعني أن أمام المريض سنوات قليلة، تتخللها مضاعفات متتالية تؤدي تدريجيًا إلى الفشل المناعي الكامل، وكانت العلاجات القديمة قوية الآثار الجانبية، مرهقة للجسم، وتحتاج لأكثر من جرعة يوميا، لذلك كان يصعب الالتزام بها.

أما الدكتور وليد كمال، مدير برنامج الإيدز بالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، فيرى أن التحول الأكبر في مشهد الإيدز عالميًا ومحلياً، بدأ مع الجيل الحديث من العلاجات، فلم يعد المريض يحتاج إلى خليط كبير من الأدوية، حيث تحولت إلى جرعات بسيطة وآمنة، تحافظ على الفيروس في مستوى "غير قابل للقياس"، ما يعني عدم قدرته على نقل العدوى للآخرين.

فالعلاجات القديمة كانت تعتمد على تركيبات متعددة ومجهدة، وكان متوسط عمر المرضى بين 8 - 10 سنوات بعد التشخيص، نتيجة ضعف العلاجات، وشدة المضاعفات، والتهابات متكررة تؤدي إلى انهيار المناعة.

واليوم اختلف هذا الوضع، حيث جعلت العلاجات الحديثة من الإيدز مرضًا مزمنا يمكن التعايش معه، مثل الضغط والسكري، ومع الالتزام الكامل يستطيع المريض أن يعيش عمرًا قريبًا جدًا من الطبيعي، وقد يتجاوز 25 عامًا بعد العلاج، بل ويصل إلى متوسط عمر الأصحاء تقريباً.

أشار د. وليد، إلى أن الجودة الآن ليست فقط في طول العمر، ولكن الحياة اليومية نفسها، من اختفاء أغلب الآثار الجانبية القديمة، وتقليل الالتهابات المصاحبة، والقدرة على العمل والإنتاج والزواج.

ويرى أن النقلة الحقيقية كانت في الوصول لعلاج آمن وسهل الاستخدام، مما رفع نسب الالتزام وبالتالي نتائج أفضل، موضحاً أن مصر والعالم يسيرا نحو تحقيق هدف 2030، ولكن التحديات الحقيقية ليست طبية فقط، ولكن اجتماعية واقتصادية، والتي تتمثل في الوصم، والخوف من الفحص، وقلة الوعي في بعض المناطق، وهي نفس التحديات المنتشرة بنسب متفاوتة في الدول النامية.

فحص مبكر
وتؤكد الدكتورة هبة السيد، مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، أن البرنامج يعتمد على استراتيجية واضحة، وهي "الاكتشاف المبكر"، قائلة إنه كلما كان التشخيص أسرع، كانت فرص السيطرة على الفيروس أفضل، وتتوسع مصر سنوياً في توفير الفحص المجاني والسري، بمراكز المشورة والفحص التابعة للبرنامج، بالإضافة إلى دمج الفحص في برامج أخرى تستهدف فئات مختلفة.

علاج مجاني.. وتوعية مستمرة
أوضحت د. هبة، أن جميع مرضى الإيدز في مصر، يحصلون على علاج مجاني بالكامل، وأن الدولة تغطي التكلفة دون تحميل المريض أي أعباء، وتؤكد توافر العلاج بشكل مستمر، وأن هناك منظومة لضمان عدم حدوث نقص في أدوية العلاج، وتتم المتابعة الدورية عبر 23 مركزاً في المحافظات.

مؤكدةً على استمرار مصر في حملات التوعية بالمدارس، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني، بهدف تصحيح المعلومات الخاطئة عن المرض، وخاصة المتعلقة بالطرق غير الحقيقية للعدوى، وترى أن تفكيك الوصم خطوة ضرورية لتحقيق نتائج سريعة.

صفر إصابات
وفيما يتعلق بالتزام مصر بهدف الأمم المتحدة، أشارت مدير البرنامج الوطني، إلى السعي نحو تحقيق هدف الأمم المتحدة، "صفر إصابات جديدة 2030"، عبر 3 محاور وهي:
1. توسيع دائرة الفحص المبكر.
2. توفير العلاج المجاني لجميع المصابين.
3. منع انتقال العدوى من الأم للجنين، عبر بروتوكولات علاجية ناجحة حققت معدلات حماية مرتفعة.
 
تحديات حالية
ترى د. هبة، أن التحدي الأكبر الآن، هو الوصول لجميع الفئات، خاصة أولئك الذين يخشون الوصم أو لا يدركون أهمية الفحص، وتقول إن المريض الذي يصل إلينا مبكرًا، يبدأ رحلة علاج ناجحة، ويستطيع العيش حياة طبيعية.

لم تنته رحلة الإيدز بعد، لكنها تغيرت جذريًا، من مرض كان يخيف العالم، إلى حالة مزمنة يمكن السيطرة عليها، ومن علاجات مرهقة تؤدي إلى انهيار المناعة، إلى أدوية حديثة تمنح حياة طبيعية تقريبا، وبين الوعي والوصم، يبقى الفحص المبكر والعلاج المستمر، هما السلاحان الأقوى للوصول إلى 2030 بلا إصابات جديدة.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية