تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : بعد خمول آلاف السنين… "هايلي جوبي" يثير المخاوف حول السد الإثيوبي وزحف الأرض
source icon

سبوت

.

بعد خمول آلاف السنين… "هايلي جوبي" يثير المخاوف حول السد الإثيوبي وزحف الأرض

كتب:سعاد طنطاوي

أحدث بركان "هايلي جوبي" الذي انفجر في شمال شرقي إثيوبيا من أيام، بعد نحو 12 ألف عام من الخمول، مطلقًا عمودًا كثيفًا من الرماد حملته السحب بفعل الرياح لآلاف الكيلومترات في الدول المجاورة له، حالة من الخوف والذعر حول مدى زحف الأرض وتأثير ذلك على سد النهضة، وعن مخاطر الانبعاثات على البيئة والطيران، وغيرها من التساؤلات التي حاولت "سبوت" إيجاد تفسير لها عند المتخصصين.

صحوة بعد 12 ألف عام
وفقًا للدكتور عباس محمد شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، فإن المفاجأة في البركان الإثيوبي "هايلي جوبي" الذي انفجر صباح الأحد الماضي، أنه نشط بعد نحو 12 ألف عام من الخمول، مطلقًا عمودًا كثيفًا من الرماد في الغلاف الجوي يرتفع إلى حوالي 15 كم.
وأشار إلى طبيعة المنطقة التي انفجر بها البركان، فهي بالأساس منطقة براكين، حيث تلتقي ثلاث صفائح تكتونية (وهي الطبقة الخارجية من سطح الأرض المسماة بالغلاف الصخري – الليثوسفير – المكوّنة من القشرة وطبقة الوشاح العليا)، وهي الصفيحة الصومالية والصفيحة النوبية والصفيحة العربية.

الأولى إفريقيًا في الزلازل والبراكين
ويضيف د. شراقي أن ذلك أمر طبيعي ومعتاد، فالدولة الإثيوبية تعد رقم واحد في قارة إفريقيا في النشاط البركاني التكتوني والزلزالي، وخاصة هذه المنطقة التي تُعد من أنشط مناطق العالم زلزاليًا وبراكنيًا، وبها عشرات البراكين، وهناك على بُعد 15 كيلومترًا فقط بركان "أرتي ألي"، وهو من البراكين النشطة منذ عام 1967 وحتى الآن، وإن كان نشاطه ليس كبيرًا إلا أن به حممًا بركانية وغازات.

حدث جيولوجي تاريخي غير متوقع
وبحسب توضيح الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بعد، فإن بركان "هايلي جوبي" هو حدث جيولوجي تاريخي وغير متوقع، بل جليل وعظيم، وهو ما سيدفع البحوث العلمية مستقبلًا للاهتمام بالتغييرات الجيولوجية للمنطقة، خاصة بعد خموله كل هذه الأعوام.

فالمنطقة هي موضع انفتاح للّوائح التكتونية التي تتباعد فيها الصفائح، فتحدث شقوق وتمددات تُخل بالقشرة الأرضية، مما يسمح بالصهارة وحدوث النشاط البركاني، وذلك بناءً على بيانات موثقة وليس افتراضات، لأن هناك ديناميكية دائمة لقشرة الأرض.

ثورة باطن الأرض
وينوّه د. العسكري إلى أن البركان، وإن كان كامنًا طوال هذه الفترة الطويلة جدًا بسكون خارجي على القشرة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم تحدث تراكمات داخل الأرض في المكمّا والحمم البركانية، والمسارات التي تتغير باستمرار، والضغط الحراري وتراكم الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وبخار الماء.

ومع التباعد الذي يحدث عبر الزمن، جعل ذلك كله يثور من باطن الأرض بشكل كبير، وهذا يعني وجود فوالق تحدث فيها انزلاقات أرضية وتشققات، إلى جانب تغييرات لبعض الزلازل السابقة، وكلها أدت لهذا الحدث، خاصة وأن هذه المنطقة رُصد فيها عدد كبير جدًا من الزلازل عام 2025، مما يؤدي لتغيير مسارات المكمّا وحدوث اهتزازات.

سد النهضة الإثيوبي
ويؤكد أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بعد أن هذا البركان يقع في منطقة بعيدة كل البعد عن سد النهضة الإثيوبي بمسافة تتراوح بين 800–900 كم، وذكّر في هذا الصدد بزلزال آخر وقع عام 2023 بالقرب من سد النهضة وعلى مسافة لا تتعدى 110 كم، في منطقة لم تشهد زلزالًا منذ أكثر من 100 عام.
وينوّه إلى أنه بالرغم من عدم ترابط الحدثين مباشرة، إلا أن ذلك يعني احتمال تتابع الزلازل لاحقًا نتيجة هذا التغيير البركاني الكبير.

ويقول إنه رغم بعد المسافة بين سد النهضة ومنطقة البركان، فإنه يجب النظر إلى وزن بحيرة السد التي تحتوي الآن على 74 مليار متر مكعب من المياه، بما يعادل 74 تريليون كيلوجرام، أي نحو 74 مليار طن من المياه الجاثمة على القشرة الأرضية، مما يسبب حملًا وضغطًا رأسيًا وأفقيًا على صخور القشرة.

ويؤدي ذلك إلى ضغوط مسامية داخل الصدوع بالقرب من السد، وتسبب تسربًا مائيًا، وهي وقائع حدثت بالفعل في سدود أخرى، منها بحيرة السد العالي في مصر، وحدث مثله في الهند وكوريا والصين.

ويضيف أن المنطقة حساسة جيولوجيًا، وبعيدة عن منطقة عفار التي هي جزء من الأخدود الإفريقي الذي شهد ثوران البركان الإثيوبي، لكنها ككل تعاني عدم استقرار تكتوني.

وهو ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر بأن البحيرة تمثّل عبئًا كبيرًا جدًا على القشرة الأرضية، وأن هناك خطورة كبيرة جدًا على السد الركامي الذي يعاني من مشاكل كثيرة تم رصدها وتوثيقها، ويعد ثقل البحيرة من العوامل الخارجية المستدامة التي تؤثر على ما هو داخل القشرة الأرضية وتؤدي إلى تغييره.

تأثيرات بيئية
وحول تأثير البركان على المناخ، يوضح لـ "سبوت" الدكتور علي قطب، نائب رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية سابقًا، وأستاذ المناخ بجامعة الزقازيق حاليًا، أن البركان يعني الأتربة والغازات الحارقة التي تندلع، وبالتالي فآثارها ضارة على البيئة، وإن كانت لها فائدة في خروج بعض المعادن الصالحة.

ويقول أستاذ المناخ أيضًا إن توقيت انفجار البركان له تأثير كبير على حركة الطيران، حيث تتصاعد الأتربة الحارقة إلى ارتفاع بين 12–14 كيلومترًا فوق مستوى حركة الطيران، مما يجعلها تتراكم على جسم الطائرات وتؤدي لسقوطها.

ومع استمرار تصاعد الأتربة والدخان وتحركها في اتجاه الرياح - خاصة وأن إثيوبيا مدارية استوائية - فإنها تتجه إلى شرق البحر الأحمر وتؤثر على اليمن والخليج العربي وقد يمتد التأثير لجنوب السعودية، ومع حركة الطيران يصل للهند وما بعدها، ويتوقف إذا حدث هطول للأمطار، وكثيرًا ما تتكون سحب ركامية رعدية مصحوبة بالغازات السامة تؤثر تأثيرًا ضارًا على الزراعات.

مصر في أمان
ويجيب رئيس قسم المناخ عن سؤال إمكانية تضرر مصر من البركان الإثيوبي، حيث تقع هي أيضًا على البحر الأحمر، قائلاً إن تأثيره سيكون ضعيفًا جدًا على مصر، خاصة أنها تقع غرب البحر الأحمر.

كما أن هطول الأمطار فوق البحر يمنع وصول تأثيره إلى مصر. لذلك تعد مصر آمنة من هذا البركان، خصوصًا في الوجه البحري، وأشار إلى أن مصر بها التيار الهوائي النفاث تحت المداري، وموضعه بين خطي عرض 25–27 جنوب القاهرة، مما يوجّه أي هواء ملوث نحو شرق مصر داخل قارة آسيا، ولكن قد يؤثر على حركة الطيران المتجهة من القاهرة إلى الخليج العربي.


 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية