تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : بعد الجمرة الخبيثة.. الفطر الصيني يضع "الإرهاب الزراعي" تحت المجهر
source icon

سبوت

.

بعد الجمرة الخبيثة.. الفطر الصيني يضع "الإرهاب الزراعي" تحت المجهر

كتب:محمد أبو بكر

أعادت واقعة توقيف السلطات الأمريكية لعالمين صينيين، بتهمة محاولة تهريب فطر يُعتقد أنه يهدد سلامة المحاصيل الزراعية، الجدل حول مصطلح نادر التداول إعلاميًا رغم أهميته الأمنية، وهو "الإرهاب الزراعي"، الحادثة التي تأتي في ظل تصاعد التوترات التجارية والتقنية بين واشنطن وبكين، تثير تساؤلات حول إمكانية لجوء دول كبرى إلى أدوات غير تقليدية في صراعاتها الجيوسياسية، من بينها استهداف الأمن الغذائي والزراعي لمنافسيها.

ووفقًا لتقارير رسمية، كان العالمان يحملان فطرًا يُشتبه في قدرته على إصابة المحاصيل الأميركية بأمراض مدمّرة، وتُعد هذه الواقعة واحدة من الحوادث القليلة التي تصل إلى الساحة القضائية، لكنها تفتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت هناك حملات خفية تُدار لاستهداف سلاسل الإمداد الغذائي كجزء من الصراع الجيوسياسي بين القوى الكبرى، خصوصًا بين الصين والولايات المتحدة.

سلاح خفي 
يعرف الدكتور محمد محمود، وكيل معهد بحوث المحاصيل الزراعية، "الإرهاب الزراعي" بأنه شكل من أشكال الحروب غير التقليدية، يهدف إلى إلحاق الضرر بالقطاع الزراعي لدولة ما، من خلال وسائل بيولوجية أو كيميائية موجهة، ويشمل ذلك نشر أمراض فطرية أو بكتيرية تستهدف المحاصيل، أو إدخال فيروسات قاتلة إلى الماشية، إضافة إلى تلويث المياه أو تسميم التربة، ويؤكد أن خطورة هذه الهجمات لا تكمن فقط في الخسائر الاقتصادية، بل في قدرتها على تهديد الأمن الغذائي وإثارة الذعر بين السكان، وهو ما يجعلها أداة فعالة للابتزاز أو الضغط السياسي.

ويضيف د. محمد أن صور الإرهاب الزراعي لا تقتصر على النواحي البيولوجية، بل تشمل كذلك ممارسات مثل الحرق العمدي للمزارع، إدخال بذور معدّلة جينيًا تؤدي إلى تدهور الإنتاج الزراعي، أو حتى استخدام مبيدات غير مرخّصة تؤثر سلبًا في خصوبة الأرض.

الإرهاب الزراعي في التاريخ
يرى الدكتور مختار حسن، الأستاذ المتفرغ بمعهد البحوث الزراعية، أن الإرهاب الزراعي ليس ابتكارًا معاصرًا، بل له جذور في النزاعات الدولية منذ مطلع القرن العشرين، ويستعرض أبرز مثال في هذا السياق خلال الحرب العالمية الأولى، حين استخدمت ألمانيا مرض "الجلندرز" – وهو مرض بكتيري خطير يصيب الخيول – كوسيلة لإضعاف قدرات أعدائها في نقل الإمدادات.

ويشير د. حسن إلى أن المكتبة الوطنية للدواء في الولايات المتحدة وثقت هذه الواقعة كأول هجوم بيولوجي زراعي منظم في التاريخ الحديث، ورغم أن أثره كان محدودًا نتيجة ضعف الإمكانيات التقنية آنذاك، إلا أنه فتح الباب أمام أبحاث أوسع في هذا المجال خلال الحرب العالمية الثانية، لا سيما في ألمانيا النازية.

كما تطرق إلى مثال آخر أكثر تطرفًا، تمثل في "الوحدة 731" اليابانية، وهي وحدة سرية أجرت تجارب بيولوجية في ثلاثينيات القرن الماضي، استهدفت من خلالها المحاصيل والماشية في الأراضي الصينية، مستخدمة أمراضًا مثل الجمرة الخبيثة والطاعون البقري، بهدف إحداث انهيار في الإمدادات الغذائية خلال الحرب.

من العصور القديمة إلى العصر الحديث
يعود الدكتور عبد المحسن عبد الغني، مدير معهد أمراض النبات، إلى الوراء أكثر، حيث يربط بين مفاهيم الإرهاب الزراعي الحالية وممارسات قديمة استخدمتها جيوش مثل الرومان والمغول، كوسيلة لإضعاف العدو من خلال تدمير محاصيله أو تسميم آباره.

ويشير إلى أن هذه الأفعال، رغم بدائيتها، كانت تستهدف النتيجة ذاتها التي يسعى الإرهاب الزراعي لتحقيقها اليوم: تجويع الخصم، وتعطيل اقتصاده، وإثارة الفوضى في مجتمعه، ويعتبر أن الاستخدام المنظم الحديث بدأ فعليًا مع تجارب ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، إلا أن المفهوم تطوّر وأصبح أكثر تعقيدًا وخطورة مع تطور العلوم البيولوجية.

قوانين ومعاهدات دولية 
يؤكد د. عبد المحسن أن المجتمع الدولي لم يغفل خطر هذا النوع من الإرهاب، إذ دخلت اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية حيّز التنفيذ في عام 1975، لتحظر تطوير وتخزين واستخدام أي عوامل بيولوجية قد تُستخدم كسلاح، بما في ذلك ما يستهدف الزراعة.

كما يشير إلى أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، التي وُقّعت في عام 1993، جاءت مكملة لهذا التوجه، إذ تمنع استخدام المواد السامة ضد البيئة والمياه والتربة الزراعية، ومع ذلك، لا تزال هناك دول لم تصادق على هذه الاتفاقيات، من بينها مصر وكوريا الشمالية، ما يفتح الباب أمام ثغرات قانونية قد تُستغل.

جهود أممية لمواجهة الإرهاب الزراعي
رغم ضعف التركيز العالمي على الإرهاب الزراعي مقارنة بالإرهاب التقليدي، فإن بعض المنظمات الدولية، بحسب د. عبد المحسن، تضطلع بدور فاعل في مكافحته، على رأس هذه الجهات، تأتي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، التي تقدم تدريبات للدول الأعضاء حول كيفية اكتشاف مسببات الأمراض البيولوجية وحماية القطاع الزراعي.

كما تتعاون فاو مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان في رصد الأمراض الحيوانية المعدية، وتدخل هذه الجرائم ضمن اختصاص الشرطة الدولية (الإنتربول)، التي تتابع عمليات تهريب العوامل البيولوجية وتنسق تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية