حيوانات هزيلة، وأخرى مصابة بجروح أو في حوادث، كلها تجمعت هنا، ليس فقط لتلقى العلاج من الآلام الجسدية، بل هو علاج شامل يراعي الجانب النفسي للحيوان ويؤهله للعودة لروتين حياته مكتمل الشفاء، وكل تلك الخدمات البيطرية تقدم بالمجان؛ إنها مستشفى "بروك" لعلاج حيوانات الفصيلة الخيلية.

أصعب الحالات
أصعب الحالات التي تتعامل معها المستشفى تكون حالات "التيتانوس" في المراحل المتأخرة هكذا يؤكد محمد أشرف مسئول التواصل بمستشفى بروك؛ تلك الحالات تنتج من جروح ملوثة سرعان ما تتحول لمرض التيتانوس القاتل، بالإضافة إلى حالات العرج الشديدة الناتجة من زيادة التحميل على الحيوانات، فضلًا عن تعريضها للعمل في سن مبكر، وكذلك من أصعب الحالات التي نواجهها هي حالات حوادث الطريق خاصة في القاهرة والإسكندرية، وعالجت المستشفى خلال العام الماضي حوالي 116 ألف حالة منهم ما يزيد عن 56 ألف حمار، و57 ألف حصان، وحوالي 2000 بغل.

تأسيس "بروك"
ويرجع تاريخ تأسيس المستشفى إلى عام 1934، عندما زارت دوروثي بروك مصر عام 1930 – وهي زوجة أحد قادة الجيش البريطاني - لتجد أعدادًا كبيرة من الخيول العاملة وحيوانات الجر في مصر في حالة صحية سيئة جدًا، وتدهور بدني، مع انتشار الجروح والأوبئة وسط تلك الحيوانات، وسرعان ما اكتشفت دوروثي أن هذه الحيوانات كانت مملوكة في الأساس لسلاح الفرسان التابع للجيش البريطاني الذي شارك في الحرب العالمية الأولى في مصر، والذي تخلص من تلك الخيول بدلًا من عودتها لبريطانيا مرة أخرى.

فأرسلت خطابًا لجريدة "مورنينج بوست" الإنجليزية والتي عرفت بعد ذلك بـ "دايلي تلجراف" حاليًا، تناشد فيه رواد الأعمال الخيرية في المجتمع البريطاني للتدخل وإنقاذ تلك الخيول، واستطاعت أن تجمع ما يعادل 20 ألف جنيهًا استرلينيًا، استغلتهم في شراء 5000 حيوان من ملاكهم المصريين وإنقاذهم.
وأسست مستشفى "بروك" في فبراير من عام 1934، ومن بعدها استمر توسع المستشفى فتأسست عيادة الإسكندرية عام 1961، ثم الأقصر عام 1966، لحقتهم أسوان في 1988، وإدفو 1992، ثم مطروح عام 2000، وأخيرًا المنصورة عام 2006، وكانت رسالة المستشفى الدائمة منذ تأسيسه هو تقديم الخدمات البيطرية العلاجية مجانًا وبذل كل ما يمكن لعلاج المشكلات التي تصيب الحيوانات في مصر، ومنذ عام 1934 لم يغلق المستشفى بابه في أي من الأيام حتى الآن ويعمل بشكل يومي حتى في العطلات الرسمية.

90 عامًا على الافتتاح
وزارت الملكة كاميلا باركر، ملكة المملكة المتحدة ودول الكومنولث مستشفى "بروك" منذ سنوات وتحديداً في الذكرى الـ 86 لتأسيسها، حيث تعتبر الملكة كاميلا هي الرئيسة الشرفية لجمعية بروك العالمية، والتي تتضمن أفرع أخرى في الهند وباكستان وكينيا وإثيوبيا، لذلك فهي مهتمة بإجراء زيارات دورية للأفرع المختلفة للمستشفى، وأجري هذا العام احتفالية مرور 90 عام على تأسيس المستشفى.

خدمات المستشفى
وتقدم المستشفى 7 أنواع مختلفة من الخدمات للمجتمع المحيط بها وهي:

1- الخدمات العلاجية البيطرية: وتتم عن طريق 7 عيادات في عدد من المدن المختلفة، بالإضافة للعيادات المتنقلة، حيث مثلًا تزور العيادات المتنقلة لمستشفى القاهرة منطقة قمائن الطوب بحلوان لتقديم الخدمة للحمير والبغال العاملة في نقل الطوب في تلك المنطقة، كما تزور أيضًا منطقة أوسيم حيث يمتهن أصحاب تلك الحيوانات مهنة الزراعة وتساعدهم حيواناتهم في عملهم اليومي، بالإضافة إلى منطقة الأهرامات والتي تعمل فيها الخيول في نقل السائحين.

2- الخدمات التثقيفية ونشر ثقافة الرفق بالحيوان: عن طريق محاضرات يلقيها الأطباء البيطريون على أصحاب الحيوانات لكيفية التدخل لمنع حدوث المشكلات من البداية.

3- المسابقات: تنظم الجمعية أيضًا عددًا من المسابقات لأصحاب الحيوانات في مصر، على سبيل المثال مسابقة أفضل صاحب حمار في قرية سلوا بحري التابعة لمركز كوم إمبو بمحافظة أسوان، ومسابقة أحسن صاحب حيوان في مدينة سيوة، وأفضل صاحب بغل في قمائن الطوب بحلوان وغيرها، تقدم الجمعية في تلك المسابقات جوائز للمشاركين وتهدف إلى تحفيز وحث جميع أصحاب الحيوانات للاهتمام بحيواناتهم وتميزهم بذلك.

4- القوافل العلاجية: تنظم أيضًا الجمعية قوافل علاجية وتوعوية للمدن التي لا تتواجد فيها عيادات بروك، مثل كفر الشيخ، وبني سويف، والغربية.

5- العمل مع الأطفال: تنظم بروك أنشطة وفعاليات للأطفال المتواجدين في المجتمعات المستخدمة للحيوانات العاملة، وذلك لتنشئة أطفال على علم وإيمان برسائل الرفق بالحيوان وخلق أجيال تنهي ظاهرة الإساءة للحيوان.

6- العمل مع الرائدات الريفيات: تسعى بروك للعمل مع الرائدات في المجتمعات الريفية نظرًا لقدرتهم على الوصول والتأثير في أصحاب الحيوانات.

7- التدريبات المهنية: تقدم الجمعية خدمات التدريب لطلاب كليات الطب البيطري وكذلك الأطباء المتخصصين فيما بعد عن طريق برنامجين للتدريب سنويًا.