تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"تبدأ صحة الإنسان ورحلة حياته الجسدية والعقلية منذ اللحظات الأولى لتكوينه داخل الرحم"، هذا ليس مجرد كلام عابر ولكنه وفقًا للعديد من الأبحاث الحديثة التي أكدت أن الفترة الجنينية لا تشكل فقط مرحلة نمو فسيولوجي، بل تُعد من أهم المراحل التي تُحدد استجابة الجسم المستقبلية للأمراض.
تُعرف هذه الظاهرة علميًا باسم "برمجة الجنين"، وهي مفهوم يقوم على أن الجنين يتفاعل مع الظروف البيئية التي يتعرض لها أثناء الحمل، سواء كانت تغذية غير كافية، نقصًا في الأكسجين، أو توترًا نفسياً، ويعيد تكوين وظائفه الحيوية بشكل دائم قد ينعكس على صحته في مراحل لاحقة من العمر.
الجنين... مقاوم بالفطرة
في هذا السياق، قام الدكتور عمرو حسن، أستاذ امراض النساء والتوليد بقصر العيني، بدراسة أكد فيها أنه إن كل كائن حي يحمل في حمضه النووي نزعة للبقاء والتكاثر، وفي حال واجه الجنين ظروفًا قاسية، فإنه يعيد تشكيل وظائفه الحيوية للتأقلم، هذا التأقلم مفيد على المدى القريب لإنقاذ حياته، ولكنه قد يكون مدمرًا على المدى البعيد.
وتابع: الجنين الذي يبرمج نفسه للعيش في بيئة "ندرة"، قد لا يتمكن من التكيف بعد الولادة مع بيئة "وفرة"، فهو يقوم بعمل تغيرات جسمانية تكسبه قدرة الحياة في بيئة الندرة، ولكنه يتفاجأ بعد الولادة بظروف بيئية مختلفة، أي بيئة الوفرة، فتتحول نعمة القدرة على التكيف لمقابلة الظروف السيئة داخل الرحم إلى نقمة خارجه.
والجنين يبذل الجهد الكبير الذي يساعده على البقاء حتى بلوغ التكاثر والنمو، وأكدد. عمرو أنه بعد ذلك يكون قد استنزف طاقته في ذلك، فيحدث التراجع السريع في كفاءة خلاياه وأعضائه الحيوية فتظهر كثير من العلل المرضية، ويتسارع الخلل كلما تقدم العمر، مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات مزمنة مثل السكري، السمنة، ضغط الدم، وأمراض التمثيل الغذائي.
حالات واقعية تؤكد النظرية
واحدة من أبرز الأمثلة التاريخية التي دعمت فرضية "برمجة الجنين" هي "المجاعة الهولندية" التي حدثت عام (1944 - 1945)، وأوضح د. عمرو في دراسته، أن في هذه الفترة هناك الكثير من النساء الحوامل قد عانوا من نقص حاد في الغذاء وبعد عقود، كشفت الأبحاث أن مواليد تلك الفترة لم يعانوا فقط من سوء النمو، بل من أمراض العصر مثل السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، مقارنة بمن وُلدوا قبل أو بعد المجاعة.
فرضية باركر
ويؤكد د. عمرو وفي الثمانينات، صاغ الدكتور ديفيد باركر ما يُعرف بـ "فرضية الأصل الجنيني للأمراض"، والتي تقول إن الجنين الذي يتعرض لنقص التغذية يعيد توزيع الموارد الحيوية نحو الدماغ والقلب، على حساب أعضاء أخرى مثل البنكرياس والكلى هذه الاستراتيجية، رغم أنها قصيرة الأمد، إلا أنها قد تمهد الطريق لحدوث أمراض مزمنة عند الكبر.
ومن أبرز التغيرات التي تحدث داخل جسم الجنين، كما صاغها د. عمرو أنه عند التعرض لبيئة غير ملائمة، يقلل الحركة ومعدل التمثيل الغذائي للحفاظ على الطاقة، ويزيد من مقاومة الأنسولين لتوفير الغذاء للأعضاء الأكثر أهمية، وإعادة توزيع الدم لصالح الدماغ على حساب أعضاء أخرى.
كما قد يحدث في الحالات الشديدة لأنيميا نقص الحديد رد فعل للجنين بزيادة تكوين كرات الدم الحمراء كأولوية له لتعويض نقص الهيموجلوبين وبالتالي نقص الأكسجين الواصل للأنسجة، وهذه الكريات الحمراء تحتاج لكمية من عنصر الحديد غير المتوفر له من الأم، فيتم تفضيل إيداع الحديد داخل كرات الدم الحمراء على حساب أعضاء أخرى، والتي هي في حاجة ماسة لعنصر الحديد لإنتاج الطاقة اللازمة لهذا العضو، وقد يظهر تأثير هذا النقص على المدى البعيد، على الوظائف المعرفية، وعلى قدرة القلب وباقي الأعضاء الأخرى.
طرق الوقاية تبدأ قبل الحمل
للوقاية من هذه المشكلات، أوصى د. عمرو في دراسته بأهمية التغذية السليمة والمتوازنة قبل وأثناء الحمل، وتناول المكملات الغذائية عند الحاجة، خصوصًا الحديد والبروتين، ومن الضروري علاج الأمراض المزمنة قبل التخطيط للحمل، مع المتابعة الطبية المنتظمة وخاصة للحوامل المعرضات لمشاكل نمو الجنين، والإقلاع عن التدخين والابتعاد عن مصادر التلوث، وممارسة الرياضة الخفيفة بعد استقرار الحمل، وتجنب القلق والضغط النفسي والحصول على قسط كافٍ من الراحة، والحفاظ على وزن صحي قبل وأثناء الحمل.
إن حماية الأجيال القادمة من الأمراض المزمنة تبدأ من لحظة تكوينها داخل الرحم، وأكد د. عمرو إن تحسين صحة الأم قبل وأثناء الحمل هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات أكثر صحة وقوة، فبرمجة الجنين ليست مجرد نظرية، بل حقيقة طبية تمس كل أسرة، وكل أم، وكل طفل على وجه الأرض، وحماية الجنين ليست فقط مسئولية طبية بل رسالة إنسانية عظيمة.
تُعرف هذه الظاهرة علميًا باسم "برمجة الجنين"، وهي مفهوم يقوم على أن الجنين يتفاعل مع الظروف البيئية التي يتعرض لها أثناء الحمل، سواء كانت تغذية غير كافية، نقصًا في الأكسجين، أو توترًا نفسياً، ويعيد تكوين وظائفه الحيوية بشكل دائم قد ينعكس على صحته في مراحل لاحقة من العمر.
الجنين... مقاوم بالفطرة
في هذا السياق، قام الدكتور عمرو حسن، أستاذ امراض النساء والتوليد بقصر العيني، بدراسة أكد فيها أنه إن كل كائن حي يحمل في حمضه النووي نزعة للبقاء والتكاثر، وفي حال واجه الجنين ظروفًا قاسية، فإنه يعيد تشكيل وظائفه الحيوية للتأقلم، هذا التأقلم مفيد على المدى القريب لإنقاذ حياته، ولكنه قد يكون مدمرًا على المدى البعيد.
وتابع: الجنين الذي يبرمج نفسه للعيش في بيئة "ندرة"، قد لا يتمكن من التكيف بعد الولادة مع بيئة "وفرة"، فهو يقوم بعمل تغيرات جسمانية تكسبه قدرة الحياة في بيئة الندرة، ولكنه يتفاجأ بعد الولادة بظروف بيئية مختلفة، أي بيئة الوفرة، فتتحول نعمة القدرة على التكيف لمقابلة الظروف السيئة داخل الرحم إلى نقمة خارجه.
والجنين يبذل الجهد الكبير الذي يساعده على البقاء حتى بلوغ التكاثر والنمو، وأكدد. عمرو أنه بعد ذلك يكون قد استنزف طاقته في ذلك، فيحدث التراجع السريع في كفاءة خلاياه وأعضائه الحيوية فتظهر كثير من العلل المرضية، ويتسارع الخلل كلما تقدم العمر، مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات مزمنة مثل السكري، السمنة، ضغط الدم، وأمراض التمثيل الغذائي.
حالات واقعية تؤكد النظرية
واحدة من أبرز الأمثلة التاريخية التي دعمت فرضية "برمجة الجنين" هي "المجاعة الهولندية" التي حدثت عام (1944 - 1945)، وأوضح د. عمرو في دراسته، أن في هذه الفترة هناك الكثير من النساء الحوامل قد عانوا من نقص حاد في الغذاء وبعد عقود، كشفت الأبحاث أن مواليد تلك الفترة لم يعانوا فقط من سوء النمو، بل من أمراض العصر مثل السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، مقارنة بمن وُلدوا قبل أو بعد المجاعة.
فرضية باركر
ويؤكد د. عمرو وفي الثمانينات، صاغ الدكتور ديفيد باركر ما يُعرف بـ "فرضية الأصل الجنيني للأمراض"، والتي تقول إن الجنين الذي يتعرض لنقص التغذية يعيد توزيع الموارد الحيوية نحو الدماغ والقلب، على حساب أعضاء أخرى مثل البنكرياس والكلى هذه الاستراتيجية، رغم أنها قصيرة الأمد، إلا أنها قد تمهد الطريق لحدوث أمراض مزمنة عند الكبر.
ومن أبرز التغيرات التي تحدث داخل جسم الجنين، كما صاغها د. عمرو أنه عند التعرض لبيئة غير ملائمة، يقلل الحركة ومعدل التمثيل الغذائي للحفاظ على الطاقة، ويزيد من مقاومة الأنسولين لتوفير الغذاء للأعضاء الأكثر أهمية، وإعادة توزيع الدم لصالح الدماغ على حساب أعضاء أخرى.
كما قد يحدث في الحالات الشديدة لأنيميا نقص الحديد رد فعل للجنين بزيادة تكوين كرات الدم الحمراء كأولوية له لتعويض نقص الهيموجلوبين وبالتالي نقص الأكسجين الواصل للأنسجة، وهذه الكريات الحمراء تحتاج لكمية من عنصر الحديد غير المتوفر له من الأم، فيتم تفضيل إيداع الحديد داخل كرات الدم الحمراء على حساب أعضاء أخرى، والتي هي في حاجة ماسة لعنصر الحديد لإنتاج الطاقة اللازمة لهذا العضو، وقد يظهر تأثير هذا النقص على المدى البعيد، على الوظائف المعرفية، وعلى قدرة القلب وباقي الأعضاء الأخرى.
طرق الوقاية تبدأ قبل الحمل
للوقاية من هذه المشكلات، أوصى د. عمرو في دراسته بأهمية التغذية السليمة والمتوازنة قبل وأثناء الحمل، وتناول المكملات الغذائية عند الحاجة، خصوصًا الحديد والبروتين، ومن الضروري علاج الأمراض المزمنة قبل التخطيط للحمل، مع المتابعة الطبية المنتظمة وخاصة للحوامل المعرضات لمشاكل نمو الجنين، والإقلاع عن التدخين والابتعاد عن مصادر التلوث، وممارسة الرياضة الخفيفة بعد استقرار الحمل، وتجنب القلق والضغط النفسي والحصول على قسط كافٍ من الراحة، والحفاظ على وزن صحي قبل وأثناء الحمل.
إن حماية الأجيال القادمة من الأمراض المزمنة تبدأ من لحظة تكوينها داخل الرحم، وأكد د. عمرو إن تحسين صحة الأم قبل وأثناء الحمل هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعات أكثر صحة وقوة، فبرمجة الجنين ليست مجرد نظرية، بل حقيقة طبية تمس كل أسرة، وكل أم، وكل طفل على وجه الأرض، وحماية الجنين ليست فقط مسئولية طبية بل رسالة إنسانية عظيمة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية