تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
يُعد تغيير الساعة بين التوقيتين الصيفي والشتوي أحد أبرز التعديلات الزمنية المثيرة للجدل، والذي تتبناه قرابة 70 دولة حول العالم، من بينها مصر، نشأت هذه الآلية كفكرة تهدف إلى تحقيق وفورة في الطاقة والاستفادة المثلى من ضوء النهار، وطُبقت لأول مرة عالميًا في ظروف استثنائية خلال الحرب العالمية الأولى عام 1916.
وعلى الرغم من جذوره التاريخية الممتدة، لم تتوقف سياسة تطبيق وإلغاء هذا النظام عن التذبذب، خاصة في البيئة المصرية، التي شهدت عودات وإلغاءات متكررة منذ تطبيقه الأول عام 1940 وصولاً إلى العودة الأخيرة بموجب القانون رقم 24 لسنة 2023، تستعرض سبوت في هذا التقرير نظرة شاملة وموثقة حول هذا الموضوع.
وعلى الرغم من جذوره التاريخية الممتدة، لم تتوقف سياسة تطبيق وإلغاء هذا النظام عن التذبذب، خاصة في البيئة المصرية، التي شهدت عودات وإلغاءات متكررة منذ تطبيقه الأول عام 1940 وصولاً إلى العودة الأخيرة بموجب القانون رقم 24 لسنة 2023، تستعرض سبوت في هذا التقرير نظرة شاملة وموثقة حول هذا الموضوع.
دراسات وأبحاث موثقة
أُجريت العديد من الدراسات والأبحاث الصادرة عن مراكز علمية واقتصادية عالمية ومحلية معتمدة، منها دراسات مايو كلينك (Mayo Clinic)، ودراسات المعهد الوطني للصحة العامة والبيئة في هولندا.
وجاءت النتائج متباينة؛ فبعضها أيّد تغيير الساعة باعتباره يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء المستخدمة في الإضاءة المسائية، خاصة في الأماكن التي لا تعتمد بشدة على أجهزة التكييف، في حين عارضته دراسات أخرى، خصوصًا في الدول ذات المناخ الحار مثل بعض الولايات الأمريكية، حيث رأت أن التوفير في الإضاءة يقابله ارتفاع في استهلاك الطاقة للتبريد في فترات ما بعد الظهر، مما يجعل الأثر الصافي على توفير الطاقة محدودًا أو غير موجود.
مزحة فرانكلين
تعود جذور الفكرة إلى مقترح من بنجامين فرانكلين، أحد المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية، عندما كتب مقالة ساخرة – أو ما يُعرف بـ "ملاحظة اقتصادية" – عام 1784 أثناء عمله سفيرًا في باريس، بعنوان «مشروع اقتصادي»، ونُشرت في صحيفة Journal de Paris.
لاحظ فرانكلين أن سكان باريس ينامون حتى وقت متأخر، مما يضطرهم إلى استخدام الشموع والمصابيح للإضاءة مساءً، بينما تشرق الشمس في الصباح دون أن يستفيدوا من ضوئها، فاقترح – على سبيل المزاح – أن يستيقظ الباريسيون مبكرًا لتوفير المال الذي يُنفق على الشموع، وقدّر الوفورات المحتملة من ذلك، بل وصل به المزاح إلى اقتراح فرض ضرائب على نوافذ المنازل المغلقة أو إطلاق المدافع في الفجر لإيقاظ الناس.
لكن الحقيقة أن فرانكلين لم يقترح فكرة تحريك عقارب الساعة كما نعرفها اليوم، بل دعا الناس إلى تغيير سلوكهم اليومي (النوم والاستيقاظ) للاستفادة من ضوء الشمس الطبيعي وتوفير تكاليف الإضاءة الاصطناعية، أما الفكرة الفعلية لتغيير الساعة بساعة واحدة فقد ظهرت لاحقًا، حين أعاد طرحها المهندس المعماري البريطاني ويليام ويليت في كتيب صدر عام 1914.
أول تطبيق فعلي
بدأ تطبيق تغيير الساعة (التوقيت الصيفي) لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى بهدف ترشيد استهلاك الطاقة، وكانت ألمانيا أول دولة تطبّقه فعليًا في 30 أبريل 1916، ثم تبعتها النمسا-المجر، فبريطانيا العظمى، وبعدها معظم الدول المتحاربة في أوروبا، بهدف الاستفادة القصوى من ساعات النهار خلال الصيف.
أما في مصر، فبدأ تطبيق تغيير التوقيت لأول مرة عام 1940 بالتزامن مع الحرب العالمية الثانية بهدف ترشيد الطاقة، لكنه لم يستمر بسبب التذبذب وكثرة التغييرات.
وقد طُبق النظام نحو خمس مرات في فترات رئيسية؛ 1940 (لأول مرة)، 1956، 2010، 2014، و2023 (الأخيرة) التي أُعيد فيها العمل بالتوقيتين الصيفي والشتوي بقرار مجلس الوزراء وبموجب القانون رقم 24 لسنة 2023، بهدف ترشيد الطاقة وتقليل استهلاك الوقود.
ووفقًا لدراسة أعدتها وزارة الكهرباء، ساهم هذا التحول في توفير نحو 25 مليون دولار نتيجة خفض استهلاك الغاز المستخدم في توليد الكهرباء، وتقليص استهلاك الكهرباء بنسبة تقارب 1%، أي ما يعادل 200 مليون دولار تقريبًا.
أما الإلغاءات الرئيسية فكانت أيضًا خمس مرات: بعد عام 1945 (انتهاء الحرب)، ثم بعد عام 1956، ثم عام 2011 عقب ثورة يناير، وبعدها في 2014، وأخيرًا الإلغاء النهائي في 2015 الذي استمر حتى عودة العمل به عام 2023.
جدل متجدد
وسط الجدل الدائم حول تطبيق التوقيت الصيفي والشتوي في مصر، تتباين الآراء بين من يراه وسيلة لترشيد الطاقة ومن يعتبره إجراءً غير فعّال، يقول الدكتور المهندس محمد سليم، استشاري الطاقة المتجددة وعضو المجلس العربي للطاقة المستدامة، إن التوقيت الصيفي في مصر لا يمثل أداة فعالة لترشيد استهلاك الطاقة، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية نظرًا لطبيعة نمط الاستهلاك المحلي، إذ تقع فترة الذروة اليومية بين السابعة والعاشرة مساءً، أي بعد غياب الشمس، حيث تزداد الأحمال الكهربائية نتيجة استخدام الإنارة والتكييف والأجهزة المنزلية.
ويضيف أن تقديم الساعة لا يُغير كثيرًا من واقع الأحمال، لأن النشاط في مصر يمتد حتى ساعات متأخرة من الليل، مما يجعل تأثير التوقيت الصيفي على استهلاك الكهرباء شبه معدوم، إذ يتم فقط تحريك منحنى الاستهلاك ساعة إلى الأمام دون فرق فعلي، ويشير إلى أن هذا النظام يصلح أكثر في دول ذات أنماط استهلاك مختلفة ومناخات معتدلة.
التكييف وليس الإضاءة
يؤكد د. سليم، أن العامل الأكبر في الأحمال الكهربائية خلال الصيف في مصر هو التكييف وليس الإضاءة، نظرًا لارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز 40 درجة مئوية في كثير من المناطق.
لذلك، فإن تقديم الساعة لا يؤدي إلى خفض ملموس في استهلاك الكهرباء، بل قد يزيده مقارنة بالدول الباردة مثل ألمانيا وكندا، حيث يمثل التدفئة والإضاءة النسبة الأكبر من استهلاك الكهرباء، ما يجعل التوقيت الصيفي ذا أثر إيجابي هناك فقط.
الحسابات الاقتصادية
ويشير الخبير إلى أنه رغم الحديث عن توفير طفيف في استهلاك الغاز الطبيعي بالمحطات، فإن هذا لا يقارن بالتكلفة غير المباشرة الناتجة عن اضطراب مواعيد الطيران والنقل وأنظمة البرمجيات والمواعيد في القطاعات الحيوية.
كما أن عدد ساعات التشغيل الكلي خلال فترة التوقيت الصيفي لا يختلف فعليًا عن التوقيت العادي، لأن التوفير الناتج عن تقديم الساعة (يوم 23 ساعة) يُعاد امتصاصه بالكامل عند العودة للتوقيت الشتوي (يوم 25 ساعة).
البدائل الفعلية لترشيد الطاقة
يقترح د. سليم بدائل أكثر واقعية لترشيد الطاقة، منها نشر أنظمة الخلايا الشمسية على الأسطح (RTPV) لتخفيف الضغط على الشبكة نهارًا، وتحسين كفاءة أجهزة التكييف، وتفعيل برامج الترشيد في المؤسسات الحكومية والمنازل، مع ضرورة تغيير سلوك المستهلكين بالتوعية وتنظيم مواعيد عمل المولات والمقاهي لتقليل الأحمال الليلية.
اضطراب الإيقاعات البيولوجية
من جانبه، يوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن تغيير التوقيت قد يسبب اضطرابًا طفيفًا في الإيقاعات البيولوجية (الساعة الداخلية للجسم)، لكنه لا يكون مؤثرًا إلا إذا تجاوز التغيير ساعتين.
ويشير إلى أن البعض يشعر بالضيق أو قلة التركيز في الأيام الأولى فقط، ويزول هذا الشعور مع التعود، لافتًا إلى أن التأثير يظهر بشكل أوضح لدى كبار السن، خاصة في الشتاء بسبب تقارب مواعيد صلاتي المغرب والعشاء.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية