تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في الماضي، انتشرت العديد من الأمراض والأوبئة بسبب عوامل متعددة، مثل الجهل، والإهمال، وعدم اكتشاف المرض مبكرًا، أو حتى استخدام أدوات طبية ملوثة تسهل انتقال العدوى، كالإبر غير المعقمة، لكن الأمور اختلفت اليوم مع تطور العلم، وزيادة وعي المواطنين، واكتشاف علاجات فعّالة.
في هذا التقرير، نتعرف على أحد أبرز تلك الأمراض، وهو البلهارسيا، وكيف انتشر، وطُوِّر علاجه، وأشهر المشاهير الذين أصيبوا به، بل وتوفوا بسببه.
البلهارسيا مرض قديم انتشر بين المصريين منذ آلاف السنين، أصيب به العديد من الشخصيات العامة، أبرزهم المطرب الراحل عبد الحليم حافظ.
اُكتشفت البلهارسيا علميًا أثناء الحملة الفرنسية على مصر، عندما لاحظ الأطباء الفرنسيون أن بول الرجال المصريين مختلط بالدم، حتى سُجِّل في تقاريرهم أن المصريين هم "الرجال الوحيدون في العالم الذين يعانون من دورة شهرية كالنساء" وبعد فترة، لاحظوا إصابة الجنود الفرنسيين المقيمين في مصر بنفس الأعراض، فبدأوا في دراسة الظاهرة دون الوصول إلى تفسير واضح.
في هذا التقرير، نتعرف على أحد أبرز تلك الأمراض، وهو البلهارسيا، وكيف انتشر، وطُوِّر علاجه، وأشهر المشاهير الذين أصيبوا به، بل وتوفوا بسببه.
البلهارسيا مرض قديم انتشر بين المصريين منذ آلاف السنين، أصيب به العديد من الشخصيات العامة، أبرزهم المطرب الراحل عبد الحليم حافظ.
اُكتشفت البلهارسيا علميًا أثناء الحملة الفرنسية على مصر، عندما لاحظ الأطباء الفرنسيون أن بول الرجال المصريين مختلط بالدم، حتى سُجِّل في تقاريرهم أن المصريين هم "الرجال الوحيدون في العالم الذين يعانون من دورة شهرية كالنساء" وبعد فترة، لاحظوا إصابة الجنود الفرنسيين المقيمين في مصر بنفس الأعراض، فبدأوا في دراسة الظاهرة دون الوصول إلى تفسير واضح.
اكتشاف خطير
وفي منتصف القرن التاسع عشر، قرر عباس الأول استقدام أطباء أجانب، خاصة من ألمانيا، ومنحهم تصريحًا بدراسة الأحياء والأموات من المصريين، من بين هؤلاء الأطباء، كان تيودور بلهارس، الذي استقر في حي الأزبكية وتولى رئاسة قسم الجراحة بمستشفى القصر العيني.
وبعد فحص وتشريح الجثث، خاصة عينات أكباد المصريين، رصد تحت المجهر دودة بيضاء طويلة، ثم شرّح المثانة البولية لبعض المرضى، فاكتشف تلف الأنسجة وربط بين وجود هذه الديدان ونزول الدم في البول، لكنه توفي قبل إكمال أبحاثه، فتابعها أطباء أجانب آخرون، بحثًا عن علاج للمرض خوفًا على جنودهم من الإصابة.
السد العالي والانتشار
خلال تلك الفترة، لم يتوقف انتشار البلهارسيا، بل زادت نسبة الإصابات، وكان بناء السد العالي عاملاً مساعدًا في تفشي المرض، حيث سهّل حركة اليرقات في المياه، كما منع مرور كائنات كانت تتغذى على القواقع الحاملة للطفيلي، مما أدى إلى تكاثرها بأعداد هائلة، بالإضافة إلى ذلك، ساهم السلوك اليومي للمصريين، مثل صيد الأسماك، واستحمام الأطفال في الترع، وغسل الملابس والأواني في المياه الملوثة، في زيادة العدوى، لكن مع الوقت، وبفضل حملات التوعية والعلاجات الفعّالة، تم القضاء على البلهارسيا في مصر تقريبًا.
مشاهير عانوا من المرض
1. العندليب الأسمر: عبد الحليم حافظ
أشهر من أصيب بالبلهارسيا هو المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، الذي اتُّهم في البداية بالتظاهر بالمرض لكسب تعاطف الجمهور، لكن مع تدهور حالته الصحية وتكرر دخوله المستشفيات، تأكد الجميع من صحة إصابته.
عانى "العندليب" من هذا المرض اللعين طوال 21 عامًا قبل وفاته، حيث تسببت سباحته في مياه النيل الملوثة خلال طفولته في استقرار الطفيليات بجسده.
تسببت البلهارسيا له في آلام مبرحة بالمعدة، ونزيف، وقيء دموي حاد، وفي ذلك الوقت، لم يكن الأطباء قد توصلوا لعلاج نهائي، فاكتفوا بمحاولات إيقاف النزيف، وكان يُحقَن في الوريد قبل كل حفلة لمنع حدوث نزيف أمام الجمهور.
أضعفته البلهارسيا وأصابت كبده بالتلف، وعندما نُقل له دم ملوث بفيروس "سي"، لم يتحمله الكبد المتضرر، فأصيب بفشل كبدي حاد، ثم توفي إثر نزيف عنيف لم يتمكن الأطباء من إيقافه.
2. أحمد زكي: الشفاء والموت بسرطان الرئة
أما الفنان الراحل أحمد زكي، فقد أصيب بالبلهارسيا بسبب سباحته في الترع خلال صغره، لكنه تمكّن من الشفاء بفضل تطور الطب واختراع علاجات فعّالة (مثل الحقن الخاصة)، لكن وفاته جاءت لاحقًا بسبب إصابته بسرطان الرئة.
3. سعد الصغير: الاكتشاف المتأخر
كذلك أصيب المطرب الشعبي سعد الصغير بالبلهارسيا، لكنه اكتشف المرض متأخرًا، فخضع لعملية جراحية وتمكن من السيطرة عليه.
كيف اختفت البلهارسيا من مصر؟
وفقًا لرأي الدكتور فتحي الغمري أستاذ الباطنة بكلية الطب جامعة الأزهر، فإن بعض الأمراض تختفي أو تقل معدلات الإصابة بها بسبب تجنب طرق انتقالها، أو بفضل زيادة الوعي الصحي، أو وجود لقاحات مثل شلل الأطفال والجدري، أو علاجات قوية مثل فيروس "سي" والبلهارسيا.
ويوضح د. الغمري أن البلهارسيا اكتُشفت في مصر عام 1851 بواسطة العالم تيودور بلهارس أثناء تشريح جثة مريض، وانتشرت بشكل كبير بسبب النشاط الزراعي واعتماد الفلاحين على مياه النيل الملوثة بالقواقع الحاملة للطفيلي، والتي تنتقل عبر بول أو براز المرضى الذين يقضون حاجتهم قرب الترع.
تتحول البويضات داخل القواقع إلى آلاف اليرقات المعدية التي تخترق جلد الإنسان، ثم تنتقل عبر الدم لتصبح ديدانًا بالغة تستقر في الكبد (البلهارسيا المعوية) أو المثانة (البلهارسيا البولية)، مسببة مضاعفات خطيرة مثل:
- تليف الكبد.
- دوالي المريء والنزيف.
- انتفاخ البطن.
- التهابات بولية حادة وحتى سرطان المثانة.
لكن مع تحسن الوعي الصحي، وتغيير نظم الري، ومكافحة القواقع، وتوفير العلاج بالمجان في القرى، أصبحت البلهارسيا مرضًا نادرًا في مصر.
ممومياوات مصابة
يتفق الدكتور خالد يونس أستاذ الباطنة بالمركز القومي للبحوث سابقًا، مع هذا الرأي، مشيرًا إلى أن بعض الأمراض التي كانت أزمات صحية عالمية مثل الطاعون والسل، اختفت أو تراجعت بفضل التقدم الطبي.
ويضيف أن البلهارسيا وُجدت حتى في المومياوات المصرية القديمة، حيث اكتشف العلماء بيض الطفيلي في مومياوات من الأسرة العشرين، وفي العصر الحديث، انتشرت في الريف المصري، خاصة في دلتا النيل، لكنها اختفت اليوم بسبب:
- توعية الناس بطرق الوقاية.
- توفير الدولة لعلاج فيروس "سي" بشكل مجاني، مما قلل المضاعفات الكبدية.
- انخفاض معدلات الإصابة لدرجة أن أدوية البلهارسيا أصبحت نادرة في الصيدليات.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية