تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : انتبهي.. التغيّر الغذائي قد يكشف الاعتداء على طفلك
source icon

سبوت

.

انتبهي.. التغيّر الغذائي قد يكشف الاعتداء على طفلك 

كتب:مروة علاء الدين 

 يظل الاعتداء الجنسي على الأطفال واحدًا من أكثر الجرائم التي تُرتكب في الظل، حيث يخشى الضحايا الإفصاح أو لا يملكون القدرة على التعبير عمّا يتعرّضون له،  وبينما ترتبط مؤشرات الاعتداء غالبًا بالجروح النفسية والسلوكية، يبرز العامل الغذائي كتغير واضح ومبكر قد يكشف حدوث الاعتداء حتى قبل ظهور الأدلة السلوكية التقليدية.

فالجسد يتحدث حين يعجز الطفل عن الكلام، ويُظهر رسائل واضحة عبر الشهية، والوزن، وسلوك الطعام، جميعها قد تكون مفاتيح إنقاذ لو تم الانتباه إليها مبكرًا.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على العلاقة الدقيقة بين التغيرات الغذائية والاعتداء الجنسي على الأطفال، وكيف يمكن للأهل والمختصين رصد هذه المؤشرات، والتعامل معها بشكل مهني وإنساني.

التغيّر الغذائي
توضح الدكتورة زينب مهدي، أستاذة الطب النفسي والعلاقات الأسرية، أن الطفل الذي يتعرض لصدمة نفسية شديدة، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، يدخل في حالة اضطراب عصبي وهرموني تؤثر مباشرة على مراكز الشهية في الدماغ، ويظهر هذا الاضطراب عادة في شكلين رئيسيين:

1. فقدان الشهية المفاجئ: يميل كثير من الأطفال الذين يتعرضون لصدمة إلى التوقف عن الأكل أو تناول كميات صغيرة جدًا، لأن الجهاز العصبي يكون في حالة "استنفار" دائم، ما يثبط الشهية ويؤثر على الهضم، ويظهر هذا بشكل أوضح عند الأطفال الذين يعانون من القلق والخوف المستمر.

2. الأكل المفرط (الشهية الزائدة): قد يستخدم بعض الأطفال الطعام كوسيلة للهروب من التوتر أو كتعويض نفسي، من خلال الإفراط في تناول السكريات أو الأطعمة الغنية بالدهون، ما يؤدي إلى زيادة وزن غير مبررة خلال فترة قصيرة.

محور الأمعاء
تؤكد د. زينب أن الصدمة النفسية تؤثر مباشرة على ما يعرف بـ "محور الأمعاء-الدماغ"، أي التواصل العصبي والبيولوجي بين الأمعاء والدماغ، ما قد يؤدي لظهور أعراض جسدية دون سبب عضوي واضح، مثل؛ آلام متكررة في البطن، إمساك أو إسهال، قيء بدون سبب عضوي، وقد يصل إلى انتفاخ مستمر.

أبحاث داعمة
نشرت دراسة في Journal of Eating Disorders (2023) وجدت أن التجارب الصادمة في الطفولة، مثل الإهمال أو الإساءة، تؤثر على بكتيريا الأمعاء، وتغيير هذا الميكروبيوم يؤثر على التواصل بين الأمعاء والدماغ، ما قد يساهم في مشاكل الأكل لاحقًا، مثل فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل.

كما أظهرت أبحاث في علم النفس الإكلينيكي أن بعض من تعرضوا للإساءة في طفولتهم يعبرون عن ألمهم النفسي من خلال الطعام وسلوكيات الجسد، ما يعني أن التغير الغذائي قد يكون انعكاسًا نفسيًا عميقًا وليس مجرد اضطراب غذائي عابر.

بالإضافة إلى أن هناك دراسات أظهرت أن الأطفال الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي قد يصابون باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهذا الاضطراب يؤثر مباشرة على سلوكياتهم الغذائية، مثل فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل.

سلوك الطعام
ويمكن أن يتغير سلوك الطفل الغذائي بشكل ملحوظ، مثل؛ رفض تناول الطعام مع الأسرة، أو الامتناع عن أنواع كان يتناولها سابقًا، أو تناول الطعام بسرعة شديدة أو ببطء غير معتاد.

توضح د. مهدي أن هذه السلوكيات غالبًا ما تكون محاولات للهروب أو للاختباء أو للشعور بالأمان، وغالبًا ما تترافق مع مؤشرات نفسية وسلوكية أخرى مثل اضطرابات النوم أو الكوابيس، الانطواء أو الخوف من أشخاص محددين، والدخول في نوبات بكاء مفاجئة، يصاحبه تراجع المستوى الدراسي، وقد تصل إلى سلوكيات جنسية غير مناسبة للعمر.

إشارة تحذير
توضح الدكتورة مفيدة الشلقاني، استشاري التغذية العلاجية، أن تغيّر نمط الأكل عند الطفل ليس مجرد سلوك عابر، بل قد يكون إحدى أوضح الإشارات التحذيرية على تعرضه لاعتداء جسدي أو جنسي.

فالجسم لا يجيد التمثيل، عندما يتعرض الطفل لصدمة نفسية حادة، يختل توازن الشهية والهرمونات ومسارات الهضم مباشرة. لذلك أي فقدان مفاجئ للشهية أو تغيّر واضح في الوزن يجب التعامل معه كعلامة إنذار حقيقية.

وتحذر د. مفيدة من التقليل من شأن هذه العلامات قائلة: "الاعتقاد بأن الطفل 'يدلّل' أو يمرّ بمرحلة مؤقتة هو خطأ كبير، الامتناع عن الطعام، فقدان الوزن الحاد، أو الأكل القهري تستدعي تقييمًا نفسيًا وسلوكيًا عاجلًا، وليس غذائيًا فقط"، وتضيف أن الخطوة الأولى هي خلق بيئة يشعر فيها الطفل بالأمان بعيدًا عن اللوم أو الضغط، بعدها يأتي التقييم الطبي والنفسي المتخصص، لأن التدخل المبكر قادر على منع تطور الصدمة لمشكلات صحية مزمنة.

مراقبة الطفل
وتوضح د. مفيدة كيفية تعامل الأهل مع التغير الغذائي لدى الطفل:
1. مراقبة هادئة بلا اتهام: تسجيل يومي للطعام، الكميات، الأطعمة المرفوضة، توقيت ظهور التغير.
2. بيئة طعام آمنة: وجبات هادئة بدون إجبار أو ضغط على الطفل.
3. الاستماع دون ترهيب: سؤال بسيط أحيانًا يفتح الباب: "حاسس بإيه؟"
4. اللجوء لمختصين: متخصص نفسي ومتخصص تغذية معًا لكشف الأسباب الحقيقية، بدل الاكتفاء بعلاج الأعراض.
5. الانتباه لسلوكيات خفية: مثل تناول الطعام سرًا، تجنب الوجبات العائلية، أو استجابات مبالغ فيها تجاه مواقف بسيطة.

الإصغاء الواعى
التغير الغذائي ليس تفصيلة صغيرة في يوم الطفل؛ إنه علامة صامتة قد تكشف واحدة من أخطر الجرائم بحق الطفولة. رصد الأهل لهذه الإشارات مبكرًا قد ينقذ الطفل من استمرار الألم ويعيد له الأمان والقدرة على الشفاء، فالأطفال لا يتحدثون دائمًا بالكلمات، لكن أجسادهم تتكلم، ويجب علينا الإصغاء جيدًا.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية