تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : صور| "الهوسيت".. رقصة القتال في "البشارية" بحلايب وشلاتين
source icon

سبوت

.

صور| "الهوسيت".. رقصة القتال في "البشارية" بحلايب وشلاتين

كتب:محمد أبوشنب

قبلت دعوة أحد أصدقائي، من منطقة حلايب وشلاتين، وتحديدا من قبائل البشارية،  لحضور إحدى الاحتفالات القومية هناك، ورغم بعد المسافة التي سأقطعها إلا أنني رحبت بالدعوة، فقد كنت في شوق لرؤية تلك القطعة الجميلة من أرض مصر، والتي غبت عن زيارتها لسنوات .

وبالفعل بعد ساعات طويلة،  وصلت إلى صديقي "أبو عبيده البشاري" قبل أن ينتصف النهار، و استقبلني بترحاب كبير، وبعد تناول الطعام على مائدته العامرة، وتبادل بعض أحاديث الذكريات، التي لم تخلو بالطبع من ضحكات، طلب مني صديقي الدخول إلى الغرفة التي أعدها لي،  للراحة ساعات قليلة، قبل أن يصحبني لحضور الاحتفال الذي دعاني لحضوره.

رقصة الاستعداد
وما أن حل المساء، ذهب بي "أبو عبيده"،  إلى الاحتفال واستقبلنا بعض أصدقائه بترحاب، وجلسنا بين الحضور في دائرة،  كان فيها رجال يقومون بأداء حركي على أنغام الموسيقى، أخبرني عنه صديقي، أنه يميز أبناء قبائل هذه المنطقة الجنوبية، أبرزه «الهوسيت»، وهى رقصة شعبية يؤديها الرجال وفقًا لقواعد وضوابط محكمة.

و «الهوسيت» كما شرح لي مُضيفي،  كلمة ليست عربية، بل بجاوية الأصل، تعني في مٌجملها العام (الاستعداد)، سواء للحرب أو للقتال أو للمبارزة، ومن هنا عٌرفت برقصة الاستعداد أو رقصة الحرب، وذلك على اعتبار أن كلمة الرقص تعني التعبير عن النشاط الإنساني من خلال الحركة الجسدية.

وصف الرقصة
بدأ الإيقاع الموسيقى من «الباسنكوب» - وهى أداة موسيقية وترية مصرية قديمة تشبه (الطنبورة) النوبية تمامًا من حيث الفكرة والتركيب والشكل العام وطريقة التصنيع، وتستخدم في إحياء الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية السعيدة -  كما شرح لي "أبو عبيدة"،  وتوجه مجموعة من الشباب أعمارعم مختلفة بتكوين حلقة شبه دائرية يطلقون عليها «نصف قرص».

وجاء أحدهم حاملًا في يده اليمنى السيف للهجوم، وفي يده اليسرى الدرقة «الدرع» للدفاع، وحدثني صديقي، أنه أكبرهم سنًا أو من يحتل تلك المكانة الاجتماعية، واتجه إلى وسط الساحة ، وعرض في البداية تحيته للمجموعة المٌشكلة أمامه، برفع السيف والدرقة «الدرع» مع تحريك كل منهما بطريقة غير ثابتة.

بعدها ردت المجموعة، تحيته بإطلاق أصوات  تشبه «الهمهمة» مصاحبة لضربات الكفوف ودق الأقدام على الأرض بشكل إيقاعي منظم، وعيونهم متجهة في أغلب الأحيان إلى الأرض، وأجسامهم قد تبدو منحنية، وأقدامهم لا تزال تدك على الأرض بقوة عنيفة باستخدام إحدى القدمين، أو بكلاهما على التوالي، بحيث تكون مرة بالقدم اليمنى، ومرة أخرى بالقدم اليسرى.  

القدرات القتالية
وأثناء ذلك العرض الاستعراضي للرقصة الذى لم يستغرق عدة ثواني معدودة، تقدم شخص آخر،  إلى ساحة الرقص حاملًا نفس الأدوات، وقدم تحيته للمجموعة كما فعل الأول من قبل، وقال لي "أبو عبيدة"، إنه يجب الوضع في الاعتبار مراعاة مستوى العمر بينهما أو درجة المكانة الاجتماعية، ثم قام كل منهما بالوقوف أمام بعضهما البعض وهما يؤديان الرقصة من خلال تحريك السيف والدرقة «الدرع» في حركة سريعة بطريقة إبداعية في الأداء أكثر احترافية في التنفيذ، لفتت أنظار الحاضرين من المشاهدين والمشاركين في أداء الرقصة.

وبحسب صديق، من هنا بدأ كل منهما بإظهار قدرته القتالية ومدى لياقته البدنية من خلال عرض حركات تعبيرية منظمة سريعة باستخدام السيف والدرقة «الدرع»، يتحكم فيها إيقاع الموسيقى التي تعلو وتخفت من صوت «الباسنكوب»، وكذلك إيقاع ضربات الكفوف من المشاركين حولهم، فيزيد الحماس.

وبعد مرور عشر دقائق أو أكثر من أداء الرقصة، وفي لحظاتها النهائية الأخيرة، قام كل منهما بطرق سيفه على الدرقة «الدرع» التي يحملها أمام  المجموعة وأعلنا النهاية ، وحمل كل منهما أدواته وغادر الساحة، إلا أن "أبو عبيدة" أخبرني، أنه أحيانًا يتم ترك السيف والدرقة على الأرض وسط ساحة الرقص، وفي هذه الحالة  يأتي آخران للبدء من جديد، وإذا لم يتركا كما حدث آلان يأتي اللاعبون الجدد بأدواتههم .

مناسبات الرقصة
وهنا تدخل، أبو الحسن العبادي، أحد الحضور كان يجلس بجوارنا، وقال، إن تلك الرقصة الشعبية، تؤدى في الكثير من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية العامة أو الخاصة، وكذلك في جلسات الونسة، وفي أوقات الفراغ عند ممارستهم لمهنة الرعي في الصحراء،  وأيضًا في بعض المواقف الأخرى تعبيرًا عن تحية أهلها للضيوف أو الزائرين لهذه المنطقة.

وأضاف:  «الهوسيت» تٌعد وسيلة من وسائل التحية والتعبير عن الفرح والسعادة طبقًا للمناسبة أو الظرف الخاص بها من ناحية، وكذلك وسيلة للتسلية والترويح عن النفس من ناحية أخرى.

أدوات الهوسيت
وشرح لي "أبو عبيده"، أن الأدوات الأساسية المستخدمة في أداء تلك الرقصة السيف الذى يعرف بـ «مَأدَدْ»، وهو سلاح معدني طويل، له يد من الخشب والحديد مكسوة بالجلد أو الصوف، المزخرف بخيوط الفضة، وله جراب من الجلد يٌسمى «سير» وذلك لحمله على الكتف، كما يوضع على جرابه عدد من الأحجبة الجلدية، وكذلك بعض الأشكال الزخرفية من أعلى.

من الأدوات أيضا،  (الدرقة أو الدرع)، وهى عبارة عن قطعة كبيرة دائرية الشكل، تتكون من الجلد مع بروز في وسطه لقبضة اليد التي تلبس بالحديد، تستخدم في الدفاع عن النفس لصد المخاطر أو الأذى عن الجسد، وهو جزء أساسي من سلاح الرجل البجاوي وشيئًا أصيلًا من تراثه الثقافي لا يمكن الاستغناء عنه أينما انتقل، وفى أوقات السلم يعتبر أداة مهمة في أداء الرقص خاصةً «الهوسيت».

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية