تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : النوموفوبيا.. رهاب فقدان التواصل يهدد جيل الهواتف الذكية
source icon

سبوت

.

النوموفوبيا.. رهاب فقدان التواصل يهدد جيل الهواتف الذكية

كتب: مروة علاء الدين

فقد أحد الأصدقاء هاتفه المحمول، فإذا بحالة شديدة من الخوف والقلق والشعور بالعزلة نتيجة فقد تواصله مع الآخرين، فلم يعد الهاتف الذكي مجرد وسيلة للتواصل، بل تحول إلى "رفيق يومي" يمنح شعورًا بالأمان والدعم النفسي، غير أن هذا الارتباط المفرط أنتج ظاهرة جديدة تُعرف باسم "النوموفوبيا" أو رهاب فقدان الهاتف والتواصل، وهي حالة من القلق الحاد قد تصل إلى أعراض شبيهة بالانسحاب عند فقدان الهاتف أو انقطاع الاتصال بالإنترنت.

ورغم أنها لم تدرج بعد كتشخيص مستقل في الأدلة الطبية العالمية، إلا أن الدراسات العلمية تؤكد انتشارها واتساع آثارها النفسية والاجتماعية بشكل مقلق، خصوصا بين الشباب.

وتشير الدراسات إلى أن النوموفوبيا واسعة الانتشار بين طلاب الجامعات عالميًا؛ إذ يعاني 20–25% من أعراض خفيفة، و50–56% من أعراض متوسطة، بينما تصل نسبة الحالات الشديدة إلى 20–21%، أما في الشرق الأوسط، فرصدت دراسة سكانية شملت أكثر من 5 آلاف مشارك في السعودية والأردن، أن 51.2% من الأفراد يواجهون درجات متفاوتة من الاعتماد المفرط على الهاتف.

كما أظهرت دراسة شاملة لاعتماد الهاتف بين طلاب التمريض في مصر أن 40.3% منهم يعانون من نوموفوبيا شديدة، وفق استطلاع على 1,626 طالب تمريض من ثلاث جامعات مصرية في 2024.

فهل تحول الهاتف المحمول من مساعد مفيد للإنسان إلى خطر جديد يواجهه، بل ويتطلب التخلص منه مجهوداً كبيراً وكأنه نوع من أنواع الإدمان شديد الشراسة، نتعرف على هذه الإجابات خلال التقرير التالي.


روابط مهددة
تؤكد الدكتورة ليلى منصور، أستاذة علم الاجتماع، أن النوموفوبيا ليست مجرد اضطراب فردي، بل ظاهرة لها انعكاسات عميقة على البنية الاجتماعية، وتشير إلى أن الإفراط في الاعتماد على الهاتف الذكي أدى إلى ما تسميه "العزلة الاجتماعية المقنّعة"، حيث ينغمس الشباب في التواصل الرقمي أكثر من التفاعل الوجهي المباشر، مما يضعف مهارات الحوار ويقلل من جودة الروابط الأسرية.

وتوضح أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الاعتماد المفرط على الهواتف يقلل من الوقت المخصص للعلاقات الأسرية بنسبة تصل إلى 30%، ويضاعف احتمالات الشعور بالوحدة حتى مع وجود شبكة تواصل إلكترونية واسعة، وتضيف: "المشكلة لا تكمن فقط في فقدان التواصل الواقعي، بل في أن الهاتف يخلق وهما بالارتباط والاندماج، بينما الحقيقة هي تراجع التفاعل الإنساني الفعلي وضعف الروابط العاطفية".

وتحذر د. ليلى، من أن استمرار هذا النمط قد يقود إلى "تفكك ناعم" داخل الأسر والمجتمعات، حيث يحضر الأفراد جسديا في اللقاءات العائلية أو الاجتماعية، لكن حضورهم الذهني يظل أسير شاشة الهاتف، وهو ما يهدد مستقبلا بانتشار أنماط جديدة من الانعزال الاجتماعي غير المسبوق.

أبعاد خفية 
ويشير الخبير الإسباني في علم النفس الرقمي مانويل أرمايونيس، إلى أن الإفراط في استخدام الهواتف لا يقتصر على النوموفوبيا، بل يترافق مع مشكلات نفسية أخرى بارزة:

1. الخوف من فوات الشيء " فومو": وهو قلق دائم من فقدان حدث أو معلومة مهمة على شبكات التواصل.
2. متلازمة الاهتزاز الوهمي: الإحساس المتكرر بذبذبات وهمية للهاتف.
3. العقل المضطرب: التنقل المستمر بين التطبيقات بشكل مشتت.
4. تأثير جوجل: الاعتماد المفرط على محركات البحث بما يضعف الذاكرة قصيرة المدى.
ويؤكد أرمايونيس أن هذه الأعراض تمثل "جرس إنذار" بضرورة تبني سلوكيات رقمية أكثر توازنًا.

قلق رقمي
ويوضح الدكتور أحمد سامي، استشاري الطب النفسي، أن اضطراب "النوموفوبيا" لم يعد مجرد عادة سيئة، بل صورة من صور القلق المعاصر المرتبط بفرط استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ويضيف أن المصاب بالنوموفوبيا تظهر عليه مجموعة من العلامات الواضحة، أبرزها:

- صعوبة إنجاز المهام اليومية في العمل أو المنزل بسبب الانشغال المستمر بالهاتف.
- العزلة الاجتماعية وتفضيل الهاتف على التفاعل المباشر مع العائلة والأصدقاء.
- استخدام الهاتف في الخفاء وإخفاء مدة أو طبيعة الاستخدام.
- القلق الدائم من تفويت الأخبار أو التحديثات على مواقع التواصل.
- نوبات هلع أو توتر شديد عند نسيان الهاتف أو انخفاض شحن البطارية.

ويشرح د. سامي، أن الدماغ يتعامل مع الهاتف كمصدر لمكافآت سريعة (إشعارات، رسائل، إعجابات)، وهو ما ينشط دوائر الدوبامين، وبالتالي فإن الانفصال عنه قد يولد إحساسًا بالحرمان المشابه لآليات الإدمان، وتنعكس هذه الحالة في صورة أرق، توتر، خفقان متكرر، ورغبة ملحة في تفقد الهاتف، بل قد تصل إلى نوبات قلق حادة.

ويشدد على ضرورة التعامل مع النوموفوبيا كاضطراب قلق سلوكي يستحق التدخل العلاجي – خاصة العلاج المعرفي السلوكي (CBT) – حتى لو لم يدرج بعد كتشخيص مستقل في الأدلة الطبية الرسمية.

رهاب رقمي
من جانبه، يوضح الدكتور أحمد عبد السلام، استشاري الطب النفسي، أن مصطلح Nomophobia هو اختصار لـ No Mobile Phone Phobia، أي الخوف أو القلق المفرط من فقدان الهاتف أو انقطاع الاتصال بالإنترنت أو حتى نفاد البطارية. 

ومن أعراضه تشتت الانتباه عند انقطاع الاتصال، والسبب يعود إلى أن الهواتف الذكية باتت جزءًا أساسيا من الحياة اليومية، ترتبط بالعمل والدراسة والتواصل والترفيه، ما يجعل فقدانها شبيهًا بـفقدان جزء من الذات.

ويضيف د. عبد السلام، أن النوموفوبيا ظاهرة متعددة الأبعاد، تشمل فقدان التواصل الفوري، تراجع الترابط الاجتماعي، صعوبة الوصول للمعلومات، وكلها عوامل تنعكس سلبا على التركيز والأداء الدراسي والمهني.

ديجيتال ديتوكس
ويشدد على أهمية تبني استراتيجيات عملية لمواجهة النوموفوبيا، مثل:
- تخصيص مناطق وأوقات خالية من الهاتف (كغرفة النوم أو مائدة الطعام).
- تجربة "ديجيتال ديتوكس" يومي قبل النوم، بالابتعاد عن الأجهزة الرقمية والهواتف المحمولة لتقليل التوتر وتحسين التركيز والصحة النفسية.
- مراقبة الاستخدام عبر تطبيقات متخصصة.
- التدريب على مواجهة القلق بطرق بديلة دون اللجوء إلى الهاتف.

ورغم أن النوموفوبيا لم تدرج بعد في التصنيفات النفسية الرسمية، إلا أن إدراج اضطراب الألعاب الإلكترونية، يمنح إطارًا مرجعيًا لفهم هذه الاضطرابات السلوكية الرقمية، ويختتم د. عبد السلام قائلاً: «أي سلوك رقمي يفقد فيه الفرد السيطرة، ويستمر رغم الأذى النفسي والاجتماعي، يمكن اعتباره اضطرابا، وهذا ينطبق بدرجة كبيرة على رهاب فقدان التواصل».

فروق ديموغرافية
تشير الدراسات الحديثة إلى أن النوموفوبيا لا تتوزع بالتساوي بين الفئات السكانية، فالإناث أكثر عرضة للنوموفوبيا الشديدة بنسبة تصل إلى 57% مقارنة بالذكور، كما يمثل الشباب (18–29 عاما) الفئة الأكثر عرضة، بمعدلات أعلى بكثير من الفئات الأكبر سنًا.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية