تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
انطلقت مؤخرًا مبادرتان اجتماعيتان جديدتان، أثارتا جدلًا ونقاشاً واسعًا بين الأمل والمخاوف، خاصة أنهما يتعلقان بالفتيات، وتمكين المرأة في الشارع المصري، فمع تعدد الشكاوى من مواجهتهن التحرش داخل وسائل المواصلات العامة، تبلورت المبادرتان حول طرح فكرة لوسائل نقل آمنة، أولهما "التوكتوك البنفسجي"، في محاولة جريئة لمواجهة مشكلات المواصلات، وانعدام الأمان للفتيات في الشوارع الضيقة، والمناطق الشعبية، والتعامل معه على أنه وسيلة نقل مخصصة للفتيات فقط، تقودها سيدات، وبلون مميز يسهل التعرف عليه، وجاءت المبادرة الثانية وهي "الميكروباص الوردي"، كحل مبتكر، يحمل بين طياته بعداً اجتماعياً وإنسانيًا عميقًا.
ومع طرح وائل أنور -صاحب فكرة مشروع التوكتوك البنفسجي- كمبادرة تهدف إلى أكثر من مجرد توفير وسيلة نقل، بل إلى تمكين الفتيات من الشعور بالأمان والاستقلال والكرامة؛ حسب قوله، وفتح فرص عمل لنساء يعانين من البطالة، على أن يبدأ المشروع المقترح بتطبيق تجريبي في منطقة محددة، ويشمل تدريب الفتيات على القيادة والسلامة، مع حملة توعية مجتمعية بعنوان "آمنة.. وبتخدمك".
انتقادات ومخاوف
غير أن المقترح، رغم تلقّيه دعماً أوليًا من بعض المهتمين، كخطوة في سبيل تعزيز الأمان والخصوصية، واجه موجة من الانتقادات الحادة، فهناك عددًا من الأصوات المعارضة، أعربت عن تخوفات من أن الفكرة، قد تستغل في جرائم منظمة، وإن كانت نواياها نبيلة ظاهرياً.
وتضمنت بعض التخوفات احتمالية خطف الفتيات والسيدات، حتى أن بعض السائقات قد يكن جزءًا من عصابات إجرامية، أو شبكات لسرقة الأعضاء أو خطف الفتيات، خاصة أن التوكتوك نفسه غير آمن ويستخدم في حوادث كثيرة متنوعة ومتباينة، في ظل قدرته على الدخول لمناطق ضيقة وعشوائية يصعب على السيارات العادية دخولها، مما يمكن من هرب هذه العصابات، ومخالف القانون.
حالة قلق
هذه التداخلات، حسب أمال إبراهيم، خبير علم الاجتماع، تثير تساؤلات مشروعة، حول قدرة مثل هذا المشروع على الصمود، في بيئة هشة تجمع بين ضعاف النفوس والمنضبطين قانوناً، فبينما ترى شريحة أن الحل يكمن في توفير وسيلة آمنة تحت قيادة نسائية، تعتبر أخرى أن الخطر لن يزول بتغيير سائق التوكتوك، في ظل الحاجة لتفعيل البنية القانونية والرقابية لضمان سلامة الجميع، سواء الركاب أو السائقين.
وقالت، بين الطموح المجتمعي للتحسين والمخاوف الواقعية من الاستغلال، يظل مشروع التوكتوك البنفسجي فكرة جريئة تستحق الدراسة والتجربة، لكن بشروط صارمة، تشمل الترخيص، والرقابة، والتقييم المستمر للمخاطر.
الميكروباص الوردي
الميكروباص الوردي فكرة، ولدت من رحم الحاجة لوسيلة نقل آمنة لفتيات ونساء يبحثن عن الأمان في مشوار بسيط، وبين مؤيد يراها مشروعا تمكينيًا للمرأة يمكن تنفيذه، ومعارض يشكك في قدرتها على الصمود في بيئة متقلبة، يبقى التحدي الأساسي في التنفيذ وفق معايير احترافية، ودعم مؤسسي من الجهات الرسمية، حال صلاحيتها.
الفكرة أطلقها الدكتور إيهاب الشربيني، مدير عام المشروعات بجامعة المنصورة، والذي رأى في وسيلة مواصلات مخصصة للفتيات، سبيلاً لتوفير الأمان، وصيانة الكرامة، ومنح النساء مساحة آمنة، في شوارع قد تغيب عنها الخصوصية والاحترام في بعض الأوقات.
فالميكروباص الوردي، ليس مجرد مركبة بلون أنثوي مميز -حسب د. إيهاب- بل مشروع متكامل يخاطب واقعًا صعباً تعانيه الفتيات في المناطق الشعبية والمزدحمة، وتقود المركبات سائقات مدربات، وبها كاميرات مراقبة داخلية، ونظام GPS يتيح للمواطنين متابعة خط سير فتياتهم، كما يضم الميكروباص تكييف، ومقاعد مريحة، وواي فاي، ووسائل دفع إلكتروني، وكلها خدمات مأمولة هدفها غرس شعور الاطمئنان والاستقلال داخل نفوس الفتيات.
دعم مدني وشعبي
لاقت الفكرة ترحيباً واسعًا من بعض جمعيات المجتمع المدني، أبرزها جمعية "بنت الأرض" في المنصورة، ومواطنين عبروا عن دعمهم للمبادرة، وكثيرون وصفوا المشروع بأنه "واقعي ومطلوب" في ظل تزايد الاعتداءات اللفظية والجسدية التي تواجهها الفتيات داخل الميكروباص والتاكسي، وأكد البعض أن الفكرة تحاكي نموذج "عربة السيدات" في مترو الأنفاق، ولكن بتطور تقني وتنظيمي، يسمح لها بالعمل خارج حدود الخطوط الثابتة.
تحفظات مشروعة
لاقت المبادرة بعض الانتقادات والتحفظات، حيث أبدى البعض قلقه من قدرة النساء على القيادة في ظروف المرور القاسية، وتساءل آخرون عن الآليات التنظيمية للمشروع، وهل سيكون تابعاً لشركة نقل جماعي أم مستقلًا عبر تطبيق ذكي؟ هل سيكون له مواقف ومحطات محددة؟ وهل يمكن تعميمه في المحافظات الكبرى؟ وماذا لو تم استغلال الميكروباص الوردي في أعمال إجرامية تحت ستار الأمان؟.
كما شكك البعض في اقتصار القيادة على السيدات فقط، باعتبار أن وجود سائق محترف حتى لو كان رجلاً، هو أكثر أماناً في بعض الحالات، بشرط الالتزام بالضوابط الأخلاقية والمهنية.
مؤكدين أن تفعيل تطبيق القانون وتحسين جودة النقل العام بشكل عام هو الأفعل، باعتبار أن تخصيص وسائل مواصلات للفتيات ليس حلًا مستدامًا، بل قد يعزز التمييز، ويتهرب من معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة، ومنها ضعف الرقابة، وغياب التوعية ولتثقيف المجتمعي.
مقترحات
اقتراحات ومناقشات حول إمكانية البدء بتجربة محدودة في محافظة واحدة، على أن يُقيم المشروع بناء على نتائجه الفعلية، مع ضرورة ربط الميكروباص الوردي بتطبيق إلكتروني، يتيح الحجز، والتقييم، والمراقبة، بالإضافة إلى نظام اشتراكات للطالبات بأسعار رمزية، وإنشاء مراكز صيانة معتمدة، وتوفير زي موحد للسائقات، مع تدريبهن على الإسعافات الأولية، وكيفية التعامل مع الأطفال وكبار السن.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية