تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
المخلفات الزراعية، كنز مهدر يخفي داخله أفكار لمشروعات عملاقة لتدويرها وتحويلها لمنتجات متعددة، صديقة للبيئة ومدرة لدخل كبير، وفي إطار المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، بدأت لجنة المرأة الريفية بالمجلس القومي للمرأة تنفيذ برنامج تدريبي يستهدف السيدات في القرى والنجوع لتعليمهن كيفية تحويل المخلفات الزراعية والمتبقيات النباتية إلى سماد عضوي "كومبوست" يمكن الاستفادة منه اقتصاديًا وبيئيًا.
وتسعى المبادرة إلى تمكين المرأة الريفية اقتصاديًا واجتماعيًا، عبر فتح باب دخل جديد لها، وفي الوقت نفسه حماية البيئة من التلوث الناتج عن الحرق العشوائي للمخلفات.
وتسعى المبادرة إلى تمكين المرأة الريفية اقتصاديًا واجتماعيًا، عبر فتح باب دخل جديد لها، وفي الوقت نفسه حماية البيئة من التلوث الناتج عن الحرق العشوائي للمخلفات.
تمكين المرأة عبر المخلفات الزراعية
تقول الدكتورة هالة يسري، أستاذة علم الاجتماع وعضو لجنة المرأة الريفية بالمجلس القومي للمرأة، إن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 وضعت محور التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة الريفية ضمن أولوياتها، وهو ما شجع اللجنة على تبني مشروعات تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية.
وتوضح أن هذه المشروعات لا توفر فقط مصدر دخل للسيدات، بل تساهم أيضًا في زيادة الدخل القومي، وتشغيل طاقات بشرية كانت مهمشة، بالإضافة إلى دورها الكبير في الحفاظ على البيئة.
وأضافت د. هالة أن خصائص المخلفات الزراعية تختلف من محصول لآخر، ومن محافظة لأخرى، لذلك تم تدريب السيدات في محافظات مثل القليوبية والمنيا على طرق التعامل مع هذه المخلفات وتحويلها إلى سماد عضوي عالي الجودة يمكنه تحسين التربة وزيادة إنتاجيتها، مع تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية.
من المخلفات إلى سماد وأعلاف وصناعة
تم توفير ماكينات خاصة لتقطيع وفرم المخلفات الزراعية، كما تولى خبراء الزراعة تدريب السيدات على آلية تحويلها إلى سماد عضوي "كومبوست" يغذي التربة ويزيد من خصوبتها.
ولم تتوقف الاستفادة عند السماد، بل شملت أيضًا تحويل بعض المخلفات إلى أعلاف غير تقليدية للمواشي، وهو ما يخفف عبء استيراد الأعلاف من الخارج بالعملة الصعبة، كما يمكن استخدام المخلفات في صناعة الأخشاب، والأثاث، والورق، والطوب، بل وحتى في إنتاج الطاقة الحيوية "البيوجاز".
وتشير د. هالة إلى أن السيدات اللواتي خضعن للتدريب بدأن في نقل خبراتهن إلى سيدات أخريات داخل مجتمعاتهن، وهو ما يعزز انتشار التجربة، مؤكدة أن هناك العديد من فروع المجلس القومي للمرأة طلبت تطبيق المشروع في محافظاتهن.
تعريف المخلفات الزراعية وأنواعها
وفقًا لـ "دليل تدوير المخلفات الزراعية" الصادر عن وزارة البيئة عام 2010، فإن المخلفات الزراعية تشمل كل ما يتبقى بعد الحصاد مثل السيقان والأوراق والأغلفة النباتية، بالإضافة إلى المخلفات الناتجة عن تصنيع المحاصيل.
ويُعرف الدليل هذه المتبقيات بأنها منتجات ثانوية داخل منظومة الإنتاج الزراعي، يجب استغلالها وتحويلها إلى أسمدة عضوية، أعلاف، غذاء للإنسان، أو طاقة نظيفة، بما يحقق الزراعة المستدامة ويقلل من التلوث ويوفر فرص عمل في الريف.
ويتم تقسيمها إلى:
مخلفات نباتية: مثل قش الأرز، وحطب الذرة، وأعواد المحاصيل.
مخلفات حيوانية: مثل روث الأبقار والماعز والأرانب.
مخلفات التصنيع الزراعي: مثل بقايا العصر والتقشير والتعبئة.
يُعد قش الأرز من أبرز المخلفات الزراعية في مصر، حيث يتم استخدامه في مجالات متعددة مثل إنتاج، السماد العضوي الصناعي "الكومبوست"، الطاقة الحيوية "البيوجاز"، استخدامه كعلف غير تقليدي للمواشي بإضافة مواد مثل اليوريا أو الأمونيا، إدخاله في صناعة الورق، الطوب، الأثاث، والموبيليا، استخدامه كفرشة في مزارع الدواجن، الاعتماد عليه في إنتاج "عيش الغراب" كغذاء للإنسان.
أما حطب الذرة، فيمكن استخدامه كعلف للحيوانات، أو كمادة أولية لإنتاج السماد العضوي والبيوجاز، بل وحتى في صناعة طوب البناء.
قيمة اقتصادية تعادل 3 مليارات جنيه
تكشف الدراسات الصادرة عن مراكز البحوث الزراعية والجامعات أن القيمة الاقتصادية للمخلفات الزراعية في مصر تصل إلى 3 مليارات جنيه سنويًا، فالمكونات العضوية وحدها تزن نحو 11 مليون طن تعادل قيمتها 1.1 مليار جنيه، كما يمكن استخراج 360 ألف طن أزوت تعادل 675 مليون جنيه، إضافة إلى 58 ألف طن فوسفور بقيمة 77 مليون جنيه، وكذلك 372 ألف طن بوتاسيوم بقيمة 373 مليون جنيه.
هذه الأرقام تعكس أن المخلفات الزراعية ليست عبئًا، بل ثروة وطنية مهملة يمكن أن تساهم في تقوية الاقتصاد المصري إذا أُحسن استغلالها.
الجانب البيئي والابتكارات الجديدة
يوضح الدكتور أحمد حواش، أستاذ تدوير المخلفات بمركز البحوث الزراعية، أن المخلفات الحيوانية مثل روث الماشية تُعد من أهم الأسمدة الطبيعية لأنها تحتوي على بكتيريا نافعة توفر للتربة عناصر غذائية مهمة مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم.
كما لفت إلى اكتشاف دودة تتغذى على الروث والخضروات التالفة وتنتج مواد تشبه المضادات الحيوية تساعد على مكافحة الحشرات الضارة، وهو ما يُعرف بـ المقاومة الحيوية.
قطاع صناعي ضخم يحتاج منظومة متكاملة
من جانبه، يقول الدكتور محمد البهي، عضو المكتب التنفيذي باتحاد الصناعات، إن المخلفات الزراعية تمثل قطاعًا اقتصاديًا ضخمًا يمكن أن يقلل من تكاليف الإنتاج في المصانع إذا جرى استغلاله بشكل منظم.
وأشار إلى أن العديد من المصانع تلجأ لاستيراد مدخلات إنتاج تُصنع أساسًا من المخلفات الزراعية، في حين أن هذه المواد متوفرة محليًا بكثرة، لكن غياب منظومة متكاملة لإعادة التدوير يجعل الاستفادة محدودة.
وأكد د. البهي أن حرق المخلفات الزراعية، مثل قش الأرز، يتسبب في أضرار صحية وبيئية جسيمة، في حين يمكن استغلاله لتصنيع الورق أو السماد العضوي. كما شدد على ضرورة وضع قوانين وحوافز حكومية تشجع المصانع على الاستثمار في إعادة التدوير، مؤكدًا أنه لا يوجد مخلف زراعي إلا ويمكن إعادة تدويره وتحويله إلى منتج صناعي محلي أو للتصدير.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية