طفل يكتشف عالم السحر
ويكشف عبد العزيز أن تلك اللحظة أعادته إلى سنوات تكوينه الأولى، منذ كان طفلًا يشاهد مخرجًا كبيرًا يزور جيرانه في بولاق، ويضيف طلبت من شقيقي أن أذهب معه للتصوير، فوجدت نفسي أمام عالم يتحرك كالسحر، ناس وديكور وصناعة للحياة، هناك أدركت أنني أريد أن أصبح مخرجًا.

خطاب إلى عبد الناصر
منذ ذلك اليوم بدأ الحلم يأخذ شكلًا حقيقيًا، خاصة عندما عرف بوجود معهد للسينما في باريس، فأرسل عام 1957 عدة خطابات للرئيس جمال عبد الناصر مطالبًا بإنشاء معهد مماثل في مصر، وبعد عامين فقط، تحقق الحلم، ووُضع حجر أساس المعهد العالي للسينما، ليكون عبد العزيز ضمن أول خمسة طلاب قُبلوا في قسم الإخراج عام 1960.

سنوات التكوين والانضباط
يستعيد تلك التجربة قائلاً: "دخلنا عالمًا قاسيًا ومنظمًا، خصوصًا تحت إدارة العميد محمد كريم الذي زرع فينا الالتزام. لكننا كنا شغوفين بإثبات وجودنا".
بعد التخرج، اقتحم عبد العزيز العمل من بوابة التلفزيون، ثم انتقل إلى السينما عبر رحلة طويلة مع كبار المخرجين، من بينهم صلاح أبو سيف (القاهرة 30)، حلمي حليم (أيام الحب)، حسين كمال (أبي فوق الشجرة – ثرثرة فوق النيل)، ويقول: "كنت مع حسين كمال في كل خطوة، من اختيار الرواية حتى متابعة الفيلم في دور العرض".

التحول إلى الكوميديا
ويؤكد أنه لم يكن يفكر في الكوميديا حين بدأ الإخراج، وكان فيلمه الأول امرأة من القاهرة تراجيديًا، لكن النجاح الساحق لـفي الصيف لازم نحب غيّر مساره تمامًا، ويضيف، المنتجون بعد فطين عبد الوهاب قالوا إن خليفته ظهر، وهكذا بدأت رحلته الطويلة مع الكوميديا.

ويرى عبد العزيز أن الفيلم الكوميدي لم يأخذ حقه نقديًا، مشيرًا إلى نظرة قديمة تضع التراجيديا في مرتبة أعلى، لكنه كان حريصًا على أن تحمل أفلامه معنى ورسالة، كما في أفلام المحفظة معايا، انتبهوا أيها السادة، خلي بالك من عقلك

ويعترف بأن نجاحه الأكبر جاء عبر شراكته الطويلة مع عادل إمام، والتي أثمرت أفلامًا تعد اليوم من الكلاسيكيات، مثل خلي بالك من جيرانك، عصابة حمادة وتوتو، البعض يذهب للمأذون مرتين، ويقول: "كان بيننا شغف مشترك، كنا نناقش الفيلم القادم ونحن نصور الفيلم الحالي".

خلاف واحد مع الزعيم
ويكشف عن الخلاف الوحيد بينهما في فيلم انتبهوا أيها السادة، حين اعترض عادل إمام على اختيار ناهد شريف، فاستبدله عبد العزيز، وصوّر الفيلم في 15 يومًا فقط، وحقق نجاحًا كبيرًا، حتى خصصت مجلة صباح الخير عددًا كاملًا عنه.

الرقابة
ورغم علاقته السلسة مع الرقابة، يعترف بوجود خلافات حول بعض العناوين، مثل: مين فينا الحرامي (اعتُبر سياسيًا)، الحكم آخر الجلسة، الأستاذ والمعلم.

ويعتز عبد العزيز بدوره الأكاديمي في أكاديمية الفنون، مشيرًا إلى أنه درس لنجوم كبار مثل داود عبد السيد – خيري بشارة – شريف عرفة – عاطف الطيب، ويقول: "المعهد يجري في شراييني… تعلمت ألا أبخل على طالب".

ردة ثقافية
وفي تقييمه للمشهد الفني الحالي، يقول بنبرة صريحة: "نعيش ردة ثقافية كبيرة، لا أجد الآن نجوماً مثل جيل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس، حتى الموسيقى تغيّرت، جيلنا عاش عصرًا ذهبيًا".

العائلة سند ومساحة الروح
وعن شقيقه عمر ونجله كريم يقول: عائلتي هي الروح التي أتحرك بها، عمر أخي وابني الأكبر، وكريم تعلم مني الالتزام، قدمته طفلًا للسينما رغم خوفي عليه، لكنه اختار طريقه، ويتحدث عن محمد ياسين وبنات شقيقاته باعتبارهم "موهبة صادقة صنعت طريقها بنفسها".

الممثلة ذات الألف وجه
وعن الفنانين الذين قدمهم، يقول، منهم لبلبة التي أناديها دائمًا باسمها الحقيقي (نونيا)، تلك الموهوبة التي تطورت وأصبحت ممثلة بألف وجه، ولا تزال تحتفظ بوهجها وطاقتها.

ويختم عبد العزيز قائلاً: "الفن بالنسبة لنا مهنة وموهبة نتحلى فيها بالصدق كي نحتمي بها ونستمر بنفس الحب والالتزام".