تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "الكروموفوبيا".. رُهاب يحول الألوان المشرقة إلى فيلم رعب
source icon

سبوت

.

"الكروموفوبيا".. رُهاب يحول الألوان المشرقة إلى فيلم رعب

كتب:شيماء مكاوي

كنت في عزاء والد إحدى صديقاتي، وجاءت جلستي إلى جانب فتاة كنت على معرفة شخصية بها، واستغربت لارتدائها ملابس بيضاء في تلك المناسبة على عكس المعتاد،  وبعد فترة قصيرة وجدتها تتعرض إلى نوبة غريبة من التعرق الشديد، وصعوبة في التنفس، وشعرت بأنها خائفة من شيء، وفي محاولة مني لتهدئتها، وجدتها تنهض مسرعة كي تخرج من المكان، وتعجبت لما حدث أنا وكل من تواجد في المكان.

انشغلت بالفتاة، وبعد عودتي إلى المنزل،  تحدثت معها هاتفيا لأطمئن عليها، فوجدتها تشرح لي سبب الحالة التي أصابتها، إذ تعاني من فوبيا "اللون الأسود"، وهو مرض أصابها منذ طفولتها.

رُهاب الألوان
تعجبت مرض تلك الصديقة، فقد كانت المرة الأولى التي اسمع فيها عن تلك الفوبيا، وعلى الفور تحدثت هاتفيا مع د. إيمان عبد الله، استشاري نفسي وأسري، وشرحت لها ما حدث لصديقتي، وسألتها عن ماهية تلك الفوبيا فقالت: صديقتك تعاني من "الكروموفوبيا" أو رهاب الألوان، فهناك أشخاص يكون لديهم خوف مرضي من بعض الألوان، وعلى الرغم من إن هناك ألوان كثيرة تبعث في أنفسنا التفاؤل والسعادة، إلا أن هناك ألوانا تكون مرتبطة بجانب آخر يؤلمنا، مؤكدة أن الحالة النفسية مرتبطة إلى حد كبير بالألوان، نتيجة ارتباط هذا اللون بموقف معين أثر على هذا الإنسان.

وطرحت مجموعة من الأمثلة التي تؤكد انتشار هذا النوع من الرهاب، وقالت،  إننا قبل عيد الأضحى نحذر كثيرا كل من يذبح في الشارع، لأن هناك أشخاصا يخافون كثيرا من اللون الأحمر، فهو يعتبر أكثر الألوان التي تتسبب في رهبة لمن يعاني من "الكروموفوبيا"، لأن اللون الأحمر يرمز للدم ولدى أشخاص كثيرة يرمز للعنف، ويعتبره آخرين لون الموت.

عزل عن رؤية الألوان
وهناك من يخاف من اللون الأسود، وآخرون لديهم فوبيا من اللون الأبيض، وكذلك البني والبرتقالي والأخضر والأصفر والأزرق، حيث يصاب الإنسان بالفزع عند رؤية لون محدد، كما أوضحت الدكتورة إيمان، قبل أن تتابع: وهذا الأمر يعرقل إلى حد ما سير الحياة العملية والاجتماعية الخاصة به، وهذا يحدث بسبب ربط نفسي بين حادث مؤلم وهذا اللون، أو صدمة مؤلمة تعرض لها المريض.

واعتبرت الاستشاري النفسي،  أن "الكروموفوبيا" من أصعب أنواع الرهاب التي تصيب الإنسان، لأنه لا يمكن عزل المريض عن رؤية الألوان، فمن الممكن أن يكون في العمل أو في المدرسة أو في مكان عام وبمجرد رؤية تلك الألوان يصاب بالفزع مما يسبب له الإحراج أمام من لا يعرف أنه مريض بهذا المرض النفسي، مشيرة إلى أن أسباب حدوثه  تتمحور حول تعرض المريض لحادث في صغره أدى إلى ذلك.

موروثات ومعتقدات
 وقالت: عندما يشاهد حادث أليم أمامه ودماء تسيل يصبح لديه فوبيا من اللون الأحمر، أو تعرض لحادث سرقة على يد شخص يرتدي لونا أزرق قام بسرقته تحت تهديد السلاح فيكره اللون الأزرق بسبب هذا الحادث، اللون البرتقالي في حادث داعش الشهير سبب فوبيا لدى بعض الأشخاص من هذا اللون أيضا.

وإذا ظل هذا الرهاب موجودا لدى الإنسان من الطفولة حتى الكبر في هذه الحالة يكون مرض نطلق عليه "كروموفوبيا"، لافتة إلى أن هناك أيضا موروثات ومعتقدات قد تظل عالقة في أذهاننا، فعلى سبيل المثال التشاؤم عند رؤية لون محدد، وتلك هي موروثات ومعتقدات سلبية مرتبطة بهذا النوع من أنواع الرهاب، فإذا كانت الأم تخاف من لون معين من الممكن الأبناء أن يأخذوا ذلك منها.

مريض الإكتئاب أرض خصبة
وهناك حالة كانت لديها فوبيا عند رؤية الصرصار وبسؤالها قالت "لونه بنيا مقززا" فهي لا تخاف من الصرصار بقدر من خوفها من لونه البني، ومن الممكن أن يحدث العكس أن تخاف حالة من اللون البني لأنه لون الصرصار.

وتابعت د. إيمان الحديث عن أعراض الكروموفوبيا أو رهاب الألوان، وقالت إنها تتمثل في التعرق الشديد عند رؤية اللون والشعور بالتوتر والقلق، وكأنه شاهد أحداً يريد أن يقبض عليه، والشعور بالهلع والغثيان وجفاف الفم، وزيادة في ضربات القلب، كما أن مريض الاكتئاب يكون أعراضه أكثر حدة، فالمكتئب من الممكن أن يتعرض بسهولة لرهاب الألوان فهو أرض خصبة له.

المتعاملون مع مريض الكروموفوبيا
الأمر المخيف هنا هو أننا خلال حياتنا لا يمكن أن نحجب أنفسنا عن لون محدد، هكذا عبرت د. إيمان عن صعوبة فصل المريض عن اللون الذي يسبب له رهبة، وتابعت: فمن الممكن أن يكون هذا اللون في الطعام الذي يتناوله في الخضروات أو الفاكهة، وفي الملابس، في الشارع، فالألوان هي المحيط البيئي للإنسان.

واستطردت حديثها قائلة: إن خوف الإنسان من لون أو لونين يسبب كارثة حيث يتم تحجيم أشياء كثيرة في حياته، خاصة إذا كان الخوف من ألوان أساسية مثل الأبيض أو الأسود، أو الأحمر أو الأخضر، والأصفر، فعلى سبيل المثال اللون الوردي لون محبوب جدا لأنه يبعث الأمل والتفاؤل في النفوس فإذا تحول هذا الحب للكره لا بد أن تكون هناك مشكلة أو مرض نفسي ما، لافتة إلى أن تداخل الالوان يسبب مشكلة اكبر، فالقماش المنقوش في الملابس او طبق طعام، يصعب فصل اللون المسبب للرهبة عن باقي الألوان.

"الكروموفوبيا" تسبب مشاكل للمريض وللمحيطين به وكل من يتعامل معه، كما أكدت د. إيمان، إذ لا يمكن عزل المريض عن محيط الألوان بأي شكل، لذا هنا لابد أن يخضع المريض لجلسات العلاج النفسي، حتى يشفى تماما من هذا النوع الصعب من الرهاب، ويتزامن معه علاج دوائي أيضا.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية