تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
كثيرون لا يعرفون أن الكُرد يُمثلون واحدة من أكثر الأقليات تأثيرًا في حياة المصريين، ليس فقط لأن القائد الكبير صاحب التاريخ صلاح الدين الأيوبي كان كرديًّا، ولا لأنه أسهم في حدوث تزاوج بين عائلات مصرية وأخرى كردية، إلى حد أن قرى مصرية تحمل أسماء كردية، وأن حي الزمالك في الأصل اسم كردي يعني "مكان الملك" أو "مصيف الملك"، وإنما لأن الثقافة والفن كان لهما دور أساسي في هذا الامتداد الكبير.
الفن والتصوف
يؤكد الشاعر الكبير أحمد الشهاوي، أن الكُرد أثّروا بعمق في الحياة الأدبية والفنية في مصر، وحتى في مجال التصوف، حضرت الطرق الصوفية الكردية إلى مصر وعاشت فيها، مثل الطريقة النقشبندية، فضلًا عن وجود أضرحة ومقامات ومقابر للكُرد على الأراضي المصرية.
وأشار الشهاوي إلى أن تاريخ الكُرد حافل بالثقافة والعلم، موضحًا أن الشاعر الكبير أحمد شوقي يعود لأصول كردية، وأن والدة عباس محمود العقاد كردية، وأن جذور الفنانة سعاد حسني كردية، كما أن المخرج أحمد بدرخان من أصول كردستانية، وقد زار نجله علي بدرخان مدن كردستان، ما أثار اهتمامًا واسعًا.
وتوجد أيضًا عائلات ثقافية بارزة، مثل العائلة التيمورية وغيرها من العائلات الكردية، التي أثّرت في الثقافة المصرية وتأثرت بها في الوقت نفسه.
ومع زيارة رئيس الحكومة الكردستانية إلى مصر، تجددت النقاشات حول أهمية عودة التواصل بين المصريين والكُرد، وهو تراث عزّزه لقاء الزعيم جمال عبد الناصر بالملا مصطفى بارزاني عند قدومه من الاتحاد السوفيتي في مطلع ستينيات القرن الماضي، طلبًا للدعم، حيث تم إنشاء صحيفة "كردستان" أو صحيفة كردية في مصر، كما أُطلقت إذاعة كردية ظلت تبث لسنوات طويلة من مبنى التليفزيون المصري.
«ليلة السقوط».. دراما مصرية في أربيل
لا يزال صدى مسلسل "ليلة السقوط" يتردد في أربيل، حيث جرى تصوير أحداثه، يقول المؤلف مجدي صابر: سافرت إلى كردستان أكثر من مرة، وأضاف أنه يعمل حاليًا على إعداد عمل درامي يتناول التاريخ الكردي، وهو مشروع يحتاج إلى سلاسل وحلقات متصلة، نظرًا لامتداد القضية عبر آلاف السنين وتشابك عناصرها، وأوضح أن تاريخ الملا مصطفى بارزاني، رحمه الله، زاخر بالمواقف، لا سيما زيارته لمصر ولقاءه بالزعيم جمال عبد الناصر.
وأكد صابر أنه أثناء كتابة مسلسل "ليلة السقوط" حصل على معلومات مهمة عن الكفاح الكردي عبر التاريخ، وصولًا إلى مواجهتهم لتنظيم داعش وتحرير جبل سنجار، وأضاف أنه تشرف بلقاء الزعيم مسعود بارزاني أكثر من مرة، وتناقش معه حول كفاح الأكراد من أجل الاستقلال والحكم الذاتي، وقد أهداه كتابًا من تأليفه عن مسيرة كفاحه وكفاح والده الزعيم مصطفى بارزاني.
وأوضح أن إنجاز المسلسل تم في وقت قياسي بفضل الدعم الكردي، مؤكدًا أنه لولا دعم القيادة هناك لما خرج العمل إلى النور، وحصل فريق العمل على دعم لوجستي كبير في الموصل وكردستان، إلى جانب دعم من قوات البيشمركة، واستخدام معدات حربية حقيقية، ما جعل العمل يحمل قدرًا من الخطورة حتى على أبطاله، وشارك في بطولة المسلسل الفنانون طارق لطفي، صبا مبارك، باسم ياخور، أحمد صيام، وأخرجه ناجي طعمة.
امتداد طبيعي
ومن جانبه، قال الفنان سامح الصريطي، ردًا على سؤال حول غياب الامتداد الطبيعي للعلاقات الثقافية والفنية بين مصر والكُرد، إنه حاول منذ ثلاثة أعوام فتح قنوات تعاون مع صُنّاع الدراما ونقابات الفن هناك، بدافع شخصي يتمثل في دعم الحفاظ على اللغة العربية، التي تكاد الأجيال الجديدة في كردستان تفقدها، إلا أن بروتوكولات التعاون لم تُفعّل حتى الآن، وأعرب عن أمله في أن تُسهم زيارة السيد مسرور بارزاني، رئيس الحكومة الكردستانية، في إعادة هذا التعاون.
تاريخ له جذور قوية
يمثل تاريخ الكُرد في مصر تداخلًا عميقًا بين الهجرة والسلطة والعلم والثقافة، وهو تاريخ أقدم وأكثر ثراءً مما يُتداول عادة في السرديات العامة، بدأ الحضور الكردي في مصر بشكل واضح منذ العصر الفاطمي، وبلغ ذروته في العصر الأيوبي مع صعود صلاح الدين الأيوبي، الكردي الأصل، الذي أنهى الحكم الفاطمي وأسس الدولة الأيوبية عام 1171م، ومعه قدم إلى مصر عدد كبير من القادة والجنود والعلماء الأكراد، واستقر كثير منهم في القاهرة والفسطاط، مشكّلين نواة وجود كردي مستمر.
وخلال العصرين الأيوبي والمملوكي، لعب الأكراد أدوارًا سياسية وعسكرية بارزة، وتولى بعضهم مناصب رفيعة في الجيش والإدارة، واندمجوا تدريجيًا في النسيج المصري مع احتفاظهم بأصولهم وهوياتهم العائلية، ولا تزال آثار هذا الوجود حاضرة في أسماء العائلات والأحياء، مثل؛ الكردي، والأيوبي، والشاذلي، والديار بكري.
وتعززت العلاقة عبر الأزهر الشريف، من خلال ما عُرف بـ "رواق الكُرد"، الذي نشأ في ظل ازدهار الأزهر خلال العصور الأيوبية والمملوكية، مع توافد طلاب العلم من ديار بكر وأربيل والسليمانية وغيرها، وقد وفر الرواق لهم مقرًا للإقامة والدراسة، وأسهم في اندماج العلماء الكرد في الحياة العلمية بمصر، وبرز منهم شيوخ شاركوا في التدريس داخل الأزهر وخارجه.
جذور كردية
وفي الفنون، كانت البدايات مع عفيفة إسكندر، التي قدمها المخرج محمد كريم في فيلمه "يوم سعيد" مع فاتن حمامة، كما أن والد سعاد حسني، الخطاط السوري الشهير محمد حسني البابا، تعود جذوره إلى أكراد سوريا، وتحديدًا إلى العائلة البابانية الكردية، وقد ورد اسمها ضمن المشاهير ذوي الأصول الكردية في مصر، مع تأكيدات من مستشار رئيس إقليم كردستان العراق.
كما أن المخرج أحمد بدرخان كردي الأصل، وكذلك الفنان محمود المليجي، وغيرهم ممن كشفت جذورهم العائلية عن أصول كردية استقرت في مصر، ومن هنا جاءت أهمية زيارة مسرور بارزاني، التي استهلها بزيارة قلعة صلاح الدين الأيوبي، وعدد من المناطق التي سكنها الكُرد في مصر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية