تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "القتل الرحيم".. قضية إنسانية يعاقب عليها القانون
source icon

سبوت

.

"القتل الرحيم".. قضية إنسانية يعاقب عليها القانون

كتب:مروة علاء الدين 

"القتل الرحيم" أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في العصر الحديث، حيث تتداخل فيه الجوانب القانونية والأخلاقية والدينية، مما يجعله موضوعًا شائكًا بين مؤيدين يرون فيه وسيلة لإنهاء معاناة المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية، ومعارضين يعتبرونه انتهاكًا صارخًا لحق الإنسان في الحياة، تتنازع الآراء وتتشابك المواقف.

في هذا الإطار، أعد الدكتور محمد السيد أحمد منشاوي، الباحث في القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، دراسة شاملة لتحليل هذه الظاهرة من مختلف الزوايا.

ما هو القتل الرحيم؟
القتل الرحيم، أو ما يُعرف بـ "الموت الجيد"، هو إجراء طبي يهدف إلى إنهاء حياة مريض يعاني من مرض عضال لا أمل في شفائه، وذلك لتخفيف آلامه الجسدية والنفسية، ويختلف تطبيق هذا المفهوم من دولة إلى أخرى، تبعًا للقوانين والتشريعات السائدة في كل مجتمع، مما يخلق انقسامًا واضحًا بين مؤيديه ومعارضيه.

بين التأييد والمعارضة
أوضح د. منشاوي أن القتل الرحيم يمكن أن يكون حلاً إنسانيًا في حالات الأمراض المستعصية التي تسبب آلامًا جسدية ونفسية لا تُحتمل، ويرى المؤيدون أن السماح للمريض بإنهاء حياته طواعية هو تعبير عن احترام إرادته ومنحه فرصة للموت بكرامة، بدلاً من العيش في معاناة دائمة.

غير أن العديد من الأطباء والمتخصصين يرفضون هذه الفكرة جملة وتفصيلاً، مستندين إلى قسم أبقراط الذي يُلزم الطبيب بالحفاظ على الحياة وعدم التسبب في إنهائها بأي شكل من الأشكال، ويشير المعارضون إلى أن قرار إنهاء الحياة قد يكون نتاجًا لشعور المريض بالذنب أو بكونه عبئًا على أسرته، وليس بالضرورة تعبيرًا عن رغبته الحقيقية في الموت، كما يؤكدون أن التقدم الطبي المستمر قد يُتيح اكتشاف علاجات جديدة تُحسّن من حالة المريض أو تخفف من معاناته.

أنواع القتل الرحيم
ويشير د. منشاوي إلى أن القتل الرحيم يتخذ عدة أشكال، تختلف وفقًا لطريقة تنفيذه وإرادة المريض:

1.    القتل الرحيم السلبي: يتمثل في وقف العلاج بناءً على طلب المريض.
2.    القتل الرحيم الإيجابي: يتضمن تدخلاً طبيًا مباشرًا لإنهاء حياة المريض.
3.    القتل الرحيم الإرادي: عندما يطلب المريض إنهاء حياته بوعي كامل.
4.    القتل الرحيم غير الإرادي: يتم فيه اتخاذ القرار نيابة عن مريض غير قادر على التعبير عن رغبته.
5.    القتل الرحيم بالإكراه: يتم إنهاء حياة المريض ضد إرادته.

إحصائيات مثيرة للتفكير
كشفت دراسة د. منشاوي عن إحصائيات مقلقة حول انتشار القتل الرحيم في الدول التي تسمح به، ففي عام 2018، ساعدت منظمة "EXIT” 1204 شخصًا على إنهاء حياتهم بشكل طوعي، وهو ما يمثل ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات السابقة، وفي هولندا، تم تسجيل 9068 حالة قتل رحيم في عام 2023، وهو ما يعادل نحو 5% من إجمالي الوفيات في البلاد.

هذه الأرقام تعكس مدى انتشار هذه الممارسة في بعض المجتمعات، لكنها تطرح تساؤلات حول تأثيرها على القيم الأخلاقية والاجتماعية، وما إذا كانت تشكل خطرًا على مبدأ قدسية الحياة البشرية.

القانون في مصر
يُعتبر القتل الرحيم في مصر جريمة قتل عمد يُعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، وفقًا للمادة 230 من قانون العقوبات، يُعاقب من يقتل شخصًا عمدًا بالإعدام، حتى لو كان الدافع هو تخفيف معاناته، كما تنص مواد أخرى على عقوبات متفاوتة، مثل المادة 234 التي تفرض السجن المؤبد أو المشدد على القتل العمد دون إصرار أو ترصد، مع تشديد العقوبة إلى الإعدام إذا ارتبطت الجريمة بدافع إرهابي.

وتعاقب المادة 236 بالسجن من 3 إلى 7 سنوات في حال التسبب في القتل عن طريق إعطاء مواد ضارة، بينما تفرض المادة 238 الحبس والغرامة على القتل الخطأ الناتج عن الإهمال أو التقصير.

رؤية إسلامية
من جانبه، تناول الدكتور أحمد الشافعي، أستاذ الفقه الإسلامي، القضية من منظور ديني، مؤكدًا أن الإسلام يحرم كل أشكال التدخل لإنهاء الحياة البشرية، حتى لو كان الهدف تخفيف المعاناة، وأوضح أن الحياة هبة من الله ولا يجوز التفريط فيها إلا في الحالات التي يحددها الشرع، مثل القصاص أو القتل في الحرب.

وأشار د. الشافعي إلى أن الفقه الإسلامي يدعو إلى توفير الرعاية التلطيفية والمسكنات للمرضى، معتبرًا أن هذه الوسائل هي الطريقة الشرعية لتخفيف الآلام دون المساس بحق الحياة. واستشهد بقوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" (الأنعام: 151)، مؤكدًا أن الحياة بيد الله وحده.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية