تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حوادث متعددة ووفيات كثيرة، وحياة تنتهي لأشخاص لا ذنب لهم إلا أنهم تواجدوا على الطريق مع سائق واقع تحت تأثير المخدرات، ليتحولوا لمجرد أرقام في سجلات الوفيات، لتتبدد الأحلام وتزيد الآلام، وتمتلئ الصفحات بضحايا المخدرات، لذا أصبح من الضروري التوقف وإعادة الحسابات، هل أرواح أبنائنا لا تكفي لندرك حجم الكارثة؟ هل نحتاج إلى حلول أكثر جدية، وقوانين أكثر حزمًا، وتوعية أعمق بخطورة المخدرات لوقف هذا النزيف المستمر من الدماء؟
في هذا التقرير نلقي الضوء على الحلول المطروحة من الجوانب القانونية والمجتمعية والفنية لمعالجة هذه القضية من منظور مختلف.
الحشيش.. المتهم الأول
تشير الدراسات إلى أن مخدر الحشيش يُعد المتهم الرئيسي في حوادث الطرق، نظرًا لتأثيره السلبي على استجابة السائقين، حيث يؤدي إلى خلل في تقدير المسافات والوقت، ويجعل التفكير مشتتًا، ويفقد السائقين القدرة على الإحساس بما يدور حولهم.
وتؤكد الدراسات أيضًا أن الحشيش يؤثر مباشرة في وظائف الدماغ، خصوصًا المناطق المسئولة عن اتخاذ القرارات وردود الفعل والتحكم في الغضب، ونتيجة لذلك، يعاني المتعاطي من ردود فعل غير متوقعة ونوبات غضب مفاجئة، مما يفقده إدراك الواقع.
هل تنجح الدراما في المواجهة؟
يرى المخرج مجدي أبو عميرة، أحد أبرز صناع الدراما المصرية، أن الدراما التليفزيونية تملك تأثيرًا قويًا، وتحتاج إلى مزيد من الأعمال التي تتناول قضايا حوادث الطرق والإدمان بشكل مباشر.
ويستشهد أبو عميرة بتجربة مسلسله الرجل الآخر بطولة الفنان الراحل نور الشريف، مؤكدًا أن تأثير الدراما أقوى من الكتب لأنها تصل إلى كل البيوت، حتى إلى من لا يجيدون القراءة والكتابة.
وأضاف أن حادث الطريق الإقليمي، الذي أودى بحياة 19 فتاة، هو مثال صارخ على "نزيف الدماء المستمر"، مشددًا على ضرورة تقديم المتسببين في مثل هذه الكوارث بصورة واقعية داخل الأعمال الفنية، وإبراز العقاب الذي ينالونه، بدلًا من تصوير المتعاطين كأنهم شباب سعداء ومتميزون، وهو ما يترك أثرًا سلبيًا على المجتمع.
وأشار إلى أن صندوق مكافحة الإدمان سبق أن رصد كثيرًا من الأعمال الدرامية التي تضمنت مشاهد لتعاطي المخدرات بشكل عابر، ما يؤثر سلبًا على الأسر المصرية، داعيًا صنّاع الدراما إلى تسليط الضوء على خطورة تناول السائقين للمنشطات والمخدرات، وما يترتب عليه من كوارث على الطرق.
العقوبات القانونية
ينص قانون المرور الجديد على معاقبة السائق الذي يقود تحت تأثير الحشيش أو أي مخدر بعقوبات تصل إلى الحبس.
ويقول المحامي حسين السيد إن تطبيق القانون الجديد ساهم في تقليل الحوادث مقارنة بالسابق، مشيرًا إلى أن المادة 76 تنص على أن:
"مع عدم الإخلال بالتدابير المقررة في هذا القانون أو بأية عقوبة أشد في أي قانون آخر، يُعاقب كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مسكر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتُضاعف العقوبة في حالة التكرار خلال سنة من صدور الحكم النهائي".
لكن حسين شدد على أن القانون وحده لا يكفي، بل يجب أن يبدأ الوعي من الأسرة والمدرسة، فالمشكلة الحقيقية تنشأ من التنشئة غير السليمة.
تجربة إيجابية
تحكي سارة سليمان، طالبة علم الاجتماع، أن والدها، وهو سائق شاحنات متقاعد، رفض طوال حياته تعاطي المخدرات على عكس بعض زملائه.
وتضيف: "كان أبي يحدثنا باستغراب عن زملائه الذين يتعاطون الحشيش لزيادة عدد الرحلات اليومية، ثم ينفقون نصف ما جنوه لشراء المخدرات، وكأنهم لم يعملوا شيئًا".
وتوضح أن والدها كان يفضل التوقف للنوم عند الشعور بالتعب بدلًا من اللجوء للمخدرات، خصوصًا أن الشاحنات الكبيرة مزودة بمطبخ صغير لتحضير الشاي والقهوة، ما يساعد السائق على استعادة نشاطه، ثم تساءلت: "إذا كانت هناك بدائل آمنة، فلماذا يلجأ البعض إلى المخدرات؟".
أسباب أخرى وحلول مقترحة
من جانبه، يوضح السائق طارق صلاح أن هناك أسبابًا أخرى للحوادث، مثل "النقطة العمياء" في الشاحنات الكبيرة، حيث لا تظهر السيارات الصغيرة في المرآة اليمنى، ومع أقل احتكاك بسيط، قد تنقلب السيارة الملاكي أو تندفع أسفل الشاحنة، لتحدث الكارثة.
وأشار إلى أن بعض السائقين يتجنبون التوقف للراحة خوفًا من السرقات، ما يدفعهم لمواصلة القيادة وهم مرهقون، وأحيانًا يلجأون للمخدرات لمقاومة النعاس، وهو ما يؤدي إلى فقدان السيطرة.
واقترح طارق ضرورة تدريب السائقين الجدد تدريبًا احترافيًا، كذلك تنظيم أوقات سير الشاحنات بين المدن، مع توفير طرق خاصة أكثر للشاحنات، وإنشاء أماكن آمنة ومكيفة على الطرق لراحة السائقين، كذلك تنشيط دور نقابة السائقين في الدفاع عن حقوقهم وتدريبهم.
دور الأسرة والمعالجين
ترى المعالجة النفسية نسمة الشربيني أن مواجهة المتعاطي بالعنف أو الصدام لا يجدي، بل يجب توعيته بخطورة الإدمان وأضراره، وفتح قنوات للحوار بين الأهل وأبنائهم.
وأكدت أن المبالغة في إعطاء المال للأبناء دون رقابة من أسباب وقوع بعضهم في الإدمان، مشيرة إلى ضرورة زرع الوازع الديني وتقوية علاقتهم بالله، ليكون الرقيب الحقيقي عليهم هو ضميرهم وإيمانهم.
يقوم صندوق مكافحة الإدمان بجهود كبيرة من خلال:
- برامج وقائية للتوعية المجتمعية.
- خط ساخن يقدم استشارات نفسية واجتماعية بسرية تامة.
- توجيه المتصلين إلى أماكن العلاج المتخصصة.
ووفقًا لبيانات الصندوق، فقد تلقى الخط الساخن منذ يناير 2025 أكثر من 60 ألف مكالمة، بينما تجاوز عدد المتقدمين للعلاج 76 ألف شخص.
في النهاية، تبقى أرواحنا أغلى من أن تُهدر على الطرقات، ولن تنجح المواجهة إلا بتكامل الجهود بين القانون، الأسرة، المدرسة، الدراما، والمجتمع بأسره، حتى نوقف نزيف الدماء ونحمي أبناءنا من هذا الخطر الداهم.
في هذا التقرير نلقي الضوء على الحلول المطروحة من الجوانب القانونية والمجتمعية والفنية لمعالجة هذه القضية من منظور مختلف.
الحشيش.. المتهم الأول
تشير الدراسات إلى أن مخدر الحشيش يُعد المتهم الرئيسي في حوادث الطرق، نظرًا لتأثيره السلبي على استجابة السائقين، حيث يؤدي إلى خلل في تقدير المسافات والوقت، ويجعل التفكير مشتتًا، ويفقد السائقين القدرة على الإحساس بما يدور حولهم.
وتؤكد الدراسات أيضًا أن الحشيش يؤثر مباشرة في وظائف الدماغ، خصوصًا المناطق المسئولة عن اتخاذ القرارات وردود الفعل والتحكم في الغضب، ونتيجة لذلك، يعاني المتعاطي من ردود فعل غير متوقعة ونوبات غضب مفاجئة، مما يفقده إدراك الواقع.
هل تنجح الدراما في المواجهة؟
يرى المخرج مجدي أبو عميرة، أحد أبرز صناع الدراما المصرية، أن الدراما التليفزيونية تملك تأثيرًا قويًا، وتحتاج إلى مزيد من الأعمال التي تتناول قضايا حوادث الطرق والإدمان بشكل مباشر.
ويستشهد أبو عميرة بتجربة مسلسله الرجل الآخر بطولة الفنان الراحل نور الشريف، مؤكدًا أن تأثير الدراما أقوى من الكتب لأنها تصل إلى كل البيوت، حتى إلى من لا يجيدون القراءة والكتابة.
وأضاف أن حادث الطريق الإقليمي، الذي أودى بحياة 19 فتاة، هو مثال صارخ على "نزيف الدماء المستمر"، مشددًا على ضرورة تقديم المتسببين في مثل هذه الكوارث بصورة واقعية داخل الأعمال الفنية، وإبراز العقاب الذي ينالونه، بدلًا من تصوير المتعاطين كأنهم شباب سعداء ومتميزون، وهو ما يترك أثرًا سلبيًا على المجتمع.
وأشار إلى أن صندوق مكافحة الإدمان سبق أن رصد كثيرًا من الأعمال الدرامية التي تضمنت مشاهد لتعاطي المخدرات بشكل عابر، ما يؤثر سلبًا على الأسر المصرية، داعيًا صنّاع الدراما إلى تسليط الضوء على خطورة تناول السائقين للمنشطات والمخدرات، وما يترتب عليه من كوارث على الطرق.
العقوبات القانونية
ينص قانون المرور الجديد على معاقبة السائق الذي يقود تحت تأثير الحشيش أو أي مخدر بعقوبات تصل إلى الحبس.
ويقول المحامي حسين السيد إن تطبيق القانون الجديد ساهم في تقليل الحوادث مقارنة بالسابق، مشيرًا إلى أن المادة 76 تنص على أن:
"مع عدم الإخلال بالتدابير المقررة في هذا القانون أو بأية عقوبة أشد في أي قانون آخر، يُعاقب كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مسكر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتُضاعف العقوبة في حالة التكرار خلال سنة من صدور الحكم النهائي".
لكن حسين شدد على أن القانون وحده لا يكفي، بل يجب أن يبدأ الوعي من الأسرة والمدرسة، فالمشكلة الحقيقية تنشأ من التنشئة غير السليمة.
تجربة إيجابية
تحكي سارة سليمان، طالبة علم الاجتماع، أن والدها، وهو سائق شاحنات متقاعد، رفض طوال حياته تعاطي المخدرات على عكس بعض زملائه.
وتضيف: "كان أبي يحدثنا باستغراب عن زملائه الذين يتعاطون الحشيش لزيادة عدد الرحلات اليومية، ثم ينفقون نصف ما جنوه لشراء المخدرات، وكأنهم لم يعملوا شيئًا".
وتوضح أن والدها كان يفضل التوقف للنوم عند الشعور بالتعب بدلًا من اللجوء للمخدرات، خصوصًا أن الشاحنات الكبيرة مزودة بمطبخ صغير لتحضير الشاي والقهوة، ما يساعد السائق على استعادة نشاطه، ثم تساءلت: "إذا كانت هناك بدائل آمنة، فلماذا يلجأ البعض إلى المخدرات؟".
أسباب أخرى وحلول مقترحة
من جانبه، يوضح السائق طارق صلاح أن هناك أسبابًا أخرى للحوادث، مثل "النقطة العمياء" في الشاحنات الكبيرة، حيث لا تظهر السيارات الصغيرة في المرآة اليمنى، ومع أقل احتكاك بسيط، قد تنقلب السيارة الملاكي أو تندفع أسفل الشاحنة، لتحدث الكارثة.
وأشار إلى أن بعض السائقين يتجنبون التوقف للراحة خوفًا من السرقات، ما يدفعهم لمواصلة القيادة وهم مرهقون، وأحيانًا يلجأون للمخدرات لمقاومة النعاس، وهو ما يؤدي إلى فقدان السيطرة.
واقترح طارق ضرورة تدريب السائقين الجدد تدريبًا احترافيًا، كذلك تنظيم أوقات سير الشاحنات بين المدن، مع توفير طرق خاصة أكثر للشاحنات، وإنشاء أماكن آمنة ومكيفة على الطرق لراحة السائقين، كذلك تنشيط دور نقابة السائقين في الدفاع عن حقوقهم وتدريبهم.
دور الأسرة والمعالجين
ترى المعالجة النفسية نسمة الشربيني أن مواجهة المتعاطي بالعنف أو الصدام لا يجدي، بل يجب توعيته بخطورة الإدمان وأضراره، وفتح قنوات للحوار بين الأهل وأبنائهم.
وأكدت أن المبالغة في إعطاء المال للأبناء دون رقابة من أسباب وقوع بعضهم في الإدمان، مشيرة إلى ضرورة زرع الوازع الديني وتقوية علاقتهم بالله، ليكون الرقيب الحقيقي عليهم هو ضميرهم وإيمانهم.
يقوم صندوق مكافحة الإدمان بجهود كبيرة من خلال:
- برامج وقائية للتوعية المجتمعية.
- خط ساخن يقدم استشارات نفسية واجتماعية بسرية تامة.
- توجيه المتصلين إلى أماكن العلاج المتخصصة.
ووفقًا لبيانات الصندوق، فقد تلقى الخط الساخن منذ يناير 2025 أكثر من 60 ألف مكالمة، بينما تجاوز عدد المتقدمين للعلاج 76 ألف شخص.
في النهاية، تبقى أرواحنا أغلى من أن تُهدر على الطرقات، ولن تنجح المواجهة إلا بتكامل الجهود بين القانون، الأسرة، المدرسة، الدراما، والمجتمع بأسره، حتى نوقف نزيف الدماء ونحمي أبناءنا من هذا الخطر الداهم.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية