تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : الفلسطيني بدر دحلان أحد ضحاياه.. "التعذيب الأبيض" اغتيال بلا إراقة دماء
source icon

سبوت

.

الفلسطيني بدر دحلان أحد ضحاياه.. "التعذيب الأبيض" اغتيال بلا إراقة دماء

كتب:مروة العدوي

أثار ظهور بدر دحلان، الشاب الفلسطيني الذي اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمدة شهر من قطاع غزة، قبل أن تفرج عنه، موجة من الغضب الشديد ليس في الأراضي المحتلة فقط، بل في كافة أنحاء العالم، بعد ظهوره جاحظ العينين وقد بدت عليه علامات اضطراب نفسي، ما أثار تساؤلات حول تعرضه للتعذيب أثناء فترة احتجازه.

وأشار طبيبه المعالج في مستشفى شهداء الأقصى، إلى أن "بدر تعرض للتعذيب مما أدى إلى تدهور حالته الصحية والنفسية وأفقده عقله وإنسانيته ولم يعد قادراً على التصرف بشكل صحيح".

تعذيب بدون أثار جسدية
ويندرج ما تعرض له بدر دحلان، إلى ما يسمى بـ "التعذيب الأبيض"، وهو نوعاً من أنواع التعذيب الذي لا يترك آثاراً جسدية بارزة، لكنه يهدف إلى إحداث أضرار نفسية عميقة وطويلة الأمد لدى الضحية، باستخدام أساليب يمكن أن تشمل العزل الاجتماعي، الحبس الانفرادي، الإذلال المتعمد، التهديدات المستمرة، أو حتى الحرمان من النوم والنشاطات العادية.

وبحسب العديد من الأطباء، وبينهم طبيب بدر دحلان، الذي لم يذكر اسمه، يمكن أن يؤدي "التعذيب الأبيض"، إلى مجموعة واسعة من الأثار النفسية السلبية، والتي تتضمن؛ القلق والشعور المستمر بالخوف والتوتر، والاكتئاب، وانخفاض شديد في الشعور بالسعادة والرضا العام، والهوس والهلوسة، واضطراب ما بعد الصدمة.

27511483027615202406230552565256.jpg
بدر دحلان قبل وبعد الاعتقال

انتهاك للمواثيق الدولية
ويعتبر التعذيب الأبيض انتهاكاً صريحاً للعديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان، منها؛ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 5)، والتي تنص على أنه "لا يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المحطة بالكرامة".

واتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التابعة للأمم المتحدة، والتي تؤكد على منع جميع أنواع التعذيب بما في ذلك النفسي.

تحطيم الإرادة والشخصية
"التعذيب الأبيض هو شكل من أشكال التعذيب النفسي الذي لا يترك آثارًا جسدية واضحة، ويهدف إلى تحطيم الإرادة والشخصية للضحية، من خلال العديد من الممارسات التي تتضمن الحرمان من النوم، والعزل الانفرادي المطول، والتعريض للإضاءة القوية لفترات طويلة، والحرمان الحسي، وغيرها من الأساليب التي تهدف إلى إرهاق الضحية نفسيًا وجسديًا دون ترك آثار ظاهرة"، بحسب د. محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي.

وبحسب خبراء في الطب النفسي، يتسم التعذيب الأبيض، بأنه يتم في بيئة تبدو نظيفة وهادئة ظاهريًا، فيتم احتجاز الضحية في غرفة بيضاء تمامًا، خالية من أي تفاصيل أو ملامح مميزة حيث تكون الجدران، الأرضية، السقف، وحتى الملابس التي يرتديها المحتجز كلها بيضاء، هذا الفراغ البصري المطلق يهدف إلى حرمان الدماغ من أي مثيرات بصرية، مما يسبب ارتباكًا حسيًا شديدًا.

حرمان حسي شديد
ويتم عزل الغرفة صوتيًا بشكل كامل، بحيث لا يصل للمحتجز أي صوت من العالم الخارجي، هذا الصمت المطبق مقترنًا بالفراغ البصري، يخلق حالة من الحرمان الحسي الشديد، ومع مرور الوقت يبدأ الدماغ في إنتاج هلوسات بصرية وسمعية كمحاولة للتعويض عن نقص المثيرات الحسية، مما يؤدي إلى اضطراب نفسي عميق دون ترك أي أثر جسدي ملموس، وهذا الأسلوب من التعذيب يعد من أكثر الأساليب قسوة وتأثيرًا على الصحة النفسية للضحية، رغم أنه لا يترك أي دليل مادي يمكن توثيقه.

وأكد د. محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، أن القانون الدولي يحظر بشكل قاطع جميع أشكال التعذيب بما في ذلك التعذيب الأبيض، مدللا على ذلك باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي تنص على أن التعذيب يشمل أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًا كان أم عقليًا، بالإضافة إلي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها الإضافية التي تجرم ذلك.

فنزويلا وأمريكا وإيران أشهر المعذبين
وعن أشهر الحالات التي تعرضت للتعذيب الأبيض، ذكر أستاذ القانون الدولي أن منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان الدولية اتهمت فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية باستخدام هذه الأساليب بالإضافة إلى حالات عديدة في سجن جوانتانامو، حيث تم استخدام تقنيات مثل الإيهام بالغرق والحرمان الحسي، مشيرا لاستخدام إسرائيل لأساليب التعذيب الأبيض ضد المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك الاستجواب المتواصل لساعات طويلة، والحرمان من النوم، والتهديد بإيذاء أفراد العائلة.

و"هذه الممارسات تصنع الإرهاب"، بحسب تأكيد المتخصص في القانون الدولي، موضحا وجود مخاوف حقيقية من أن التعذيب بما فيه التعذيب الأبيض يؤدي إلى تطرف الضحايا وذويهم، ويغذي دورة العنف والانتقام، فبدلاً من تحقيق الأمن، تساهم هذه الممارسات في خلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب.

تقويض سيادة القانون
وينص القانون الدولي، بحسب مهران، على آليات محاكمة مرتكبي التعذيب الأبيض، ويلزم بشكل واضح الدول بالتحقيق في مزاعم التعذيب ومقاضاة المسؤولين عنه، ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية النظر في قضايا التعذيب كجرائم ضد الإنسانية إذا ارتكبت بشكل منهجي أو واسع النطاق، ويمكن ايضا للدول ممارسة الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مرتكبي التعذيب، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية الجاني أو الضحية، إذ يعتبر القانون الدولي، التعذيب الأبيض، انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان وكرامته، ولا يوجد أي مبرر قانوني أو أخلاقي لاستخدام التعذيب، بما في ذلك في سياق مكافحة الإرهاب، والتعذيب لا يؤدي فقط إلى معلومات غير موثوقة، بل يقوض أيضًا سيادة القانون والقيم الديمقراطية التي تدعي الدول حمايتها.

ودعا د. محمد مهران، لضرورة اتخاذ موقف حازم ضد جميع أشكال التعذيب، بما في ذلك التعذيب الأبيض، ويجب على الدول تعزيز آليات الرقابة والمساءلة في أماكن الاحتجاز، وضمان تدريب قوات الأمن على احترام حقوق الإنسان، والتحقيق بشكل فوري ومستقل في جميع مزاعم التعذيب، حيث أن مكافحة الإرهاب والجريمة يجب أن تتم في إطار احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.

التعذيب الابيض فكر شيطاني
"التعذيب الأبيض ما هو إلا أفكار شيطانية لدول تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وأثره يمتد إلى ما بعد انتهاء فترة السجن حيث لا يتم التخلص منها بسهولة"، كما استهلت د. نهى طلعت عبد القوي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حديثها، موضحة أن التعذيب الأبيض، يقع تحت مظلة انتهاكات حقوق الإنسان التي تدمر الروح والنفسية بدلاً من الجسد، ومن الضروري تعزيز الوعي بهذه الممارسات الكريهة والعمل على مكافحة كافة أشكال التعذيب وحماية حقوق الأفراد لضمان العدالة والكرامة الإنسانية.

وبنبرة لم تخلو من سخرية، قالت د. نهى، إن التعذيب الأبيض يستخدم في الولايات المتحدة، وهي الدولة التي تنادي بحقوق الإنسان وحقوق المساجين ولا تطبق عقوبة الإعدام، ولكنهم يستخدمون طرقا للتعذيب أكثر وحشية من الإعدام، وممارستهم في سجن جوانتانامو، خير دليل.


 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية