تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تُعد العلاقة بين إسرائيل وتركيا نموذجًا للتعاون المعقد في منطقة تشهد تنافسًا جيوسياسي مستمر، فعلى الرغم من الشراكة الاقتصادية والعسكرية التي تمتد لعقود، إلا أن المصالح المتضاربة بين البلدين قد تؤدي إلى تصاعد التوترات في المستقبل.
تتركز نقاط التباين في ملفات إقليمية حساسة، أبرزها القضية الفلسطينية، حيث تتخذ تركيا موقفًا داعمًا للفلسطينيين، مقابل السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما يظهر تضارب في الرؤى بشأن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، وهو ملف يحمل أبعادًا اقتصادية وأمنية كبرى للجانبين، رغم ذلك يوجد التعاون قائمًا بين الجانبين في مجالات استراتيجية، مثل التجارة والاستخبارات، مما يعكس رغبة الجانبين في الحفاظ على توازن دقيق بين المصالح المشتركة والخلافات السياسية.
تقرير "ناغل"
ولكن تلوح في الأفق بداية لخلاف مستقبلي وتضارب في المصالح بين البلدين خاصة أن لجنه "ناغل" والتي يقودها الجنرال يعقوب ناغل أصدرت تقريراً يشير إلى أن اسرائيل عليها أن تستعد لمواجهه مباشرة مع تركيا التي ترغب في استعادة الإمبراطورية العثمانية.
جاء ذلك التقرير على خلفية مساندة إسرائيل للفصائل الكردية، ومساعدتها للانفصال عن سوريا وتركيا مما يهدد الأمن والاستقرار في تركيا، ويرجع ذلك إلى أن اسرائيل ترى أن توحيد الفصائل السورية هو تهديد أمني لإسرائيل، كما أن القوات المدعومة من تركيا يمكن أن تكون أداة لزعزعة استقرار اسرائيل، ولأن العلاقات يشوبها الكثير من التعقيد والمصالح المتشابكة توجهنا إلى اللواء دكتور محمد الغباري الخبير في الشئون الإسرائيلية والخبير الاستراتيجي؛ والذي أوضح في بداية حديثة أن اليهود لهم وجود تاريخي على الأراضي التركية، وسعى اليهود الأتراك للتحكم في الإعلام والاقتصاد، ثم تمكنوا من التواجد في المؤسسة العسكرية التركية في عهد أتاتورك الذي يقال أن اليهود كانوا السبب في تولية حكم تركيا، لذا نجد اتفاقات دفاع مشترك بين تركيا وإسرائيل في التسعينات، وتبادل لصناعات تسليحية، وهناك تعاون في مجال صناعة السلاح المشترك كما أن لإسرائيل حق التحليق في الأجواء التركية.
الدولة الكردية
عندما نتحدث عن المصالح لابد أن نضع في الاعتبار أن إسرائيل مؤيدة للأكراد، وتركيا ليست مؤيدة للأكراد، خاصة أكراد سوريا الممثلين في حزب العمال الكردي، والذي يقوم بعمليات مناهضة لتركيا، هنا يأتي الاختلاف فهل اليهودية التي تتحكم في علمانية تركيا ستتغلب على طموحات تركية وتقبل أن يكون الأكراد دولة مستقلة؟
ويرى د. الغباري أن الأتراك سيقبلوا بإقامة دولة كردية على حدودها، خاصة أنه جزء من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يهدف إلى إقامة دولة كردية على جزء من أراضي سوريا والعراق وتركيا، إلا أن الأمر ستحكمه بعض القيود منها: نزع سلاح الأكراد، وأن تتبع الدولة التركية، لذا احتلت تركيا أدلب لتستفيد من هذا الوضع في حال حدوث مفاوضات، ولكن الاختلاف وتضارب المصالح لن يظهر الآن، بل سيظهر عند استقرار الوضع في سوريا وهو أمر يتطلب حوالي 4 سنوات.
توافق مصالح
ويقول الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، مدير مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس السابق، تاريخيًا تواجه المنطقة مشروع عثماني يهدف لإحياء الامبراطورية العثمانية، ومشروع إسرائيلي من النيل للفرات بالإضافة الى المشروع الإيراني.
وتشير كتابات مراكز الفكر الإسرائيلية إلى أن إسرائيل رغم الانتصار الذى حققته إلا انها تعاني من أزمة داخلية، لذا لا تستطيع تنفيذ مشروعها بالتمدد في الوقت الحالي، لأنها تعانى من عملية هجرة كبيرة لخارج إسرائيل، كما أن عدد اليهود على مستوى العالم لا يسمح لها بتنفيذ مشروع الإمبراطورية اليهودية، كما أن الوضع في إسرائيل لا يشجع على الهجرة إليها، ومن جهة أخرى فإن إسرائيل لا تنسى أحلامها، لكنها تنتهز الفرص في محاولة لتحقيق جزء من هذا الحلم، فقد انتهزت الفرصة وأمنت حدودها من جهة العراق بضرب المفاعل النووي العراقي، وتدمير العراق باحتلال الولايات المتحد لها وتفكيك جيشها، وجاءتها الفرصة عندما سقط نظام الأسد فلم تضيعها وضربت سوريا بشكل غير متوقع ودمرت التسليح السوري تماماً وستحرص إسرائيل على استمرار ضعف القوة العسكرية السورية.
صادرات بالمليارات
وتابع د. شقرة هناك مصالح إسرائيلية تركية مشتركة ففي عام 2022، صدّرت تركيا بقيمة 7 مليارات دولار إلى إسرائيل، وكانت المنتجات الرئيسية التي صُدّرت إلى إسرائيل هي قضبان الحديد الخام، السيارات، والمجوهرات، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، زادت صادرات تركيا إلى إسرائيل بمعدل سنوي بلغ 14.5%، من 3.55 مليار دولار في عام 2017 إلى 7 مليارات دولار في عام 2022، وفى نفس العام صدّرت إسرائيل 2.33 مليار دولار إلى تركيا، وكانت المنتجات الرئيسية المصدرة البترول المكرر، وخردة الحديد، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، زادت صادرات إسرائيل إلى تركيا بمعدل سنوي بلغ 8.37%، من 1.56 مليار دولار في عام 2017 إلى 2.33 مليار دولار في عام 2022، إلا أنه من المتوقع في المستقبل أن نرى تناقض للمصالح وتضارب للأهداف.
الأهداف في سوريا
وأشار مدير مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية السابق، بالطبع المصالح بين البلدين من الممكن أن تتضارب وتتناقض، إذا كان الهدف الكبير والأساسي هو سوريا، حيث تحصل تركيا على الجزء الطامعة فيه، وإسرائيل أمنت حدودها من خطر الجيش السوري على الأقل في هذه المرحلة، أما المستقبل ففيه غيوم شديد، ولا أحد يستطيع التنبؤ بسيناريو العلاقات الإسرائيلية التركية الآن، لكن على الأقل الأهداف الإسرائيلية معروفة، كذلك الأهداف التركية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية