تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : العلاج النفسي غير المرخص.. قنبلة موقوتة تهدد المرضى
source icon

سبوت

.

العلاج النفسي غير المرخص.. قنبلة موقوتة تهدد المرضى

كتب:محمود جودة

ترفع شعارات دعم الصحة النفسية وتنمية الذات، تخفي خلف جدرانها واقعًا مختلفاً، يفتقر العاملون فيه للمؤهلات العلمية الأكاديمية والخبرة الطبية.. إنها مراكز العلاج النفسي الخاصة غير المرخصة من وزارة الصحة او نقابة الأطباء، والتي تعمل خارج الإطار القانوني والرقابي، وانتشرت خلال السنوات الأخيرة، ومن ثم تتحول جلسات الدعم النفسي، إلى ساحة مخاطرة حقيقية ضررها أكثر من نفعها، وبيئة خصبة للاستغلال المالي والتضليل.

بين جدران بعض المراكز غير المعتمدة، وعبر صفحات منصات التواصل الاجتماعي، يمارس أشخاص بلا مؤهلات طبية ما يصفونه بـ "العلاج النفسي"، مقدمين عروض براقة لأسعار الجلسات، مرتكزين على مسميات أكثر بريقاً مثل "معالج نفسي" أو "مدرب حياة" أو "خبير طاقة"، لكنهم يفتقرون للأساس العلمي الذي يضمن سلامة المريض.

كل ذلك يكشف عن فجوة بين احتياجات المجتمع، ومدى قدرة النظام الصحي على تلبيتها بأسعار مناسبة، وتتطلب المواجهة تكاملًا بين التشريعات الصارمة، والرقابة الفعالة، والتوعية المجتمعية، حتى لا تتحول رحلة البحث عن التعافي النفسي إلى بداية لمعاناة أكبر.

ظاهرة سلبية
يؤكد الدكتور ممتاز عبد الوهاب، أستاذ الطب النفسي، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، أن انتشار مراكز الإدمان والطب النفسي غير المرخصة، ظاهرة سلبية تنامت بسبب نقص وضعف الخدمات الصحية المتخصصة في هذا المجال، سواء بالمستشفيات الحكومية أو المراكز الخاصة المرخصة، وكذلك ضعف المراقبة من المجلس القومي للصحة النفسية.

إضافة إلى ذلك، قد يفوق ارتفاع أسعار الخدمات في المراكز المعتمدة، إمكانية كثير من المرضى، الذين في الأغلب يحتاجون إلى البقاء بالمستشفى لفترات طويلة، ويتكرر دخولهم لها عدة مرات، مما يستنفذ كثيراً من إمكانيات أسرهم المادية، وقد يكون المرضى غير منتجين مما يضعف من العبء المالي على أسرهم، والتي تلجأ بالتبعية للمراكز المخالفة، بسبب رخص التكلفة المادية بها.

أنشأها متعافين ومدمنين
ويؤكد د. ممتاز، أن هذه المراكز لا تقدم الخدمة المطلوبة، بل هي أماكن للحجز فقط، ولا تقدم علاجات مناسبة للمرضى، لأن معظمها لا تتوافر لديه الكوادر الطبية المؤهلة، وكثير منها أنشأها مرضي متعافون من الإدمان، أو غير متعافين، للحصول على مكاسب مادية.

ويتعرض المرضى في هذه المراكز إلى سوء معاملة شديدة، واستغلال مادي وجسدي ومعنوي، على يد أفراد غير مدربين ولا مؤهلين لتقديم الخدمة الطبية المطلوبة، بعيدا عن الرقابة، أو المتابعة من جهات الإشراف القانونية، مثل العلاج الحر بوزارة الصحة، والمجلس القومي للصحة النفسية.

مضاعفات صحية
وعن العواقب الصحية للعلاج في مراكز العلاج النفسي غير المرخصة، قال رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، تزداد حالة المريض سوءا، وتتدهور حالته، ويحتاج إلى فترات أطول، وتكلفة أعلى لإصلاح ما أفسدته هذه المراكز. 

ونصح أهل المرضى، عند الحاجة لدخول مصحة نفسية أو مستشفى خاص، بضرورة التأكد من تسجيلها بالمجلس القومي للصحة النفسية، حتى يضمنوا وجود مرضاهم وعلاجهم تحت رقابة، وتقديم الخدمة المطلوبة، أو اللجوء إلى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، أو المستشفيات الجامعية.

خطر على حياة المرضى
تمثل مراكز علاج الإدمان والطب النفسي غير المرخصة، تهديدًا حقيقيًا على حياة المرضى، حسب الدكتور هشام ماجد، استشاري الطب النفسي، بالأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة، وذلك لافتقارها لأي أساس علمي أو إشراف طبي متخصص.

ويشرح د. هشام، أن هناك نوعين من المراكز الخاصة لعلاج الإدمان، الأولى مرخصة وأخرى غير مرخصة، موضحًا أن المرخص قانونًا، يجب أن يحصل على 3 تراخيص أساسية، من نقابة الأطباء، وإدارة العلاج الحر، والمجلس القومي للصحة النفسية.

وأشار إلى أن كثيرًا من المراكز غير المرخصة، تكتفي بالحصول على ترخيص واحد من نقابة الأطباء فقط، لخداع الأسر والمرضى، بينما هي تفتقر لبقية التراخيص المطلوبة، وبالتالي تعمل بشكل مخالف للقانون.

ونصح الأسر بالتأكد من قانونية أي مركز، عبر الاتصال على رقم 01207474740، وهو خط الاستعلامات الخاص بالمجلس القومي للصحة النفسية، خلال أوقات العمل الرسمية.

وأوضح، أن هذه المراكز تستقبل أي عدد من المرضى، قد يصل إلى 200 شخص في وقت واحد، دون أي التزام بالمعايير الطبية، أو السعة القانونية المعتمدة في المراكز الرسمية، حيث يتم احتجاز المرضى في أماكن مغلقة دون متابعة من أطباء، بينما يتولى العلاج أشخاص غير مؤهلين، ويعتمدون على أدوية تجعل المرضى في حالة نوم معظم اليوم، ولا تقدم أي خدمة علاجية حقيقية، بل تعتمد على الحبس والعزلة، مع تعرض بعض المرضى للعنف والضرب.

انتكاس سريع
وواصل، المرضى الذين يغادرون هذه المراكز، غالباً ما يتعرضون للانتكاس سريعاً، لأنهم لم يتلقوا علاجاً طبياً حقيقياً، وهنا تحدث خسائر كبيرة لأي أسرة تضع العائق المادي أمام طريق العلاج، فإلى جانب فقدان الأموال، قد تخسر الأسرة حياة ابنها.

ودعا د. هشام الأسر ذات الدخل المحدود، إلى التواصل مع الخط الساخن لعلاج الإدمان التابع لمجلس الوزراء، وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، للحصول على علاج مجاني داخل المستشفيات النفسية، ووحدات علاج الإدمان بالمحافظات، تحت إشراف المجلس القومي للصحة النفسية، مؤكدًا أن الوقاية والحماية من هذه المراكز الوهمية، أفضل من محاولة علاج آثارها.

 مرض مزمن
أما الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بطب عين شمس، فيؤكد أن الإدمان بحسب توصيف منظمة الصحة العالمية، مرض مزمن ومرتد وقد يكون قاتلًا، وهو ما يعني أن له دواء طبي مسئول عنه الطبيب المختص.

أوضح د. فرويز، أن أغلب المراكز العلاجية غير المرخصة لا تضم أطباء متخصصين، وفي بعض الأحيان يوجد طبيب حديث التخرج فقط لإيهام أسر المرضى بوجود إشراف طبي.

ويتم حبس المريض في هذه المراكز، دون أي برنامج علاجي حقيقي، وبعضها يحاول تنفيذ برنامج الـ 12 خطوة المعروف، لكنه يخلو من الجلسات النفسية أو العلاجية الفعالة، ويعتمد على أدوية معروفة تساعد على النوم فقط.

وأضاف، حبس المريض لـ 3-6 شهور دون تعديل فكره أو شخصيته يؤدي لانتكاسة حتمية، فالعلاج النفسي هو الذي يعدل في الشخصية ويعالج الاضطرابات، خاصة بعد مرحلة انسحاب المواد المخدرة، حيث يكون المريض معرضًا للإصابة بالاكتئاب، أو حتى أمراض عقلية ذهانية.

طبيعة الشخصية
أشار د. فرويز، إلى أن علاج الإدمان يتطلب فهم طبيعة شخصية المريض، حيث توجد 4 أنماط شائعة بين المدمنين، وهم السيكوباتية، والعصابية، والسلبية الاعتمادية، والعتابية، ولكل منها أسلوب علاج مختلف.

خط أحمر
خلال الشهور الماضية، شنت وزارة الصحة، عدة حملات بالتعاون مع وزارة الداخلية، وهيئة الدواء المصرية، وذلك بعدة محافظات، - حسب الدكتور هشام زكي، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والمؤسسات غير الحكومية والتراخيص بوزارة الصحة، وضبطت عيادات ومراكز يديرها منتحلو صفة أطباء، وغير مرخصة، منها مراكز طب نفسي في الدقهلية "يديرها حاصل على شهادة من معهد الدراسات والبحوث البيئية" وأخرى في الشرقية، وغيرها.

وضبط بهذه المراكز أدوية مخدرة وجدول ثاني، وحقن مجهولة المصدر، وأدوية مؤثرة على الحالة النفسية، إلى جانب مخالفات أخرى تشمل عدم وجود ترخيص للتخلص من النفايات الطبية الخطرة، والإعلان المضلل عن وجود أطباء استشاريين بالمراكز، وتم غلقهم وتحرير المحاضر اللازمة وتحويلها للنيابة العامة.

وأكد د. هشام، على أن هذه الحملات تستهدف الممارسات الطبية غير القانونية، وحماية صحة المواطنين، وتطبيق القانون، في مواجهة مدعين بأنهم متخصصين في الطب النفسي، وحاصلين على تراخيص على خلاف الحقيقة، فهم يديرون كيانات طبية وهمية، ومنتحلي صفة الأطباء، بينما صحة المواطنين خط أحمر لا تهاون فيه، ولذلك يتم غلق هذه المنشآت وردعهم بالقانون.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية