تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لا تتوقف إسرائيل عن حياكة المؤامرات عبر إثارة النعرات العشائرية والقبلية لتمزيق جغرافيا الضفة الغربية، بهدف تحويلها إلى أجزاء متفرقة تقوض اي مستقبل لمشروع دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
ولعل آخر تلك المخططات ماكشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" وتداولته المواقع والصحف العبرية بشأن خطة إسرائيلية - مدعومة بأمريكيا - تكوين ما يمكن أن يطلق عليه “الإمارات الفلسطينية" في الضفة الغربية، بهدف تفكيك السلطة وإعادة تشكيل المكون الجغرافي الفلسطيني على الطريقة الإسرائيلية.
مؤامرة
مصطفى الذواتي الباحث الفلسطيني المتخصص في الشئون الإسرائيلية، وصف الخطة الإسرائيلية الأمريكية لإنشاء سلطة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، بالمؤامرة التي يتم الإعداد لها لكي تحل سلطة العشائر محل سلطة الرئيس محمود عباس ابو مازن، وتقوم على "النموذج القبلي" وهو الأمر الذي سيشكل تحوّل جذري في المشهد الفلسطيني.
وكشف عن أن مدينة الخليل تشكل بؤرة هذا التوجه التي يسعى عدد من قادتها البارزين، وعلى رأسهم الشيخ وديع الجعبري، إلى الانفصال عن السلطة الفلسطينية، وتأسيس "إمارة محلية" تمثل سكان المنطقة، وقد نُقل عن الشيخ الجعبري في وقت سابق قوله "لن تكون هناك دولة فلسطينية - ولا بعد ألف عام لأن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لم تجلب لنا سوى الفقر والعنف والفساد".
وتابع، وهو ما يكشف عن أن إسرائيل تحاول تنفيذ هذا المخطط من خلال إستغلال حالة عدم التجانس داخل المجتمع الفلسطيني، في تمزيقه والنفاذ من خلال بعض الاختلافات الثقافية والقبلية لكسب ولاء بعض العائلات والقبائل، وتفتيت المركزية الفلسطينية الممثلة في منظمة التحرير وسلطة رام الله.
وأوضح أن العديد من المصادر العبرية تتحدث عن تفاصيل تلك المخططات والمتمثلة في عدد من العناصر والمراحل التي تتمثل فيما يلي:
- توفير الظروف الملائمة في الضفة الغربية لظهور قيادات قبلية قادرة على تكوين "إمارة" محلية.
- فتح قنوات للتفاوض والحوار مع تلك القيادات بواسطة مسئولين إسرائيليين من عرب الداخل.
- إيصال رسائل محددة لهم أن تل أبيب لديها إستعداد للإعتراف بهم كسلطة سياسية كإمارات محلية لها سيادة بحماية إسرائيلية كاملة.
وأشار الي أن أكثر المناطق المؤهلة لذلك داخل الجغرافيا الفلسطينية في الضفة هي المنطقة "ج"، والمناطق غير المأهولة في المنطقة "ب"، وأن تل أبيب سوف تدعم تلك الإمارات إقتصاديًا حيث قدمت مبادرة بإنشاء مناطق صناعية بها يتم ربطها تجاريآ بإسرائيل، والتي ستوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين.
واختتم حديثه بقوله؛ خطورة تلك المخططات أنها تخلق كيانات موازية للدولة الفلسطينية، لن تتورع عن الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، مقابل أن تعترف إسرائيل بهم كممثلين شرعيين للشعب الفلسطيني في المنطقة، وهو الأمر الذي سيمزق السلطة الفلسطينية تدريجيًا، دون إحداث اي فراغ حكومي وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية دون تقديم أي تنازلات تذكر من جانب تل أبيب.
مشروع الشرق الأوسط
الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، من جانبه أشار الي أن ما يثار حول تفكيك السلطة الفلسطينية واستبدالها بما يسمى "إمارات قبلية" في الضفة الغربية، ليس إلا محاولة ممنهجة لإعادة إنتاج مشروع الشرق الأوسط على أسس التفكيك المجتمعي، واستغلال البنية القبلية لخلق كيانات وظيفية تابعة تخدم الأمن الإسرائيلي ومشروع "التطبيع الإبراهيمي" الواسع، في غياب أفق سياسي حقيقي لحل الدولتين.
وأضاف أن الخطة، التي يبدو أنها بدأت خطواتها الأولى من مدينة الخليل تعكس بوضوح توجهاً إسرائيلياً مدعوماً من بعض الدوائر الغربية لتفكيك مفهوم "القومية الفلسطينية"، وتجريد الشعب الفلسطيني من مظلته السياسية الممثلة في السلطة ومنظمة التحرير، لصالح كيانات محلية ذات طابع قبلي، يسهل التفاوض معها و تطويعها سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وهذا يعكس هدفاً استراتيجياً لإسرائيل يتمثل في إدامة السيطرة على الضفة الغربية ومنع قيام دولة فلسطينية موحدة ذات سيادة.
وأكد أن دعم إسرائيل لتلك المبادرات "اللامركزية القبلية" لا يأتي بدافع تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين كما يزعم بعض المشاركين في الخطة، وإنما بدافع خلق أمر واقع بديل لما أفرزته اتفاقيات أوسلو، يعيد صياغة الواقع السياسي الفلسطيني بطريقة تتواءم مع المشروع الإسرائيلي في الضفة، خاصة في المنطقة "ج" التي تمثل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية.
وشدد على أن هذه المحاولة لن تنجح على المدى البعيد، لأن الشعب الفلسطيني أثبت في كافة المحطات أنه موحد تحت راية النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال كما أن أي تحرك لتفكيك السلطة أو تجاوز تمثيلها سيقابل برفض شعبي واسع، وسيفتح الباب لمزيد من الفوضى والانقسام الذي يهدد ليس فقط الفلسطينيين بل الاستقرار الإقليمي برمته.
واختتم حديثه بقوله؛ إن المطلوب الآن هو دعم المسار السياسي العادل القائم على الشرعية الدولية، وليس فتح مسارات بديلة تعيدنا إلى سياسات الاحتلال المباشر وتخلق كيانات هشة تدار بعقلية استعمارية حديثة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية