تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : الطلاق الغيابي بين مصلحة الرجل ومعاناة الزوجة
source icon

سبوت

.

الطلاق الغيابي بين مصلحة الرجل ومعاناة الزوجة

كتب: سماح موسى

بعد زواج دام ست سنوات، ذهبت لتجديد بطاقتها الشخصية، فاكتشفت أنها مطلقة، وقفت مصدومة تحاول استيعاب ما قاله الموظف، وطلبت منه التأكد، فأجابها: "يا مدام، لا مجال للخطأ هنا، كل شيء مسجَّل." أمسكت أختها بيدها قائلة: "تعالي نجرب نُخرج قسيمة الزواج، ولو لم تظهر، فحديث الرجل صحيح، ربما هذا هو السبب في أنه لا ينزل من السفر ويرفض أن تسافري إليه."

كانت نظرات الضياع بادية في عيني كوثر، تحاول التعلق بأمل أن يكون ما يحدث مجرد خطأ أو تشابه أسماء، ذهبت لاستخراج قسيمة الزواج، فلم تجد سوى قسيمة الطلاق، حينها تأكدت أن زوجها طلّقها بالفعل طلاقًا غيابيًا، انخرطت في البكاء والصراخ متسائلة: لماذا فعل بي هذا؟ لقد كنت أخدمه وأرعى أولاده دون ملل أو تعب.

الطلاق شرعه الله عز وجل كما شرع الزواج، فمن نحن حتى نحرمه أو نرفضه؟ لكن الله حرّم التحايل والخداع والزنا، وهي الأساليب التي يلجأ إليها بعض الأزواج عند إقدامهم على الطلاق الغيابي، فماذا يقول الشرع والقانون والمجتمع عن مثل هذا الزوج؟ وماذا عن نفسية الزوجة والأطفال؟

حق قانوني للرجل

في البداية، يقول مجدي عبد الرحمن، المحامي بالنقض، إن الطلاق الغيابي هو أن يقوم الزوج بتطليق زوجته في غيابها، دون حضورها أو علمها المباشر، ويتم إثباته في السجلات الرسمية لدى المأذون الشرعي أو المحكمة، أي أن الزوج يملك شرعًا وقانونًا حق الطلاق حتى في غياب الزوجة.

يلجأ الزوج لهذا النوع من الطلاق حين تصل العلاقة إلى طريق مسدود ولا يرغب في المواجهة المباشرة، وقد يكون بسبب خلافات كبيرة، أو رغبة في إنهاء الزواج بهدوء، أو أحيانًا للضغط أو التهرب من الالتزامات المادية.

ورغم ذلك، يظل الزوج ملزمًا قانونيًا بحقوق مطلقته من نفقة العدة، نفقة المتعة، مؤخر الصداق، وحضانة ومسكن للأبناء إن وُجدوا.

أما بالنسبة للزوجة، فيسبب الطلاق الغيابي مشكلات كبيرة؛ إذ قد لا تعلم به إلا بعد فترة طويلة وبالصدفة، مما يؤدي إلى ضياع بعض حقوقها أو تعقيد أوضاعها الاجتماعية، وهذا الطلاق يُعتبر رجعيًا؛ فيمكن للزوج أن يُعيد زوجته دون إذنها خلال 60 يومًا، وخلال العدة، لا يجوز للمرأة مغادرة منزلها، ويحق لها المطالبة بقيمة المهر المثبت في عقد الزواج.

طلاق بحقوق كاملة

يؤكد مجدي أن الزوجة تحصل على جميع حقوقها المادية في حالة الطلاق الغيابي، إذ يكفل القانون المصري لها مؤخر الصداق، نفقة العدة لثلاثة أشهر، نفقة المتعة لا تقل عن عامين، وحقوق الأولاد من نفقة ومسكن وحضانة.

لكن المشكلة أن الزوجة لا تستطيع المطالبة بحقوقها إلا بعد علمها بالطلاق واتخاذ الإجراءات القانونية، وبمجرد علمها يحق لها رفع دعاوى للمطالبة بحقوقها من تاريخ الطلاق، وليس من تاريخ علمها به، وإذا تعمد الزوج إخفاء الأمر، يُعتبر غشًا ولا يُسقط حقوق الزوجة.

أضرار نفسية ومنازعات

وقد تعاني الزوجة من صدمة نفسية واجتماعية نتيجة الانفصال المفاجئ، وتأخر حصولها على مستحقاتها المادية لفترة طويلة، وقد تدخل في نزاعات قضائية مرهقة لإثبات حقوقها، وتواجه موقفًا اجتماعيًا صعبًا أمام الأهل والمجتمع.

ويضيف أن الطلاق الغيابي حق للرجل، لكنه يترك آثارًا سلبية على المرأة، لذلك من الأفضل أن يتم الطلاق بشكل معلن ومباشر لضمان الحقوق وتجنب الأضرار.

متى يكون الطلاق الغيابي باطلًا؟

يوضح مجدي أن الطلاق الغيابي يكون باطلًا إذا لم يصدر من الزوج نفسه أو من وكيله الشرعي، أو إذا لم يتم توثيقه رسميًا، أو إذا كان الزوج فاقد الإرادة أو الأهلية.

سيف على رقبة الزوجة

يقول الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، إن الطلاق بيد الرجل لأنه يفترض أنه الأعقل والأحكم، وهو الأقدر على اتخاذ القرار، فالمرأة تمر بظروف صحية وطبيعية مثل الحيض، تؤثر عاطفيًا عليها وتجعل قراراتها أقل اتزانًا، لذلك جعل الله الطلاق بيد الرجل.

لكن بعض الرجال يستخدمون الطلاق كسيف على رقبة الزوجة ويستغلونه بشكل سيئ، والطلاق علاقة يرعاها الله تعالى، قال الرسول ﷺ: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله"، وقال تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم).

وعليه، يجب أن يكون الطلاق إمساكًا بمعروف أو تسريحًا بإحسان، أما التحايل والطلاق الغيابي دون علم الزوجة فهو خيانة، ومن يفعل ذلك يُعتبر سارقًا وخائنًا وزانيًا بنص الأحاديث.

إذا لم تُخطَر الزوجة بالطلاق

يشير د. سالم إلى أن هناك حالات كثيرة لزوجات طُلّقن غيابيًا ولم يُخطَرن، وربما عاشرن أزواجهن لسنوات دون علمهن بالطلاق، في هذه الحالة لا إثم على الزوجة، بل الذنب على الزوج.

ويؤكد ضرورة إلزام المأذون الشرعي بإخطار الزوجة بالطلاق عبر أي وسيلة ممكنة، خاصة مع انتشار وسائل الاتصال، كما يطالب بتغليظ العقوبة على المأذون الذي يتلاعب بالأوراق.

المعاناة النفسية 

من جانبها، تقول الدكتورة أميرة شاهين، أخصائية الإرشاد النفسي والأسري، إن الطلاق العادي يتم غالبًا باتفاق، فتكون الزوجة مهيأة لتقبل الانفصال، أما الطلاق الغيابي فيُسمى بالطلاق التعسفي، لأنه يحدث فجأة، فتشعر الزوجة بعدم الأمان والخذلان وفقدان الثقة.

وتضيف أن استجابة المرأة تختلف حسب شخصيتها؛ فقد تصل في بعض الحالات إلى الاكتئاب الحاد، التفكير في الانتحار أو إيذاء الأبناء، نتيجة شعورها بأنها مجرد خادمة استُغلت ثم تم الاستغناء عنها.

وتوضح أن تجاوز الأزمة قد يستغرق شهرًا أو أكثر إذا كانت الصدمة عنيفة، بينما في حالات أخرى قد تستمر أيامًا فقط، وتحتاج المرأة في كل الأحوال إلى دعم أسري ونفسي لتجاوز المرحلة الأولى من الانفعالات.

دعوة لإلغاء الطلاق الغيابي

تقول الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع وعضو لجنة المرأة الريفية بالمجلس القومي للمرأة، إن الزواج أساسه المودة والرحمة، لكن الطلاق أبغض الحلال، إذا استحالت العشرة، قد يكون الطلاق هو الحل، لكن الغدر والخداع ليسا من الإنسانية، لذلك يجب إلغاء الطلاق الغيابي، إلا في حالات استثنائية، وأن يتم الطلاق أمام قاضٍ، لضمان حقوق الزوجة والأبناء.

الغيابي كالخلع

ويخالف أحمد الصاوي، الناشط في حقوق الطفل، الآراء السابقة، إذ يرى أن الطلاق الغيابي مثل الخلع؛ فكلاهما قد يحمل خداعًا، سواء من الرجل أو المرأة، فقد تطلب الزوجة الخلع دون علم زوجها، كما قد يُطلّق الرجل زوجته غيابًا دون علمها.

ويضيف أن القانون المصري في صالح المرأة أكثر من الرجل، لكن الأهم هو مراعاة العقل، الشرع، ومصلحة الطفل، لأن هذه الخلافات تنعكس سلبًا على شخصيته، فينشأ فاقدًا للأمان والاستقرار

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية