تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : الطب في عصر الأونلاين.. الشاشات تحولت لعيادات افتراضية
source icon

سبوت

.

الطب في عصر الأونلاين.. الشاشات تحولت لعيادات افتراضية

كتب:نهى العليمي

فرضت التكنولوجيا نفسها بقوة على حياتنا وأصبح التواصل كله "أون لاين "حتى في المجال الطبي، حيث أصبحت الاستشارات الطبية تُجرى عبر الإنترنت، وأصبح بإمكان المرضى التواصل مع أطبائهم عبر الشاشات، من أي مكان وفي أي وقت، فانتشر الطب عن بُعد ليشمل تخصصات متعددة، أبرزها العلاج النفسي والتغذية حيث كثُرت الإعلانات لمختصين مشهورين وذوي كفاءة لجلساتهم الأونلاين، مما وفر حلًا عمليًا لكثيرين، خاصة في ظل ضغوط الحياة وسرعة إيقاعها.

لكن رغم المزايا التي يوفرها، مثل الخصوصية وسهولة الوصول للأطباء، يظل هناك تساؤلات حول مدى فعاليته، خاصة في الحالات التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا، فهل يمكن للاستشارات الأونلاين أن تحل محل العيادات التقليدية؟ وما التحديات التي يواجهها الأطباء والمرضى في هذه التجربة؟ في هذا التقرير، نستعرض آراء وتجارب من خاضوا العلاج عن طريق الأونلاين من الأطباء والمرضى.

وجدت من يسمعني دون قلق
ل.م مهندسة ٤٢عاماً، كانت لها تجربة في الاستشارات النفسية عن طريق تطبيق زووم، مع معالجة نفسية وإخصائية علم نفس شهيرة، وتقول: فوجئت على الفيس بوك والإنستجرام بإعلانات لمتخصصين استشارات نفسية يطرحون فكرة العلاج النفسي عبر الإنترنت، كنت معتقدة أن اللقاء المباشر مع الطبيب هو الطريقة الوحيدة الفعالة، وعندما اقترحت عليّ صديقتي التجربة، كنت مترددة، كيف يمكن لشخص أن يفهمني عبر شاشة؟ لكن معاناتي من القلق الذي يلازمني كان لابد له من حل، ولا أملك الوقت للنزول من بيتي، ولا أريد إعلام أحد بحاجتي لمختص نفسي، فقررت أن أجرب.

اشتركت في هذه الجلسات الفردية مع المختصة، وفوجئت أني شعرت براحة كبيرة، وتكلمت بحرية دون الشعور بأي حرج، وبعد عشرة أشهر من اشتراكي، أصبحت أكثر قدرة على مواجهة مخاوفي، وأشعر أنني أقوى نفسيًا، فأنا من اختار الوقت المناسب لي في بيتي دون وجود أولادي أو زوجي، ولا اضطر للمواصلات ولا لبذل أي مجهود، وأحول الرسوم أونلاين ايضاً.

بعد هذه التجربة أشعر أن هذه السهولة في لقاء المختصة سرعت من عملية شفائي من التخبط الذي كنت اعيشه، وأرشدتني لكيفية مواجهة مخاوفي وقلقي بكل سلاسة، ولم أكن لانتظم في الجلسات إذا لم تكن أونلاين، لأن المعالجة النفسية عيادتها بعيدة عن سكني.

أما نور م. 26 عامًا، تروي قائلة تعرضت لظروف نفسية صعبة على -حد وصفها- واحتجت لإرشاد نفسي، وإنسان أثق به ويكون متخصصاً، وكنت أشعر بالوحدة، وعندما فكرت في زيارة طبيب، تراجعت خشية أن يحكم عليّ الناس، وعندما وجدت طبيبة نفسية تقدم جلسات أونلاين، قررت أن أجرب هذه الجلسات، والحمد لله شعرت بأمان وراحة نفسية، فلم يكن هناك خجل أو قلق من أن يراني أحد في العيادة، بعد عدة جلسات -على زووم، وأحيانًا على جوجل ميتنج- أدركت أنني كنت بحاجة لمن يسمعني، فكانت المعالجة النفسية محترفة، وأنا في مرحلة شفاء حقيقية، وأدركت أنه كان قراراً صائباً وضرورياً، والأهم الخصوصية في جلسات الأونلاين التي اشعرتني براحة كبيرة.

فعالية جلسات الأونلاين
يؤكد الدكتور مصطفى مجدي، إخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، إن الطب النفسي الأونلاين يحمل العديد من الفوائد، لكنه ليس مناسبًا لجميع الحالات، فهناك العديد من الفوائد لدخول الأونلاين في مجال العلاج النفسي، من أهمها أن المريض يشعر براحة أكبر، مما يساعده على الاستمرار في الجلسات والالتزام بها، ففي العيادات التقليدية، قد يضطر المريض لإلغاء موعده بسبب ظروف طارئة، سواء من جانبه أو من جانب الطبيب، بينما في الجلسات الأونلاين، يكون من السهل الحفاظ على الاستمرارية، وأكبر فائدة هي المرونة الكبيرة في حال كان الطبيب أو المريض دائم التنقل بين أكثر من دولة، فأنا مثلاً لدي مرضى يعيشون في بلدان مختلفة، وأنا شخصيًا أتنقل بين دول عدة، لكن بفضل الجلسات الأونلاين، يمكننا الاستمرار في العلاج دون انقطاع، والمتابعة بشكل منتظم تمامًا كما لو كنا في العيادة التقليدية، وهذا شيء لم يكن متاحًا من قبل.

ميزة أخرى مهمة هي الخصوصية، فالكثير من الأشخاص لديهم وصمة اجتماعية تجاه زيارة الطبيب النفسي، ولكن عند إجراء الجلسات أونلاين، تقل هذه الوصمة بشكل كبير.

حالات لا تصلح عبر الشاشات
لكن رغم هذه الفوائد، فإن العلاج النفسي الأونلاين ليس مناسبًا لجميع الحالات؛ لا يمكن مثلًا الاعتماد عليه في علاج المرضى الذين يعانون من أفكار انتحارية أو ميول انتحارية، كما أنه غير فعال في بعض الاضطرابات الذهانية، مثل الفصام أو غيره من الاضطرابات التي تشمل الهلاوس السمعية أو البصرية.

هؤلاء المرضى عادةً يكون لديهم شكوكاً كبيرة في كل ما هو إلكتروني، لذلك قد يرفضون الجلسات عبر الإنترنت أو حتى يعتقدون أن الطبيب أو عائلاتهم يحاولون خداعهم، وفي بعض الحالات قد يرفضون تصديق أي نصيحة تُقدَّم لهم عبر الإنترنت، مما يجعل العلاج عن بُعد غير فعال بالنسبة لهم، ومن وجهة نظري الشخصية، هناك نقطة مهمة جدًا في العلاج النفسي التقليدي قد لا تتوفر في الجلسات الأونلاين، وهي تعبيرات الجسد غير اللفظية (لغة الجسد)، وتعابير الوجه، وحتى بعض الحركات اللاواعية التي يقوم بها المريض، تلعب دورًا كبيرًا في التحليل النفسي، وفهم الحالة بشكل أعمق، أحيانًا يكون الجسد أصدق تعبيرًا من الكلمات، إذ قد يحاول المريض إخفاء مشاعره أو لا يستطيع التعبير عنها بوضوح، بينما تكشف لغة جسده عن حالته النفسية الحقيقية، للأسف هذه التفاصيل الدقيقة قد لا تكون واضحة أو يمكن تفويتها في الجلسات عبر الإنترنت.

نجاح غير متوقع
أما الدكتورة سوزان نبيل، الاستشاري النفسي الإكلينيكي للصحة النفسية وعلاج الإدمان، فتؤكد أن تجربتها مع الجلسات الأونلاين بدأت مع جائحة كورونا، واعتقدت انها ستقتصر على تلك الفترة، وعندما كان يُقترح عليّ استخدام العلاج عن بُعد من المرضى لظروفهم  لم أكن أتصور أنه قد يكون فعالًا، كنت أشعر أن المقابلة المباشرة في العيادة أفضل ، وكنت أرى أن العلاج النفسي عبر الهاتف لا يمكن أن يكون بديلاً، بل مجرد استشارة سريعة، كأن يخبرني أحدهم أن ابنه يعاني من مشكلة معينة، فأقدم له بعض التوجيهات، لكن العلاج النفسي الحقيقي لم يكن ممكنًا عبر الهاتف، لكن عندما جاءت جائحة كورونا، اضطررنا إلى استخدام الجلسات عبر الإنترنت، وهنا كانت المفاجأة وجدت أن الأمر يمكن أن يكون فعالًا بالفعل، حتى أنا شخصيًا لم أكن أتوقع أن ينجح بهذه الطريقة.

وتؤكد د. سوزان، أن الميزة الحقيقية في العلاج النفسي عبر الإنترنت هي أنه لا يوجد فقدان للتواصل؛ فنحن نبقى متصلين بشكل جيد جدًا، ونرى بعضنا بوضوح، فالكاميرا مفتوحة لأن الجلسة لا يمكن أن تكون فعالة بالصوت فقط، وإلا ستتحول إلى مجرد محادثة هاتفية، وهو يسهل الوصول للأشخاص الذين يسكنون في أماكن بعيدة.

على سبيل المثال، أنا أعمل في المعادي، لكن بعض عملائي يسكنون في الشيخ زايد أو في محافظات أخرى، بل وحتى خارج مصر، وهذه نقطة لفتت انتباهي بشدة، إذ لديّ عملاء من دول مثل أمريكا، كندا، ألمانيا، إسكتلندا، أستراليا، الإمارات، والكويت، هؤلاء الأشخاص لم أقابلهم أبدًا وجهًا لوجه، لكنهم استمروا معي في الجلسات، وسبب اختيارهم لجلسات العلاج النفسي عبر الإنترنت، على حد قولهم إنهم كعرب بحاجة إلى من يفهمهم بثقافتهم، بدينهم، وبطريقة تفكيرهم، هم لا يريدون معالجًا أجنبيًا يحمل قيمًا ومعتقدات مختلفة عنهم، سواء في العلاج الخاص بهم أو بأطفالهم.

جدوى اقتصادية
تضيف د. سوزان، هناك جانب اقتصادي مهم، حيث إن العلاج عبر الإنترنت يخفف من التكاليف المادية للمختص عند العمل في عيادة، هناك مصاريف ثابتة مثل الإيجار، سواء كنت أمتلك المكان أو أستأجر مكتبًا بالساعة أو في مساحة عمل مشتركة، لكن عند العمل أونلاين، لا أتحمل هذه التكاليف، وبالتالي يمكنني تقديم الجلسات بأسعار أكثر مرونة دون الحاجة إلى إضافة تكاليف تشغيلية، كذلك سهولة تحديد المواعيد، أصبح من الممكن ترتيب جلسة في أي وقت يناسب الطرفين، سواء كانت في الثامنة صباحًا، العاشرة مساءً، أو حتى منتصف الليل.

نوضح للمرضى أن مدة العلاج فردية وتختلف من شخص لآخر، فبعض الأشخاص احتاجوا إلى ثلاثة أشهر، أو حتى سنة كاملة، وهناك مرضى لم أقابلهم وجهًا لوجه أبدًا، ومع ذلك تحسنوا وأصبحت حياتهم أفضل، سواء كانوا يأتون من أجل الإرشاد النفسي أو العلاج النفسي العلاجي، وإذا وجدت أن المريض بحاجة إلى علاج دوائي، أقوم بتحويله إلى طبيب نفسي. 

الميزان في البيت والدايت على الواتس 
"خسيت من البيت" هكذا بدأت معي شهيرة مجدي ٣٨ عاماً ربة منزل، حديثها وتقول "جربت العديد من الحميات الغذائية لكنها كانت تفشل بسبب غياب المتابعة" كنت أتحمس في البداية، ثم أفقد الدافع مع مرور الوقت لانشغالي في عملي، ومواعيد العيادة قد لا تناسب ظروفي، لكن عندما بدأت المتابعة مع طبيب تغذية أونلاين، تغير كل شيء، أصبح هناك التزام ومتابعة أسبوعية، ومرونة في تعديل النظام الغذائي، وخلال 4 أشهر، خسرت 12 كيلوجرامًا دون أن أشعر بازدحام في المواعيد أو ارتباك، فأنا أزن نفسي في البيت، وأرسل البيانات للدكتور على الواتس آب، فيبعث لي بالنظام الغذائي بعد مناقشتي معه حول ما يناسبني، وما أفضله، وما اكرهه من الطعام.  

أما سمر علي 29 عامًا، فبعد ولادتها وزيادة وزنها كان من الصعب عليها الالتزام ومتابعة طبيب التغذية، وتقول: ذهبت مرة واحدة للطبيب جلست معه ليفهم ما افضله من الطعام وتاريخي المرضي وقدمت له تحاليل عن حالتي الصحية، وتم قياس كمية الدهون والماء والسوائل في جسمي عن طريق جهاز في العيادة، وكانت هذه المرة كافية لأتابع معه على مدي شهور عن طريق الواتس آب، وسهل عليا النزول في الوزن دون ترك رضيعي.

أما ليلي محمد ٢٠سنة طالبة في كلية الفنون الجميلة، فاشتركت في نظام غذائي مناسب له مميزات عبارة عن أبليكيشن يحوي العديد من الوصفات الصحية اللذيذة والجديدة، وتقول:" عرفت من صديقاتي عن أبليكيشن يتم الاشتراك فيها بالدفع أونلاين، ليتم تنزيل يومياً وصفات غذائية بسيطة ولذيذة، أعمل حساب خاص بي ثم أدخل وزني وطولي، وأعرف كمية السعرات الحرارية التي احتاجها للنزول في الوزن وأتابعه أسبوعياً.

المتابعة الغذائية وفرت المرونة
الدكتور محمد أشرف أخصائي التغذية العلاجية وعلاج السمنةـ تحدث معنا عن تجربته في متابعة المرضى أونلاين قائلاً: كثير من المرضى الذين أتعامل معهم يعيشون حياة مليئة بالالتزامات العملية والعائلية، مما يجعل من الصعب عليهم زيارة العيادة بانتظام، والمتابعة أونلاين منحتهم الفرصة للالتزام بخطة التغذية دون أن يضطروا للتضحية بوقتهم، أتذكر سيدة كانت محاسبة في بنك، وكانت تواجه صعوبة في الموازنة بين مسئولياتها ومواعيد عملها وزيارة العيادة، والمتابعة أونلاين جعلت الأمر أسهل لها، حيث كانت تلتزم بمواعيدنا الأسبوعية دون أن تترك منزلها.

الخصوصية كانت أيضًا عاملًا مهمًا، بعض المرضى يشعرون بالحرج من مناقشة عاداتهم الغذائية أو وزنهم وجهًا لوجه.

يضيف د. أشرف، لكن هناك تحديات واجهتها في تجربة الأونلاين، فبعض الحالات تتطلب فحوصات بدنية أو تحاليل طبية لا يمكن إجراؤها عن بعد، مثل مرضى السكري أو أمراض القلب، وهنا قد لا تكون المتابعة أونلاين كافية وحدها.

ويختتم د. أشرف كلامه بأن ليس كل المرضى يجيدون استخدام التكنولوجيا، فبعضهم خاصة كبار السن، يواجهون صعوبة في التعامل مع التطبيقات أو المنصات الإلكترونية، وهذا قد يعيق عملية المتابعة ويجعلها أقل فعالية. 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية