تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
رغم ما تمثله الطاقة الشمسية من أمل كبير، في توفير كهرباء مستدامة ومنخفضة التكلفة لسكان القرى والمناطق النائية، لا تزال هذه التقنية بعيدة عن التعميم في الريف المصري، ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض المناطق من انقطاعات متكررة للكهرباء أو ضعف التيار، تقف عوائق التمويل والحاجة للتخطيط المحلي، حجر عثرة أمام استفادة المواطنين من هذه التقنية النظيفة، نسرد في السطور التالية فوائد تعميم الطاقة الشمسية؟ والعقبات التي تؤخر تحقيق هذا الحلم؟
مرفق الكهرباء
في البداية أصدر جهاز تنظيم مرفق الكهرباء، تقريرا أكد فيه أن تركيب ألواح شمسية منزلية، يمكن أن يوفر ما بين 60 - 80% من قيمة فاتورة الكهرباء الشهرية، خاصة في المنازل التي تعتمد على أجهزة إنارة وتبريد أساسية، كما أنه في بعض القرى التي تعاني من ضعف التيار الكهربائي، يمكن للطاقة الشمسية أن تكون مصدراً أكثر استقراراً وفاعلية، إضافة إلى أنها تحد من الحاجة لاستخدام المولدات الخاصة، التي تستهلك وقوداً مرتفع التكلفة، وتشكل خطراً بيئياً وصحياً كبيراً.
طاقة نظيفة
تتزايد الحاجة إلى الطاقة الشمسية في الريف المصري، مثل تشغيل مضخات المياه للري، وتبريد المنتجات الزراعية، وتدفئة البيوت الزراعية لتوفير درجة الحرارة أو البرودة المناسبة للمحاصيل، وتوفير الإضاءة، حسب محمد العزب، الخبير الاقتصادي، ويوجز أسباب الحاجة للطاقة الشمسية في الآتي:
1- انخفاض تكاليف التشغيل: فعلى المدى الطويل، تعتبر الطاقة الشمسية أكثر اقتصادا من استخدام الوقود التقليدي، أو الاعتماد على شبكة الكهرباء، حيث لا تتطلب تكاليف تشغيل إضافية بعد التركيب.
2- الحصول على طاقة نظيفة: فالطاقة الشمسية لا تنتج أي انبعاثات ضارة، مما يجعلها خيارا صديقا للبيئة، يساهم في تقليل البصمة الكربونية.
3- الاستقلالية عن شبكة الكهرباء العامة: ففي المناطق تعاني من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، توفر الطاقة الشمسية مصدراً آمناً ومستداماً للكهرباء، حيث تقوم بتشغيل الأجهزة الكهربائية، والإضاءة في المنازل الريفية، مما يقلل من الاعتماد على الوقود التقليدي، ويوفر في التكاليف.
4- ملاءمتها للمناطق النائية: حيث يمكن استخدام الطاقة الشمسية، في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو ربطها بشبكة الكهرباء العامة، مما يساعد على توفير الطاقة للأغراض الزراعية والمنزلية.
5- دعم العدالة: حيث تساهم الطاقة الشمسية، في توصيل الكهرباء إلى المناطق النائية والمحرومة، التي قد لا تحصل على إمدادات كافية من الكهرباء التقليدية، مما يعزز العدالة في الحصول على الطاقة.
6- تحسين الإنتاجية الزراعية: من خلال توفير طاقة مستقرة لأنظمة الري، حيث تشغيل مضخات المياه، لسحب المياه من الآبار أو الخزانات لري الأراضي الزراعية، خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه أو صعوبة الوصول إليها، مما يساعد على تحسين إنتاجية الأراضي الزراعية.
تحديات اقتصادية
ولفت محمد العزب، إلى أن التكلفة تقف عائقاً اقتصادياً مهماً أمام تنفيذ وتعميم الطاقة الشمسية في الريف، وخاصة أمام الفئات الأكثر احتياجاً، والفقراء، لأن تكلفة تركيب نظام طاقة شمسية منزلي بقدرة 5 كيلوات "أحمال شقة سكنية" تتراوح بين 60- 90 ألف جنيه، وهي تكلفة تفوق قدرة أغلب سكان القرى، ورغم وجود مبادرات حكومية ودولية لتقسيط التكلفة أو دعمها جزئياً، إلا أن انتشار هذا المشروع ما يزال محدودا، ولذلك يحتاج إلى التوعية اللازمة للمواطنين من حيث الاستفادة منه والفوائد.
تهالك الشبكات
أحمد جابر، خبير الطاقة، أكد على أن اللجوء للطاقة الشمسية يقلل من مشكلات تهالك الشبكات بالريف، خاص في الصعيد والقرى الصحراوية، حيث يقلل الأحمال على الشبكة القومية، ويقلص الفاقد الكهربائي، الذي يتجاوز 15% من إجمالي الطاقة المنتجة حاليا، بسبب بٌعد المسافات، وسوء التوصيلات.
وقال أن استخدام الطاقة الشمسية لا يخدم الأسر فقط، بل يخفف أعباء الدعم الحكومي للكهرباء، والذي يزيد عن 50 مليار جنيه سنوياً، حسب تصريحات وزارة الكهرباء، فالمواطن الذي يدفع استهلاك كهربي شهريا يمكنه توفير 80% من الاستهلاك في حالة الاعتماد على نظام هجين بين الطاقة الشمسية والتقليدية، ويرتفع التوفير في حالة المنازل التي تضم أجهزة ري أو تبريد لحفظ المنتجات الزراعية، حيث تعمل الأنظمة الشمسية على تخفيض تكلفة التشغيل وتقليل الفاقد من المنتجات.
استثمار طويل الأجل
وتواصلنا مع أحد مندوبي تجارة الألواح الشمسية، ويدعى "م.ع"، لرصد التكلفة الحقيقية لنظام الطاقة الشمسية لبيت أو مزرعة، حيث تعتبر تكلفة تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، من أكبر التحديات أمام تعميم استخدامها، وخاصة في المناطق الريفية والزراعية، فقال أن أسعار الألواح الشمسية في السوق المحلي تتراوح بين 1200 - 2000 جنيه للوح الواحد، بقدرات تتراوح بين 400 - 450 وات، بحسب نوع الخلية "مونو أو بولي كريستالين"، وكذلك مستوى الكفاءة، في حين يبلغ متوسط سعر النظام الشمسي المتكامل بين 7000 - 9000 جنيه لكل كيلو وات، ما يعني أن تركيب نظام منزلي بقدرة 5 كيلو وات، كافي لتشغيل إنارة وأجهزة أساسية قد يكلف ما بين 60 - 90 ألف جنيه، وهي تكلفة مرتفعة على سكان القرى.
غطاسات شمسية
أما في الاستخدام الزراعي، فتتفاوت تكلفة تشغيل مضخات المياه بالطاقة الشمسية، بحسب قوة الغطاس وعمق البئر، حيث تبدأ تكلفة تشغيل غطاس 1 حصان بـ 20 ألف جنيه، وتصل إلى 90 ألف جنيها للغطاس قوة 5 حصان، وهو ما يمثل استثمار كبير في البداية، لكنه يقلل التكاليف التشغيلية بشكل كبير، مقارنة بالمولدات التي تستهلك أكثر من 70 جنيهاً يوميا من الوقود لنفس القدرة.
ويبلغ العمر الافتراضي للألواح الشمسية 25 عاماً، مع احتفاظها بنسبة لا تقل عن 80% من كفاءتها بعدها، مما يضمن خفض تكلفة كبيرة على المدى الطويل، ويجعل النظام الشمسي خياراً اقتصادياً واستراتيجياً للمزارعين في المناطق النائية.
خطة قومية ريفية
أكد الدكتور هشام صادق، خبير الاقتصاد الأخضر، على أن الطاقة الشمسية في الريف ليست مشروعاً ترفيهياً، بل ضرورة اقتصادية حقيقية، ولها القدرة على خفض الدعم الحكومي للكهرباء، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز الإنتاج الزراعي.
دعا خبير الاقتصاد الأخضر، إلى تبني خطة قومية لنشر الطاقة الشمسية في الريف، ترتكز على تقديم الدعم الفني والتقني للمزارعين، وتوفير أنظمة تقسيط طويلة الأجل، ودمج المشروعات مع مبادرة "حياة كريمة".
مؤكداً أن تعميم الطاقة الشمسية في 1000 قرية، يمكن أن يتم بميزانية لا تتجاوز 5 مليارات جنيه، ويمكن استرداد هذا المبلغ خلال عامين فقط، من خلال خفض الدعم الحكومي للكهرباء، بأن يتم توفيره سنويا من موازنة دعم الطاقة.
عراقيل الانتشار في الريف
رغم الزخم العالمي والمحلي، حول أهمية التحول إلى الطاقة النظيفة، ما زالت الطاقة الشمسية في الريف تعاني من واقع بطيء التقدم، تتصدره عقبات تشريعية، وتنظيمية، وتجارب معزولة لم تتحول إلى سياسة عامة، رغم ما تحققه من نجاحات.
فبحسب تقرير صادر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن من أهم التحديات التي تعرقل انتشار الطاقة الشمسية في القرى، هو الحاجة للتنسيق الكامل بين الكهرباء والتنميةالمحلية في هذا الصدد وإيجاد خطة مشتركة لذلك، لأن هناك تحدي في تنفيذ المشروعات، خاصة في المناطق غير المخططة، حيث تستغرق إجراءات التراخيص والتوصيلات وقت طويل ومعقد، ما يؤدي إلى عزوف المستثمرين سواء المحليين أو الدوليين.
تجارب ناجحة لم تتحول إلى سياسة
رغم التحديات، نجحت بعض التجارب النموذجية في إحداث أثر واضح، مثل مشروع الطاقة الشمسية في قرى الوادي الجديد، الذي نفذ بدعم من الأمم المتحدة، وحقق وفر بنسبة 70% من نفقات التشغيل، كما قامت جمعيات أهلية في سوهاج وأسيوط بتركيب وحدات شمسية، بتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، إلا أن هذه الجهود ظلت مبادرات منعزلة، تفتقر للربط بخطة قومية متكاملة.
جهود دولة
مؤخراً، شهد رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي، توقيع عقد إنشاء مجمع صناعي متكامل بالعين السخنة، لإنتاج مستلزمات الطاقة الشمسية، تنفذه شركة صينية، باستثمارات 200 مليون دولار، على مرحلتين، ويتوقع أن يوفر أكثر من 1800 فرصة عمل، ويحقق عائدات تصديرية سنوية تقدر بـ 300 مليون دولار، وذلك في ظل الاهتمام المتزايد بمشروعات الطاقة الشمسية في مصر، خاصة في المناطق الريفية، وفي محاولة للتغلب على تحديات التنفيذ، وارتفاع تكلفة المستلزمات المستوردة، وضعف القدرة على توفيرها محليا، وكذلك عدم توافر بنية تحتية فنية وتنظيمية ملائمة.
يهدف المشروع إلى إنتاج الخلايا والوحدات الشمسية بقدرة 2 جيجاوات لكل منها، كمرحلة أولى، ثم توطين تصنيع المواد الخام، مثل السيليكون ورقائق السيليكون في المرحلة الثانية، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد، وخفض التكلفة، وتسريع نشر الطاقة النظيفة خاصة في المناطق الريفية، لكنه يتطلب استكمال دعم البنية التحتية، وضمان التوزيع العادل للتقنيات، ورفع الوعي المجتمعي، حول أهمية التحول للطاقة المتجددة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية