تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي، عن نجاح إصدار صكوك سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار، في خطوة جديدة تهدف إلى تنويع أدوات الدين، وتوفير تمويل متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مع دعم احتياطي النقد الأجنبي، وتمويل مشروعات تنموية مدرجة بالموازنة العامة.
ويمثل هذا الإصدار جزءًا من برنامج دولي وضعت وزارة المالية أُسسه خلال العامين الماضيين، ويُعد ثاني إصدار بهذا الحجم، بعد أن سددت مصر سندات دولية مستحقة بقيمة 1.25 مليار دولار.
ما هي الصكوك السيادية؟
الصكوك السيادية هي أوراق مالية تصدرها الحكومات بقيمة اسمية موحدة، وتمثل حصصًا في حقوق انتفاع بأصول مملوكة للدولة ملكية خاصة، دون المساس بحق الملكية. ويجري إصدار هذه الصكوك وفقًا لقانون رقم 138 لسنة 2021، ويتم طرحها على المستثمرين بعائد محدد، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية.
ويُعد الفرق الأساسي بين الصكوك والسندات أن الصكوك تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتُبنى على أساس "حق الانتفاع" وليس الفائدة، وهو ما يجعلها جاذبة لشريحة من المستثمرين، خاصة في الخليج وآسيا، الذين يفضلون أدوات مالية لا تتعارض مع المعاملات الإسلامية.
نقلة نوعية في تمويل الدولة
أكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن إصدار الصكوك السيادية يمثل تحوّلًا مهمًا في سياسة إدارة الدين العام في مصر، مشيرًا إلى أنها أداة تمويلية حديثة تتيح للدولة استغلال أصولها دون بيعها، مع الحصول على تمويل مباشر لتغطية الفجوة التمويلية.
وأضاف أن الصكوك توفر بديلاً أكثر كفاءة وأقل تكلفة من بعض أدوات الدين التقليدية، كما تمنح الدولة مرونة في التمويل بعيدًا عن شروط المؤسسات الدولية، ما يساعد على تخفيف الضغط عن الموازنة العامة وتحقيق نوع من الاستقلال المالي في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية.
أداة ذكية لتمويل المشروعات دون المساس بالأصول
من جانبه، وصف الدكتور عادل عامر، الخبير المالي، الصكوك السيادية بأنها وسيلة ذكية لتحقيق السيولة دون التفريط في الأصول الاستراتيجية. وأوضح أن إصدار الصكوك يعتمد على استخدام العائد المتوقع من الأصول كضمانة، بينما تظل ملكية الأصل محفوظة للدولة.
ولفت إلى أن وزارة المالية تتبع سياسة رشيدة في توجيه حصيلة الصكوك نحو مشروعات محددة وواضحة، بما يعزز الشفافية ويُطمئن المستثمرين، مؤكدًا أن هذا النوع من التمويل يتيح شراكة مستدامة بين الدولة والمستثمرين، ويخدم أهداف التنمية دون المساس بسيادة الدولة أو أمنها الاقتصادي.
الصكوك متعددة الصيغ وتناسب كافة المشروعات
أما الدكتور فرج عبد الفتاح، الخبير المصرفي، فأوضح أن الصكوك السيادية تتميز بتنوع صيغها، إذ يمكن إصدارها بصيغ مختلفة مثل "الإجارة" أو "المضاربة" أو "الوكالة" أو "المشاركة"، أو خليط منها، وفقًا لطبيعة كل مشروع واحتياجاته التمويلية.
وأكد أن هذا التنوع يمنح الحكومة المصرية مرونة كبيرة في تصميم إصدارات مناسبة لكل حالة، ويُسهم في توسيع قاعدة المستثمرين، لا سيما من المؤسسات المالية والصناديق السيادية التي تفضل الشفافية والاستثمارات طويلة الأجل، خاصة في أسواق الخليج وجنوب شرق آسيا.
تفاصيل الإصدار.. إقبال عالمي وعائد تنافسي
وكانت وزارة المالية، قد أعلنت أن الإصدار الأخير من الصكوك السيادية مدته ثلاث سنوات، وسيُسترد أصل المبلغ عند نهايتها. وقد تم إدراج الصكوك رسميًا في بورصة لندن، ما يعزز من شفافية الإصدار وقابليته للتداول عالميًا.
وشهد الطرح إقبالًا كبيرًا من المستثمرين، حيث تقدم أكثر من 250 مستثمرًا من دول الخليج وآسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وبلغ العائد النهائي 10.875%، منخفضًا بـ75 نقطة أساس عن العائد المبدئي البالغ 11.625%، ما يُعد مؤشرًا على الثقة في الاقتصاد المصري وإدارة الإصدار.
دور الشركة المصرية للتصكيك السيادي
تتولى "الشركة المصرية المالية للتصكيك السيادي"، التابعة لوزارة المالية، مسؤولية تنفيذ الإصدارات، وتقييم الأصول التي تُبنى عليها، والإشراف على العقود، بما يضمن التزام الدولة بالقواعد الفنية والشرعية.
وتُصدر الصكوك في شكل شهادات إلكترونية أو ورقية، ويمكن طرحها داخل مصر أو خارجها، وفقًا لضوابط اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك السيادية، مع فتح حساب خاص في البنك المركزي تُودع فيه الحصيلة، لتعزيز الشفافية والرقابة.
إصدار مدعوم بأصول.. دون المساس بالملكية العامة
وفقًا للقرار الجمهوري رقم 299 لسنة 2025، تم تخصيص نحو 41,515 فدانًا من الأراضي المملوكة للدولة في منطقة رأس شقير بمحافظة البحر الأحمر لصالح وزارة المالية، لاستخدامها في إصدار الصكوك بنظام "حق الانتفاع" فقط، دون منح "حق الرقبة" أو بيع الأرض.
وأكدت الحكومة أن استخدام الأصول كضمانة لا يُعد تفريطًا في ملكيتها، بل توظيفًا لها في إطار قانوني منظم يخدم المصلحة العامة، ويؤكد احترام سيادة الدولة وأمنها القومي.
خطة مستقبلية للتمويل بـ5 مليارات دولار
وضمن البرنامج الدولي للصكوك، تسعى الحكومة لإصدار أدوات تمويلية بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال السنوات القادمة. وقد تم تسجيل البرنامج في بورصة لندن منذ عام 2023، بما يمنح الحكومة قدرة أكبر على التحرك في الأسواق المالية الدولية وفق آليات التمويل الإسلامي.
ويعكس هذا التوجه رغبة الحكومة في التوسع باستخدام أدوات تمويل حديثة تتسم بالاستدامة، وتقلل من الاعتماد على القروض المكلفة، خاصة في ظل تحديات التمويل العالمي وتقلبات أسعار الفائدة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية