تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "الشراء بالتقسيط".. طوق النجاة أم فخ الديون للمصريين؟
source icon

سبوت

.

"الشراء بالتقسيط".. طوق النجاة أم فخ الديون للمصريين؟

كتب:محمود جودة

في ظل ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية، تحول الشراء بالتقسيط إلى حلٍّ يلجأ إليه ملايين المصريين للحصول على السلع الأساسية التي يعجزون عن شرائها نقدًا، لكن وراء هذه التسهيلات المغرية، تكمن مخاطر الديون المتراكمة، خاصة مع غياب الوعي المالي، وارتفاع أسعار الفائدة، وتوسع التطبيقات التي تروج لشعارات مثل "اشتري الآن وادفع لاحقًا"، فهل أصبح التقسيط وسيلة للنجاة أم بابًا لدوامة ديون لا تنتهي؟

موظف يدفع 70% من راتبه أقساطًا
عارف إبراهيم، موظف في شركة خاصة براتب 5 آلاف جنيه، يدفع 3500 جنيه شهريًا كأقساط لشراء "لابتوب" عمل بهدف تحسين دخله، بالإضافة إلى مبرد هواء اشتراه لمواجهة حرارة الصيف، ورغم أن الشركة عرضت عليه التقسيط "بدون فائدة"، إلا أنه اضطر لدفع رسوم إدارية بلغت 12% من قيمة الجهاز.

تكييف على حساب الأساسيات
مصطفى محمود، رب أسرة، اضطر لشراء مكيف هواء بدفع 40% من دخله شهريًا لمدة عام ونصف، مما أثر على ميزانيتهم واضطرهم للتضحية باحتياجات أساسية، يقول: "الحرارة أصبحت لا تُحتمل، خاصة مع وجود أطفال يصابون بإجهاد حراري".

فيزا المشتريات.. راتب ينفد قبل استلامه
أحمد مصطفى، موظف آخر، يعتمد على فيزا المشتريات لتغطية احتياجاته الشهرية، لكنه يجد نفسه عالقًا في دائرة السداد المتأخر والغرامات، حيث يقول: "راتبي ينفد قبل أن أستلمه بسبب الأقساط والفوائد المتراكمة".

طفرة التقسيط
شهدت مصر طفرة غير مسبوقة في أنظمة التقسيط، مدعومة بانتشار تطبيقات مختلفة سهلة الاستخدام، ومعها ارتفعت طلبات الشراء بالتقسيط بنسبة 62% في 2024 مقارنة بـ 2022، وتجاوزت التمويلات الاستهلاكية 45 مليار جنيه في النصف الأول من 2024 وحده، وأكثر من 9 ملايين مواطن يستخدمون خدمات التقسيط الإلكتروني حاليًا.

التقسيط وتغيير سلوك المستهلك
يرى الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم، أن التقسيط غيّر عادات الشراء جذريًا، حيث زادت النزعة الاستهلاكية دون حساب القدرة الحقيقية على السداد، وكشفت دراسة لمركز معلومات مجلس الوزراء أن 41% من الأسر المصرية اشترت بالتقسيط خلال عام، بينما تأخر 28% عن سداد الأقساط واضطروا للاقتراض من جديد.

ويحذر الخبير من أن "التقسيط غير المنضبط قد يؤدي إلى أزمة ديون استهلاكية، خاصة مع رفع أسعار الفائدة".

شركات التمويل 
في مواجهة الطلب المتزايد، توسعت شركات التمويل الاستهلاكي بشكل لافت، مقدمة تسهيلات تصل إلى 36 شهراً، وأحيانا دون مقدم، حسب هاني كمال، المحلل المالي، لكن ذلك يصاحبه بعض المشكلات التي تدور حول ارتفاع أسعار الفائدة الفعلية، التي تصل إلى 25% سنويا في بعض الحالات، إضافة إلى فرض رسوم إدارية خفية، وتعقيد إجراءات السداد المبكر أو إنهاء التعاقد.

وقال هاني كمال، أن هيئة الرقابة المالية، أكدت في تقريرها السنوي، أن إجمالي عدد شركات التمويل الاستهلاكي بلغ 41 شركة مرخصة، ودعت المواطنين إلى التعامل فقط مع الجهات المعتمدة، لافتًا إلى أن الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات تصدرت قائمة المشتريات بنسبة 28.46% من إجمالي حجم التمويلات، تليها السيارات والمركبات بنسبة 23.37%، ثم الأثاث بواقع 11.3%، ويعكس هذا التوسع رغبة المستهلكين في الحفاظ على مستوى معيشي معين، حتى وإن اضطرهم ذلك، إلى الدخول في التزامات طويلة الأجل، ما يفتح المجال أمام تساؤلات عن مدى استدامة هذا النمو، وارتباطه بالقدرة الحقيقية على السداد.

تحديات تحتاج إلى حلول
رغم الفوائد، يواجه التقسيط تحديات كبيرة، أبرزها:

- غياب الشفافية في عقود التقسيط وعدم وضوح بنود الفائدة والرسوم.

- ضعف الوعي المالي، حيث يلجأ الكثيرون للتقسيط كخيار أول بدلًا من كونه حلًا طارئًا.

- عدم كفاية التشريعات لحماية المستهلك من الممارسات غير العادلة.

كل هذه التحديات، دعت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إلى دراسة تأثير التمويل الاستهلاكي على الفئات الهشة، ومراجعة سقف الفوائد والرسوم، ووضع ضوابط تحمي المستهلكين دون الإضرار بالشركات، خاصة أن التقسيط بات شريان حياة لكثير من المصريين، لكنه يحمل وجها آخر من المخاطر، إذا لم يُحسن المواطن استخدامه، وإذا لم توضع أطر رقابية قوية لضبط ممارسات السوق، فإن التقسيط لن يظل طريقًا للنجاة في ظل الغلاء، بل سينقلب إلى دوامة غرق لأصحاب الدخول المحدودة.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية