تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تصاعدت مخاوف في الشارع المصري خلال السنوات الأخيرة، جراء المركبات الدوائية التي تخلط في أعلاف الحيوانات والطيور دون رقابة أو إشراف، بهدف تسريع النمو ومن ثم تعظيم الأرباح، والتي تتحول في النهاية إلى "سموم حيوية" تتسلل إلى المصريين عبر موائدهم،و ترفع معدلات مقاومنهم للميكروبات، فضلا عن أنها تشكل أزمة صامتة تهدد الثروة الحيوانية.
من خلال سطورنا، نرصد أشهر المضادات والعلاجات المستخدمة في مزارع الدواجن والمواشي، لكشف مخاطرها الصحية والاقتصادية، بالاستناد إلى تحذيرات الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، وتقارير المركز القومي للبحوث.
من خلال سطورنا، نرصد أشهر المضادات والعلاجات المستخدمة في مزارع الدواجن والمواشي، لكشف مخاطرها الصحية والاقتصادية، بالاستناد إلى تحذيرات الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، وتقارير المركز القومي للبحوث.
سموم صامتة
قال الدكتور حسام الدين حسن، استشاري الطب البيطري، أن هذا الاستخدام العشوائي، لا يسبب أضرارا للحيوان فقط، حيث يتحول إلى سموم صامتة تصل إلى موائد المواطنين، وتدعم أخطر ظاهرة طبية في العالم، وهي مقاومة الميكروبات للمضادات.
وربط د.حسام، بين هذه الأزمة وما يعرف في الطب الحديث بمفهوم "الصحة الواحدة"، الذي ينظر للإنسان والحيوان والبيئة كوحدة متكاملة، لا يمكن التعامل مع صحتها بمعزل عن بعضها، فكل خطأ في إدارة صحة الحيوان يرتد مباشرة على صحة البشر، وهو ما بدأ يظهر بالفعل في المستشفيات، وغرف العناية المركزة.
سوق منفلت
ويشير استشاري الطب البيطري، إلى أن ممارسة العلاج البيطري، باتت متاحة لعدد كبير من غير المتخصصين، الذين يفتقرون للتدريب، ويكتسبون خبراتهم من التجربة والخطأ، موضحا أن العديد منهم يصفون مضادات حيوية شديدة الحساسية دون وعي بفترات السحب أو الجرعات الآمنة، ما يؤدي إلى كارثة علمية، كلما تفشت عدوى أو وباء داخل المزارع.
وفي ظل غياب الرقابة، تباع المضادات الحيوية في الأسواق لمن يرغب، والحديث مازال لـ د.حسام الدين، حيث تتاح أمام المربين عبوات مثل "التتراسيكلين" و "الأمبيسيلين" و "الكولستين"، وهي مثل المبيدات الزراعية، بينما يختفي إشراف الطبيب المختص، متابعا: "هذا الانفلات، وفق تقارير الهيئة العامة للخدمات البيطرية، يرفع معدلات سوء الاستخدام، ويفتح الباب لظهور سلالات ميكروبية، يصعب استجابتها لأي علاج".
إضافات خطرة
ويؤكد الدكتور حسام الدين حسن، أن بعض المربين يلجئون لخلط مضادات حيوية مثل "الكلورامفينيكول" و "النيومايسين" و "السلفوناميدات"، مع الأعلاف فيما يعرف بـ "البريمكس"، من أجل تسريع نمو الطيور وتعظيم الأرباح، مستطردا: "ورغم سرعة النتائج، إلا أن هذه المركبات تترك بقايا دوائية داخل اللحوم والبيض، تظل في الأنسجة لأكثر من ستين يوماً، وهو ما تحذر منه منظمتي الصحة العالمية، والأغذية والزراعة، باعتباره من أخطر مسببات مقاومة الميكروبات".
تجاوز الحدود العالمية
وتشير دراسات المركز القومي للبحوث، إلى أن عينات من لحوم الدواجن في السوق المحلية، احتوت على آثار من "الأوكسيتتراسيكلين"، و "السلفاديازين"، بنسب تتجاوز الحدود العالمية، مما يعني أن المستهلك يتعرض بشكل يومي لجرعات دوائية غير معلنة.
ويشدد استشاري الطبي البيطري، على أن الخطر لا يكمن في الجرعات الخاطئة فقط، ولكن في بقاء المضاد الحيوي داخل أنسجة الحيوان، وإذا لم يتم الالتزام بفترة السحب قبل الذبح، فإن هذه المتبقيات تسبب مشكلات صحية مباشرة لدى البشر، منها الحساسية الشديدة، واضطرابات الكبد والكلى، وتأثيرات محتملة على المناعة، والميكروبيوم المعوي.
ويضيف: تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن 75% المضادات الحيوية المستخدمة طبيا، تفقد فعاليتها سريعا بسبب الإفراط في استخدامها داخل الحيوانات، لاسيما الفلوروكينولونات، والسيفالوسبورينات، التي تعد الأكثر تسببا في المقاومة، حين تستخدم دون رقابة.
أزمة وبائية بمضاعفات اقتصادية
ويؤكد الدكتور علي محمود، الطبيب البيطري، على أن استخدام المضادات الحيوية بكثرة دون داعي، يتسبب في فشل العلاج الحقيقي للحيوان خاصة في الطيور، إذ يحول الإصابات البسيطة إلى حالات معقدة تستدعي تدخلات مكلفة، متابعا: والأخطر هو ما يحدث في حالات الأوبئة، حيث يفترض أن تدار بطريقة علمية دقيقة، لكن غياب الطبيب المؤهل، واعتماد المزارع على وصفات عشوائية، يؤدي إلى نفوق واسع المجال، وخسائر اقتصادية ضخمة.
وتشير منظمة الأغذية والزراعة، إلى أن الدول التي لا تلتزم بضبط استخدام المضادات، تواجه تراجعا في جودة اللحوم، وصعوبة في دخول أسواق التصدير، التي تشدد على فحص المتبقيات داخل المنتجات الحيوانية.
مزارع معزولة
يؤكد الطبيب البيطري، أن نسبة كبيرة من المزارع الصغيرة، تدار دون إشراف بيطري، وتعتمد على نصائح غير المتخصصين، ما يسهم في استخدام أدوية مجهولة المصدر، بعضها ينتج في مصانع غير مرخصة، ضبطتها حملات شرطة المسطحات، ووزارتي الزراعة والتموين، وهذه المستحضرات المقلدة لا تؤدي وظيفة علاجية، بل تخلق مشكلات جديدة للحيوان، وتزيد المتبقيات داخل اللحوم.
أدوية اعتيادية
وأشار د.علي، إلى أبرز الأدوية التي يلاحظ انتشارها بين المربين، وتتضمن (الكولستين) الذي يسبب مقاومة خطيرة وتم منع استخدامه في عدة دول، و(الأوكسيتتراسيكلين)، المعروف ببقائه الطويل داخل الكبد، وكذلك (الإنروفلوكساسين) أحد أخطر مضادات الفلوروكينولون، و (السلفوناميدات) التي تسبب الحساسية واضطرابات النمو
ويرى أن استمرار استخدامها دون وصفة، سيؤدي إلى انتشار لحوم ملوثة بميكروبات مقاومة، مثل "السالمونيلا" التي ظهرت في نحو 5 عينات لحوم بالولايات المتحدة، ووجد أن أغلبها مقاوما لنوع واحد على الأقل من المضادات.
حلول مطلوبة
ويرى د. علي، أن مواجهة الأزمة تبدأ بإغلاق باب الفوضى، عبر تشريعات واضحة تمنع بيع المضادات الحيوية دون وصفة، وإلزام المربين بفترات السحب، وزيادة التفتيش على المزارع الصغرى، وتدريب المربين، وتوفير بدائل طبيعية لتقليل الاعتماد على المضادات، مع توسيع دور الطبيب البيطري المؤهل، باعتباره الحلقة الأهم في حماية صحة الإنسان قبل الحيوان.
ومن أخطر التبعات على صحة الإنسان، نتيجة استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات والطيور بشكل مفرط، هي الإصابة بالحساسية وفرط الحساسية، والسرطان، ومقاومة الأدوية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية