تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : الروائح.. بوابتنا إلى الذكريات والمشاعر
source icon

سبوت

.

الروائح.. بوابتنا إلى الذكريات والمشاعر

كتب:نهى العليمي

هل ارتبطت لديك يومًا رائحة معيّنة بمكان أو زمان؟ ربما تتذكر بيت جدتك عندما تمرّ بك رائحة طعام معيّن فتعيد إليك دفء حضنها، أو يظهر فجأة في ذاكرتك صديق قديم عندما يلامس عطر معيّن أنفك.

هل استطاعت رائحة القهوة يومًا أن تبدّل مزاجك؟ أو أي رائحة أخرى اختبرتَ تأثيرها في استعادة ذكرياتك والتحكّم بمشاعرك في ثوانٍ معدودة؟

هذا ليس سحرًا، بل حقيقة علمية تتضح أكثر مع كل دراسة جديدة تكشف العلاقة الدقيقة بين الروائح وكيمياء المخ والمشاعر.

الروائح وتقليل التوتر
في عام 2024 نشرت مجلة Scientific Reports دراسة شملت 486 مريضًا في عيادات الأسنان، وُضعوا وسط بخور خفيف من رائحة البرتقال أو خليط عطري، وكانت النتيجة لافتة؛ النساء اللواتي استنشقن العطر انخفضت لديهن مستويات القلق الحاد بنسبة تقارب 9٪ مقارنة بالمجموعة التي لم تتعرض للرائحة.

وفي بحث آخر، حلّل باحثون من جامعة طوكيو عام 2024 خمس عشرة تجربة سريرية على 821 مريضًا نفسيًا، فوجدوا أن العلاج بالزيوت العطرية خفّض درجات التهيّج والسلوك العدواني بمعدلٍ متوسط.

أما لدى الأطفال، فقد بيّنت مراجعة في مجلة Medical Sciences (2025) أن استنشاق اللافندر قبل عمليات الأسنان ساهم في تقليل القلق والألم بدرجة ملحوظة، وهو ما فتح الباب أمام تجارب أوسع في هذا المجال الطبي، ورغم أن الدراسات ما تزال محدودة، فإن نتائجها واعدة في عالمٍ يبحث عن بدائل لتخفيف التوتر وصناعة بيئة أكثر هدوءًا.

كيف تُترجم الرائحة إلى شعور؟
الرائحة في حقيقتها لغة كيميائية دقيقة جدًّا، فعندما نستقبلها عبر الأنف، تنتقل جزيئاتها مباشرة إلى الدماغ عبر مسار على اتصال وثيق بالجهاز المسؤول عن المشاعر والذاكرة.

يقول الدكتور محمد عاطف، استشاري المخ والأعصاب: "لهذا السبب يمكن لرائحةٍ معيّنة أن تعيد إلينا ذكرى قديمة أو إحساسًا عاطفيًا كاملًا،. فحين نشمّ عطراً، لا تمرّ الإشارة العصبية عبر الممرات الطويلة المعتادة؛ بل تقفز مباشرة إلى اللوزة الدماغية مركز العاطفة، ومنها إلى الحُصين الذي يحفظ الذاكرة، أي أن الرائحة لا تُذكّرنا فحسب، بل تُعيدنا إلى اللحظة نفسها بكل تفاصيلها."

ويضيف، أن العديد من الدراسات الحديثة تعتمد بروتوكولات علاجية مساعدة بالروائح لتقليل التوتر، تحسين النوم، تهدئة النشاط العصبي، خفض ضغط الدم، وتحسين التركيز، ولهذا تُستخدم روائح محددة في جلسات التدليك لإعادة بناء استجابات إيجابية، وهو ما يُعرف بالعلاج بالعطور أو Aromatherapy.

فالزيوت العطرية مثل اللافندر والياسمين ثبت أنها تخفّض معدل ضربات القلب، وتقلل ضغط الدم، وتزيد إفراز السيروتونين المسؤول عن الشعور بالسعادة.
ويستكمل د. عاطف، حتى الروائح الكريهة لها أثر نفسي قوي؛ فهي تثير الجهاز العصبي السمبثاوي وتدفع الجسم لحالة تأهّب تشبه الخطر، لذلك نشعر بالانزعاج أو الغضب حين نتعرض لرائحة نفاذة أو فاسدة.

الذاكرة العاطفية
أما الدكتور هشام فايد، استشاري الطب النفسي، فيرى أن الرائحة تربط بين وعي الإنسان وذكرياته العاطفية. ويقول: "عندما يشم الإنسان رائحة مألوفة، لا يستعيد فقط الموقف المرتبط بها، بل يعيش المشاعر نفسها التي شعر بها آنذاك. الرائحة تجربة وجدانية متكاملة."

ويوضح أن الأنف يحتوي على مئات المستقبلات الشمية، كل منها مهيّأ للتفاعل مع مجموعات محددة من الجزيئات، وعندما ترتبط الجزيئات بمستقبلاتها، تُرسل الخلايا العصبية الشمية إشارات كهربائية إلى مناطق الدماغ المسئولة عن التعلم والعاطفة والذاكرة.

فإذا ارتبطت الرائحة بلحظة عاطفية قوية، فإن الدماغ قادر على حفظها إلى أجل غير مسمّى، وهي ما نسميه الذاكرة العاطفية، لذلك لا ننسى رائحة الأم أو رائحة بيت الطفولة؛ لأنها محفورة في المخ.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية