الخيط الناظم بين الطفل والكاتب هي المشاعر، هذه الأخيرة التي يعجز الذكاء الاصطناعي عن توفيرها مهما قدم من معلومات وحاول تأليف قصص، لكنه أيضا يستطيع التنبؤ باحتياجات خدمات الصحة العقلية بين مرضى السرطان.

فالحد الفاصل بين ما يمكن أن يقدمه هذا الأخير من معلومات وما يكتبه الكاتب في روايته، هو المشاعر العاطفية والأبوية وهي حقيقة أكدت عليها الكاتبة المغربية قمر أعراس وقالت: لا يمكن لجهاز الروبوت أن يربي أطفالا ويبني أجيال المستقبل بدلا عن الآباء، فلا أرى أن بإمكانه تربية جيل من خلال الكتابة، والكاتب إنسان ومربي، يراعي هذه الخصوصية فيما يقدمه لهذه الفئة، وتحركه مشاعره قبل مخيلته، وبالتالي ينعكس ذلك على ما يقدمه لهؤلاء الأطفال من إنتاجات فكرية، بعيدة تماما عن أي جمود معلوماتي.
واعتبرت الكاتبة المغربية أن الكتابة للأطفال سهل ممتنع، إلا أنها مسؤولية كبيرة، مشيرة إلى أن الطفل بعادته يرى أكثر مما يسمع ويقرأ، وتثير الألوان والصور اهتمامه بشكل أكبر، لذلك لابد من أن تتضمن كل صفحة من قصص الأطفال رسومات دالة على ما يقرؤه، خاصة وأنه كلما تقدم الطفل بالعمر، ينجذب نحو الفكرة أكثر، وهو ما يفسر قلة الرسومات في كتب اليافعين، في محاولة لاستمالة خيالهم، وجعلهم يكونون بأنفسهم صورا تمثلهم وتعكس ما استوعبوه من القصص التي يطالعونها.
وقالت أعراس - في حوار لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط في مهرجان الشارقة القرائي للطفل 2024 - "إنها متخصصة في أدب اليافعين، بحكم عملها "معلمة"، وتعاملها مع الفئة العمرية التي تتراوح بين سن 11 و17 عاما، لما يزيد على 15 عاما، لذلك فأنا ألمس تطلعاتهم، أفكارهم، وأحلامهم، أؤثر فيهم بشكل أو بآخر عندما أقدم معلومة وأرغب في أن يستوعبوها، ويسلكوا الطريق الأقرب إلى عقولهم.. وقد كتبت روايتين لهذه الفئة العمرية".
وأضافت "أن الأدب الخاص باليافعين قليل جدا في الوطن العربي، وهو فكر وأدب بدأ حديثا، لذلك قررت، بحكم اطلاعي على الأدب الإسباني، أن أنقل بعضا من الأدب اللاتيني للقراء العرب، عن طريق ترجمة بعض المؤلفات، مع الحرص على انتقاء ما يلائم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لذا، قدمت سلسلة قصصية مترجمة عن كتب اليافعين، ونجحت الفكرة".
وعن انطباعها فيما يتعلق بمؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة الذي حل عليه ضيوف عالميون في مجال صناعة أفلام الكارتون، أكدت أن الاهتمام بالمجال البصري من خلال مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة، الذي ينظم هذا العام على مدى 5 أيام، مبادرة فريدة تخلق متعة أكبر لجيل الألفية الذي يختم بالصورة والمؤثرات البصرية أكثر من أي وقت مضى.

لكن الذكاء الاصطناعي يتنبأ باحتياجات الصحة العقلية للمرضى 

فقد طور باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، نموذجا رائدا للذكاء الاصطناعي مصمما للتنبؤ باحتياجات خدمات الصحة العقلية بين مرضى السرطان.
ويقوم هذا الذكاء الاصطناعي، باستخدام الشبكات العصبية المتقدمة ومعالجة اللغة الطبيعية، بتحليل ملاحظات أطباء الأورام من الاستشارات الأولية لاكتشاف المؤشرات الدقيقة؛ لمتطلبات الصحة العقلية المحتملة للمريض.
وتمكن قدرة الذكاء الاصطناعي، على تفسير الفروق الدقيقة في اللغة الطبية من تحديد المرضى، الذين قد يستفيدون من التدخلات النفسية أو الاستشارية المبكرة.
وكشفت النتائج المنشورة - مؤخرا في طب الاتصالات - أن نموذج الذكاء الاصطناعي هذا؛ يمكنه التنبؤ - بدقة - تزيد عن 70 %، فيما إذا كان مريض السرطان؛ سيحتاج إلى خدمات نفسية أو استشارية خلال غضون عام من استشارته الأولى.
وأكد الدكتور جون خوسيه نونيز، أستاذ الطب النفسى في مركز اضطرابات المزاج بجامعة كولومبيا البريطانية، أهمية هذا التطور، موضحا أن علاج السرطان لا يتطلب جهدا بدنيا؛ فحسب، بل يمثل أيضا تحديا عاطفيا وعقليا.
ويعمل الذكاء الاصطناعي، كمساعد شخصي لأطباء الأورام، ويساعدهم على التعرف على احتياجات الصحة العقلية في وقت أقرب وضمان حصول المرضى على الدعم اللازم بسرعة.
وتشير الأبحاث إلى أن الصحة العقلية تؤثر - بشكل كبير - على نتائج علاج السرطان ونوعية الحياة بشكل عام، غالبا ما يعاني المرضى الذين يعانون من الاكتئاب والقلق من معدلات بقاء أقل.
ويرجع ذلك على الأرجح إلى صعوبات في الالتزام بخطط العلاج وإدارة الآثار الجانبية، على الرغم من الحاجة الماسة للخدمات الطبية؛ فإن حوالي 15 % فقط من مرضى السرطان يحصلون حاليا على خدمات الطب النفسي، بينما يستفيد 45 % آخرون من الاستشارة.
ويتطلع الباحثون - الآن - إلى التعاون مع أطباء الأورام والمرضى لاستكشاف التطبيقات العملية لأداة الذكاء الاصطناعي هذه، والتي يمكن أن تتراوح من حث أطباء الأورام على مناقشة خيارات رعاية الصحة العقلية مع مرضاهم إلى إرسال رسائل بريد إلكتروني مخصصة للمرضى تسرد الخدمات المتاحة.
نصم - أ د ه - ك ف