تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
تشهد كواليس مجلس الأمن الدولي حراكًا أمريكيًا مكثفًا خلال الأيام الحالية، بهدف تمرير الخطة التي وضعتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لإدارة قطاع غزة بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
ويعدّ "مجلس السلام" الركيزة الأساسية في هذه الخطة، إذ تسعى واشنطن للحصول على الشرعية الدولية اللازمة لإدارة شئون غزة حتى عام 2027، رغم الانتقادات الواسعة الموجهة لبنودها، وهو ما يخلق ما يمكن وصفه بـ "هندسة أمريكية" تحت "مظلة أممية" تنقل القطاع من مرحلة الهدنة الهشة إلى حكم شبه مستقر.
ويعدّ "مجلس السلام" الركيزة الأساسية في هذه الخطة، إذ تسعى واشنطن للحصول على الشرعية الدولية اللازمة لإدارة شئون غزة حتى عام 2027، رغم الانتقادات الواسعة الموجهة لبنودها، وهو ما يخلق ما يمكن وصفه بـ "هندسة أمريكية" تحت "مظلة أممية" تنقل القطاع من مرحلة الهدنة الهشة إلى حكم شبه مستقر.
إدارة انتقالية بغطاء دولي
يرى الدكتور أحمد محمد مرتجى، المحلل السياسي والأمني الفلسطيني، أن الحراك الأمريكي في كواليس مجلس الأمن بشأن مشروع القرار المعدّل حول غزة يدفع نحو صيغة دولية جديدة لإدارة القطاع تحت شعار "إنهاء الصراع" وتحقيق الاستقرار، لكنها في جوهرها تؤسس لمرحلة إدارة انتقالية بغطاء أممي.
وأوضح أن المسودة الأمريكية - كما كشفتها تقارير دبلوماسية - لا تقتصر على الدعوة لوقف الحرب، بل تطرح خطة هيكلية لإدارة غزة عبر ما يسمى بـ "مجلس السلام"، الذي سيتولى المهام المدنية، إلى جانب قوة دولية تعمل بالتنسيق مع مصر وإسرائيل لضمان الأمن ونزع السلاح.
وصاية دولية وإعادة هيكلة الأمن
وأشار د. مرتجى إلى أن واشنطن تسعى لترتيب مرحلة ما بعد الحرب بطريقة تمنحها السيطرة غير المباشرة على شكل الحكم في غزة دون وجود عسكري أمريكي مباشر.
كما أن المقترح الأمريكي يتضمن نوايا لإعادة هيكلة البيئة الأمنية في القطاع، إذ ستكون القوة الدولية المقترحة "قوة تنفيذية" لتطبيق شروط نزع السلاح وتأمين المناطق الحساسة، خاصة المعابر والحدود، وهو ما يشبه نموذج "الوصاية الأمنية"، حيث تُدار الأرض بأيدٍ أجنبية تحت عنوان "حماية المدنيين"، بينما يُسحب تدريجيًا القرار الأمني من الفلسطينيين.
إلغاء الشرعية القائمة
وأكد د. مرتجى أن استخدام مصطلحات مثل "مجلس سلام" و"هيئات تنفيذية مؤقتة" يعكس رغبة في إلغاء أي شرعية قائمة داخل غزة، واستبدالها بهيكل جديد يخضع لرقابة دولية.
وأضاف أن هذا التحرك يعني عمليًا أن ملف غزة لم يعد فلسطينيًا خالصًا، بل أصبح يخضع لتفاهمات دولية تُدار في نيويورك وواشنطن وتل أبيب، مع مشاركة محدودة من الأطراف العربية، في سابقة قانونية قد تفتح الباب لإدارة دولية طويلة الأمد للقطاع تحت ذريعة "الاستقرار".
تهميش القرار الفلسطيني
وشدد المحلل الفلسطيني على أن الخطة الأمريكية ستهمّش القرار الفلسطيني، وتحوله إلى عنصر استشاري فقط، كما ستُفرغ أي قدرة أمنية فلسطينية على ضبط الساحة الداخلية، إلى جانب ربط الإعمار بصندوق دولي مشروط يجعل المساعدات أداة ضغط دائمة، وأكد أن ما تقوم به واشنطن ليس مبادرة سلام فحسب، بل "هندسة سياسية شاملة" لواقع غزة بعد الحرب.
تحفظ إسرائيلي ومخاوف ميدانية
ونوّه د. مرتجى إلى أن إسرائيل، رغم كونها طرفًا أساسيًا في الصراع، لا تزال متحفظة على الخطة الأمريكية، ما يعكس قلقها من فقدان السيطرة على المعابر والأمن داخل غزة.
وأضاف أن هذا التردد الإسرائيلي قد يعقّد تنفيذ الخطة على الأرض، خاصة مع تردد الدول المشاركة في قوات حفظ السلام خشية وقوع صدامات عسكرية مع الفصائل أو الجيش الإسرائيلي، ما يجعل مهمة تلك القوة محفوفة بالمخاطر، وربما يؤدي إلى فشلها في فرض الأمن المنشود.
وصاية ناعمة بغطاء أممي
واختتم د. مرتجى حديثه بالقول: إن القرار المقترح يضع الفلسطينيين أمام مرحلة جديدة من "الوصاية الناعمة" بغطاء أممي، تعيد تعريف السيادة وترسم حدود القرار الوطني.
وحذر من أن غياب التحرك الفلسطيني السريع والذكي دبلوماسيًا وقانونيًا قد يؤدي إلى واقع جديد تُدار فيه غزة دوليًا، بينما يغيب الصوت الفلسطيني عن طاولة القرار.
المساعدات.. جزء من الترتيبات
من جانبه، أوضح الباحث الفلسطيني سعيد محمد أبو رحمة أن الخطة الأمريكية، المتوقع إقرارها خلال أيام، ستفرض واقعًا جديدًا داخل القطاع، إذ ستنتقل وصاية الإشراف على المساعدات من إسرائيل إلى مركز التنسيق العسكري الأمريكي، في خطوة لا يمكن وصفها بأنها إنسانية بحتة، بل كجزء من ترتيبات أوسع لإدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
قوة دولية بصلاحيات تنفيذية
وأضاف أبو رحمة أن طرح القوة الدولية في غزة كقوة "نافذة" وليس كـ "قوة حفظ سلام" كما في نموذج "اليونيفيل" في جنوب لبنان، يفتح الباب أمام صيغة مختلفة تحمل تفويضًا من مجلس الأمن، لا يقتصر دورها على المراقبة، بل يمنحها صلاحيات تنفيذية حقيقية.
وأشار إلى أن إسرائيل تفضّل هذا النموذج لأنه يضمن ضبط الأرض، بخلاف تجربة اليونيفيل التي لم تمنع حزب الله من إعادة التسلح.
محددات إسرائيلية واعتراض على تركيا
وشدد الباحث على أن إسرائيل تضع محددات واضحة لأي وجود دولي، أبرزها هوية الدول المشاركة وطبيعة الدور الرقابي والتنفيذي، وهو ما يفسر اعتراضها على الوجود التركي في غزة رغم التعاون القائم بينهما في حلف الناتو.
وأوضح أن الخطة تميل إلى دمج عدة دول في قوة متعددة الجنسيات تحت مظلة دولية "مرضية" لتل أبيب، لإظهار توازن تمثيلي بين الدول الإسلامية والغربية.
شروط نجاح الخطة
واختتم أبو رحمة حديثه مؤكدًا أن نجاح الخطة الأمريكية لا يتوقف على تمريرها في مجلس الأمن فقط، بل يتطلب من واشنطن مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني ووقف التغول الإسرائيلي في الضفة والقطاع.
وأضاف أن تنفيذ البنود يحتاج إلى تفاهمات دقيقة بين الأطراف المشاركة، في ظل أوضاع سياسية غير مستقرة، واقتصاد منهار، وأوضاع أمنية قابلة للاشتعال في أي لحظة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية