تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
"الخط الأصفر" مسار جديد أعلنت عنه إسرائيل داخل قطاع غزة، ويعتبر أحد أكثر البنود إثارة للجدل في اتفاق غزة، إذ يقسّم القطاع عرضيًا إلى نصفين، ويتيح لإسرائيل السيطرة على نحو 53% من مساحة القطاع، ويمتد على طول الجانب الشرقي من أراضي غزة، بالإضافة إلى الأجزاء الشمالية والجنوبية منها، بما يحصر ما تبقى من أراضي القطاع في مستطيل طولي يمثل 47% من المساحة الإجمالية.
ويُعد هذا الخط بمثابة حدود انسحاب غير نهائية، تُبقي الأراضي خلفه جزءًا من ترتيب أمني مؤقت يمنح إسرائيل حرية الحركة داخل مناطق محددة، بذريعة المتابعة الميدانية ومراقبة النشاط المسلح.
ويُعد هذا الخط بمثابة حدود انسحاب غير نهائية، تُبقي الأراضي خلفه جزءًا من ترتيب أمني مؤقت يمنح إسرائيل حرية الحركة داخل مناطق محددة، بذريعة المتابعة الميدانية ومراقبة النشاط المسلح.
ترسيم غير مشروع وخرق للقانون
أوضح الدكتور أشرف الراعي، أستاذ القانون والخبير السياسي الأردني، أن وجود الخط الأصفر إجراء غير مشروع ولا يحمل صفة قانونية بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، لأنه لم يصدر في إطار اتفاق متفاوض عليه بين طرفي النزاع، بل جاء كترسيم أحادي الجانب يفرض أمرًا واقعًا ميدانيًا دون تفويض أو موافقة.
وأكد أن القاعدة القانونية العامة في مثل هذه الحالات تنص على أن أي تغيير في الوضع الميداني للأراضي المحتلة لا يكتسب شرعية قانونية إذا تم بالقوة، أو ترتب عليه تهجير قسري أو انتهاك لحقوق السكان المدنيين.
فالخط الأصفر - وإن رُوِّج له باعتباره حدًا أمنيًا أو منطقة فصل - يمثل تجاوزًا صريحًا لقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد وحدة الأراضي الفلسطينية وترفض أي ترتيبات تُفرض بالقوة أو خارج مسار التفاوض.
وأشار د. الراعي، إلى أن هذا الخط لا يندرج ضمن مفهوم «الحدود الآمنة» كما يعرّفها القانون الدولي، لأن الحدود القانونية لا تُرسم بقرارات عسكرية أو إجراءات أحادية، بل عبر اتفاقيات دولية معترف بها ومضمونة برقابة دولية.
ومن ثمّ فإن استخدام هذا الخط لتقييد حركة المدنيين أو منعهم من العودة إلى مناطقهم يُعد انتهاكًا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري للسكان أو تدمير الممتلكات الخاصة إلا للضرورة العسكرية القصوى.
وأضاف أن الخطر الحقيقي يكمن في محاولة تحويل هذا الخط المؤقت إلى واقع جغرافي وسياسي دائم، مما يُقوّض اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نصّ بوضوح على انسحاب تدريجي وإعادة انتشار، لا على إعادة ترسيم للقطاع.
وأي تغيير من هذا النوع يُعد خرقًا لمبدأ حسن النية في تنفيذ الاتفاقات الدولية، وقد يؤدي إلى نسف الهدنة الهشّة القائمة وإعادة إشعال دورة جديدة من التصعيد.
دفاع عن وحدة غزة وشرعيتها
أشاد د. الراعي بالموقف المصري والعربي الذي لعب دورًا محوريًا في التوصل إلى وقف إطلاق النار وضمان استمراره، من خلال تحرك دبلوماسي متزن يستند إلى الشرعية الدولية ويحافظ على وحدة الموقف العربي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وأكد أن الموقف المصري أثبت مجددًا أن القاهرة حجر الزاوية في أي جهد إقليمي لتحقيق الاستقرار في غزة، إذ جمعت بين الجهد التفاوضي والسياسي والأمني والإنساني، ونجحت في إبقاء ملف غزة ضمن الإطار العربي لا الدولي المنفرد.
كما ثمّن التنسيق العربي المتنامي، خصوصًا من جانب الأردن والسعودية والإمارات وقطر، في دعم الجهود الدبلوماسية والإنسانية، وتأكيدهم أن أي ترتيبات مستقبلية في غزة يجب أن تحترم السيادة الفلسطينية ووحدة الأراضي، وترفض فرض أي حدود أو مناطق عازلة خارج قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
واختتم د. الراعي حديثه بالتأكيد على أن احترام القانون الدولي الإنساني وضمان رقابة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية على تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار يمثلان الشرط الأساسي للحفاظ على الاستقرار.
وشدّد على أن استمرار التجاوزات الميدانية أو تثبيت الخط الأصفر كحدّ فعلي سيؤدي إلى تقويض مسار السلام وإعادة إنتاج النزاع بصور أكثر تعقيدًا، مؤكدًا أن صوت القانون الدولي سيبقى الضمان الحقيقي لحقوق الشعوب، وأن الموقف العربي الموحد هو الرادع الأهم أمام محاولات فرض الأمر الواقع وإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط بالقوة.
ذريعة جديدة في يد إسرائيل
من جانبها، اعتبرت الدكتورة كاترين فرج الله، المحللة السياسية والمتخصصة في العلاقات الدولية والاتصال السياسي، أن وجود الخط الأصفر يشكل خطورة بالغة على خطة ترامب للسلام ووقف إطلاق النار، خاصة بعد الخروقات الإسرائيلية المتكررة، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن الجيش سيضع علامات واضحة على طول الخط الأصفر كتحذير لحركة حماس بعدم تجاوزه.
وشددت على أن الخط الأصفر يحمل دلالة مهمة لإسرائيل، التي تعتبر تجاوزه تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وإنذارًا قصوى لحماس، إذ يفصل ميدانيًا بين المناطق التي يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي حاليًا شرق القطاع، وتلك التي يُسمح لسكان غزة بالتحرك داخلها غربًا.
كما أنه يمثل خط الانسحاب المنصوص عليه في خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، والذي دخل حيز التنفيذ بعد التوقيع عليه في قمة السلام بشرم الشيخ.
وأوضحت د. كاترين، أن إسرائيل تمنع دخول عناصر حركة حماس داخل الخط الأصفر للبحث عن رفات الرهائن، بل أعادت توسيع تمركزها إلى ما وراء الخط، وشنّت غارات خارجه، مما يعقّد تنفيذ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، ويحوّل الخط من حد انسحاب إلى خط مواجهة وتهديد وتصعيد، بل ووسيلة لفرض واقع جديد في قطاع غزة عقب المرحلة الأولى.
واختتمت حديثها بالقول إن وجود الخط الأصفر ربما يشكّل مقدمة لإنشاء منطقة عازلة بين مستوطنات الغلاف وأراضي غزة بطول أكثر من كيلومتر ونصف، تحت ذريعة توفير الشعور بالأمان لسكان المستوطنات، وهو ما يُعد انتهاكًا واضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ويمثل شوكة في مشروع حلّ الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967م.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية