تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : الحرارة والتلوث.. يهددان صحة جنينك
source icon

سبوت

.

الحرارة والتلوث.. يهددان صحة جنينك

كتب:مي هارون

مع تسارع تغير المناخ عالميًا، وازدياد موجات الحرارة وتفاقم مستويات تلوث الهواء وتدهور الأمن الغذائي، لم تعد التأثيرات تقتصر على البيئة والمناخ فحسب، بل امتدت لتصل إلى صميم صحة الإنسان، وبالأخص النساء الحوامل والأجنة، فبحسب أطباء وباحثين، يساهم تغير المناخ في زيادة مخاطر الحمل، من الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة، إلى التشوهات الخلقية واضطرابات النمو العصبي.

وتؤكد دراسة منشورة في مجلة Nature Climate Change أن كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في الحرارة فوق المتوسط ترتبط بزيادة خطر الولادة المبكرة بنسبة 5%، ويُتوقع أن يتضاعف هذا الخطر مع تكرار موجات الحر مستقبلاً، وفي هذا التقرير، نرصد أبرز أوجه هذا التهديد الخفي على الصحة الإنجابية، من خلال آراء خبراء ودراسات حديثة.



سموم خفية تصل إلى الرحم
ففي المناطق الحضرية المكتظة والسكان الذين يعيشون دون تهوية مناسبة أو تبريد كافٍ، تصبح موجات الحرارة عاملًا خطيرًا، كما أوضحت الدكتورة هالة سلامة، أستاذة طب النساء والتوليد بجامعة عين شمس، متابعة الحرارة الشديدة تؤدي إلى إجهاد حراري لدى الحامل، ما قد يسبب تقلصات رحمية مبكرة ويزيد من احتمالات الولادة قبل الأوان، خاصة في الثلث الأخير من الحمل.

ومن أخطر مظاهر تغير المناخ التزايد المستمر في تلوث الهواء، خاصة في المدن الكبرى التي تعاني من عوادم السيارات والانبعاثات الصناعية، وتؤثر الجسيمات الدقيقة (PM2.5) سلبًا على الجنين عبر اختراق الحاجز المشيمي، وهنا يشرح الدكتور محمد عبد القادر، استشاري طب الأجنة، أن استنشاق الهواء الملوث خلال الحمل، خاصة في الأشهر الأولى، قد يسبب انخفاض وزن المولود، وتأخر نمو الأعضاء الحيوية، ويزيد من خطر إصابة الطفل لاحقًا بأمراض مثل الربو وضعف المناعة.

وأظهرت دراسة نشرتها The Lancet Planetary Health أن الحوامل اللاتي يعشن في مناطق عالية التلوث أكثر عرضة بنسبة 25% لإنجاب أطفال منخفضي الوزن، مقارنة بالحوامل في مناطق نظيفة.

التغير المناخي والضغط النفسي 
لا تقتصر آثار تغير المناخ على الجسد فحسب، بل تمتد إلى الصحة النفسية، وخاصة لدى النساء الحوامل المتأثرات بالكوارث البيئية، مثل الفيضانات وحرائق الغابات والنزوح، وتوضح الدكتورة أميرة خليل، استشارية الطب النفسي، الضغط النفسي الناتج عن الخوف من فقدان المسكن أو نقص الغذاء أو العيش في بيئة غير مستقرة يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول في دم الأم، ما يؤثر سلبًا على نمو دماغ الجنين، وقد يزيد من خطر اضطرابات القلق أو فرط الحركة والانتباه لاحقًا، وفي بعض المناطق، تسجل مستشفيات الولادة ارتفاعًا في حالات الاكتئاب أثناء الحمل نتيجة الضغوط البيئية المتزايدة.

سوء تغذية 
يُعد تغير المناخ عاملًا رئيسيًا في تراجع المحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار الغذاء، وتهديد الأمن الغذائي في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، وهذا يؤثر بشكل مباشر على تغذية النساء الحوامل، فيقول الدكتور هشام حسن، أستاذ التغذية العلاجية بجامعة القاهرة، سوء التغذية أثناء الحمل، وخاصة نقص الحديد وحمض الفوليك واليود، يضاعف من خطر الإجهاض، وتشوهات الأنبوب العصبي، ونقص النمو داخل الرحم، كما يضعف مناعة الأم والجنين.

وبحسب منظمة الصحة العالمية أن حوالي 20 مليون مولود حول العالم يولدون بوزن منخفض سنويًا، ويرتبط جزء كبير من هذه الحالات بضعف تغذية الأم المرتبط بعوامل مناخية.

رعاية مناخية للحامل
بات من الضروري أن تستجيب أنظمة الرعاية الصحية لهذه التهديدات، من خلال دمج المخاطر المناخية في السياسات الصحية الموجهة للنساء الحوامل، ويوصي الدكتور محمد عفيفي مستشار صحة المرأة بمنظمة الصحة العالمية، بـ:

- إصدار نشرات توعية للأمهات حول تجنب الخروج وقت الذروة الحرارية.

- توفير وسائل تبريد في مراكز رعاية الأمومة خاصة في المناطق الفقيرة.

- فحص جودة الهواء في المستشفيات ومراكز متابعة الحمل.

- دعم الحوامل غذائيًا ونفسيًا في مناطق الكوارث البيئية.

ويضيف؛ صحة الأمهات والأجنة تُعد من أوضح المؤشرات التي تعكس التأثير الفعلي لتغير المناخ على الإنسان، وإذا لم نتحرك الآن، فقد نشهد أجيالًا أكثر عرضة للضعف والمرض منذ لحظة ولادتهم.

تغير المناخ لم يعد خطرًا بعيد المدى، إنه أزمة حاضرة تتسلل إلى تفاصيل حياتنا اليومية، وتضرب الفئات الأكثر هشاشة في المجتمعات، وعلى رأسهم النساء الحوامل وأطفالهن، لم يعد الحديث عن المناخ مقتصرًا على البيئة والسياسة، بل أصبح ملفًا طبيًا بامتياز، يتطلب تدخلًا عاجلًا من الحكومات ومقدمي الرعاية الصحية، لضمان أن لا يدفع الجيل القادم ثمن أزمة لم يشارك في صنعها.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية