تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
بينما كانت الخاطبة في الماضي تحمل صورًا وتقرع الأبواب بحثًا عن "العريس المناسب"، بات اليوم يكفي "لايك" على صورة أو محادثة عابرة في مجموعة رقمية، ليفتح باب التعارف وربما الزواج، في مصر، ومع صعود جيل Z -أبناء الهواتف الذكية والمنصات الرقمية- تغيرت خريطة العلاقات العاطفية، وأصبحت مفاهيم مثل الحب، الارتباط، واختيار شريك الحياة ترتبط أكثر بالمنصات الإلكترونية منها بالواقع الاجتماعي التقليدي.
هذا التقرير يغوص في عالم الزواج الرقمي من منظور سوسيولوجي وثقافي، عبر دراسات ميدانية، آراء متخصصين، وأرقام تكشف حجم التحول الذي أحدثته الوسائط التكنولوجية في ثقافة الزواج لدى الجيل الرقمي.
بحسب بيانات نُشرت في تقرير "Digital 2025" الصادر في يناير 2025 عن مؤسسة DataReportal، بالتعاون مع جهات دولية متخصصة في تحليل مؤشرات الاستخدام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر نحو 96.3 مليون مستخدم، بنسبة اختراق تصل إلى 81.9% من إجمالي عدد السكان، كما سجلت البلاد نحو 45.4 مليون مستخدم نشط لوسائل التواصل الاجتماعي، ما يعادل أكثر من نصف عدد مستخدمي الإنترنت، ويعكس هذا التوسع الرقمي بيئة خصبة لنشوء ثقافة "الزواج الرقمي"، في ظل تقلص الأدوار التقليدية للوساطة الاجتماعية، مثل الأهل أو "الخطّابة"، وتزايد الاعتماد على المنصات الإلكترونية للتعارف والارتباط.
رغم هذا الانفتاح الرقمي، لا تزال هناك عوائق ثقافية، فبحسب دراسة لـ "Global Media Journal"، يواجه التعارف عبر الإنترنت في مصر مقاومة بسبب الخجل المجتمعي، الخوف من الحكم الأخلاقي، ودور الأسرة، فبعض الشباب أعرب عن عجزه عن بدء الحديث وجهًا لوجه، ووجود رفض عائلي لفكرة الارتباط بشخص تم التعرف عليه إلكترونيًا.
لكن في المقابل، تؤكد دراسة أخرى أن مصر تتصدر دول العالم في معدل قبول التعارف عبر الإنترنت، وهو ما يعكس تحولات عميقة في البنية الاجتماعية وانفتاحا تدريجيا تجاه هذه الظاهرة.
هذا التقرير يغوص في عالم الزواج الرقمي من منظور سوسيولوجي وثقافي، عبر دراسات ميدانية، آراء متخصصين، وأرقام تكشف حجم التحول الذي أحدثته الوسائط التكنولوجية في ثقافة الزواج لدى الجيل الرقمي.
بحسب بيانات نُشرت في تقرير "Digital 2025" الصادر في يناير 2025 عن مؤسسة DataReportal، بالتعاون مع جهات دولية متخصصة في تحليل مؤشرات الاستخدام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر نحو 96.3 مليون مستخدم، بنسبة اختراق تصل إلى 81.9% من إجمالي عدد السكان، كما سجلت البلاد نحو 45.4 مليون مستخدم نشط لوسائل التواصل الاجتماعي، ما يعادل أكثر من نصف عدد مستخدمي الإنترنت، ويعكس هذا التوسع الرقمي بيئة خصبة لنشوء ثقافة "الزواج الرقمي"، في ظل تقلص الأدوار التقليدية للوساطة الاجتماعية، مثل الأهل أو "الخطّابة"، وتزايد الاعتماد على المنصات الإلكترونية للتعارف والارتباط.
رغم هذا الانفتاح الرقمي، لا تزال هناك عوائق ثقافية، فبحسب دراسة لـ "Global Media Journal"، يواجه التعارف عبر الإنترنت في مصر مقاومة بسبب الخجل المجتمعي، الخوف من الحكم الأخلاقي، ودور الأسرة، فبعض الشباب أعرب عن عجزه عن بدء الحديث وجهًا لوجه، ووجود رفض عائلي لفكرة الارتباط بشخص تم التعرف عليه إلكترونيًا.
لكن في المقابل، تؤكد دراسة أخرى أن مصر تتصدر دول العالم في معدل قبول التعارف عبر الإنترنت، وهو ما يعكس تحولات عميقة في البنية الاجتماعية وانفتاحا تدريجيا تجاه هذه الظاهرة.
تعريف الجيل
تشرح الدكتورة أمل شمس، أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة عين شمس، أن جيل Z هو الجيل الرقمي بامتياز، ويعرف هذا الجيل بعدة مسميات، منها "الجيل الرقمي"، "الإنترنتيون"، أو حتى "جوجلز"، نظراً لارتباطهم العميق بالتكنولوجيا.
وقد تأثر بجائحة كورونا التي زادت من اعتماده على الإنترنت في التعليم، الترفيه، وبناء العلاقات، هذا الجيل يميل للحرية، السرعة، والتفاعل، ويفضل العلاقات التكنولوجية التي توفر له مساحة من الخصوصية والاختيار، بعيدا عن القيود الأسرية.
ضغوط نفسية
وتوضح الإحصاءات العالمية أن جيل Z يشكل 23.6% من سكان العالم، ويتوقع أن تتجاوز مساهمته في سوق العمل 27% في نهاية 2025، لكن مع هذه الأهمية الاقتصادية، يواجه الجيل تحديات نفسية عميقة، إذ يعاني 40% منه من اضطرابات نفسية، وفقاً لدراسة أمريكية، بينما يفكر 20% من طلاب المرحلة الثانوية في الانتحار، وهي أرقام تكشف عن ضغط نفسي هائل، وتتابع د. أمل أن استخدام الإنترنت بشكل مفرط ومنصات التواصل والألعاب الإلكترونية من أبرز عوامل الضغط النفسي.
وعي رقمي
ورغم هذه الضغوط، يتمتع جيل Z بوعي اجتماعي عال، ومهارات تحليلية متقدمة في التعامل مع المحتوى الرقمي؛ فهو قادر على تحليل المحتوى، والتمييز بين ما هو حقيقي وزائف، ويعتمد أكثر من نصفهم على الإنترنت لأكثر من 4 ساعات يومياً، ويثقون بتوصيات "المؤثرين الصغار" على مواقع مثل YouTube وInstagram وTikTok.
وتتابع، هذا الجيل أيضًا أكثر وعيًا بالقضايا البيئية والاجتماعية، ويفضل المنتجات المستدامة، ويضغط على الشركات لتبني مواقف أخلاقية، مما يعكس قيما جديدة تتجاوز فكرة الزواج التقليدي إلى شراكة مبنية على القيم والاختيار الواعي.
الزواج الرقمي
ولفهم هذا التحول من منظور علم الاجتماع، يشير الدكتور وليد رشاد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أنه تم تحليل تحول ثقافة الزواج في مصر من زمن الخاطبة التقليدية إلى عصر "الترشيح الذكي" و"اللايك العاطفي" لنجد أن شباب اليوم لم يعودوا يرون الخاطبة التقليدية وسيطاً مقبولًا، بل تحولوا إلى صفحات فيسبوك، مجموعات واتساب، أو حتى ألعاب مثل "بابجي" و"كول أوف ديوتي"، كمجالات لبناء علاقات جادة تنتهي بالزواج.
أدوات الوساطة
ويضيف د. وليد أن هذا التحول له عدة عوامل:
1. الانتشار الهائل للإنترنت: بحسب وزارة الاتصالات، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عبر الهواتف المحمولة نحو 67.94 مليون مستخدم في مايو 2022، ما يجعل الوصول الرقمي أداة رئيسية في حياة الشباب.
2. تشكل ثقافة رقمية جديدة: تجمع بين القيم المحلية والانفتاح العالمي، ما أنتج "خاطبة رقمية" قادرة على أداء دور الوسيط بشكل عصري يتماشى مع نمط حياة الجيل
3. تضخم منصات التواصل الاجتماعي: احتلت مصر المرتبة التاسعة عالميا في استخدام "فيسبوك" عام 2020، مع وجود أكثر من 51 مليون مستخدم لمواقع التواصل في 2022، وهذا أتاح بيئة خصبة لظهور ما يعرف بـ "الخاطبة الإلكترونية" التي تعمل من خلال مجموعات "فيسبوك"، "واتساب"، أو حتى الألعاب التفاعلية.
دوافع شخصية
تنوعت دوافع الشباب نحو التعارف عبر الإنترنت بين الرغبة في إيجاد شريك مناسب، والرغبة في الحب، والتسلية، ولعل المثير أن بعض هذه العلاقات بدأت بتسلية عابرة أو تبادل للميمز، ثم تحولت تدريجيًا إلى ارتباط فعلي، ما يدل على تداخل العوامل التقنية والعاطفية في تشكيل ثقافة الزواج الرقمي.
تحديات التعارف
واجهت العلاقات الرقمية عدة تحديات أثناء فترة الخطوبة، أهمها:
1. غياب التعارف الواقعي: عدم رؤية الطرف الآخر وجها لوجه شكل عائقا أمام فهم الطباع الحقيقية، فالاعتماد الكامل على الوسائط أدى إلى نقص في فهم الطباع والسلوكيات الفعلية.
2. مخاوف ما بعد الارتباط: شكوك حول جدية الطرف الآخر، وضعف في التواصل الفعلي.
3. التحديات المادية: عبء التجهيز السريع وحجم المتطلبات المادية.
4. رفض الأهل: خمس حالات واجهت رفضًا مباشرًا من الأهل تجاه هذا النمط من التعارف، وتتسق هذه النتائج مع ما ذهبت إليه دراسة دكتورة سحر حساني البربري أستاذة علم الاجتماع الأسري والنوعي، ورئيسة قسم علم الاجتماع بكلية الآداب، حول رؤي الشباب للتعارف من أجل الزواج عبر الإنترنت، "حيث أشارت عينة بحثها إلى أن نسبة 41% من الأهالي يرونها علاقات عادية، بينما ذهب 30.7% إلى أن الأهل سيرفضون هذه العلاقات التي قد تقود إلى الزواج، وقالت نسبة 27.3% إن الأهل قد يترددون تجاه هذا النمط من العلاقات."
نظرة المجتمع
ولم يسلم هذا النمط من الزواج من نظرة المجتمع المتشككة؛ كثير من الأزواج واجهوا انتقادات باعتباره تجاوزاً للتقاليد والأعراف، وتتفق هذه الملاحظة مع دراسة د. سحر، التي أشارت فيها إلى أن نحو 19.7% من المشاركين يرون أن زواج الإنترنت يتعارض مع العادات المتوارثة.
إضافة إلى الانتقادات، ظهرت مشكلات أخرى مثل غياب الثقة وسوء تقدير الشريك، ما أدى في بعض الحالات إلى الانفصال أو الطلاق، وأشارت النتائج إلى أن العلاقات التي بدأت عبر الإنترنت عرضة للتفكك بشكل أكبر.
فرص التفاهم
لكن في المقابل، من أبرز الإيجابيات التي ذكرها المشاركون في التعارف الإلكتروني قبل الزواج: وجود مساحة أوسع للتفاهم وتبادل الاهتمامات، والشعور بالحرية في اختيار الشريك من بين عدد أكبر من الخيارات، هذا الشكل من العلاقات أتاح فرصة لاختبار الانسجام بشكل مبدئي قبل الدخول في أي ارتباط رسمي.
وفيما يتعلق بردود أفعال الأصدقاء تجاه هذا النوع من العلاقات، فقد انقسمت الآراء بين متحفظ ومؤيد، إلا أن الغالبية أعربت عن تأييدها وترحيبها بهذا النمط الجديد من العلاقات، معتبرين إياه جزءا من تطور طبيعي يواكب العصر الرقمي.
يؤكد د. وليد، أن قضايا الأجيال الجديدة، خاصة جيل الإنترنت، تكشف عن تحديات معقدة تتجاوز الزواج لتشمل أنماط التفكير والسلوك في الحياة اليومية، ويرى أن الاستثمار في طاقات الشباب مع تعزيز وعيهم بمخاطر التحول الرقمي هو السبيل لبناء مجتمع متماسك ومتطور. وفي النهاية، يبقى مستقبل المجتمع مرهونا بقدرة هذا الجيل على تحمل المسؤولية ومواجهة التحولات بثبات ووعي.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية