تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
أثناء زيارة لي إلى منطقة حلايب وشلاتين، دعاني أحد الأصدقاء من أبناء قبيلة البشارية، لتناول فنجانًا من "الجَبَنَة"، واستغربت الاسم كثيرا، وأنا أرسم بخيالي مكونات هذا المشروب، تارة أتخيل أنه من منتجات الألبان كما قد يوحي اسمه، وتارة أخرى أتخيله أعشابا، ثم ضحكت سراً من نفسي، لأنني لم أختر الحل الأسهل وهو أن أسأل مرافقي عن هذا المشروب، وتعجبت كثيرا عندما أخبرني أنه القهوة البدوية .
وعلى الرغم من أن هذا الاسم المحلي قد يبدو - بالنسبة للعامة - غريبًا وغير شائعًا، إلا إنه أكثر تداولًا وانتشارًا لدى أبناء المناطق الحدودية عمومًا (كالنوبيين، والبشارية، والعبابدة)، كما أكد لي صديقي.
الإعداد والتجهيز
اتخذت مجلسي، بين عدد من أصدقاء مضيفي، وبدأ أحدهم إعداد "الجَبَنَة"، وتولى علي دورا أحد أبناء قبيلة البشارية الذي كان يشاركنا الجلسة، شرح طريقة الإعداد، إذ بدأت بتحميص البن أولًا على الفحم المشتعل باستخدم إناء معدني، ومع حركة اليد المصاحبة لعملية التقليب المستمر، يتغير لون البن ليصبح مائلًا إلى اللون الأسود ، وعند ظهور طبقة الزيت على حبيباته الصغيرة، بدأ المُعد بنشر حبات البن على قطعة دائرية مشغولة من السعف تسمى "هبابيت" حتى يبرد.
وما أن بردت الحبات السوداء، وضعها الشاب الذي يقوم بعملية الإعداد، في الهون الذى يعرف بـ "كوتنا"، كما شرح لي علي دورا، مع اضافة بعض الأنواع من الأعشاب الطبيعية "كالجنزبيل، والحبهان، القرنفل"، التي توضع بحسب حسب رغبة الطالب، ولأني لم يسبق لي تجربة المشروب فقد تركت أمر وضع الإضافات لصديقي صاحب الدعوة عنما سئُلت عن رغبتي.
رائحة ذكية
عقب ذلك قام صانع الـ"الجَبَنَة"، بوضع هذا الخليط في إناء دائري الشكل مصنوع من الفخار له بروز وبه فتحة على النار يسمى بـ"ت جبن"، وبعد ذلك أضاف إليه القليل من الماء، قبل أن تبدأ فقاعات القهوة في التصاعد، وهنا صب الشاب جزءا منها في كأس آخر، حتى تصل لدرجة مناسبة من الغليان.
وفاحت رائحة ذكية في أرجاء المكان، فقام برفع الإناء من على النار، ووضعه على قاعدة دائرية من السعف القماش مزينة بالخرز الملون، تُعرف بـ "أوقية"، كما ذكر لي علي دورا، إذ كان حريصا على أن يطلعني على كل التفاصيل، وأوضح أن الإناء يُترك حتى يستقر خليط المكونات في قاعه بعد الغليان.
طقوس تناولها
وللـ "الجَبَنَة" طقوس خاصة، وضوابط معينة، يتبعها أبناء هذه القبائل عند تناولها، ومن أبرز هذه الطقوس، ضرورة أن تقدم للضيف في فناجين صغيرة ليس لها مقبض، وعند صبها في الفنجان، يتم وضع مصفاة من ألياف النخيل أعلى فتحة إناء "الجَبَنَة" مع اضافة القليل من السكر بالفنجان، ويفضل أن تكون أعداد الفناجين المقدمة للضيف على الصينية الواحدة لا تزيد عن ثلاثة، أي إنها تقدم بطريقة الأعداد الأحادية، وفقًا للعرف السائد، بحسب "علي"، وأكد أيضا، أنه لا يقبل تناولها أقل من ثلاثة فناجين، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى خمسة أو سبعة حتى يستمتع الضيف بطعمها ومذاقها اللذيذ وسط الأجواء الهادئة.
وأثناء جلسات الونسة يضاف إليها الماء باستمرار لتناول المزيد منها، كما يتم إشعال أنواع معينة من البخور "كبخور التيمان" ، خلال الجلسة لطرد الأرواح الشريرة من المكان، على حد الاعتقاد السائد هناك، ويفضل أبناء هذه القبائل تناول "الجَبَنَة" في أوقات معينة على مدار اليوم، تتضمن بعد طلوع الفجر مباشرًة وقرب شروق الشمس، وأوقات الظهيرة، وبعد غروب الشمس.
فوائد صحية
تناولت "الجَبَنَة"، وكانت كرائحتها طيبة ومذاقها لذيذ، باعتباري أحد عشاق القهوة، وكانت رائحة الحبهان والجنزبيل المتصاعدة منها تمنحني شعورا بالنشاط واليقظة، وتذكرت فوائد العشبين الكبيرة على صحة الإنسان، والتي قرأتها في كتاب "الطب القديم" الذي كتبه د. عادل عبد العال، نائب رئيس أكاديمية "أونتريو" بكندا، حيث ذكر أنه يستخرج من بذور الحبهان تابل حار يستخدم في أصناف الطعام الحلوة والحريفة وكذلك القهوة، وهو يعتبر أيضًا فاتحًا للشهية، ويساعد على الهضم، ويعمل على تنشيط الدورة الدموية، ويقلل من متاعب المعدة.
شكرت صديقي على تلك الدعوة الرائعة والتجربة الفريدة لـ"الجَبَنَة"، ووعدني بتجارب أخرى مختلفة، بين أهلنا في تلك البقعة الغالية من أرض مصر.
وعلى الرغم من أن هذا الاسم المحلي قد يبدو - بالنسبة للعامة - غريبًا وغير شائعًا، إلا إنه أكثر تداولًا وانتشارًا لدى أبناء المناطق الحدودية عمومًا (كالنوبيين، والبشارية، والعبابدة)، كما أكد لي صديقي.
الإعداد والتجهيز
اتخذت مجلسي، بين عدد من أصدقاء مضيفي، وبدأ أحدهم إعداد "الجَبَنَة"، وتولى علي دورا أحد أبناء قبيلة البشارية الذي كان يشاركنا الجلسة، شرح طريقة الإعداد، إذ بدأت بتحميص البن أولًا على الفحم المشتعل باستخدم إناء معدني، ومع حركة اليد المصاحبة لعملية التقليب المستمر، يتغير لون البن ليصبح مائلًا إلى اللون الأسود ، وعند ظهور طبقة الزيت على حبيباته الصغيرة، بدأ المُعد بنشر حبات البن على قطعة دائرية مشغولة من السعف تسمى "هبابيت" حتى يبرد.
وما أن بردت الحبات السوداء، وضعها الشاب الذي يقوم بعملية الإعداد، في الهون الذى يعرف بـ "كوتنا"، كما شرح لي علي دورا، مع اضافة بعض الأنواع من الأعشاب الطبيعية "كالجنزبيل، والحبهان، القرنفل"، التي توضع بحسب حسب رغبة الطالب، ولأني لم يسبق لي تجربة المشروب فقد تركت أمر وضع الإضافات لصديقي صاحب الدعوة عنما سئُلت عن رغبتي.
رائحة ذكية
عقب ذلك قام صانع الـ"الجَبَنَة"، بوضع هذا الخليط في إناء دائري الشكل مصنوع من الفخار له بروز وبه فتحة على النار يسمى بـ"ت جبن"، وبعد ذلك أضاف إليه القليل من الماء، قبل أن تبدأ فقاعات القهوة في التصاعد، وهنا صب الشاب جزءا منها في كأس آخر، حتى تصل لدرجة مناسبة من الغليان.
وفاحت رائحة ذكية في أرجاء المكان، فقام برفع الإناء من على النار، ووضعه على قاعدة دائرية من السعف القماش مزينة بالخرز الملون، تُعرف بـ "أوقية"، كما ذكر لي علي دورا، إذ كان حريصا على أن يطلعني على كل التفاصيل، وأوضح أن الإناء يُترك حتى يستقر خليط المكونات في قاعه بعد الغليان.
طقوس تناولها
وللـ "الجَبَنَة" طقوس خاصة، وضوابط معينة، يتبعها أبناء هذه القبائل عند تناولها، ومن أبرز هذه الطقوس، ضرورة أن تقدم للضيف في فناجين صغيرة ليس لها مقبض، وعند صبها في الفنجان، يتم وضع مصفاة من ألياف النخيل أعلى فتحة إناء "الجَبَنَة" مع اضافة القليل من السكر بالفنجان، ويفضل أن تكون أعداد الفناجين المقدمة للضيف على الصينية الواحدة لا تزيد عن ثلاثة، أي إنها تقدم بطريقة الأعداد الأحادية، وفقًا للعرف السائد، بحسب "علي"، وأكد أيضا، أنه لا يقبل تناولها أقل من ثلاثة فناجين، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى خمسة أو سبعة حتى يستمتع الضيف بطعمها ومذاقها اللذيذ وسط الأجواء الهادئة.
وأثناء جلسات الونسة يضاف إليها الماء باستمرار لتناول المزيد منها، كما يتم إشعال أنواع معينة من البخور "كبخور التيمان" ، خلال الجلسة لطرد الأرواح الشريرة من المكان، على حد الاعتقاد السائد هناك، ويفضل أبناء هذه القبائل تناول "الجَبَنَة" في أوقات معينة على مدار اليوم، تتضمن بعد طلوع الفجر مباشرًة وقرب شروق الشمس، وأوقات الظهيرة، وبعد غروب الشمس.
فوائد صحية
تناولت "الجَبَنَة"، وكانت كرائحتها طيبة ومذاقها لذيذ، باعتباري أحد عشاق القهوة، وكانت رائحة الحبهان والجنزبيل المتصاعدة منها تمنحني شعورا بالنشاط واليقظة، وتذكرت فوائد العشبين الكبيرة على صحة الإنسان، والتي قرأتها في كتاب "الطب القديم" الذي كتبه د. عادل عبد العال، نائب رئيس أكاديمية "أونتريو" بكندا، حيث ذكر أنه يستخرج من بذور الحبهان تابل حار يستخدم في أصناف الطعام الحلوة والحريفة وكذلك القهوة، وهو يعتبر أيضًا فاتحًا للشهية، ويساعد على الهضم، ويعمل على تنشيط الدورة الدموية، ويقلل من متاعب المعدة.
شكرت صديقي على تلك الدعوة الرائعة والتجربة الفريدة لـ"الجَبَنَة"، ووعدني بتجارب أخرى مختلفة، بين أهلنا في تلك البقعة الغالية من أرض مصر.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية