تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في زمن تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، وتتحوّل فيه الحدود الجغرافية إلى مجرد خطوط على خرائط افتراضية، تفتح صناعة "التعهيد" آفاقًا جديدة أمام الشباب المصري، ليثبتوا كفاءتهم ويُصدّروا خبراتهم إلى العالم من داخل مصر دون الحاجة إلى جواز سفر أو تذكرة طيران.
هذه الصناعة التي باتت تُعرف باسم "الذهب الرقمي"، تمثل ركيزة واعدة في استراتيجية الدولة للنهوض بالاقتصاد، ووسيلة حقيقية لتمكين الشباب، وتحقيق طفرة في الصادرات الرقمية.
فما هي حقيقة هذه الصناعة؟ ولماذا أصبحت محط اهتمام القيادة السياسية؟ وكيف يمكن أن تصبح "فرصة العمر" لجيل كامل من الشباب الباحث عن الاعتراف والفرص؟
في هذا التقرير، نستعرض القصة من البداية، من حلم شاب بسيط، إلى ملامح استراتيجية دولة تراهن على العقول لا الموارد.
ما هو التعهيد؟
التعهيد (Outsourcing) هو أسلوب إداري حديث يقوم على الاستعانة بجهات خارجية – محلية أو دولية – لتأدية خدمات أو مهام محددة كانت تُنفذ داخليًا داخل المؤسسة الأصلية، مقابل أجر مادي يُحدد وفقًا لعقود رسمية، الهدف من ذلك هو تقليل التكاليف وتوفير الوقت والموارد، والتركيز على الأنشطة الأساسية للمؤسسة.
فمثلًا، يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تستعين بشركة خارجية لإدارة الأجور والمرتبات بدلًا من توظيف عدد كبير من الموظفين الداخليين، مما يساهم في تقليل العبء المالي والإداري.
ركيزة أساسية
بحسب الدكتورة منى نور الدين، أستاذ الجغرافيا الاقتصادية ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية للدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر بالقاهرة، فإن صناعة التعهيد تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تهدف إلى التوسع في الأسواق الخارجية وتنمية القطاع الصناعي والخدمي، بهدف زيادة الصادرات الرقمية لمصر.
وقد أطلقت الدولة استراتيجيتها الوطنية لصناعة التعهيد في فبراير 2022، بالتعاون مع شركات محلية وعالمية، وترتكز هذه الاستراتيجية على ثلاثة أهداف رئيسية:
1. زيادة إيرادات الصادرات الرقمية بمعدل ثلاثة أضعاف، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 19% خلال الفترة من 2022 حتى 2026.
2. خلق فرص عمل مستدامة للشباب المصري.
3. بناء اسم تجاري عالمي لمصر في مجالات الخدمات والتقنيات الرقمية المتقدمة والناشئة.
وتؤكد د. نور الدين أن صناعة التعهيد تمثل فرصة واعدة للشباب المصري في الحصول على وظائف متنوعة ذات مهارات متعددة، تفتح أمامهم آفاقًا جديدة للعمل وتساهم في الحد من البطالة، شريطة بناء قدرات بشرية متخصصة، وتهيئة الكفاءات لتلبية متطلبات السوق المحلي والدولي.
وتوضح أن تطوير هذا القطاع يعتمد بشكل رئيسي على إعداد قاعدة بيانات ضخمة ومتنوعة تشمل الكفاءات والتخصصات المختلفة، مما يسهم في توجيه الشباب للعمل في مجالات متعددة، سواء داخل مصر أو عبر العمل عن بُعد مع جهات أجنبية، دون الحاجة للسفر خارج البلاد.
مجالات متنوعة
وتتضمن صناعة التعهيد عدة مجالات، منها خدمات الصادرات الرقمية، والموارد البشرية، وتطوير البرمجيات، والدعم الفني، والأنظمة المبرمجة، بالإضافة إلى خدمات التوظيف، والتدريب، والحراسة، والأمن، والصيانة، ودعم العملاء، والإدارة، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، والخدمات الهندسية، بل والخدمات الإعلامية الحديثة. ويوجد في مصر 199 مركزًا للتعهيد حتى عام 2023، وتسعى الدولة إلى رفع حجم صادرات هذا القطاع إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026.
وتضيف وكيلة الكلية أن مصر أصبحت من الدول الفاعلة عالميًا في هذه الصناعة، والتي ترتكز على أربعة محاور رئيسية للخدمات:
تكنولوجيا المعلومات، العمليات،خدمات المعرفة، خدمات البحث والتطوير.
كما شددت على أهمية الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجة الحديثة، التي تساهم في تطوير الصناعة عبر تحليل البيانات الضخمة ومعالجتها.
فرص متميزة الكفاءات المصرية
ومن جانبه، يؤكد عمرو كمال، مدير الموارد البشرية في أحد القطاعات الخاصة، وهو شاب ثلاثيني يعمل في صناعة التعهيد، أن هناك اهتمامًا ملحوظًا من القيادة السياسية بهذا القطاع. ويذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل كريستوفر كالدويل، الرئيس التنفيذي لشركة "كونسنتركس" الأمريكية المتخصصة في خدمات التعهيد والأعمال ومراكز الاتصال، ثم أعقب اللقاء لقاء آخر مع رئيس مجلس الوزراء، لبحث سبل التوسع في هذا المجال الحيوي الذي يوفر فرصًا متميزة للكفاءات الشابة في مصر.
ويضيف عمرو: "خلال تصفحي للإنترنت، لفت نظري إعلان من إحدى الشركات الأجنبية التي تطلب التعاون بنظام التعهيد في مجال الموارد البشرية، أرسلت لهم سيرتي الذاتية، وتم قبولي سريعًا، هذا جعلني أوقن أن هذه الشركات تبحث عن الكفاءة والخبرة، دون وساطة أو محسوبية، كما يحدث للأسف في بعض المؤسسات المحلية".
ويشير إلى أن العمل مع شركات خارجية بنظام Outsourcing يمنح الشباب فرصًا متميزة من حيث المرتب والتقدير المهني، وهو ما يفتقده كثير من الشباب العاملين داخل مصر، في ظل تزايد ظاهرة تولي غير الأكفاء لمناصب قيادية بسبب العلاقات الشخصية.
أما منال عبد الظاهر، التي تعمل في إحدى الشركات العربية المستثمرة في مصر، فتقول: "أجني من عملي مع هذه الشركة بنظام التعهيد دخلًا أفضل بكثير مما كنت أتقاضاه في القطاع الخاص المحلي، هذه الشركات تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، وتؤمن بأن الوقت والجهد والمال يجب أن تُستثمر بكفاءة، فلا مجال للتراخي أو الهدر". وتضيف: "ما يميز هذا العمل أيضًا أنه يتيح لي البقاء في مصر ورعاية أسرتي، مع الحصول على مرتب جيد دون الحاجة للهجرة أو السفر".
ويرى مدير قطاع تكنولوجيا المعلومات في إحدى الوزارات - فضل عدم ذكر اسمه - أن هذه الشركات تقدّر الإبداع المصري وتؤمن بتفرده، بشرط توافر بيئة داعمة ومناخ عمل صحي بعيدًا عن البيروقراطية والإحباطات، التي كثيرًا ما تعوق تفوق الكفاءات الوطنية.
ويحذر من استمرار سيطرة الفئات المناهضة للتطوير، والتي تعرقل أي مساعٍ نحو التغيير خشية المساس بمصالحها الشخصية، مشددًا على أن مثل هذه العقبات تعيق حركة النهوض وتدفع بالكفاءات للهجرة، حيث تجد هناك بيئة حاضنة تُقدر علمهم ومهاراتهم.
مزايا وعيوب التعهيد
ويمتاز نظام التعهيد بتقليل التكاليف وتحقيق أعلى كفاءة من خلال الاستفادة من خبرات ومهارات خارجية متخصصة، مما يمنح المؤسسة قدرة على التركيز في مهامها الأساسية، ويمنحها ميزة تنافسية عالية. كما يُقلل من الأعباء الضريبية ويوفر الوقت والموارد.
لكن، في المقابل، قد يُسبب التعهيد شعورًا بانعدام الأمن الوظيفي بين الموظفين الدائمين، حيث قد يُنظر إلى الكفاءات الخارجية كمنافس يهدد وظائفهم، كما يمكن أن يؤدي إلى تقليص الرواتب والحقوق أو الشعور بالاستغلال، خاصة في الدول النامية. وهناك أيضًا تحديات أخلاقية تتعلق بعدم المساواة في الفرص، وسيطرة الشركات الكبرى على سوق العمل بطريقة غير مباشرة.
هذه الصناعة التي باتت تُعرف باسم "الذهب الرقمي"، تمثل ركيزة واعدة في استراتيجية الدولة للنهوض بالاقتصاد، ووسيلة حقيقية لتمكين الشباب، وتحقيق طفرة في الصادرات الرقمية.
فما هي حقيقة هذه الصناعة؟ ولماذا أصبحت محط اهتمام القيادة السياسية؟ وكيف يمكن أن تصبح "فرصة العمر" لجيل كامل من الشباب الباحث عن الاعتراف والفرص؟
في هذا التقرير، نستعرض القصة من البداية، من حلم شاب بسيط، إلى ملامح استراتيجية دولة تراهن على العقول لا الموارد.
ما هو التعهيد؟
التعهيد (Outsourcing) هو أسلوب إداري حديث يقوم على الاستعانة بجهات خارجية – محلية أو دولية – لتأدية خدمات أو مهام محددة كانت تُنفذ داخليًا داخل المؤسسة الأصلية، مقابل أجر مادي يُحدد وفقًا لعقود رسمية، الهدف من ذلك هو تقليل التكاليف وتوفير الوقت والموارد، والتركيز على الأنشطة الأساسية للمؤسسة.
فمثلًا، يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تستعين بشركة خارجية لإدارة الأجور والمرتبات بدلًا من توظيف عدد كبير من الموظفين الداخليين، مما يساهم في تقليل العبء المالي والإداري.
ركيزة أساسية
بحسب الدكتورة منى نور الدين، أستاذ الجغرافيا الاقتصادية ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية للدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر بالقاهرة، فإن صناعة التعهيد تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تهدف إلى التوسع في الأسواق الخارجية وتنمية القطاع الصناعي والخدمي، بهدف زيادة الصادرات الرقمية لمصر.
وقد أطلقت الدولة استراتيجيتها الوطنية لصناعة التعهيد في فبراير 2022، بالتعاون مع شركات محلية وعالمية، وترتكز هذه الاستراتيجية على ثلاثة أهداف رئيسية:
1. زيادة إيرادات الصادرات الرقمية بمعدل ثلاثة أضعاف، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 19% خلال الفترة من 2022 حتى 2026.
2. خلق فرص عمل مستدامة للشباب المصري.
3. بناء اسم تجاري عالمي لمصر في مجالات الخدمات والتقنيات الرقمية المتقدمة والناشئة.
وتؤكد د. نور الدين أن صناعة التعهيد تمثل فرصة واعدة للشباب المصري في الحصول على وظائف متنوعة ذات مهارات متعددة، تفتح أمامهم آفاقًا جديدة للعمل وتساهم في الحد من البطالة، شريطة بناء قدرات بشرية متخصصة، وتهيئة الكفاءات لتلبية متطلبات السوق المحلي والدولي.
وتوضح أن تطوير هذا القطاع يعتمد بشكل رئيسي على إعداد قاعدة بيانات ضخمة ومتنوعة تشمل الكفاءات والتخصصات المختلفة، مما يسهم في توجيه الشباب للعمل في مجالات متعددة، سواء داخل مصر أو عبر العمل عن بُعد مع جهات أجنبية، دون الحاجة للسفر خارج البلاد.
مجالات متنوعة
وتتضمن صناعة التعهيد عدة مجالات، منها خدمات الصادرات الرقمية، والموارد البشرية، وتطوير البرمجيات، والدعم الفني، والأنظمة المبرمجة، بالإضافة إلى خدمات التوظيف، والتدريب، والحراسة، والأمن، والصيانة، ودعم العملاء، والإدارة، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، والخدمات الهندسية، بل والخدمات الإعلامية الحديثة. ويوجد في مصر 199 مركزًا للتعهيد حتى عام 2023، وتسعى الدولة إلى رفع حجم صادرات هذا القطاع إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026.
وتضيف وكيلة الكلية أن مصر أصبحت من الدول الفاعلة عالميًا في هذه الصناعة، والتي ترتكز على أربعة محاور رئيسية للخدمات:
تكنولوجيا المعلومات، العمليات،خدمات المعرفة، خدمات البحث والتطوير.
كما شددت على أهمية الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجة الحديثة، التي تساهم في تطوير الصناعة عبر تحليل البيانات الضخمة ومعالجتها.
فرص متميزة الكفاءات المصرية
ومن جانبه، يؤكد عمرو كمال، مدير الموارد البشرية في أحد القطاعات الخاصة، وهو شاب ثلاثيني يعمل في صناعة التعهيد، أن هناك اهتمامًا ملحوظًا من القيادة السياسية بهذا القطاع. ويذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل كريستوفر كالدويل، الرئيس التنفيذي لشركة "كونسنتركس" الأمريكية المتخصصة في خدمات التعهيد والأعمال ومراكز الاتصال، ثم أعقب اللقاء لقاء آخر مع رئيس مجلس الوزراء، لبحث سبل التوسع في هذا المجال الحيوي الذي يوفر فرصًا متميزة للكفاءات الشابة في مصر.
ويضيف عمرو: "خلال تصفحي للإنترنت، لفت نظري إعلان من إحدى الشركات الأجنبية التي تطلب التعاون بنظام التعهيد في مجال الموارد البشرية، أرسلت لهم سيرتي الذاتية، وتم قبولي سريعًا، هذا جعلني أوقن أن هذه الشركات تبحث عن الكفاءة والخبرة، دون وساطة أو محسوبية، كما يحدث للأسف في بعض المؤسسات المحلية".
ويشير إلى أن العمل مع شركات خارجية بنظام Outsourcing يمنح الشباب فرصًا متميزة من حيث المرتب والتقدير المهني، وهو ما يفتقده كثير من الشباب العاملين داخل مصر، في ظل تزايد ظاهرة تولي غير الأكفاء لمناصب قيادية بسبب العلاقات الشخصية.
أما منال عبد الظاهر، التي تعمل في إحدى الشركات العربية المستثمرة في مصر، فتقول: "أجني من عملي مع هذه الشركة بنظام التعهيد دخلًا أفضل بكثير مما كنت أتقاضاه في القطاع الخاص المحلي، هذه الشركات تعتمد على التكنولوجيا الرقمية، وتؤمن بأن الوقت والجهد والمال يجب أن تُستثمر بكفاءة، فلا مجال للتراخي أو الهدر". وتضيف: "ما يميز هذا العمل أيضًا أنه يتيح لي البقاء في مصر ورعاية أسرتي، مع الحصول على مرتب جيد دون الحاجة للهجرة أو السفر".
ويرى مدير قطاع تكنولوجيا المعلومات في إحدى الوزارات - فضل عدم ذكر اسمه - أن هذه الشركات تقدّر الإبداع المصري وتؤمن بتفرده، بشرط توافر بيئة داعمة ومناخ عمل صحي بعيدًا عن البيروقراطية والإحباطات، التي كثيرًا ما تعوق تفوق الكفاءات الوطنية.
ويحذر من استمرار سيطرة الفئات المناهضة للتطوير، والتي تعرقل أي مساعٍ نحو التغيير خشية المساس بمصالحها الشخصية، مشددًا على أن مثل هذه العقبات تعيق حركة النهوض وتدفع بالكفاءات للهجرة، حيث تجد هناك بيئة حاضنة تُقدر علمهم ومهاراتهم.
مزايا وعيوب التعهيد
ويمتاز نظام التعهيد بتقليل التكاليف وتحقيق أعلى كفاءة من خلال الاستفادة من خبرات ومهارات خارجية متخصصة، مما يمنح المؤسسة قدرة على التركيز في مهامها الأساسية، ويمنحها ميزة تنافسية عالية. كما يُقلل من الأعباء الضريبية ويوفر الوقت والموارد.
لكن، في المقابل، قد يُسبب التعهيد شعورًا بانعدام الأمن الوظيفي بين الموظفين الدائمين، حيث قد يُنظر إلى الكفاءات الخارجية كمنافس يهدد وظائفهم، كما يمكن أن يؤدي إلى تقليص الرواتب والحقوق أو الشعور بالاستغلال، خاصة في الدول النامية. وهناك أيضًا تحديات أخلاقية تتعلق بعدم المساواة في الفرص، وسيطرة الشركات الكبرى على سوق العمل بطريقة غير مباشرة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية