تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في خطوة وُصفت بالتاريخية والجريئة، أعلنت ألبانيا عن تعيين أول وزيرة في العالم تعمل بالذكاء الاصطناعي لتتولى مهمة مكافحة الفساد، لتصبح بذلك التجربة الأولى التي تمنح الروبوت صلاحيات وزارية رسمية، هذه الخطوة فتحت الباب واسعًا أمام نقاش عالمي حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في إدارة شؤون الدولة، بين من يراها وسيلة نزيهة وشفافة لإصلاح الأنظمة الإدارية، ومن يحذر من مخاطر انحرافها في حال غابت التشريعات والرقابة البشرية.
فقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداة محورية في مواجهة الفساد عالميًا، لما يتمتع به من قدرة على تحليل كمّ هائل من البيانات واستخراج الأنماط غير الطبيعية التي قد تكشف عن ممارسات مشبوهة، سواء في المشتريات الحكومية أو النظام الضريبي أو قطاع الجمارك، ومع ذلك، فإن نجاحه في أداء هذا الدور يتطلب بيئة رقمية ناضجة، وشفافية تشريعية، وتكاملًا مع العنصر البشري، ليظل وسيلة للإصلاح لا أداة للانحراف.
فقد أصبح الذكاء الاصطناعي أداة محورية في مواجهة الفساد عالميًا، لما يتمتع به من قدرة على تحليل كمّ هائل من البيانات واستخراج الأنماط غير الطبيعية التي قد تكشف عن ممارسات مشبوهة، سواء في المشتريات الحكومية أو النظام الضريبي أو قطاع الجمارك، ومع ذلك، فإن نجاحه في أداء هذا الدور يتطلب بيئة رقمية ناضجة، وشفافية تشريعية، وتكاملًا مع العنصر البشري، ليظل وسيلة للإصلاح لا أداة للانحراف.
مكافحة الفساد
يؤكد الدكتور محمد عزام – مستشار إدارة التكنولوجيا وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لإدارة التكنولوجيا، أن الذكاء الاصطناعي يمثل نقلة نوعية في آليات مكافحة الفساد، إذ يستطيع رصد حالات التلاعب، ووضع معايير دقيقة للرقابة، بحيث يطلق إنذارًا عند وجود أي شبهة فساد، وأوضح أن هذه التقنية قادرة على اكتشاف المخالفات في العديد من القطاعات مثل:
المشتريات الحكومية: مقارنة أسعار التعاقدات بأسعار السوق لكشف المغالاة والتلاعب.
القطاع الضريبي: تحليل السجلات البنكية والفواتير الإلكترونية لاكتشاف التهرب الضريبي.
الجمارك: تتبع حركة السلع عبر الحدود والتأكد من مطابقة البيانات مع الواقع الفعلي.
وأشار إلى أن دولًا مثل كوريا الجنوبية والهند بدأت بالفعل في استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة المعاملات الحكومية، ما ساهم في تقليص حجم الرشاوى والهدر المالي بنسبة تتراوح بين 10% -15%.
ويرى د. عزام أن الوضع في مصر يتطلب بناء قواعد بيانات مترابطة وموثوقة، بحيث يستند القرار الإداري إلى بيانات دقيقة، لافتًا إلى أن بعض التطبيقات بدأت بالفعل مثل بوابة المرور واستخراج الرخص إلكترونيًا، لكنه شدد على أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي، بل لا بد من توافر جودة البيانات؛ إذ أن الخوارزميات غير الدقيقة قد تنتج عن بيانات مضللة، كذلك الشفافية وأن تكون الخوارزميات قابلة للتدقيق لضمان عدم تحيزها، والتكامل مع العنصر البشري فالقرار النهائي يحتاج إلى تقييم قانوني وبشري.
ويختتم بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنه إذا لم يجد بيئة رقمية ناضجة وتشريعات واضحة فقد يتحول من وسيلة للإصلاح إلى وسيلة لتكريس الأخطاء.
الذكاء الاصطناعي والقانون
يوضح الدكتور عبد الله المغازي – أستاذ القانون الدستوري ومعاون رئيس الوزراء السابق، أن الأدلة التي يكشفها الذكاء الاصطناعي يمكن الاعتراف بها أمام القضاء إذا نص القانون على ذلك، إذ لا يهم مصدر الدليل بقدر ما يهم اعتماده قانونيًا.
وأشار إلى أن بعض الدول ذهبت أبعد من ذلك باستحداث وزراء للذكاء الاصطناعي ليس فقط لمكافحة الفساد، بل لتحسين التخطيط وإدارة الوزارات. وضرب مثالًا بتجربة الإمارات، حيث تتم الخدمات الحكومية إلكترونيًا بالكامل، ما قلل بدرجة كبيرة من فرص الفساد.
لكن في مصر – بحسب المغازي – يظل الخطر في غياب النصوص التشريعية الواضحة، إذ قد يطعن الفاسدون بأن الأدلة الرقمية "مختلقة"، ما يستلزم تعديلات قانونية تسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي وتضع ضوابط دقيقة لذلك.
وشدد على أن التعامل مع هذه التكنولوجيا يجب أن يتم بحذر، كونها سلاحًا ذا حدين؛ فإما أن تكون أداة لمحاربة الفساد، أو وسيلة للتزوير الإلكتروني والظلم إذا استُغلت بشكل خاطئ.
البعد الاقتصادي لمكافحة الفساد
من جانبه، يؤكد الدكتور محيي عبد السلام – الخبير الاقتصادي، أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة أساسية لمكافحة الفساد المالي عالميًا، ويشير إلى أن البنك الدولي قدّر حجم الرشاوى عالميًا بما يتجاوز تريليون دولار سنويًا، بينما تصل الخسائر الناتجة عن الفساد إلى 2.6 تريليون دولار، أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وأضاف أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مصر يمكن أن يساعد في تقليص فجوة التهرب الضريبي التي تصل لعشرات المليارات سنويًا، عبر مطابقة الإقرارات الضريبية مع بيانات الاستهلاك والمعاملات البنكية. كما أن التجربة الصينية في مراقبة المشتريات الحكومية كشفت عن آلاف المخالفات، وأسهمت في توفير مليارات الدولارات.
ويرى د. عبد السلام أن الفساد في جوهره نتاج لضعف المنظومة الإدارية، وأن الاستثمار في التكنولوجيا يجب أن يبدأ من إصلاح البنية التحتية الإدارية والتكنولوجية، كما دعا إلى ثورة تعليمية في النظام الإداري، بإدراج مقررات جامعية لتأهيل جيل جديد من المراقبين القادرين على التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وشدد على أن الاستثمار في المورد البشري هو الخطوة الأولى، مؤكدًا أن مصر إذا بدأت العمل الجاد على دمج العنصر البشري مع الذكاء الاصطناعي يمكنها تحقيق تقدم ملموس في غضون خمس سنوات فقط.
واختتم قائلًا: "كل جنيه يتم استرداده من خلال مكافحة الفساد يعني زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية، وهذا هو البعد الاقتصادي الأعمق لدور الذكاء الاصطناعي".
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية