تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في معالجة درامية لافتة، سلط الفنان بيومي فؤاد في مسلسل «كتالوج» الضوء على اضطراب نفسي معقد يختبئ خلف ستار الخوف، ويطارد الملايين حول العالم، الأجروفوبيا أو رهاب الأماكن المفتوحة، هذا "السجان الخفي" لا يستخدم القيود الحديدية، بل يفرض حصاراً ذهنيًا يجعل من الشوارع ساحات تهديد، ومن عتبة المنزل حدودًا لا يمكن عبورها.
الأجروفوبيا ليس مجرد قلق عابر، بل حالة نفسية عميقة تدفع أصحابها لتجنب الأماكن العامة ووسائل النقل وحتى الطوابير، خوفا من نوبات الهلع أو الإحساس بالعجز، ومع مرور الوقت، يتحول المنزل من ملاذ آمن إلى سجن صامت يعزل المريض عن العالم.
الأطباء النفسيون يحذرون من التقليل من شأنه، فالمسألة ليست مجرد "خوف زائد"، بل خلل في نظام الإنذار الدماغي يحول المواقف العادية إلى مؤشرات خطر قصوى. في هذا التقرير، نستعرض أسبابه الكامنة، وأعراضه الجسدية والنفسية، وأحدث أساليب العلاج السلوكي والدوائي، لنكتشف كيف يمكن للمصابين أن يستعيدوا ثقتهم بالعالم الخارجي، ويكسروا دائرة الخوف التي تحاصرهم.
الأجروفوبيا ليس مجرد قلق عابر، بل حالة نفسية عميقة تدفع أصحابها لتجنب الأماكن العامة ووسائل النقل وحتى الطوابير، خوفا من نوبات الهلع أو الإحساس بالعجز، ومع مرور الوقت، يتحول المنزل من ملاذ آمن إلى سجن صامت يعزل المريض عن العالم.
الأطباء النفسيون يحذرون من التقليل من شأنه، فالمسألة ليست مجرد "خوف زائد"، بل خلل في نظام الإنذار الدماغي يحول المواقف العادية إلى مؤشرات خطر قصوى. في هذا التقرير، نستعرض أسبابه الكامنة، وأعراضه الجسدية والنفسية، وأحدث أساليب العلاج السلوكي والدوائي، لنكتشف كيف يمكن للمصابين أن يستعيدوا ثقتهم بالعالم الخارجي، ويكسروا دائرة الخوف التي تحاصرهم.
طبيعة الخوف
توضح دكتورة سالي حسن، استشارية الصحة النفسية والإرشاد الأسري، أن رهاب الساح هو التسمية العربية لاضطراب الأجروفوبيا (Agoraphobia)، ويُعرف أيضا باسم رهاب الخلاء أو رهاب الميادين، أصل المصطلح يعود إلى الكلمة اليونانية “أجورا” وتعني الساحة العامة، و“فوبيا” وتعني الخوف.
فالأجروفوبيا اضطراب قلق نفسي يتمثل في خوف شديد وغير منطقي من الأماكن العامة والحشود، وغالباً ما يصاحبه أعراض شبيهة بنوبات الهلع، مثل:
- تسارع ضربات القلب.
- ضيق التنفس.
- التعرق والدوخة.
- الغثيان وآلام الصدر.
- الرجفة والشعور بالاختناق أو فقدان السيطرة.
وتؤكد د. سالي أن هذا الخوف قد يعيق حياة المريض اليومية والاجتماعية والمهنية، خاصة إذا دخل في دائرة مفرغة من التجنب والانعزال، ما يؤدي لتفاقم حالته.
أسباب محتملة
رغم ارتباط الأجروفوبيا أحيانا باضطراب الهلع، إلا أنه قد يظهر أيضًا دون نوبات هلع، خصوصاً لدى من يعانون أنواعا أخرى من الرهاب، مثل:
-الخوف من التعرض لهجوم إجرامي أو إرهابي خارج المنزل.
-الخوف من التقاط عدوى خطيرة في الأماكن المزدحمة.
-الخوف من الإحراج أو فقدان السيطرة أمام الآخرين.
كما تزداد احتمالية الإصابة لدى كبار السن، من مروا بصدمات نفسية قوية، مثل فقدان أحد الوالدين أو الكوارث الطبيعية، كذلك من لديهم تاريخ عائلي مع الأجروفوبيا أو اضطرابات القلق، ما يشير لدور مهم للعامل الوراثي.
مواقف متجنبة
يشرح الدكتور علي النبوي، أخصائي الطب النفسي، أن الأجروفوبيا ليست مجرد خوف من الأماكن المفتوحة، بل هي اضطراب قلق مزمن يتجلى في شعور طاغ بعدم القدرة على الهروب أو طلب المساعدة، وتتضمن المواقف التي يتجنبها المصابون عادة، المساحات الواسعة والشوارع المفتوحة، الأسواق والمولات، وسائل النقل العامة، زيارة أماكن جديدة أو الخروج بمفردهم، كذلك الوقوف في طوابير أو التواجد في أماكن مغلقة.
وفي الحالات المتقدمة، قد ينعزل المريض تماماً داخل منزله، معتمداً على الإنترنت لتلبية احتياجاته، ومتجنبًا المناسبات الاجتماعية وحتى الزيارات القصيرة.
يوضح د. النبوي أن المصاب يمكنه استخدام استراتيجيات بسيطة للتقليل من شدة نوبات الهلع عند حدوثها، مثل البقاء في المكان وعدم الاستسلام للهروب الفوري، التركيز على تفاصيل محايدة بالبيئة المحيطة (مثل لافتة أو واجهة متجر)، تذكير النفس أن الخوف مؤقت وغير مرتبط بخطر حقيقي، كذلك يمكن ممارسة التنفس البطيء والعميق لتهدئة التوتر الجسدي، ويؤكد أن هذه التقنيات لا تُغني عن العلاج، لكنها تساعد المريض على استعادة السيطرة حتى يلقى دعمًا مهنيًا.
علاج فعال
تؤكد الدكتورة هدى عبد الجواد، أخصائية العلاج السلوكي للأطفال والمراهقين، أن علاج الأجروفوبيا يحقق نتائج ملموسة خاصة عند التدخل المبكر، ويعتمد على عدة محاور متكاملة:
المحور الأول: العلاج النفسي
-العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يهدف إلى تعديل الأفكار والسلوكيات المرتبطة بالمواقف المخيفة.
-العلاج بالتعرض التدريجي: تعريض المريض بشكل آمن ومتدرج للمواقف التي يتجنبها، لإعادة برمجة استجاباته العصبية.
-التحفيز المغناطيسي (TMS): خيار يستخدم في الحالات المقاومة للعلاج، عبر تنشيط مناطق محددة بالدماغ.
المحور الثاني: العلاج الدوائي
استخدام مضادات القلق والاكتئاب، خاصة من نوع مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، للتخفيف من الأعراض الجسدية والنفسية.
المحور الثالث: الدعم الأسري
حيث تشدد د. هدى على أهمية احتواء الأسرة، خصوصا للمراهقين، محذرة من أن التنمر أو التقليل من الأعراض يزيد الحالة سوءا، بينما يسهم الدعم في تسريع التعافي.
ولتعزيز التعافي يجب على المريض أيضاً ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة يوميًا، تجنب الكافيين والكحول لخفض نوبات القلق، استخدام تمارين التنفس العميق عند التوتر، طلب المساعدة النفسية فورًا دون تردد.
وتختتم د. هدى نصائحها قائلة: "الأجروفوبيا ليس حكما بالسجن، بل اضطراب يمكن تجاوزه. البداية قد تكون بخطوة واحدة نحو الخارج، لكنها قد تعيد للمريض حياته بأكملها".
انتشار عالمى
وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، يعاني نحو 1.7% من البالغين في الولايات المتحدة سنوياً من اضطراب الأجروفوبيا، وهو أحد اضطرابات القلق التي تدفع المصاب لتجنب الأماكن أو المواقف التي قد تثير نوبات الهلع أو الإحراج، وتظهر البيانات أن النساء أكثر عرضة للإصابة، إذ يشكلن ما يقارب ثلثي الحالات، بنسبة تتراوح بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال.
كما تشير الدراسات إلى أن 40% من المصابين لديهم تاريخ سابق مع نوبات الهلع، مما يدعم الفرضية القائلة بأن الأجروفوبيا قد تتطور كنتيجة مباشرة للخوف من تكرار هذه التجربة المؤلمة.
بالإضافة إلى نتائج أثبتت أن 90% من مرضى الأجروفوبيا يعانون اضطرابات نفسية مصاحبة، أبرزها الاكتئاب أو إدمان الكحول، كما أبلغ 15% منهم عن أفكار انتحارية؛ نتيجة العزلة القسرية والخوف المزمن الذي يفرضه المرض على حياتهم اليومية.
وتشير الدراسات إلى أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يحقق تحسنا لدى 70% من المرضى، خاصة عند دمجه مع الأدوية المضادة للاكتئاب ورغم ذلك، يحصل فقط 27% من المصابين باضطرابات القلق – بما فيها الأجروفوبيا – على علاج فعلي، بسبب ضعف الوعي المجتمعي واستمرار الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية.
وتصنف منظمة الصحة العالمية (WHO) اضطرابات القلق، بما فيها الأجروفوبيا، كأكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا عالميًا، حيث أثرت على 301 مليون شخص حول العالم، مما يجعلها قضية صحية عامة تتطلب وعيا أكبر وخطط تدخل أكثر شمولية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية