تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : أكواب القهوة الورقية.. راحة سريعة تهدد صحتك وهرموناتك
source icon

سبوت

.

أكواب القهوة الورقية.. راحة سريعة تهدد صحتك وهرموناتك 

كتب:مروة علاء الدين

في مشهد صباحي متكرر، يمسك الكثيرون بأكواب قهوتهم الورقية في طريقهم إلى العمل، ظنًا بأنها خيار آمن وسريع، لكن خلف هذا المشهد البسيط، يختبئ خطر صحي غير مرئي، يتسلل إلى أجسامنا يوما بعد يوم، مهددا توازننا الهرموني وقدرتنا الإنجابية، بسبب مواد كيميائية مثل البيسفينول A (BPA).

مادة BPA المقلقة
البيسفينول A (BPA) هو مركب كيميائي يستخدم على نطاق واسع في صناعة البلاستيك، خاصة في تغليف الطعام والشراب، مثل الأكواب الورقية المغلفة بطبقة بلاستيكية، تكمن خطورة هذه المادة في قدرتها على تعطيل عمل الغدد الصماء، حيث تحاكي هرمون الأستروجين، مما يؤدي إلى اختلال التوازن الهرموني في الجسم. 

تشير دراسات علمية متعددة إلى أن التعرض المزمن لهذه المادة قد يرتبط بالعديد من الاضطرابات الصحية، ففي دراسة نشرت عام 2021 في مجلة Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism، وُجد أن التعرض المستمر لمركبات BPA قد يزيد من خطر الإصابة بمتلازمة تكيّس المبايض لدى النساء في سن الإنجاب بنسبة تصل إلى 30%.

الأكواب المسرطنة
ويقول الدكتور عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، إن الأكواب الورقية التي تغلف بطبقة رقيقة من البلاستيك المقاوم لتسرب السوائل ليست خالية من المخاطر، خاصة عند سكب مشروبات ساخنة داخلها، إذ يؤدي التعرض للحرارة إلى تسرب مادة BPA من الطبقة البلاستيكية إلى المشروب، ومن ثم إلى جسم الإنسان عند الشرب.

يشرح د. عماد أن مادة BPA تحاكي هرمون الأستروجين، فتؤثر بشكل سلبي على التوازن الهرموني، حيث تسبب اضطرابات في الغدد الصماء تؤدي إلى ضعف في الهرمونات الذكرية عند الرجال، ومشكلات مثل تقلبات المزاج واضطرابات الدورة الشهرية عند النساء.

كما يرتبط التعرض المزمن لهذه المادة بتراجع الخصوبة لدى الجنسين، حيث تؤثر على وظائف المبايض لدى النساء، مما يسبب ضعف التبويض وتكيّس المبايض، بينما تتسبب في انخفاض عدد وحركة الحيوانات المنوية عند الرجال، إضافة إلى إمكانية تأثيرها على الحمض النووي للخلايا الجنسية، ما قد يؤثر على صحة الأجيال القادمة.

إضافة إلى ذلك، يلفت د. سلامة الانتباه إلى تأثير مادة BPA على الغدة الدرقية، حيث يمكن أن تعطل عملها الطبيعي، مما ينعكس على عمليات التمثيل الغذائي في الجسم، مسببة أعراضًا مثل التعب المزمن وزيادة الوزن.

الأطفال في خطر 
لا تقتصر مخاطر BPA على البالغين، بل تمتد لتشمل الأطفال، الذين يكونون أكثر حساسية لهذه المواد الكيميائية، ويحذر د. عماد من أن التعرض لهذه المادة في مراحل النمو قد يؤثر على نمو الأطفال العقلي والجسدي، وقد يسبب اضطرابات سلوكية ونفسية مثل فرط النشاط ونقص الانتباه، بل إن هناك دراسات تربط التعرض لـ BPA بزيادة خطر الإصابة باضطرابات طيف التوحد.

في دراسة نشرت في مجلة Environmental Health Perspectives، وُجد أن 93% من عينات البول التي جمعت من البالغين الأمريكيين تحتوي على آثار لمادة BPA، مما يعكس مدى انتشار التعرض لهذه المادة في الحياة اليومية.

تأثيرات الـ BPA
من جانبه، يشرح الدكتور يوسف محمد، استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري، أن BPA ينتمي إلى مجموعة المواد التي تعرف بـ "مُعطلات الهرمونات"، والتي تؤثر على وظائف الجسم الهرمونية بعدة طرق مختلفة، وتربط الأبحاث الحديثة بين هذه المواد وبين زيادة معدلات الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني، السمنة، واضطرابات الغدة الدرقية.

يشير د. يوسف إلى أن تراكم هذه المواد في الجسم على مدى سنوات يتسبب في اختلال التوازن الهرموني الدقيق، ما يفسر الزيادة الملحوظة في معدلات الأمراض المزمنة المرتبطة بالغدد الصماء خلال العقود الأخيرة.

يحذر من أن بعض المواد الكيميائية مثل BPA  والبارابين والمبيدات الحشرية تحاكي عمل الهرمونات الطبيعية، فتؤدي إلى اضطراب في المنظومة الهرمونية، وخصوصا لدى الفئات العمرية الصغيرة.

وبينما يستخدم BPA في الأكواب الورقية وتصنيع القوارير البلاستيكية وأوعية حفظ الطعام، فإن تعرّض هذه المواد للحرارة يؤدي إلى تسرب المادة إلى الطعام أو الشراب، حيث تعمل كمادة "زينوإستروجين" تقلل إنتاج هرمون التستوستيرون لدى الرجال.

ويؤكد د. يوسف أن التعرض المبكر والمزمن لمثل هذه المواد يؤدي إلى مشكلات صحية مختلفة حسب الجنس والعمر عند الذكور، ويؤدي إلى انخفاض مستويات التستوستيرون وDHT، مما يتسبب في تغيرات جسدية مثل ضعف نمو شعر الوجه، صغر حجم الحنجرة، وتغير نبرة الصوت، أما لدى الإناث، فيؤدي إلى البلوغ المبكر الذي يسرع النمو في البداية ثم يوقفه مبكرًا، مما يسبب مضاعفات صحية طويلة الأمد.

في مرحلة منتصف العمر، تزداد حدة الأعراض، حيث يعاني الرجال من انخفاض الرغبة الجنسية، العقم، فقدان الكتلة العضلية، هشاشة العظام، ومتلازمة الأيض، بينما تعاني النساء من تكيس المبايض، العقم، انقطاع الطمث المبكر، والأمراض الأيضية.

دعم الصحة الهرمونية
جانب مهم لا يقل عن الحد من التعرض الكيميائي هو دعم الصحة الهرمونية عبر التغذية الصحية ونمط الحياة السليم، ينصح د. يوسف باتباع نظام غذائي غني بالبروتين والتركيز على المغذيات التي تدعم الهرمونات مثل:

- الزنك بجرعة 15 إلى 30 مل جرام يوميًا.

- فيتامين D3 بجرعة 2000 وحدة دولية يوميًا.

كما يؤكد على أهمية تبني نمط حياة صحي يشمل:

- ممارسة تمارين المقاومة 3 إلى 4 مرات أسبوعيًا.
- الحفاظ على نوم منتظم بين 7 و9 ساعات يوميًا.
- التحكم في التوتر النفسي.
- الحفاظ على وزن صحي.

ويوصي بضرورة إجراء الفحوصات الدورية للهرمونات، لا سيما عند ظهور علامات اضطرابات هرمونية بدءًا من سن المراهقة، وذلك لفحص مستويات التستوستيرون، الهرمونات الجنسية LH وFSH، الأستروجين، فيتامين D، إلى جانب تحاليل السكر والدهون.

بدائل آمنة 
من أجل الوقاية وتقليل خطر التعرض لمادة BPA، تقدم دكتورة أسماء صالح، أخصائية التغذية العلاجية، مجموعة من البدائل العملية الآمنة لاستخدامها بدلاً من الأكواب الورقية أو البلاستيكية المحتوية على BPA، ومن أبرزها:

-الزجاج أو السيراميك، وهما من أكثر المواد أمانا ولا تتفاعلان مع المشروبات الساخنة.
-الستانلس ستيل المقاوم للصدأ، الذي يحافظ على حرارة المشروبات ويعد خيارًا عمليًا ومتعدد الاستخدامات.
-المواد النباتية القابلة للتحلل مثل أكواب مصنوعة من حمض البوليلاكتيك (PLA)، التي تعد خيارا صديقا للبيئة.

كما تنصح د. أسماء باتباع إرشادات أخرى مهمة:
- الانتباه إلى العلامات التجارية التي تعلن بوضوح عن خلو منتجاتها من BPA.
- تجنب سكب المشروبات الساخنة جدا (فوق 85 درجة مئوية) في الأكواب البلاستيكية أو الورقية.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية