تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : إفطار الصائم على طرق مصر "حاجة تانية"
source icon

سبوت

.

إفطار الصائم على طرق مصر "حاجة تانية"

كتب:سعاد طنطاوي

جلست صديقتي أميرة، وهي التي سافرت للعديد من دول العالم، تروي لنا أنا وبعض صديقاتنا،  بانبهار عن تجربتها للسفر بشكل مفاجئ في رمضان، عندما هاتفها والدها المقيم في الإسكندرية بعد العصر، يطلب منها أوراقا مهمة تركها بحوزتها يريدها اليوم، ولأن سيارتها كانت غير مجهزة في هذا الوقت للسفر، فقد اضطرت أميرة لركوب إحدى سيارات الميكروباص من شارع الهرم، في الخامسة من بعد العصر، للوصول إلى الإسكندرية في وقت مبكر قبل أن يسدل الليل أستاره.

تحكي أميرة، أنه بعد أن قطعت السيارة نحو ساعة من الزمن علي الطريق السريع  توقفت في الكيلو 69  داخل محطة تموين للبنزين، وإذا بأصوات أذان  المغرب  تملأ الأرجاء،  ويهرول نحو السيارة التي كانت تستقلها، شابا تعلو وجهه الابتسامة، حاملا علي كتفه كرتونة،  وما إن اقترب من السيارة حتى فتح بابها،  وأخرج من الكرتونة أكياسا راح يلقيها على الركاب وهو يردد "كل عام وأنتم بخير.. رمضان كريم"، كان كل كيس يحتوي زجاجة مياه معدنية،  وعلبة عصير وبعض تمرات، ولم يكد ينتهي هذا الشاب الطامع في أن ينال ثواب إفطار صائم، إذ بآخر يفتح الزجاج المجاور لي ليلقي في حجري، عدة أكياس كل واحد فيه ثلاث ثمرات من الموز وزجاجة مياه.

مسيحي مشاركا في الإفطار

قالت أميرة إنها فزعت في بداية الأمر، لكنها ما إن أدركت الموقف أخبرته أن لديها ولدى بقية الركاب ما يفطرون به، إلا أن الشاب ظل متشبثاً بالنافذة، يطلب منها في توسل توزيع الأكياس على كافة الركاب،  ليتأكد ان جميع ركاب السيارة نالوا نصيبهم.

المفارقة الجميلة التي تحكيها أميرة في هذا الموقف، أن الراكب الذي يجاورها، هو فتي مسيحي وكلما أعطوه ليفطر مثل باقي الركاب رفض قائلا إن هناك من هم أولى منه،  إلا  أن الجميع أصروا أن يشاركهم، مشيرة إلى أن الموقف الأجمل كان لسيدة مسنة  معهم في الميكروباص،  مدت يدها بكيس كان في حوزتها به بعض المخبوزات جهزتهما لتفطر بها في الطريق هي و"صاحب النصيب" على حد وصفها، والذي سيحضر الإفطار معها في الطريق.

أسرة على الطريق

قالت أميرة وهي تروي لنا، الأجمل أن جميع من في السيارة بدوا وكأنهم عائلة واحدة، وسارع كل منهم بإخراج ما معه من طعام حتى ولو كان بعض البسكويت، لتوزيعه على الجميع، وأكدت أن تلك السلوكيات المفعمة بالكرم والإيثار وحب فعل الخير أسعدتها كثيرا، وأدخلت البهجة إلى نفسها، لأنها جاءت من أناس بسيطة وبلا تكلف، وهي سلوكيات لم ترها في غير مصر، وهي التي زارت العديد من البلدان بحكم عملها منها دول إسلامية،  لم تصادف مثل تلك السلوكيات

موقف مشابه روته لنا صديقتنا سناء، خلال سفرها مع زوجها وأولادهم بسيارتهم إلى قرية رب الأسرة بالبحيرة،  وقالت إن أذان المغرب سبق وصولهم،  ليجدوا مجموعة من الشباب يستوقفون سيارتهم علي الطريق،  وخلفهم قد نصبت مائدة رحمن ويطلبون منهم النزول للإفطار، وعندما اعتذر لهم زوجها لأن هناك من ينتظرهم على الإفطار، جاءوهم بكيس وضعوا فيه علب بعدد ركاب السيارة كل علبة فيها أرز وخضروات مطبوخة وسلطة وقطعة من الدجاج وزجاجة مياه، وأصروا أن نأخذها معنا لـ"نجرح بها صيامنا" على حد قولهم، أو نمنحها لآخرين ربما لا يجدوا طعاما للإفطار.

مشاركة الجيران في الثواب

أخذت زمام الحديث، لأروي لهم عن تجربة أحد الموظفين العاملين معي في مؤسستي، ويدعى أشرف عبد المنعم، فقد أخبرني، أنه يقوم سنويا هو بعض سكان عمارته بتخصيص ميزانية مالية معينة من أجل شهر رمضان لشراء كراتين المياه المعدنية وعلب التمر والعصائر، وأكياس التغليف من تجار الجملة،  وتتشارك أسرته وسكان العمارة، في التعبئة، ويقوم أبنائهم من الشباب بالنزول للشارع يوميا،  والتوزيع علي السيارات والمارة.

ورويت أن أشرف أخبرني، أن إمكاناتهم تجعلهم لا يستطيعون تقديم الأكثر، لكن أحيانا يقومون بشراء بعض الخبز وكراتين البيض وعلب الجبن المطبوخ لتعبئتها وتوزيعها أيضا، مؤكدا أنه رغم ارتفاع الأسعار سنويا،  لكن ما يوزعونه يطرح الله فيه البركة .

ابن العاشرة يبحث عن ثواب إفطار صائم

أما صديقتنا أمينة، فقالت إن ابنها ذو العشر سنوات جاءها ذات يوم، ليعلمها أنه قرر أخذ مدخراته علي مدار 6 شهور، ليشتري به علبة بلح في رمضان ويقف بها عند ناصية  الشارع ليوزع علي الصائمين وقت أذان المغرب كبقية أصحابه.

وقالت إنها كانت في قمة سعادتها أن ترى صغيرها يبادر بذلك، وما كان منها إلا أن استأذنته أن تشاركه الثواب،  لتحفيزه على الاستمرار في فعل الخير خاصة في هذا الشهر الكريم.

وجهة نظر مختلفة

شعرت بعد تلك الجلسة مع صديقاتي، بطاقة إيجابية كبيرة فالخير مازال موجودا، وإن بدا الأمر عكس ذلك بسبب ارتفاع الأسعار وشكوى الأغلبية من الغلاء، وأثناء رحلة عودتي لمنزلي، طلبت من سائق التاكسي، التوقف أمام محل عصائر الشيخ عبد الرحيم السيد في طريق محور ميدان لبنان، لأشتري بعضا من منتجاته، وسألته هل مازال الناس يقبلون على شراء العصائر التقليدية، كالقصب والتمر هندي والعرقسوس، ضحك قائلا: "نعم لا يمكن للمعلبات أن تحل محل الطبيعي، بل إن بعض الناس التي ترغب في نيل ثواب  إفطار صائم، تطلب مني أن أجهز لهم يوميا علي مدار شهر رمضان الكريم عددا معينا  من أكياس تلك العصائر لتوزيعها على المارة وقت الإفطار لنيل ثواب إفطار صائم".

شكرت الشيخ عبد الرحيم، وعدت للتاكسي، الذي كان يقوده مصطفي إسماعيل، والذي كان يستمع لحواري مع صاحب محل العصير، وفاجئني بوجهة نظر، تختلف عما سمعته خلال الساعات الماضية في الإفطار السريع علي الطريق، إذ رأى إنه يعطل المرور في هذا التوقيت بالتحديد، خاصة وأن الجميع يكون مسرعا للعودة  إلي بيته ليفطر مع ذويه.

مغفرة للذنوب وعتق من النار

 قد قررت الاتصال بالشيخ ياسين إمام مسجد المعز بمدينة 6 أكتوبر، لمعرفة حكم الدين فيما يقوم به هؤلاء الباحثين عن ثواب إفطار صائم، فاستشهد بقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء، قلنا: يا رسول الله ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ". رواه البيهقي وابن خزيمة في صحيحه. وأبو الشيخ وابن حبان .

وأوضح الشيخ ياسين، أن من يقوم بإفطار صائم عموما وعلي الطريق خاصة،  هدفه  أن يكسر الصائم  صيامه ولو بشق تمرة أو شربة ماء، لان الكثيرين الذين يدركهم أذان المغرب وهم علي الطريق يسرعون أكثر للحاق بالإفطار مع ذويهم  وهو أمر لا قدر الله قد  يتسبب في بعض الحوادث.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية