فتاة في العاشرة من عمرها تجلس مع شقيقتها الكبرى في الحديقة، فتنشغل عنها قليلا، لتخوض الطفلة مغامرة في "بلاد العجائب"، قصة أحبها ملايين الأطفال وتابعوها ولا تزال محفورة في أذهانهم حتى الآن، تحولت هي والعديد من "أفلام الكرتون" إلي متلازمات نفسية تحمل نفس أسماء أبطال هذه القصص.

“ أليس في بلاد العجائب "،" رابونزل "،" بيتر بان "، أفلام كرتون للأطفال تحولت إلي أمراض نفسية، ربما لأن أعراض هذه المتلازمات تتشابه إلي حد كبير مع الحالات التي تعرضت لها أبطال هذه الأفلام الكرتونية، هذا ما أوضحته دكتورة إيمان عبد الله، استشاري نفسي وتربوي، قائلة: متلازمة" أليس في بلاد العجائب "هي حالة نادرة وليست منتشرة بشكل كبير، ولكن الذي شهرها هو أسم فيلم" الكرتون "الذي أطلق عليها.

نوبات في الإدراك البصري

وواصلت: مريض" أليس في بلاد العجائب"، يتعرض لنوبات في الإدراك البصري وتشويه الرؤية، ويشعر بأنه أصغر أو أكبر من الحجم الطبيعي، وهو نفس ما تعرضت له" أليس "بطلة الفيلم الكرتوني، لذا؛ تم إطلاق هذا الاسم على تلك المتلازمة،  مشيرة  إلى أن أبرز أعراض متلازمة "أليس في بلاد العجائب"، حدوث اضطرابات تحدث في العين والرؤية أو الإصابة بالهلاوس نتيجة لحدوث تغيرات في إدراك العقل الخاص بالمريض، إذ لا يكون مدرك للبيئة التي يعيش بها بشكل صحيح.

وتعد متلازمة "أليس" ليس الاسم الحقيقي والفعلي لها، فاسمها الأصلي متلازمة" تود "على اسم مكتشفها الطبيب النفسي الفرنسي "جون تود "في خمسينيات القرن العشرين، وقد قام هذا الطبيب بتسجيل بعض الأعراض للحالات التي كان يقابلها، ووجد ان هناك رواية عالمية تحاكي نفس الاعراض التي قام بتسجيلها.

الصداع النصفي عرض نفسي

وعلى الرغم من أن الصداع النصفي من أعراض "أليس في بلاد العجائب"، ولكنه يكون مصحوبا بأعراض أخرى، بعكس متلازمة  تسمى" هالة" الصداع النصفي عرض منفرد بها، إلا أن د. إيمان قالت إنه يمكن التفرقة بين هاتين المتلازمتين بوجود أعراض أخرى في متلازمة" أليس" منها رؤية الأشياء ممن حولنا ليست بحجمها الطبيعي، إما كبيرة للغاية أو صغيرة جدا، أو رؤية الأشياء بعيدة أو قريبة بشكل كبير، كذلك الإحساس بالوقت يمر بشكل سريع جدا أ بطيء للغاية، وتشوه الصوت فالمريض يسمع الأصوات عالية تارة ومنخفضة تارة أخرى، وكذلك حدوث خلل في الألوان، والمشكلة الكبرى هو عدم القدرة على التحكم في الأطراف، فتصبح حركته غير متزنة.

وأضافت، أن التفسير العلمي لحدوث متلازمة "أليس" هو وجود اضطرابات عقلية وعصبية، أو ما يطلق عليه" نشاط كهربي زائد"، بالدماغ، حيث يتدفق الدم بشكل غير طبيعي في أجزاء معينة من دماغ الإنسان، فيجعل إدراكه البصري غير طبيعي، بمعنى أن يكون الإدراك للأشياء غير حقيقي، هكذا أوضحت د. إيمان أسباب حدوث المتلازمة مؤكدة إن 83 % من المصابون بهذه المتلازمة تعرضوا لصدمة في الرأس وبالأخص في الجزء النصفي الذي يسبب لهم الصداع.

وأشارت الإستشاري الأسري، إلى أن إصابة المريض بورم في المخ والصرع والفصام وكذلك استخدام مبالغ به لحبوب الهلوسة أو الإصابة بالضغط العصبي والعدوى بفيروس معين، والسكتة الدماغية، من أكثر أسباب الاصابة بهذه المتلازمة، وهناك بعض العوامل اليقينية للطبيب النفسي التي تجعله متأكد من ان هذا مريض" أليس" أهمها الصداع النصفي ووجود مصاب بهذه المتلازمة في عائلته.

التخيل مرض الأطفال

الأطفال من الممكن أن يصابوا بمتلازمة" أليس" وهنا يجب التنبيه على الآباء والأمهات بملاحظة أطفالهم ومدى إدراكهم للأشياء، وألا يستهينوا بما يفعلونه أو يقولونه، ففي العادة نعتبرهم" يتخيلون أشياء غير موجودة" ولكنهم يمكن أن يكونوا بالفعل مصابون بتلك المتلازمة، خاصة لدى الأطفال الذين يشاهدون أفلام الكرتون لفترات طويلة، وليس فيلم" أليس" على وجه التحديد، فهي حالة مرضية لابد من علاجها، وتحديد السبب يساعد كثيرا في العلاج.

لا تترك الطفل المريض او المراهق بمفرده لأن الوحدة تزيد من نوبات المتلازمة، ولا بد أن نشعره بالأمان، فأكثر ما يزيد حالة المريض سوء هو الشعور بالخوف وعدم الامان والشعور بفقدان عزيز لديه، كان مصدر اطمئنانه، والخوف على الاطفال والكبار متساوي هنا، لأن خلل الرؤية يتسبب في مشاكل كارثيه اهمها عند وقوفه في شرفة منزله قد يرى نفسه في الدور الارضي وهو في الدور العاشر فمن الممكن ان يسقط منها على اعتبار انه يشاهد الارض.

متلازمة بيتر بان

“ أليس في بلاد العجائب" ليست المتلازمة الوحيدة المأخوذة عن فيلم كرتون، فقد أطلق عالم النفس "دان كيلي" متلازمة "بيتر بان" على كتاب قام بنشره عام 1983 وتناول فيه ظاهرة رفض بعض الرجال للنضج وللخروج من مرحلة الطفولة، وهو ذلك الشخص الذي يرفض تحمل المسؤوليات، وهذا الاسم هو اسم فيلم الأطفال الكرتوني أيضا "بيتر بان".

أعراض متلازمة "بيتر بان" تتمثل في عدم الرغبة في القيام بالأشياء، والتردد، وعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين، وهو أشبه بالشخصية "النرجسية" هكذا وصفته د. إيمان، وعلى الرغم من إن تلك الأعراض غير سوية نفسيا، إلا إن منظمة الصحة العالمية ما زلت لم تعترف به كاضطراب نفسي أو عقلي.

وقد تحدث متلازمة "بيتر بان" نتيجة خطأ في أسلوب التربية حيث يترك للطفل حرية التصرف بلا حدود مع عدم تحمله أي خطأ قد ينتج عن تصرفاته، أو إشعاره الدائم بإن العالم مليىء بالمخاوف وتجنب التعامل معه بشكل ناضج حتى عندما يكبر.

كما قد يتعرض مريض متلازمة "بيتر بان" لنوبات من الهلع نتيجة لإحساسه بالضغط والتوتر، مع إلقاؤه المسؤولية بشكل دائم على من يعيش من حوله، وفي بعض الحالات المتأخرة قد يضطر إلي تناول المواد المخدرة وإدمانها.

رابونزل وساوس قهرية

“رابونزل" فتاة صاحبة الشعر الأشقر الطويل للغاية، تحولت قصتها إلي متلازمة مرضية ايضا، حيث يقوم المريض بأكل شعره وابتلاعه، وتقول د. إيمان عبد الله إن هذه المتلازمة ترجع الي وجود وساوس قهرية واضطرابات عقلية، وإن المريض يشعر أثناء شده لشعره وتناوله بالراحة النفسية.

ترك الطفل أمام التلفاز لفترات طويلة أمراً خطيراً للغاية، خاصة لدى الأطفال المصابين بهذه المتلازمة، فيجب مراقبة الطفل عند سحب الشعر ومحاولة إيجاد بديل مهدئ له بدلا من ذلك، بحيث تتم تهدئة الجهاز العصبي لديه، وهناك بالطبع علاج جراحي حسب حالة المريض لأن وجود الشعر في الجهاز الهضمي يسبب العديد من المشاكل الصحية له.