جرائم غريبة جدا على المصريين عموما وأسوان خصوصا، تخالف طبيعة وقيم أبناء هذه الأرض الطيِّبة، يدفع ثمنها من حياته الأب والأم والأخ والإبن، والسبب دائما الإدمان اللعين وخاصة الوافد الجديد "الشَابو، والآيس" الذي يُذْهِبُ العقل ويسْلُبُ الإرادة بل الرحمة والإنسانية ممن يقع فريسة له، والضحية الدائمة هو الهدوء النفسي والبُعْد تماما عن العُنف والميل إلى السلام، وهى صفات الأسوانيين التي يفضلها السائحون الأجانب والزائرون من أنحاء المحروسة وكل من ينشد الأمان والتأمل والهدوء والطمأنينة.

عرفنا من عشاق هذه الطبيعة الساحرة نماذج بارزة، أشهرها الأغا خان الهندي، والسير الطبيب العالمي د. مجدى يعقوب، حتى الأعمال الدرامية حينما أراد مبدعوها تجسيد هذه المعاني، مختَلِطَةً بالانتماء للوطن والإقبال على الحياة اختارت العِيْشة الأسوانية فكان دَرْسُ الفنان حسين فهمي لـ"الفرعون الصغير" أحمد السقَّا في رائعته فيلم "مافيا".

صَرْخَة الصحْوَة
من أسوان انطلقت منذ أيام صحْوَة، بل صرْخَة المجتمع الأسواني كلّه، وعلى رأسه المرأة العاملة والمثقفة وربة المنزل والطالبة التي استشعرت خطورة الوضْع، تبعها تحرُّك المجتمع المدني بكلّ فئاته، وواكبها الدور التنفيذي للأجهزة الحكومية المسئولة بقيادة محافظ الإقليم، اللواء د. إسماعيل كمال، الذي ترجم ندائها إلى انتفاضة مجتمعية ضد أوكار ودواليب وشبابيك بيْع وتوزيع تلك السموم بل المُدَمِّرَات.

حرب شاملة
حملة الانتفاضة هذه المرة عنوان "أسوان خالية من الإدمان والمخدَّرات"، أسلحتها، التوعية والتثقيف والإرشاد وبناء الوعْى الشعبي في كل التجمُّعات السُكَّانية والشبابية في المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز الشباب والجمعيات الخيرية وتنمية المجتمع، ومراكز خدْمة الأسرة. بما يساهم في بناء وقوة المجتمع والحد من الجريمة، ونشر السلم الاجتماعي، ضمن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان".

مبادرة أسوانية
ووسط مشاركة جماهيرية ومجتمعية وجامعية ودينية وتنفيذية، استمع اللواء د. إسماعيل كمال - محافظ أسوان - لمقترحات الأهالي، وأطلق مبادرة "أسوان بلا إدمان"، تتضمَّن عدة محاور، بداية من المكافحة للإتجار بالمخدَّرات وتقديم العلاج وتكثيف جهود التوعية.

الحِراك المجتمعي
وأكد د. إسماعيل كمال، أن الهدف من هذه المبادرة المحلية هو وضع آلية واضحة ومحْكَمة وتوجيه الحِراك المجتمعي نحو بناء بيئة داعمة للمتعافِى، والتعامل مع مشكلة انتشار المخدّرات من خلال التكاتف والتلاحم بين الأهالي ومنظّمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والجهات التنفيذية، حيث ترتكز المبادرة على منهجية شاملة تضم 3 محاور أساسية :

أولها: المكافحة للإتجار، وتتم بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان بقيادة اللواء محمد أبو الليل بالتعاون مع المواطنين.

ثانيها: يتمثَّل في تقديم العلاج المجاني المناسب للمدمنين من خلال "مركز العزيمة" بمدينة أسوان الجديدة، ومستشفى "التكامل" بالسد العالي شرق، حيث أن المدمن يعامَل على أنه مريض، وليس مذنِبًا.

وثالث المحاور: التوعية من أجل رفع الوعي بخطورة المخدرات.

المساجد والكنائس
وشدَّد "المحافظ" على أهمية الدور الدعائي من خلال تخصيص خطب الجمعة، وعظات الكنائس للحديث عن الآثار السلبية للمخدَّرات والإدمان، والتعريف بالخط الساخن رقم  ١٦٠٢٣ لتلقِّى العلاج، وهو الذى يتوازى مع قيام هيئات الرعاية الصحية والتأمين الشامل بتوفير الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة مجاناً للمرضى، فضلاً عن تقديم البرامج الاقتصادية لمرحلة "ما بعد التعافي" بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك الوطنية لمنح قروض مُيَسَّرة لإقامة مشروعات إنتاجية، وتوفير الدورات التدريبية والتأهيلية لسوق العمل لدمجهم فى المجتمع.

تقرير شهري
أشار د. إسماعيل كمال إلى أنه تم تشكيل لجنة من الجهات المعنية لمتابعة تنفيذ خطَّة المبادرة ورفع تقرير شهري للمحافظ، يعقبه عقد مؤتمر موسع خلال شهر للتعرُّف على المؤشّرات وتقييم معدَّلات النجاح لحالات الشفاء، ومراكز العلاج وتحديد التدخُّلات والتحسينات المطلوبة، وأوضح المحافظ أنه سيتم إنشاء عيادات مُصَغَّرة فورا في إدفو وكوم امبو ونصر النوبة لاستقبال الحالات المرضية، مع زيادة القوافل الطبية، وزيادة أَسِرَّة مركز العزيمة إلى 80 سريرا، وكذا زيادة نسب الاستقبال فى مستشفى التكامل لتوافر 41 سريرا بها، كما سيتم نشر إعلان الكابتن محمد صلاح "لا للمخدَّرات" داخل مختلف مراكز ومُدُن المحافظة، وسيتم زيادة عدد المتطوِّعين إلى 400 متطوع، فضلاً عن تأهيل وتدريب الرائدات الريفيات والزائرات الصحّيّات لدعمهن بالمواد الفيلمية اللازمة من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.

الرؤية المستقبلية
كما التقى د. إسماعيل كمال محافظ أسوان، بالدكتور إبراهيم عسكر- مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، التابع لمجلس الوزراء - بحضور الدكتورة ولاء سعد عرفة - منسِّق الصندوق بأسوان - وعقب استعراض جهود الصندوق داخل المحافظة على مدار الشهور الماضية، والرؤية المستقبلية حيث استقبل مركز العزيمة بأسوان الجديدة 2000 مكالمة تليفونية و 1600 متردِّد، كما تم الكشف على 1173 موظّفا للترّقِيات، و 270 سائقا بالأكمنة، فضلاً عن تنظيم العديد من الندوات التثقيفية والأنشطة التوعوية بالجامعة والمدارس ومراكز الشباب والقرى والمصالح الحكومية.

دور الأُسْرَة
وأكد د. إسماعيل كمال، أن الأسرة يقع عليها دور هام فى التربية والتنشئة السليمة ومتابعة الأبناء فى المراحل العُمْرِيَّة المختلفة، وهو الذى يتواكب مع زيادة البرامج والأنشطة المعرفية بمراكز الشباب والأندية والمدارس وكليات ومعاهد الجامعة ودور العبادة لتحقيق الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب، مشيداً بالدور الرائد للمرأة الأسوانية فى قيادتها للحِراك المجتمعى ضد ظاهرة انتشار تعاطى الإدمان والمخدَّرات حيث يقع على عاتق المرأة مسئولية كبيرة، وهى جديرة بتحقيق ذلك، وهذا يتطلَّب منَّا جميعاً التكاتف والتلاحم للوصول إلى الأهداف المرجوَّة على الوجه الأكمل.

وأشار محافظ أسوان إلى أنه فى إطار تفعيل مبادرة "أسوان خالية من المخدرات".. ستشهد الفترة الحالية البدء في افتتاح عيادات مُصغَّرة داخل مراكز المحافظة بإشراف من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لتجهيزها ورفع كفاءتها، وسيتم تغطية كافة القرى بالتوعية اللازمة.
​​​