على مسرح خشبي صغير ظهرت موهبته، وبين عقبات الحياة والعادات والتقاليد تحدى الزمن، وفي ضواحي مصر وبإمكانيات بسيطة استطاع أن يقول للعالم اجمع "أنا فنان".

فريد شوقي .. توفيق الدقن .. عبد المنعم إبراهيم.. رشدي أباظة.. وكثيرون من فناني مصر العظماء تركروا لنا تراث وتاريخ وإرث لا يفنى، ففي واحدة من مباني شارع طلعت حرب يقع مقر جمعية أبناء فناني مصر التي تم إنشاؤها حديثاً حفظاً على الإبداع وحقوق الملكية الفكرية.

القليل من آمن بنجاح هذه الجمعية فقد تكونت في البداية من 20 عضواً، وعندما حققت نجاحاً أصبحت 600 عضو، وفقا لما أكده رئيس الجمعية المستشار ماضي الدقن وهو ابن الفنان الراحل توفيق الدقن والذي تحدث لـ "سبوت" عن كواليس إنشاء الجمعية وجميع المراحل التي مرت بها.

تأسست جمعية أبناء فنانى مصر للثقافة والفنون فى نوفمبر عام 2019، وتشكل الأعضاء المؤسسون من عدد من أبناء فناني مصر ثم إنضم إليهم نخبة أخرى من الفنانين، ليكونوا أول جمعية فى مصر والشرق الأوسط تكون مهمتها نشر ثقافة حقوق الملكية الفكرية الفنية والأدبية.

حماية التراث

نشر ثقافة حقوق الملكية الفكرية هو الهدف الاساسي لإنشاء الجمعية بالاضافة الي حماية التراث وتحصيل حق الاداء العلني والحقوق المجاورة لفناني الاداء، ولكن ماضي الدقن أكد إن مهمة الجمعية ليست حفظ التراث ولكن حمايته، وقال: "اذا وجدنا على سبيل المثال تعدي على إحدى صور الفنان عبد الفتاح القصري او لإسماعيل يس نتصدى على الفور بالإجراءات القانونية تلك هي الحماية، أما حفظ التراث فهو مهمة الدولة بإمكانيتها”.

نجاح الجمعية وتحقيق أهدافها كان عامل جذب للأعضاء من فنانين على قيد الحياة وأبناء فنانين قد رحلوا عن عالمنا، وأكد الدقن ان الجمعية قامت مؤخراً بتوقيع بروتوكول تعاون مع جمعية مؤلفي الدراما والذين أصبحوا الآن أعضاء الجمعية بقوة القانون، وبالتالي أعضاء الجميعة ستزيد عن 600 عضواً نظرا لأنضمام أعضاء جمعية المؤلفين، كما تم التعاون مع إحدى الشركات العالمية لحماية هذا التراث دولياً.

 ميرت عمر الحريري و إيمان محمد شوقي، وأحمد محمد رضا، وسمية عبد المنعم إبراهيم وكثيرون من أبناء الفنانين الآخرين لديهم حب كبير يصاحبه مسؤلية ضخمة تجاه ذويهم ممن تركوا تراث عظيم، ولديهم الشغف لحماية هذا التراث وعدم إهداره، لذا أنضموا بكل حماس لهذه الجمعية ويحرصون دائما على متابعة جميع المستجدات وحضور كافة الإجتماعات.

صعوبات وعقبات

 صعوبات كثيرة وعقبات واجهت تلك الجمعية تحدث عنها ماضي الدقن وقال "أبرز الكواليس انه لم يكن أحد يصدقنا وكانوا يتحدثون عنا على أننا لدينا أغراض آخرى، و تم إتهامنا بأننا ليس لدينا هدف عام  حتى إن هناك مؤلف كبير هاجمني وقال لي لا يوجد قانون يتحدث عن ذلك وتعجبت كثيرا انه لا يعرف هذا أو يتحرى عنه قبل أن ينفي هذا الامر.. وجدنا صعوبة وكأننا نمارس الشعوذة ولم يصدق احد مدى جدية الأمر” .

الجمعية تتعامل كأسرة واحدة، فقد حرص أعضاء الجمعية على مد حلقة التواصل بينهما، بالاضافة الي التواصل بشكل دائم مع العديد من الفنانين مثل الفنانة سميحة ايوب والفنانة سميرة عبد العزيز وكمال ابو رية و المخرج جمال عبد الحميد والمخرج هاني لاشين، ويقول ماضي الدقن: كل هذه الرموز السالف ذكرها واكثر  أعضاء داخل الجمعية ونحظى بتأييدهم، كما اننا نعمل تحت مظلة إتحاد النقابات الفنية بقيادة الأستاذ عمر عبد العزيز و نقابة المهن التمثيلية بقيادة الدكتور أشرف زكي، ومسعد فودة.

تراث ومقتنيات

التراث المتعلق بالمقتنيات الخاصة بالفنانين، تم تسليمه بشكل فعلي لوزارة الثقافة، من اجل "حفظ التراث"، وعمل معرض خاص بها يكون متاح للجمهور، ويقول الدقن: “هذه المقتنيات كانت غالية لدى الأبناء ويعتزون بها ولكنها جزء من تاريخ مصر وتراثها، وقمنا بعمل متحف خاص افتتحته وزارة الثقافة، فالدولة هي أعظم مكان يمكن أن يهدى إليه هذه المقتنيات، ونتمنى أن يتاح للجمهور رؤية تلك المقتنيات، وإفتتاح المعرض بصورة فعليه وإستكمال ما بدأه الفنان ياسر صادق من مجهود عظيم.

توفيق الدقن الإنسان

الحديث عن توفيق الدقن الانسان لا يمكن أن يكتب في سطور قليلة هذا ما أكده ماضي الدقن وهو يتحدث عن والده وقال: أشعر بأنني لا أستطيع أن أفي بحقه في وصفه ببعض الكلمات ولكنه كان أب مصري صميم يقدس العائلة والأبناء ويؤمن بأنه لابد ان يكون الرمز والقيمة لهم، وكان لديه مبدأ عظيم وهو انه لا مانع أن يتعلم منا وأن نتعلم منه، حتى يقرب المسافات فيما بيننا.

وأستطرد حديثه: “ كان يهتم بالثقافة النوعية، ويؤمن بإن الفنان لابد ان يكون مثقف وواعي ومتعلم، وكان طيب وحنون بعكس ما كان يظهر على الشاشة، وهو يغضب بسرعة جدا ولكنه متسامح كثيرا، وهو أب مثقف وطني يعلم دوره جيداً، فقد كان يعتبر وجوده في الأعمال الفنية أشبه بالمعلم.

صديقه البغبغاء

كان توفيق الدقن محب للحيوانات كثيرا حتى إنه كان يمتلك بغبغاء يجلس لساعات يتحدث معه ويطعمه، و لديه قط خاص به، والعصافير كان يعشقها، و يحب الزرع والنباتات بكل أنواعها والورود.

اقرب الفنانين لتوفيق الدقن كان الفنان فريد شوقي و محمود المليجي و عبد المنعم إبراهيم، عبد المنعم مدبولي، سميحة أيوب، نادية لطفي، هند رستم، رشدي اباظة، شكري سرحان، كل هؤلاء كانوا الأقرب إلى قلبه.  

"تعلمت منه الصبر"  بهذه الجملة أنهى ماضي الدقن حديثه وقال: “ تعامل أبي مع جميع التحولات في الوسط الفني والتي كانت تتطلب منه الصبر، ففي كل مرحلة كان لديه تحدي أن يثبت وجوده، حيث إن كل وقت كانت له نجومه وأبطاله ولكنه من القلائل الذين أستمروا في جميع المراحل، وكل هذا نتاج الصبر والثقة والثقافة والوعي”.