تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : إسرائيل تعيد تسويق الاحتلال.. «مناطق الأمان» بدلًا من الانسحاب
source icon

سبوت

.

إسرائيل تعيد تسويق الاحتلال.. «مناطق الأمان» بدلًا من الانسحاب

كتب:مصطفي أمين عامر 

تحاول إسرائيل التهرب من التزاماتها الدولية المتعلقة بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال الترويج لتصريحات رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، بشأن إنشاء ما يُسمى بـ «مناطق أمان» في قطاع غزة وجنوب لبنان وجنوب سوريا -دون تحديد المناطق المقصودة- وهو ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا مكشوفًا يقوم على إعادة تسويق الاحتلال تحت مسميات أمنية واستعمارية جديدة، تستهدف المزيد من الأراضي العربية تحت لافتة "الأمن".

من عبء أمني إلى نزيف اقتصادي
اعتبر وائل الغول، الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية، أن الحرب التي تخوضها إسرائيل منذ عامين في غزة وجنوب لبنان وسوريا لم تعد تمثل عبئًا أمنيًا فقط، بل تحولت إلى نزيف اقتصادي يومي، وهو ما يدفعها إلى طرح صيغ غير واقعية في محاولة لإيهام الرأي العام الداخلي بتحقيق "انتصار وهمي" تحت شعار «مناطق الأمان» على حدودها.

وشدد الغول على أن هذا الطرح ليس سوى محاولة للهروب من استحقاقات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن توقيت طرح هذا التصور تحديدًا ليس بريئًا، بل يهدف إلى الالتفاف على متطلبات هذه المرحلة، التي تستلزم انسحابات واضحة، وترتيبات سياسية جادة، وأفقًا حقيقيًا لما بعد الحرب.

وأشار إلى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المحاصَرة داخليًا، تسعى إلى إطالة أمد الصراع، وإعادة تعريف الاحتلال، وشراء الوقت على حساب الدم الفلسطيني، عبر التمادي في حرب بلا نهاية، دون الانتقال إلى مسار سياسي حقيقي، مؤكدًا أن تلك «المناطق الآمنة»، حتى في حال تنفيذها، لن تحقق أي أمان حقيقي للشعب الإسرائيلي.

واختتم الغول حديثه بالتأكيد على أن إسرائيل تحاول الهروب من خسائرها الكارثية في حرب غزة، التي تجاوزت 250 مليار شيكل على مدار عامين، عبر المزيد من العمليات العسكرية الفاشلة، وتعطيل الاقتصاد، وحرق الأخضر واليابس في قطاع غزة، وطرح تصورات لا تحمل الأمان إلا في مسمياتها.

عقيدة استباقية
من جانبه، قال هاني سليمان، الباحث في الشئون العربية والدولية، إن فكرة «المناطق الآمنة» تُعد في الأساس عقيدة عسكرية استباقية قديمة لدى إسرائيل، تسعى إلى تجديدها مستغلة عملية "طوفان الأقصى"، في محاولة لإنهاء التهديدات على مختلف الجبهات المحيطة بها، بدءًا من حركة حماس، مرورًا بحزب الله في لبنان، وصولًا إلى الوقاية من النظام السوري الجديد في دمشق.

وأوضح سليمان أن هذا الطرح يهدف إلى فرض أمر واقع جديد يضمن التفوق الإسرائيلي من خلال المزيد من الانتهاكات، ونسف أي اتفاق سلام، بما يخدم تحقيق تفوق إسرائيلي دائم داخل الإقليم.

وأضاف أن هذه العقيدة لا تنفصل عن تاريخ طويل من التفكير الأمني الإسرائيلي القائم على نقل المواجهة خارج الحدود، وخلق هوامش جغرافية عازلة تقلل من قدرة الخصوم على المبادرة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تنظر إلى المناطق الآمنة كأداة لتصفير المهددات على مختلف الجبهات، وفي مقدمتها حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والنظام السوري باعتباره حاضنة جغرافية وعسكرية لقوى معادية.

وأكد أن هذا الطموح يصطدم بواقع أن هذه القوى ليست جيوشًا تقليدية يمكن القضاء عليها عبر السيطرة على الأرض، بل تنظيمات عقائدية وشبكات عسكرية مرنة، قادرة على التكيف والعمل في بيئات شديدة التعقيد.

فرض أمر واقع
وأشار سليمان إلى أن هذه العقيدة تعكس سعي إسرائيل لفرض أمر واقع إقليمي جديد يضمن لها تفوقًا عسكريًا وأمنيًا طويل الأمد، مستفيدة من الدعم السياسي الأمريكي المتزايد، لا سيما مع عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، وما يوفره من غطاء واضح للسياسات الإسرائيلية الأحادية، فضلًا عن حالة التفكك الإقليمي، وانشغال العديد من الدول العربية بأزماتها الداخلية.

واعتبر أنه رغم ما قد تحققه المناطق الآمنة من مكاسب تكتيكية مؤقتة، فإنها لا تضمن الاستقرار ولا تحقق الأمن الحقيقي لإسرائيل، والدليل على ذلك استمرار الفاعلين الرئيسيين في معادلة الصراع، حيث ما زالت حركة حماس حاضرة سياسيًا وعسكريًا، ويحتفظ حزب الله بقدرات ردع متقدمة، بينما يشكل النظام السوري الجديد عمقًا استراتيجيًا لما يُعرف بمحور المقاومة.

وأوضح أن ذلك يعني أن المناطق الآمنة لم تنجح في كسر الإرادة السياسية أو العسكرية لهذه الأطراف، بل ربما أسهمت في تعزيز دوافعها لتطوير أدوات أكثر تعقيدًا للمواجهة.

وكشف سليمان أن المناطق الآمنة قد تكون فعالة على المدى القصير في تقليص الهجمات المباشرة أو خلق شعور نسبي بالأمن داخل إسرائيل، إلا أنه في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وتصاعد دور الفاعلين من غير الدول، وتراجع القدرة الأميركية على فرض الضبط الشامل، يصبح من الصعب ضمان استمرارية هذه المناطق على المدى البعيد.

واختتم بالتأكيد على أن العقيدة القائمة على فرض الأمن بالقوة والجغرافيا تظل عقيدة هشة، قد تؤجل الانفجار، لكنها لا تلغي جذور الصراع، ولا توفر لإسرائيل أمنًا دائمًا أو استقرارًا مستدامًا.

 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية